♥️🍃حياة القلوب 🍃♥️
🍀 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ﴾. الْآيَةُ/ 159
هذا شأن أهل الكتاب عامةً، وشأن اليهود خاصةً، كتمان الحق، كتمان الحق، وجحوده، ومن ذلك كِتْمَانُهم لأَمْرِ الرَّجْمِ، ومن كتمانهم الحق قولهم للوثنيين: أنتم أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلا؛ كما قال تعالى ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلا﴾. سورة النساء: الآية/ 51
حتى حملهم الكفر بنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، على إنكار سائر النبوات، كما قال تعالى عنهم: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا﴾. سورة الْأَنْعَامِ: الآية/ 91
وقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ﴾، يقطع لهم كل عذر في الكتمان لأنها آيات بينات، ودلاءل واضحات؛ وَلَوْ أَنَّهُمْ كَتَمُوا مَا لَمْ يُبَيَّنْ لَهُمْ لَكَانَ لَهُمْ بَعْضُ الْعُذْرِ أَنْ يَقُولُوا كَتَمْنَاهُ لِعَدَمِ اتِّضَاحِ مَعْنَاهُ، ولكن لا عذر لهم.
وَالْمرَاد بِالْكتاب هنَا التَّوْرَاةُ.
🍀 ﴿أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ﴾.
ثم أخبر الله تعالى عن جزائهم على كتمانهم الحق، بأنهم ﴿يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ﴾، وَاللَّعْنُ هو: الطرد من رَحْمَةِ الله تعالى، وَيَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْآخِرَةِ بِالْحِرْمَانِ مِنَ الْجَنَّةِ وَبِالْعَذَابِ فِي النارِ.
🍀 ﴿وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾.
وَاللَّاعِنُونَ هم الْمَلَائِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ، وَقِيلَ: كُلُّ مَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ اللَّعْنُ، وليس في الآية دليل على لعن المعين، وإنما معنى قوله تعالى: ﴿وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾، لَعْنًا عامًا، قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إِنَّ لَعْنَ الْعَاصِي الْمُعَيَّنِ لَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقٍ.
ولعن اللَّاعِنِينَ لهُمْ هُوَ الدُّعَاءُ عليهِمْ بِأَنْ يَطرُدَهُمُ اللَّهُ منْ رَحْمَتِهِ.
وعبر عن اللعن بالْفِعْلِ الْمُضَارِعِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى التَّجَدُّدِ اللعن عليهم فهم ملعونون في كل زمان.
🌾 اللهم إنا نعوذ بك من الضلال بعد الهدى.
💧 تلاوة.الصباح
📖 سورة.يوسف
👤 القارئ : وديع.اليمني *
أرح #أعصابك وطيِّب #مسمعك
واستقبل يومك مع كلام الله عزوجل
تِـلاوَةُ الـقُــرآنِ تَـعمَلُ فِــي أَمـرَاضِ الـفُــؤَادِ مَـا يَـعـمَـلُـهُ الـعَـسَـلُ فِــي عِـلَـلِ الأَجـسَـادِ
أسعد الله صباحكم
مع تلاوة #صباحية
ص 359
بصوت الشيخ / عبد.الباسط.عبد.الصمد.cc
🍀 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾. الآية/ 158
يَنْبَغِي على المسلم إذا أراد السعي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَسْتَحْضِرَ فَقْرَهُ وَذُلُّهُ وَحَاجَتَهُ إِلَى اللَّهِ تعالى، وَأَنْ يصدق الْإلتَجَاء إلى الله، ويعظم الرغبة فيما عند الله تعالى، ليكشف همه، ويزيل غمه، ويُذهب حزنه، ويغفر ذنبه، ويصلح قلبه، فإنه أجدر بالإجابة، وأحرى بالقبول، كما استجاب الله لهاجر عليها السلام.
🍄 وَالشَّعَائِرُ: جَمْعُ شَعِيرَةٍ، وَهِيَ: كُلُّ ما جُعِلَ عَلَمًا لطاعَةِ الله سبحانه، ومِنْ ذلك عرفةُ، ومنى، وَالسَّعْي المزدلفة.
والشعيرة، أيضًا: البَدَنَة تُهدى لأنها تُشْعَر؛ أي تُعَلَّمُ يُشَقُّ أصل سنامها حتى يسيل الدم فيُعلم أنها هَدْيٌ، وَالشِّعَارُ: الْعَلَامَةُ؛ قال اللّه تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ}. سُورَةُ الْحَجِّ: الآية/ 36
🍀 {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}.
قد بينا سبب كَرَاهَةِ مَنْ كَرِهَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا، وقد رَفَعَ اللَّهُ تعالى الْحَرَجَ فِي ذَلِكَ، ببيان أنهما مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ.
🍀 {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}.
التَطَوَّعُ يُطْلَقُ بِمَعْنَى فَعَلَ الطَاعَةَ وَتَكَلَّفَهَا، وَيُطْلَقُ بمَعْنَى التَّبَرُّعِ الزَائِدِ على الطَّاعَةِ الواجبةِ.
