يا لها من ثريات لغوية مُعلّقة في سماء اللا معنى، تُطلق وميضًا يخطف الأبصار، لكن خلف هذا البريق، لا يوجد سوى بئر عميقة من الصمت المُجوّف، صدى كلماتها يسقط ولا يرتد .
نحنُ عُشاقُ النجومِ، لأنّها تُشبهُ أحلامَنا، بعيدةً المنالِ لكنّها مُضيئةٌ في عتمةِ الحياة. والماضونَ إلى السماءِ بأحلامِنا المُحققةِ، نَسعى نحوها بِثباتٍ وإيمان، مُدركينَ أنَّ الطريقَ قد يكونُ طويلًا وشاقًا، لكنَّ الوصولَ يستحقُّ العناء .
ـ هَـنـاء .
"نحنُ سُلالةُ الليلِ المُزخرفِ بالثقوبِ الضوئية، أعيُنُنا مُعلّقةٌ بالشظايا اللامعةِ للماضي المُستقبلي"
ـ هَـنـاء .
ربما الطيبةُ هي مجردُ طائرٍ خرافيٍّ برأسِ سمكةٍ وذيلِ ثعلب
ـ هَـنـاء .
عزيزي ثيو : إنَّ الفراغ والتعاسة الداخليَّة التي لا يمكن التعبير عنها، جعلتني أستطيع تفهَّم الناس الذين يلقون بأنفسهم في الماء.
فان جوخ إلى ثيو ١٨٨٢
كُنتُ أُصارعُ متاهةَ أفكاري، تلكَ الغابةُ الشائكةُ التي تلتفُّ فيها الخواطرُ على بعضِها البعضِ كخيوطٍ حريريةٍ دقيقةٍ، مُعقَّدةٍ كشبكةِ عنكبوتٍ لا نهايةَ لها. كُنتُ كمن يبحثُ عن نجمةٍ في ليلةٍ حالكة، أتلمَّسُ عُقدةً تلو الأخرى، كأنّي أُحاولُ فكَّ طلاسمِ سِحرٍ قديم، أو إحداثَ معجزةٍ في تسلسلٍ مُحكمٍ من العُقدِ المتشابكة، آملاً أن يَنبثقَ من هذا الفكِّ نورٌ يُضيءُ عتمةَ الذهنِ ويُرشدُني إلى الخلاص
ـ هَـنـاء 🖤
اللاجدوى ...*
أعترفُ بجرمي، سارقة الكلماتِ من أفواهٍ فقدتْ رشادَها، أُعيدُ صياغتَها، وأنسبُها زورًا لِقلميَ الشاحبِ، كلما عصتْني مفرداتي، وتاهتْ في دهاليزِ الذاكرةِ.
أهيمُ على وجهي بين حُفرٍ مُلطَّخةٍ بالعارِ، حُفرٍ ابتلعتْ أجسادَ من تقاسمنا معهم خبزَ الحياةِ، ثمَّ مزَّقنا لحومَهم بأنيابِ الجوعِ واليأسِ.
يُلاحقني ذلكَ الصوتُ البغيضُ، فحيحٌ ونباحٌ مُستمرٌّ، لحنٌ كريهٌ تعرفهُ أذني دونَ وعيٍّ، صدىً لفقدانِ العقلِ، ورفيقُهُ الأبديِّ، اللاجدوى. يمضي الهذيانُ بجانبي، أخرسًا عن معناهُ، أعمى عن مغزاهُ، كبركانٍ ثائرٍ يجهلُ لغةَ الاستسلامِ.
يكفي... يكفي هذا العبثُ المُقيتُ الذي يُدنِّسُ روحي
- هَـنـاء .
قهوتي الآن، كظل طويل يمتد من نافذة لا أعرفها أغمس فيها قطعة شوكولاتة، فتتفتح زهرة سوداء في قاع الفنجان، تنشر عطرًا يهذي بأحاديث لم تُقل بعد.
ـ هـناء☕.
يا لقلمي المتمرد !!!
كيف له أن يسرد تفاصيل روحي الممزقة، وأنا التي أبت إلا أن تكتم نوائبها ،أكتب إليكم عن عالمي المتشظي، عن شخصيات نسجتها خيالاتي، وعن أخرى واقعية تتقاسم معي مرارة الحياة وحلاوتها. أبحث عن الكمال في عالم يغرق في الركام، عن إنسانية نقية تكاد تكون أسطورة.
