Telegram-канал tarikh897 - الأندلس تأريخ وحضارة: Unsorted

الأندلس تأريخ وحضارة

18 February 2025 20:58

«#الرهائن في غرناطة»..
قصة الفصل الأخير من عمر الحضارة الإسلامية
.....
جلس الأمير أبو عبد الله الصغير على عرش غرناطة، وأطاعته المملكة، باستثناء "مالقة" وغرب الأندلس التي بقين تحت طاعة والده الأمير أبي الحسن.

وجه الأمير أبو عبد الله العديد من الغارات ضد الإسبان، وخلال ذلك عبر نهر" شنيل" ـأحد فروع نهر الوادي الكبيرـ وحاصر قلعة "اللسانة"، ولكنه اضطر لفك الحصار أمام هجمات الإسبان، وفى طريق عودته تبعه الإسبان، ونشبت بين الجيشين معركة هائلة، هُزِمَ فيها المسلمون وقُتل وأسر الكثير من قادتهم، وتم أسر الأمير أبي عبد الله محمد، وقد عرّفهم بنفسه خشية من الاعتداء عليه، فأخذوه إلى القائد الكونت "دى كابرا"، الذي أنزله في إحدى الحصون الغربية تحت حراسة مشددة.

وأخبر دي كابرا الملكين الكاثوليكيين "فرناندو وإيزابيلا" بهذا الخبر، فأمرا بأخذ أبي عبد الله وأصحابه إلى قرطبة، وأقام أبو عبد الله في رهنه منتظراً الخلاص.

وقد أدرك ملكا قشتالة أهمية الأمير أبو عبد الله، وأخذا يفكران في استخدام الأمير أبي عبد الله كأداة تمكنهم من تحقيق ما يطمحان إليه في إسقاط مملكة غرناطة، وبذل والده الأمير أبو الحسن جهده لافتداء ولده، وعرض على فرناندو أن يدفع #فدية كبيرة وأن #يُطلق عدد من أكابر النصارى الإسبان #المأسورين عنده، و لكن فرناندو رفض ذلك العرض.

من جهة أخرى بذلت الأميرة عائشة الحرة (والدة الأمير) جُهداً كبيراً، وأرسلت سفارة لملكي قشتالة، على رأسها الوزير "ابن كُماشة"؛ للتفاوض من أجل الإفراج عن الأمير أبي عبد الله.
.....
انتهت #المفاوضات بين الطرفين على #معاهدة، تتلخص شروطها فيما يلي:

ـ أن يعترف أبو عبد الله بطاعة الملك فرناندو والملكة إيزابيلا ويدفع لهما جزية سنوية قدرها إثنا عشر ألف دوبلا من الذهب.

ـ الإفراج عن أربعمائة أسير من النصارى الإسبان الموجودين في غرناطة، يختارهم ملكهم ، ثم يُطلق في كل عام سبعين أسيراً لمدة خمسة أعوام.

ـ أن يقدم الأمير أبو عبد الله ابنه الأكبر رهينة مع عدد من أبناء الأمراء والأعيان كرهائن ضماناً لوفائه لهم .

تعهد ملكا قشتالة على إطلاق سراح أبى عبد الله، وأن يعاوناه في افتتاح المدن الثائرة عليه في غرناطة والتي تدين بالحكم لعمه أبي عبد الله الزُّغل (الشجاع)، والمدن التي يتم فتحها تظل تحت طاعة ملك قشتالة؛ وتستمر هذه الهدنة لمده عامين .
في عام (896هـ /1490م)، أصبحت غرناطة مدينة معزولة تقف بمفردها تواجه قدر السقوط المحتوم بعد أن سقطت معظم هاجم الإسبان غرناطة وأفسدوها وأخذوا يضيقون على الأهالي، ولم يترك الملكان الكاثوليكيان وسيلة لإحكام الحصار وإرهاق المدينة وإجبارها على التسليم، فقطعوا جميع علائقها مع الخارج سواء من البر أو البحر، وتم حصار المدينة لمدة سبعة أشهر، نفذت المؤن واشتد الجوع والمرض ودب اليأس في قلوب أهل غرناطة ووجدوا أنه لا مفر سوى التسليم.

قام الأمير أبو عبد الله الصغير بعقد مجلي في البهو الكبير لقصر الحمراء، حضر فيه كبار الجند والفقهاء وأعيان المدينة، واتفقوا على تسليم المدينة ومفاوضة ملك قشتالة واستمرت المفاوضات إلى أن انتهت بوضع معاهدة للتسليم وافق عليها الطرفان.

تم توقيع هذه المعاهدة في 21 محرم 897هــ / 25من شهر نوفمبر 1491م، وقد تضمنت هذه المعاهدة وثيقة مكونة من ستة وخمسين شرطاً، ومن ضمن هذه الشروط :

#متى تم تسليم الحمراء والحصن يُرد إلى الملك أبو عبد الله الصغير ولده المأخوذ رهينة لدى ملكي قشتالة وأراجون، وكذلك يرد سائر الرهائن المسلمين الذين معه وسائر حشمه وخدمه الذين كانوا برفقته، ولا يكرهون على التنصر أثناء احتجازهم .

#يقوم ملكا قشتالة وأراجون بالإفراج عن أسرى المسلمين في غرناطة والبيازين إفراجاً حراً دون نفقة من فدية أو غيرها، أما الأسرى الموجودين في قشتالة فيتم الإفراج عنهم خلال الثمانية أشهر التالية، وبعد انقضاء يومين من تسليم أسرى النصارى يتسلم المسلمون مائتي أسير مسلم (مائة من الرهائن، ومائة من غير الرهائن).

#يقدم الأمير أبو عبد الله الصغير ووجهاء المدينة للجانب القشتالي خمسمائة رهينة من أبناء أعيان القوم، قبل موعد التسليم بيوم واحد، وذلك ضماناً لعملية التسليم، على أن يظل هؤلاء رهائن لدى الجانب القشتالي لمدة عشرة أيام يتم خلالها ترميم معاقل الحمراء والبيازين .

وبموجب الاتفاقية تم تسليم مملكة بني الأحمر في غرناطة، وانتهى ملك المسلمين في الأندلس، وتأثر أبا عبد الله الصغير لهذا المنظر، وانهمرت الدموع من عينيه وكان رد أمه الأميرة عائشة مقولتها الشهيرة "أبك مثل النساء ملكاً ُضاعاً، لم تحافظ عليه كالرجال" .