ومعنى: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا}، أي سعى بَيْنَهُمَا فِي حَجِّ التَطَوُّعِ، أَوْ عُمْرَةِ تَطَوُّعٍ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ تَطَوَّعَ خَيْرًا فِي سَائِرِ الْعِبَادَاتِ؛ لِأَنَّ لفظة: {خَيْرًا}، نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَهِيَ عَامَّةٌ وَلِهَذَا عُطِفَتِ الْجُمْلَةُ بِالْوَاوِ دُونَ الْفَاءِ لِئَلَّا يَكُونَ الْخَيْرُ قَاصِرًا عَلَى الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وهو أولى.
🍀 {فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ}.
اللَّهُ شَاكِرٌ يرضى من العباد بالْقَلِيلِ من العملِ، ويُثِيبُ عَلَيه بِالْجزيل من الأجرِ، ولَا يُضِيعُ أَجْرَ مُحْسِنٍ، عَلِيمٌ بالعباد وأعمالهم، فَلَا يَبْخَسُ أَحَدًا ثَوَابَهُ، ولَا يَخْفَى عَليه عمل أحدٍ وإِحْسَانُهُ.
☀️ وفي الآية من الأساليب البلاغية:
التَضْمِينُ في الفعل: {تَطَوَّعَ}، فإن الأصل فيه أن يتعدى بالباء، يقال تطوع بصدقة، وهنا تعدى بنفسه، فتَضَمَنَ مَعْنَى: فَعَلَ أَوْ أَتَى.
🍀 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾. الآية/ 158
☀️ لما ضربت هاجر عليها السلام أروع المثل في التوكل على الله تعالى، والثقة بأنه لا يضيع أولياءه، ولا يخيب رجاء من رجاه.
🍒 قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ المِنْطَقَ مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ، اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لِتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ، حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ البَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ، فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى المَسْجِدِ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ، وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا، فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الوَادِي، الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ؟ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لاَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَتْ: إِذَنْ لاَ يُضَيِّعُنَا". رواه البخاري
💦 وهو ابتلاء لا يطيقه كثير من الرجال الأشداء فضلا عن امرأة ضعيفة، ومعها رضيعها، ولكنها الثقة في الله تعالى، وصدق التوكل عليه، وزيادة في الابتلاء، فني ما في جرابها من تمر، ونَفِدَ مَا فِي سِقَائها من ماء حتى عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى، فقامت مسرعة تَطْلُبُ الْغَوْثَ مِنَ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الأَرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الإِنْسَانِ المَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتِ الوَادِيَ، ثُمَّ أَتَتِ المَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، حتى فَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، تدعو الله تعالى مُتَذَلِّلَةً خَائِفَةً وَجِلَةً مُضْطَرَّةً فَقِيرَةً إِلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، أن يكْشِفَ كُرْبَتَهَا، وَأن يُفَرِّجَ شِدَّتَهَا، فاستجاب الله تعالى لها فكَشَفَ كُرْبَتَهَا، وَآنَسَ غُرْبَتَهَا، وَفَرَّجَ شِدَّتَهَا، وَأَنْبَعَ لَهَا زَمْزَمَ التِي مَاؤُهَا طَعَامُ طَعْمٍ، وَشِفَاءُ سُقْمٍ، وخلد الله تعالى آثارها، وبارك مسعاها، حتى جعل ذلك دينا، يتعبد العباد به، وشعيرة مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ يتقرب إلى الله بفعلها، وأنزل الله تعالى فيها قرآنًا يتلى إلى يوم القيامة: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾.
☀️ بل جعل الله تعالى السعي بين الصفا والمروة ركنًا لا يتم الحج إلا به، ومما يدل على ذلك ما ثبت عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي تَجْرَاةَ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَالنَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ وَرَاءَهُمْ، وَهُوَ يَسْعَى حَتَّى أَرَى رُكْبَتَيْهِ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ يَدُورُ بِهِ إِزَارُهُ، وَهُوَ يَقُولُ: " اسْعَوْا فَإِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ". رواه أحمد بسند حسن
ٰ
🕌 قال أحد السلف :
لم أرَ خليلاً ، يرفع قدر خليله
كـ #القرآن
مع🎤 #تلاوةالصباح
📖 سورة.الكهف
👤 القارئ الشيخ/ #محمدصديق_المنشاوي
🍀 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾. الآية/ 158
🍒 وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقُلْتُ لَهَا: أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [البقرة: 158]، فَوَاللَّهِ مَا عَلَى أَحَدٍ جُنَاحٌ أَنْ لاَ يَطُوفَ بِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، قَالَتْ: بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا ابْنَ أُخْتِي، إِنَّ هَذِهِ لَوْ كَانَتْ كَمَا أَوَّلْتَهَا عَلَيْهِ، كَانَتْ: لاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَتَطَوَّفَ بِهِمَا، وَلَكِنَّهَا أُنْزِلَتْ فِي الأَنْصَارِ، كَانُوا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ، الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا عِنْدَ المُشَلَّلِ، فَكَانَ مَنْ أَهَلَّ يَتَحَرَّجُ أَنْ يَطُوفَ بِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فَلَمَّا أَسْلَمُوا، سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: 158]. الآيَةَ
قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «وَقَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا». رواه البخاري ومسلم
🍒 قَالَ عُرْوَةُ: ثُمَّ أَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَعِلْمٌ مَا كُنْتُ سَمِعْتُهُ، وَلَقَدْ سَمِعْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ العِلْمِ يَذْكُرُونَ: أَنَّ النَّاسَ، - إِلَّا مَنْ ذَكَرَتْ عَائِشَةُ - مِمَّنْ كَانَ يُهِلُّ بِمَنَاةَ، كَانُوا يَطُوفُونَ كُلُّهُمْ بِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فَلَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ فِي القُرْآنِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُنَّا نَطُوفُ بِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ وَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ فَلَمْ يَذْكُرِ الصَّفَا، فَهَلْ عَلَيْنَا مِنْ حَرَجٍ أَنْ نَطَّوَّفَ بِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾، الآيَةَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «فَأَسْمَعُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي الفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا، فِي الَّذِينَ كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بِالْجَاهِلِيَّةِ بِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَالَّذِينَ يَطُوفُونَ ثُمَّ تَحَرَّجُوا أَنْ يَطُوفُوا بِهِمَا فِي الإِسْلاَمِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الصَّفَا، حَتَّى ذَكَرَ ذَلِكَ، بَعْدَ مَا ذَكَرَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ». رواه البخاري ومسلم
🍁 وَالصَّفَا والمروة اسمان لجبيلين مُتَقَابِلَيْنِ فَأَمَّا الصَّفَا فَهُوَ رَأْسُ نِهَايَةِ جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ، وَأَمَّا الْمَرْوَةُ فَرَأْسٌ هُوَ مُنْتَهَى جَبَلِ قُعَيْقِعَانَ.
🌱 وَسُمِّيَ جبل الصَّفَا بذلك؛ لِأَنَّ حِجَارَتَهُ مِنَ الصَّفَا وَهُوَ الْحَجَرُ الْأَمْلَسُ الصُّلْبُ.
🌱 وَسُمِّيَتِ الْمَرْوَةُ بذلك؛ لِأَن حِجَارَتَهَا مِنَ الْمَرْوِ وَهِيَ الْحِجَارَةُ الْبَيْضَاءُ اللَّيِّنَةُ.
╗═════════🍃💕🍃═╔ ✨ دروس في تفسير القرآن ✨
☀️ سورة الفاتحة - (2) ☀️
ـ╝═🍃💕🍃═════════╚
🍀 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾. الآية/ 157
🍒 فائدتان:
🍄الأولى:
لا يجوز للمسلم أن يتمنى البلاء ليكفر الله تعالى عنه ذنوبه، لأنه لا يدري أيصبر عليه أم لا؛ عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَادَ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَفَتَ فَصَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ أَوْ تَسْأَلُهُ إِيَّاهُ؟» قَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أَقُولُ: اللهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الْآخِرَةِ، فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سُبْحَانَ اللهِ لَا تُطِيقُهُ - أَوْ لَا تَسْتَطِيعُهُ - أَفَلَا قُلْتَ: اللهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " قَالَ: فَدَعَا اللهَ لَهُ، فَشَفَاهُ. رواه مسلم
🍄 الثانية:
لا يجوز للمسلم أن يسأل الصبر ابتداءً؛ لأنه سؤال يتضمن سؤال البلاء؛ عَنِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يُصَلِّي وَهُوَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الصَّبْرَ. قَالَ: «سَأَلْتَ الْبَلَاءَ فَسَلِ اللَّهَ الْعَافِيَةَ». رواه أحمد بسند حسن
╗═════════🍃💕🍃═╔ ✨ دروس في تفسير القرآن ✨
☀️ سورة الفاتحة - (1) ☀️
ـ╝═🍃💕🍃═════════╚
🍀 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾. الآية/ 156
يخبر الله تعالى عن الحال الذي يجب أن يكون عليه المسلم إذا أصابته مصيبة، وماله عند الله تعالى إذا قابل أقدار الله تعالى المؤلمة بالصبر الجميل، والرضى عن الله تعالى، وترك التسخط والتضجر، فإن الناس عند نزول المصائب أقسام ثلاثة:
قسم تضعضعه المصيبة، ويذهب منها عقله أو يكاد، حتى يتسخطَ على قدر الله تعالى، ويعلنَ اعتراضه على مشيئة الله عز وجل، ومثل هذا فليس له إلا السخط من الله تعالى جزاء وفاقًا لا يظلم ربك أحدًا، ولا يغير من قدر الله تعالى شيئًا.
🍒 عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ». رواه أحمد والترمذي وابن ماجه بسند حسن
وقسم يرضى بحكم الله تعالى ويسلم لأمره، ويحتسب ما أصابه من الله تعالى، ويعلن عن رضاه بقدر الله تعالى بقوله: الحمد الله إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا.