تتثاقل يداي عن الكتابة، تهمس لي تلك الفتاة المتصنعة في داخلي بأفكار سوداوية، وأنا التي لطالما ظننت أنني قادرة على هزيمة وساوسها، أجد نفسي عاجزة، حتى صديقتي المقاتلة، تلك التي لا تهاب شيئًا، تستسلم أمام هذا الوحش الخفي.
أحمل في قلبي غضبًا مكتومًا، أكره كل ما يحيط بي، وأتظاهر بعكس ذلك. أريد أن أصرخ، أن أبوح بأسراري، لكن كلماتي تخونني، وأفكاري تقودني إلى الجنون. لست تلك الفتاة الهادئة التي ترونها، بل بحر عميق تتقاذفه الأمواج.
أعاني من ضعف الإرادة، لا أستطيع المواصلة في معارك الحياة، سرعان ما تنطفئ شعلتي، وأستسلم لليأس. ربما أحتاج إلى صبر أيوب، إلى قوة الجبال الراسخة، لكنني لا أملك إلا فتات الصبر.
ومع ذلك، أجد نفسي أسكب كل هذا العبث في هذه السطور، كأن قلمي يمتلك إرادة مستقلة، كأنه يصرخ نيابة عني.
- هَـنـاء🎀.
عرفتُ قدومَ الشتاءِ من نافذتي،
حينَ لاحت النجمةُ على الزاويةِ البعيدة
أسيرةٌ عينايَ في حبِّها العميق
وفي ذاكرتي كنتُ أُكملُ تعبيراً يُخالجُني
: يجبُ أن أقولَ شيئاً جميلاً لنفسي كلَّ ليلة .
-هَــنـاء .
أهوى كيف ينساب القلم من بين أناملي، مُترجمًا عن دواخلي التي تبدو لي شاسعة وعميقة. أُحب في ذاتي تلك الثغرات التي تشكل فرديتي، وهذا الاختلاف الذي أرتضيه وأحتفي به. ثم إن هنالك تلك الشرارات التي تقدح زناد الكتابة وجنوني بها: وطأة الصداع الدائم، وفرط التفكير الذي يورثني هذيانًا مُلهمًا. حتى ذلك الضياع الذي يكتنف مخيلتي، حيث تتفلت الكلمات، يدفعني في طلبها إلى عوالم الحرف. أما الندم، والحيرة القاتلة، وذكريات الماضي التي تثقل كاهلي، والكراهية العظيمة التي تستعر في داخلي، فكلها وقودٌ لنيران كلماتي. ولا أغفل ذلك الوهم الخصب، والخيال الجامح الذي أسكنه، فهو أيضًا يدعوني للكتابة دعوة لا تُرد. حتى تلك الثنائية العجيبة التي تسكنني، بين الإحباط الذي يثبط العزم والحماس الذي يدفعه، وبين الطيبة التي تستميل قلبي والانتقام الذي يوسوس في أعماقي، وتلك الطبيعة التي تجمع بين صلابة الصخر وليونة النسيم كل هذا يصب في معيني الكتابي
ويبلغ شغفي ذروته حين أُمعن النظر في العالم حولي، فأُسبغ عليه تفسيرات تكاد لا تُصدق، تلك الأسباب التي تومض فجأة في ذهني، لتغدو في لحظة هي اليقين الذي أهفو إليه، والحقيقة التي طالما بحثت عنها
- هَـنـاء.
"ألا ليت أيامَ المَصِيفِ ثلاثةٌ
وسائرَ أيامِ السِّنينِ .. شتاءُ"
: صاحب هذا الحساب نفذت طاقتة لاستمرارية السعي 🫥.