وهذا الصنف من الناس له الرضى من الله تعالى، والجزاء من جنس العمل، وله من الأجر بقدر ما أصابه من البلاء.
🍒 عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللهُ: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾، اللهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَخْلَفَ اللهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا "، قَالَتْ: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلْتُ: أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ؟ أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ إِنِّي قُلْتُهَا، فَأَخْلَفَ اللهُ لِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: أَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ يَخْطُبُنِي لَهُ، فَقُلْتُ: إِنَّ لِي بِنْتًا وَأَنَا غَيُورٌ، فَقَالَ: «أَمَّا ابْنَتُهَا فَنَدْعُو اللهَ أَنْ يُغْنِيَهَا عَنْهَا، وَأَدْعُو اللهَ أَنْ يَذْهَبَ بِالْغَيْرَةِ». رواه مسلم
وقسم يقابل البلاء بالتجلد، ولا يظهر عند المصيبة جزعًا، ولا ينتظر عليها مثوبة، وهذا لا حظ له في الأجر وإن كان دون الأول الشر.
وإنما أوتى هذا الصنفُ من الناس من قَسْوَةِ قَلبِهِ، وجمودِ عَينِهِ، وغِلَظِ كَبِدِهِ؛ كما قال أحدهم:
يُبْكِي عَلَيْنَا وَلَا نَبْكِي عَلَى أَحَدٍ * لَنَحْنُ أَغْلَظُ أَكْبَادًا مِنَ الْإِبِلِ
وربما كان صبرُ أحدهمِ لخوفِ شماتةِ الأعداءِ، كما يقول أبو ذؤيب الهذلي:
وَتَجَلُّدِي للشّامِتِينَ أُرِيهمُ * أَنّي لِرَيبِ الدّهْرِ لاَ أَتَضَعْضَعُ
والمُصِيبَةُ: هي ما يصيبُ الإنسانَ من نوائبِ الدهرِ.
🍄 قال الراغب: والمُصِيبَةُ أصلها في الرّمية، ثم اختصّت بالنّائبة نحو: ﴿أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها﴾. سورة آل عمران: الآية/ 165
🍀 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ﴾. الآية/ 155
من رحمة الله تعالى أنه لطيف بعباده حتى في الإبتلاء لذلك قال هنا: ﴿بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ........﴾، أي: بِشَيْءٍ قليل مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ قليل مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ، ولو قال عز وجل: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بالْخَوْفِ وَالْجُوعِ.....)، ربما لم يصبر على ذلك أحدٌ ولكنها رحمة الله تعالى التي تصاحب الإبتلاء، ولطف الله تعالى الذي يقارن المحن.
فكان المؤمنون في بداية عهدهم في جهد جهيد، وابتلاء شديد، من أذى المشركين، وحصارهم لهم، وتعذيبهم، والاستيلاء على أموالهم، وقتل المستضعفين منهم.
🍒 ومن ذلك ما حدث خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ رضي الله عنه وإخوانه من المستضعفين بمكة من العذاب والنكال، بل والقتل لأنه آثروا دين الله تعالى، وأبوا أن يرجعوا إلى عبادة الأوثان؛ فعَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ، قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ: أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا، أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟ قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ». رواه البخاري
🍄 ولما هاجر المسلمون إلى المدينة ظل الابتلاء وإن أخذ صورًا مغايرة لما كان عليه بمكة، ومن ذلك قلة ثمار الْحَدَائِقِ وَالْمَزَارِعِ عن عَادَتِهَا، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: فَكَانَتْ بَعْضُ النَّخِيلِ لَا تُثْمِرُ غَيْرَ وَاحِدَةٍ.
🍒 فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ: ابْنَ أُخْتِي «إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الهِلاَلِ، ثُمَّ الهِلاَلِ، ثَلاَثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَارٌ». رواه البخاري ومسلم
🍄 وحتى يمكثَ أحدهم أيامًا لا يجد ما يأكله، حتى يربط الحجر على بطنه من الجوع، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: «شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجُوعَ وَرَفَعْنَا عَنْ بُطُونِنَا عَنْ حَجَرٍ حَجَرٍ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَجَرَيْنِ». رواه الترمذي وفي سنده ضعف
🍀 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾. الآية/ 153
🍀 ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.
أعظم أجر على التحلي بالصبر، أن يكون العبد في معية الله تعالى، والمعية هنا وفي كل موضع تذكر فيه، هي معية التوفيق والتأييد والنصر والتثبييت.
وَلَمْ يَقُلْ الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَكُمْ)؛ لِيُفِيدَ أَنَّ مَعُونَتَهُ سبحانه وتعالى إِنَّمَا تحصل للعباد إِذَا كان الصَّبْرُ وَصْفًا لَازِمًا لَهُمْ، ولا يكون ذلك إلا بالمداومة على الصبر والثبات عليه.
🍀 وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾، تَذْيِيلٌ فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ، أَيِ: اصْبِرُوا لِيَكُونَ اللَّهُ مَعَكُمْ لِأَنَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ.
﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾.
🍄 سبب نزول هذه الآية:
نَزَلَتْ هذه الْآيَة فِي قَتْلَى بَدْرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانُوا بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، ثَمَانِيَةً مِنَ الْأَنْصَارِ وَسِتَّةً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَقُولُونَ لِلرَّجُلِ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَاتَ فُلَانٌ وَذَهَبَ عَنْهُ نَعِيمُ الدُّنْيَا وَلَذَّاتُهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ. أسباب النزول للواحدي (ص: 44)
🍁 وَفِي الْآيَةِ نهي من الله تعالى أن يقال لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ هُمْ أَمْوَاتٌ، لأنهم ليسوا كذلك في حقيقة الأمر، بَلْ هُمْ أَحْيَاءٌ حياةً حقيقةً، وَلَكِنْ لَا نَشْعُرُ نحن بِهَذِهِ الْحَيَاةِ عِنْدَ مُشَاهَدَتِهُمْ بَعْدَ سَلْبِ أرواحهم، كما كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾. سورة آلِ عِمْرَانَ: الآية/ 169
🍒 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ، تَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ، فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمُ اطِّلَاعَةً»، فَقَالَ: "هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئًا؟ قَالُوا: أَيَّ شَيْءٍ نَشْتَهِي وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا، فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا، قَالُوا: يَا رَبِّ، نُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا حَتَّى نُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ مَرَّةً أُخْرَى، فَلَمَّا رَأَى أَنْ لَيْسَ لَهُمْ حَاجَةٌ تُرِكُوا". رواه مسلم
🍒 وقد ثبت أيضًا أن أرواح المؤمنين تنعم في الْجَنَّةِ إلى يوم القيامة؛ فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ». رواه مالك وأحمد بسند صحيح
وَالفرق بين الشُّهَدَاء وَالْمُؤْمِنِينَ أن الشُّهَدَاءَ يُرْزَقُونَ وَيَنْعَمُونَ في الجنة، كما قال تعالى: ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾.
🍒 وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ، تَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ، فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ، وَمَشْرَبِهِمْ، وَمَقِيلِهِمْ، قَالُوا: مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا عَنَّا، أَنَّا أَحْيَاءٌ فِي الْجَنَّةِ نُرْزَقُ لِئَلَّا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ، وَلَا يَنْكُلُوا عِنْدَ الْحَرْبِ، فَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ "، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: 169] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. رواه أبو داود بسند حسن
⚡️ وَفِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ عَذَابِ الْقَبْرِ ونَعِيمِهِ، وَالْأَخْبَارُ فِي نَعِيمِ الْقَبْرِ وَعَذَابِهِ مُتَوَاتِرَةٌ، تأتي في موضعها إن شاء الله.
🍀 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾. الآية/ 152
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَاذْكُرُونِي}، أَمْرٌ من الله تعالى للعباد بذكره، وَجَوَابُهُ: ﴿أَذْكُرْكُمْ﴾، وَالْفَاءُ هنا هي فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا أردتم سبل الرشاد، والازدياد من الخير والطاعات؛ ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾.
☘ وَفِي جواب الشرط ﴿أَذْكُرْكُمْ﴾، مَعْنَى الْمُجَازَاةِ، والجزاء من جنس العمل، وهذا أعظم جزاء يحصل للعبد في الدنيا على عملٍ يعمله، فإنه فوز دونه كل فوز، وشرف دونه كل شرف أن يذكرك الله تعالى.
🍒 فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً». رواه البخاري ومسلم
🍒 وذكر الله تعالى أعظم العبادات أجرًا، وأرفعها منزلةً؛ فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: ذِكْرُ اللهِ تَعَالَى». رواه أحمد والترمذي بسند صحيح
وهو أيسر العبادات وأخفها على العباد؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ، فَأَنْبِئْنِي مِنْهَا بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ قَالَ: «لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ». رواه أحمد والترمذي وابن ماجه بسند صحيح
⚡️ وَاختلف العلماء في المراد بقوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾، فقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: اذْكُرُونِي، فِيمَا افْتَرَضْتُ عَلَيْكُمْ أَذْكُرْكُمْ فِيمَا أَوْجَبْتُ لَكُمْ عَلَى نَفْسِي.
🍄 وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: اذْكُرُونِي بِطَاعَتِي أَذْكُرْكُمْ بِمَغْفِرَتِي.
وقيل غير ذلك حتى قَالَ الرَّازِيُّ: إِنَّ فِي الْقُرْآنِ ثَلَاثَ آيَاتٍ فِي كُلِّ آيَةٍ مِنْهَا مِائَةُ قَوْلٍ:
📌 الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى:
﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾. سورة البقرة: الآية/ 152
📌 الثانية: قوله تَعَالَى: ﴿إِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا﴾. سورة الْإِسْرَاءِ: الآية/ 8
📌 الثَّالِثَةُ: قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ﴾. سورة الرحمن: الآية/ 60، تفسير الرازي (29/ 377)
🍄 والراجح أن المراد من الآية ذكرُ اللَّهِ تَعَالَى باللسان وهو ظاهر الآية، والمراد بهذا هو الوارد في كتاب الله تعالى وعلى لسان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا ما أحدثه بعض الناس من أذكار وأوراد لم تثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأن الذكر عبادة والعبادات توقيفية.