Читать полностью…وراء الخريف البعيد أحبكِ يوماً.. وأرحل
تطير العصافير باسمي وتُقتلْ
أحبك يوماً وأبكي لأنك أجمل من وجه أمي
وأجملْ من الكلمات التي شرّدتني
على الماء وجهك, ظلُّ السماء يخاصمُ ظلّي
وتمنعني من محاذاة هذا المساء
نوافذ أهلي.متى يذبل الورد في الذاكرة؟
متى يفرح الغرباء؟
— محمود درويش
يُغريكَ هذا النّور بي؟ لا تقتربْ
نارٌ أنا .. في موطنٍ رثٍّ خَرِبْ
لو كنتَ تحسبُني بلادًا .. إنّنِي
مَنفَى إذا منْهُ اقتربتَ ستغتربْ
أوْ كنت تحسبُني هدوءًا ما أنا
إلا الهياج فلو دنوتَ ستضطربْ
تلكَ الأشياءُ التي صادفناها في زمنٍ مُزهرٍ، حينَ كانتْ الأيامُ تُعانقُ أرواحَنا بفرحٍ غامر، سواءً كانتْ نغمةً عذبةً ترنُّ في أُذُنِ الذاكرة، أو كلمةً طيبةً لامستْ شغافَ القلب، أو مشهدًا بديعًا ارتسمَ على صفحةِ الوجودِ ببهجةٍ آسرة، لقدْ تسلَّلتْ إلى أعماقِنا برفقٍ، واستقرَّتْ في ألبومِ الذكرياتِ الرائعةِ كجواهرٍ ثمينةٍ لا يَبهتُ بريقُها. وكلما عثرنا عليها في زحامِ الحاضرِ، انفرجتْ ثغورُنا عن ابتسامةٍ رقيقةٍ مصحوبةٍ بتنهيدةِ حُبٍّ عميقة، تُخبرُنا بأنَّ جذورَ الجمالِ ما زالتْ ضاربةً في تربةِ الحياة، وأنَّ الخيرَ لم يزلْ مُتربعًا على عرشِ الوجود
ـ هَـنـاء .
أن تكونَ طيبًا في هذهِ الوليمةِ يعني أن تُصرَّ على أكلِ الهواءِ بشوكةٍ فضية
ـ هَـنـاء .
أخاف الموت خوفًا حقيقيًا، ولن أكابر بزخارف القول وأتشاجع في موطن أعقل مواقفك فيه أن تكون مشفقًا، أرجو من الله أن يقبضني وأنا واسع الخطو في السير إليه، وأن يعفو عن خطاياي، ويجبر نقصي، ويسامح غفلتي، ويعينني على خجلتي منه سبحانه.
- بدر الثوعي.
" إنّك هذا النجم، الذي علينا كلّ لحظةٍ، أن ننظر إليه؛ لنعرف أينَ موقعنا "
- رفائيل ألبرتي
في هذا الواقعِ المُوشَّى ببعضِ اللحظاتِ التي تُومِضُ بجمالٍ عابر، تُحاولُ أن تُلقيَ بشباكِ سِحرِها على روحي، لكنَّ بوصلةَ قلبي تُشيرُ دائمًا نحو عوالمَ أخرى، حيثُ الخيالُ ينسابُ كنهرٍ من ضوءٍ قمريٍّ، أنقى بكثيرٍ من وحلِ الواقعِ وتناقضاتهِ الصارخة. هناكَ، في تلكَ البِقاعِ التي تتشكَّلُ من غبارِ النجومِ وألوانِ الأحلامِ، يتنفسُ الجمالُ عطرًا لم تُدنِّسهُ أنفاسُ الحقيقةِ المُرة.
ـ هَـنـاء 🪐✨
في مدار اللحظة الراهنة، أخطو بخطواتٍ مترددة، بينما يشدني الماضي بجاذبيةٍ أقوى، كخيطٍ حريريٍّ يلتف حول معصمي. أما المستقبل، فيبدو لي كأرضٍ قاحلة، لا أشتهي استكشاف دروبها المجهولة.
تأنف روحي كل ما هو جديد، كل ما لم تعتد عليه حواسي. لا يستهويني سحر الاختلاف، ولا يغريني استكشاف عوالم أخرى. أجد في دائرتي الصغيرة ملاذي الآمن، مملكتي التي ألفْتُ تفاصيلها. الماضي هو وطني الحقيقي، إليه تهفو روحي، وفي أحلام العودة إليه أجد سلوىً لعزلة حاضري.
أختار دائمًا المقعد الأخير، حيث يلفني الظلّ بعيدًا عن وهج الأضواء الصارخة التي تؤذي عيني وروحي. أُحبّ أن أكون بين الجموع كزهرةٍ بريةٍ خفيّة، قليلة المعرفة في أعينهم. وليس هذا ضعفًا مني، بل هو اختيار واعٍ. أستطيع أن أكون الرقم الأول، أن أتبوأ الصدارة، لكن هذا البريق الزائف لا يروق لي، لا يشبع شغفي الحقيقي.