🍀 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾. الآية/ 151
ذكرنا أن من إِتْمَامَ الله تعالى النِّعْمَةَ على المؤمنين أمرهُ لَهُمْ باسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ، ومن نعمه عليهم هدايتهم للإسلام، وإرسال خاتم رسله إليهم، ثم ذكر الله تعالى تلك صِّفَاتِ ذلك الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال تعالى: ﴿يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا﴾، أَيْ يَقْرَأُ عَلَيْكُمُ الْقُرْآنَ، ليُفْصِحَ لَهُمْ عَنْ أَلْفَاظِهِ وَيُوقِفُهُمْ بِقِرَاءَتِهِ عَلَى كَيْفِيَّةِ تِلَاوَتِهِ، وفي هَذَا دَلِيلٌ على أنَّ الْقِرَاءَةَ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ يَأْخُذُهَا الْآخِرُ عَنِ الْأَوَّلِ.
🍒 ومن صفاته: تزكية المؤمنين: ﴿وَيُزَكِّيكُمْ﴾، التَّزْكِيَةُ تَطْهِيرُ النَّفْسِ مما يعتريها من أدرانٍ، وأَرْجَاسٍ بسبب الذنوبِ والمعاصي، أو الكفرِ والشركِ.
🍒 ومن صفاته تعليم المؤمنين أحكام شرع الله تعالى المبثوثة في القرآن: ﴿وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾، فالْكِتابُ هُنَا هُوَ الْقُرْآنُ لأنه كِتَابٌ تَشْرِيعٍ، كمَا أنه مُنَزَّلٌ للإعجازِ.
🌴 وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ﴾، بَعْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا﴾، لَيْسَ تَكْرَارًا لِأَنَّ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ عَلَيْهِمْ غَيْر تَعْلِيمِهِ إِيَّاهُمْ أحْكَامَ الشَّرَعِ.
والمراد بالْحِكْمَةِ هُنَا مَا أُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَحْكَامِ دَيْنِ اللَّهِ، وَلَمْ يَنْزِلْ بِهِ قُرْآنٌ، وَتِلكَ هي السُّنَّةُ، كما فِي قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ﴾. سورة الأحزاب: الآية/ 34
🍄 قال قَتَادَةَ: أَيِ السُّنَّةَ، وَكذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْحِكْمَةَ هِيَ سُنَّةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالسُّنَّةُ وحي كالقرآنِ تمامًا، ومنكرها كافرٌ بإجماع المسلمين، وقد حذر الله تعالى المخالفين لسنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، المعرضين عن هديه؛ قال تَعَالَى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. سورة النور: الآية/ 63
🍄 قال الإمام أحمد الفتنة هنا الشرك.
وقد حذر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ممن ينتسب للإسلامِ زورًا وبهتانًا، وهو يطعن في شرعه وأحكامه، عن طريق الطعن في السنة؛ فعَنْ أَبِي رَافِعٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ لَا نَدْرِي مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ». رواه أحمد وأبو داود بسند صحيح
🍀 ﴿وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾.
وفي هَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى ما كانوا عليه قبل البعثة من الضلال وَالجَهْل شأنهم شأن سائر الْأُمَمِ، فَبَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعَلَّمَهُمْ من الجهالة، وهداهم من الضلالة، وبصرهم من العمى، وَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ أنواع النعم.
أَتَتَ هَذِهِ الصِّفَاتُ: ﴿يَتْلُو﴾، ﴿يُزَكِّيكُمْ﴾، ﴿يُعَلِّمُكُمْ﴾، بصيغةِ المُضَارِعِ للِدْلالةِ عَلَى التَّجَدُّدِ، لِأَنَّ التِّلَاوَةَ وَالتَّزْكِيَةَ وَالتَّعْلِيمَ تَتَجَدَّدُ دَائِمًا.
ٰ
🕌 قال أحد السلف :
لم أرَ خليلاً ، يرفع قدر خليله
كـ #القرآن
مع🎤 #تلاوة_الصباح
📖 سورة.الكهف
👤 القارئ الشيخ/ #محمد_صديق_المنشاوي
🍀 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾. الْآيَةُ/ 159
💦 سَبَبُ نُزُولِ الْآيَةِ:
سَبَبُ نُزُولِ هذه الْآيَةِ أن أَحْبَارَ الْيَهُودِ، وَعُلَمَاءَ النَّصَارَى، كَتَمُوا أَمْرَ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَبْعَثِهِ وَصِفَتِهِ، عن النَّاسِ ولم يخبروهم بذلك، وَهُمْ يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ، وَالْإِنْجِيلِ.
🍄 قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ، كتمُوا صِفَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
📌 وَقَالَ مُجَاهِدٍ: هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ.
📌 وَقِيلَ: الْمُرَادُ كُلُّ مَنْ كَتَمَ الْحَقَّ، فَهِيَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ مَنْ كَتَمَ عِلْمًا مِنْ دِينِ اللَّهِ يُحْتَاجُ إِلَى بَثِّهِ.
ولا مانع من الأمرين معًا أن تكون نزلت في أهل الكتاب الذين كَتَمُوا نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومع لك يدخل في ذلك الوعيد كُلُّ مَنْ كَتَمَ عِلْمًا مِنْ دِينِ اللَّهِ يُحْتَاجُ إِلَى نَشْرِهِ، فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
🍒 وقد حذر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أشد التحذير من كتمان العلم عند الاحتياج إليه؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ اللَّهُ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه بسند صحيح
لذلك كان أبو هريرة إذا عوتب على كثرة روايته للحديث يحتج بهذه الآية وهذا الحديث المتقدم وفي هذا بيان لشدة ورعه وغزارة علمه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَلَوْلاَ آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُ حَدِيثًا، ثُمَّ يَتْلُو {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى} [البقرة: 159] إِلَى قَوْلِهِ {الرَّحِيمُ} [البقرة: 160] إِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ المُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ، وَإِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمُ العَمَلُ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِبَعِ بَطْنِهِ، وَيَحْضُرُ مَا لاَ يَحْضُرُونَ، وَيَحْفَظُ مَا لاَ يَحْفَظُونَ". رواه البخاري
╗═════════🍃💕🍃═╔ ✨ دروس في تفسير القرآن ( 5 )✨
☀تفسير️ سورة البقرة- ☀️
ـ╝═🍃💕🍃═════════╚
╗═════════🍃💕🍃═╔ ✨ دروس في تفسير القرآن ( 4 )✨
☀تفسير سورة البقرة- ☀️
ـ╝═🍃💕🍃═════════╚
╗═════════🍃💕🍃═╔ ✨ دروس في تفسير القرآن ( 3 )✨
☀فضائل️ سورة البقرة- ☀️
ـ╝═🍃💕🍃═════════╚
تلاوة عطرة من #سورة_يوسف
Читать полностью…🍀 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾. الآية/ 158
سبب نزول الآية:
🍄 لما أمر الله تعالى المؤمنين في الآيات السابقة باستقبال الْبَيْتِ الْحَرَامِ في صلاتهم، وَكان حَوْلَ الْبَيْتِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا يُعْبَدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى، وكان قد نُصِبَ على الصَّفَا والمروة صنمين يقال لهما إِسَافٌ وَنَائِلَةُ، وكان المسلمون قد تحرجوا من السعي بين الصفا والمروة مع وجود هذه الأصنام، وكانوا يظنون أن السعي بين الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ من عمل أهل الجاهلية، وأنه سعي بين صنمين، فتحرجوا من ذلك في الإسلام، لا سيما والسعي لم يرد له ذكر في القرآن قبل نزول هذه الآية بخلاف الطواف.
ولما كان الأمر كذلك أزالَ الله تعالى ما كان يعلق في نفوسهم من الحرج الناشيء عن وجود الأصنام في الْبَيْتِ الْحَرَامِ، وتضمنت الآية كذلك إذنًا للمؤمنين في تطهير بيته منها؛ كما أمر خليله إبراهيم بتطهير البيت حين بناه، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَحَوْلَ الْبَيْتِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا، فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا بِقَضِيبٍ مَعَهُ، وَيَقُولُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا». رواه النسائي في السنن الكبرى، والطبراني في الكبير، وأبو عوانة
ولكن حتى يطهره المسلمون من دنس الأوثان، لا يمتنع المسلمون من إقامة شعائر الله تعالى المتعلقة به، من استقباله في الصلاة، والطواف بين الصفا والمروة، ما داموا عاجزين عن تطهيره منها، ولا حرج عليهم في ذلك.
🍒 فعَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَالَ: كُنَّا نَرَى أَنَّهُمَا مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ أَمْسَكْنَا عَنْهُمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما﴾. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
🎧 أَعـذب التـلاوات 'ۦ:
🎤 سورة تبارك
👤للقـارئ الشيخ / #محمد_الطبلاوي
Said Deyap:
🍀قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾. الآية/ 157
لما ذكر الله تعالى جزائهم العظيم، وأجرهم الجزيل، زكاهم الله تعالى أعظم تزكية، يمكن أن يُزَكىَ بها مخلوقٌ، وشهد لهم أعظم شهادة، بأنهم على الهدى مقيمون، وعلى الصراط المستقيم سائرون، قد أمنوا من الزيغ والضلال، بشهادة الله تبارك وتعالى لهم.
🍒 قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نِعْمَ العِدْلاَنِ، وَنِعْمَ العِلاَوَةُ: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ، وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ﴾.
💦 وَالْعَدْلَانِ هما الذان يوضعان على جانبي البعير، والْعِلَاوَةُ، هِيَ مَا تُوضَعُ بَيْنَ الْعَدْلَيْنِ، وَهِيَ زِيَادَةٌ فِي الْحِمْلِ فقوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ﴾، هَذَانَ الْعَدْلَانِ، وقوله تعالى: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾، هَذِهِ الْعِلَاوَةُ، وَهَؤُلَاءِ المذكورون لما قاموا بما يجب عليهم من الصبر، تداركتهم رحمة الله تعالى، فَأَعْطَاهم ثَوَابَهُمْ صَلَوَاتٍ مِنْهُ وَرَحْمَةً، وَزَادهم فوق ذلك التوفيقَ للهداية.