هكذا أنا، روحٌ تنتمي إلى زمنٍ مضى، وقلبٌ يرتكن إلى ذكرياتٍ دافئة، وعينٌ تنفر من بهرج الحاضر وتجاهل المستقبل.
ـ هَـنـاء ♥️
يا لها من مرآة خادعة هي الحياة! قد تلمحون بريقًا خاطفًا، فتظنون أن النور يغمر أيامي بأكملها. لكنها ليست سوى ومضات منتقاة بعناية، لحظات سعيدة أقتطعها من نسيج الوقت، كجرعات مسكنة أرتشفها لأنسى وطأة ما مضى وما سيأتي إنها فقاعات فرح مزيفة مؤقتة أُنشئها بيدي، لأهرب قليلًا من ثقل يومي، من آثار الاستيقاظ على واقع مرهق يمتد لساعات طويلة لا يغرنكم هذا الصفاء الظاهري، فما ترونه ليس سوى قمة جبل جليدي، يخفي في أعماقه حكايا أخرى .
ـ هَـنـاء .
بين دِياجيرِ الكتبِ، أُفتِّشُ عن ومضةِ إلهامٍ، عن سطرٍ يُعانقُ خياليَ الجامحَ، أو حرفٍ يُقنعُني بجوازِ اقتناءِ النجومِ، وبأنَّ المستحيلَ جُثَّةٌ هامدةٌ. أبحثُ عن نقطةِ نورٍ في آخرِ سطرٍ، تُوقظُني من سُباتِ فكريَ العميقِ. أبحثُ، ولا زلتُ أُضرمُ فتيلَ البحثِ، في ليلِ الكلماتِ الحالِكِ
ـ هَـنـاء 🪐.
أنا ذلك الظل العابر بين العوالم، أسكن في منتصف الحكايا، حيث تتلاشى الكلمات في صمتٍ عميق. أعيش بين واقعٍ لا يرحم ووهمٍ يغرقني في بحرٍ من التساؤلات.
أحدث نفسي، وأتساءل: إذا كان الواقع بكل قسوته لا يحتملنا، فكيف سيحتملنا الوهم الهش؟ كيف لي أن أكمل قصتي في هذا العالم السرمدي، وأنا أعلم أن نهايتها لا تحمل سوى خيبة الأمل؟
مشاعري فقدت مذاقها، أصبحت مجرد أشباح لتوقعاتٍ وأوهامٍ. أحاور عقلي الشارد، وأحاول أن أقنع ذاتي بأنها تطلب المستحيل. كل جزءٍ مني ينشد لحنًا مختلفًا، أليس لي الحق في اختيار نغمي الخاص؟
أنا ذلك الشخص الذي لا يجد تفسيرًا لأحداث العالم، لأنه لم يقرأ صفحات التاريخ . و انا ذلك ذاته الذي يرتجف خوفًا من فكرة الفشل، وقد أكون ذلك الذي يكره التجمعات الصاخبة، ولا احدثكم عن ذلك الذي يشتعل غضبًا في كل لحظة.
والأمر الذي يمزق روحي، هو أن كل من حولي يرونَ فيَّ كل هؤلاء الأشخاص مجتمعين. أليس من الظلم أن أظل أبرر أفعالي وأقوالي إلى الأبد؟
أنا لست مجرد صدى لأصواتهم، أنا لست انعكاسًا لتوقعاتهم. أنا كيانٌ مستقل، وروحٌ تتوق إلى الحرية.
أنا ذلك المسافر الذي يبحث عن معنىً لوجوده، ذلك الحالم الذي يسعى لتحقيق المستحيل وقد لا اكون اي شيء .
فقط مجرد شخصٍ في المنتصف، لم تُروَ قصته بعد .
-هَــنـاء🎀
في صمت غرفتي المطبق، يتشاركني الإنتظار ثقله. فنجاني القديم، رفيقي في هذه الوحدة، أُناجيه كحبيبٍ يخاطبُ صمته، بينما يمضي فكري سارحًا في وديان ضعف الإنسان حين يأسره الحزن.
لا يبدو شيء مستعصيًا، كل الأشياء تتضاءل أمام يقينٍ مُشتهى. الحياة ومضة، والعقود تتساقط كأوراق خريفٍ ذابلة. اليوم كساعةٍ مُثقلة، والساعة كلحظةٍ عابرة. يوجعني أن أكون هنا، بين هذه البنايات الصامتة، مُسمَّرةً في ركنٍ صغير، حزينةً، مُكتئبةً، لا أود أن يشعر بي أحد. ما زلتُ أنا، ذلك الكائن العميق، ذو القلب المرهف والعقل الشارد، أسيرة قفصٍ داخلي.
أشتهي أن أسمع صوتي الحقيقي، أن أرى نفسي بأجنحةٍ مُحلِّقة ، وكيف للبشر أن يطيروا؟ أن أكون حرة، بلا قيود أريد أن أُريكم كيف أبدو من الداخل، كيف نسجتُ وحدي لوحةً عظيمة من العدم يحق لي في عزلتي هذه أن أنبش عن بقايا روحي الضائعة في زحام الأيام.
ألف مرة سألتُ نفسي: كيف أبدو من بعيد؟ شريرةً أم طيبة؟ مُختلفةً أم عادية؟ ليس لأن رأيهم يهمني، بل لأرى لوحة ذاتي من زاويةٍ أخرى.
حين أسرح في خيالي، ما هي الأشياء التي أمتلكها؟ هل أنا كيان عميق مُضطرب على الدوام؟ أشعر أنني عوالم مُتداخلة، وعقلي بارع في تمزيق الأفكار الهاربة.
- هَـنـاء .
*بينَ سُطور لم تُكتب ...*
أستقر على حافة العالم، قدمي تتأرجح في فراغ اللاوعي، وأنا أُرتّل كلماتي البسيطة كتعويذة خافتة. ثم، بطريقة ما، تنزلق من بين شفتيّ عبارات غريبة، تُلبسني رداء السذاجة أحيانًا.
لا أتقن قوانين البلاغة، لكن روحي تتوق إلى الانطلاق، إلى التعبير عن ذاتها الخام، كأنني نص شارد، خارج عن سياق المألوف. يداي مثقلتان بشيء غير مرئي، ونظرة عيني تحمل براءة طفل ضائع في مدينة صاخبة.
أوراقي وأقلامي ليست طليقة كما يظنّون، بل هي أسيرة متاهة أفكاري. اناو ذاتي، نضيع دائمًا بين سطور لم تُكتب بعد.
أتساءل، هل يمكن لرفقتي أن تخلق شعورًا بالبهجة في قلوب الآخرين؟ لا شيء فيهم يغريني بالبقاء معهم ، فقد أحببت ذاتي حدّ النشوة، وكرهتها حدّ التلاشي.
لم أكن وقحة بصلابة قناع، ولا خجولة حتى الذوبان، ولا مجنونة ببهجة صاخبة، ولا حتى عادية في رتابة مملة. كنت فراغًا مُغلفًا ببشرة، ووجهي يحمل تعابير مبهمة، كلمات بلا معنى تسكن تقاطيعه الصامتة.
ويسألوني، دائمًا يسألون عن جمود ملامحي، وهذا ما يُضرم الغضب في داخلي. لأنني من الداخل، لستُ فراغًا. بل كونٌ شاسع، تجول في مداري كواكب من المشاعر والأفكار التي لا تُحصى. ولهذا السبب تحديدًا، أعجز عن التعبير عن أبسط ما يختلج في روحي.
كنت أتساءل، ربما هذه هي هيئة الأرواح المكتظة، تلك التي تحمل في داخلها عوالم كاملة. أو ربما، ببساطة، لامستني حافة الجنون برفق.
هَــنــاء .
وقفتُ على المحطة.. لا لأنتظر القطارَ..ولا عواطفيَ الخبيئةَ في جماليات شيء ما بعيدٍ..بل لأعرف كيف جُنَّ البحرُ وانكسر المكانُ، كَـحجرة خزفية..ومتى ولدتُ وأين عشتُ، وكيف هاجرت الطيور إلىٰ الجنوبِ أو الشمال .
— محمود درويش
"شيءٌ من الشّوق مرسومٌ أُخبِّئهُ
سطْرٌ بعيني وفي قلبي دواوينُ."
إلى الله أشكو مضغة لا أنالها
وليس بكفّيْ حلُّها وعِقالُها
إلى الله أشكو لا إلى الناس، إنه
يُنيل إذا ما الناس شحّ نوالُها
ويعلمُ شكوى عبدِه قبل بثِّها
ويسترها حتى يحينَ زوالُها
أيوب الجهني