🍒 قَالَ الْحَسَنُ: مَا مِنْ جَرْعَتَيْنِ يَتَجَرَّعُهُمَا الْعَبْدُ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ جَرْعَةِ مُصِيبَةٍ يَتَجَرَّعُهَا الْعَبْدُ بِحُسْنِ صَبْرٍ وَحُسْنِ عَزَاءٍ، وَجَرْعَةِ غَيْظٍ يَتَجَرَّعُهَا الْعَبْدُ بِحِلْمٍ وَعَفْوٍ. تفسير القرطبي (9/ 247)
🍒 وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُولَ لِشَيْءٍ قَضَاهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَيْتَهُ لَمْ يَكُنْ.
وليس هذا الأجر الموعود خاصًا بالمصائب العظمى، كفقد عزيز أو إتلاف مال، أو أمراض مزمنة، أو تهجير من الأوطان فحسب بل من رحمة الله تعالى أنه جعل هذا الأجر العظيم، لكل مصيبة صبر عليها العبد واحتسبها عند الله صغرت أو كبرت؛ كما ثبت ذلك عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ». رواه البخاري ومسلم
🍒 وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ». رواه البخاري
🍒 وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ، فِي جَسَدِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ، حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ». رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد بسند صحيح
🍒 وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَوَدُّ أَهْلُ العَافِيَةِ يَوْمَ القِيَامَةِ حِينَ يُعْطَى أَهْلُ البَلَاءِ الثَّوَابَ لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ كَانَتْ قُرِضَتْ فِي الدُّنْيَا بِالمَقَارِيضِ». رواه الترمذي بسند حسن
وهذا الأجر العظيم، والثواب الجزيل، على أقل أنواع الصبر منزلة، على الصبر على المصائب، أما أعلاها منزلة، الصبر على الطاعة، فقد قال الله تَعَالَى عن جزاءِ هؤلاءِ: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾. سورة الزُّمَرِ: الآية/ 10
🍀 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾. الآية/ 156
🍀 قوله تعالى: ﴿قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾.
أرشد الله جل وعلا عباده بهذه الكلمات على أفضل ما تستقبل به المحن، وأحسن ما يظهر به الرضى، ومعنى: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾. أَنَّنَا مَمَالِيكُ لرَبِّنَا لا نملكُ من أمرِ أنفسنَا شَيئًا، وَنَحْنُ عَبِيدُهُ وَإِنَّا إِلَيْهِ صَائِرُونَ بَعْدَ مَمَاتِنَا؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾. سورة الْأَنْعَامِ: الآية/ 162
🍄 قال القرطبي رحمه الله: جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْكَلِمَاتِ مَلْجَأً لِذَوِي الْمَصَائِبِ، وَعِصْمَةً لِلْمُمْتَحَنِينَ: لِمَا جَمَعَتْ مِنَ الْمَعَانِي الْمُبَارَكَةِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: ﴿إِنَّا لِلَّهِ﴾ تَوْحِيدٌ وَإِقْرَارٌ بِالْعُبُودِيَّةِ وَالْمُلْكِ. وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾ إِقْرَارٌ بِالْهَلْكِ، عَلَى أَنْفُسِنَا وَالْبَعْثِ مِنْ قُبُورِنَا، وَالْيَقِينُ أَنَّ رُجُوعَ الْأَمْرِ كُلِّهِ إِلَيْهِ كَمَا هُوَ لَهُ. تفسير القرطبي (2/ 176)
🍄 قَالَ سَعِيدُ ابن جُبَيْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَمْ تُعْطَ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ نَبِيًّا قَبْلَ نَبِيِّنَا، وَلَوْ عَرَفَهَا يَعْقُوبُ لَمَا قَالَ: يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ.
ومما يدل على فضل الحمد والاسترجاع عند المصيبة والرضى بقدر الله تعالى ما ثبت عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى «يَا مَلَكَ الْمَوْتِ قَبَضْتَ وَلَدَ عَبْدِي. قَبَضْتَ قُرَّةَ عَيْنِهِ وَثَمَرَةَ فُؤَادِهِ». قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَمَا قَالَ؟» قَالَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ. قَالَ: «ابْنُوا لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ». رواه أحمد والترمذي وحسنه الألباني
🍀 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾. الآية/ 157
لما ذكر الله تعالى أن الابتلاءَ سنته الماضيةُ في خلقه، وأعقب ذلك بما يجب على المسلم، من الصبر الجميل، والاحتساب للأجر عند الملك الجليل، وبماذا تستقبل أقدار الله تعالى، من الحمد والاسترجاع، ذكر الله تعالى هنا جزاء الصابرين، وأجر المحتسبين، ورحمته تعالى بالمبتلين، ولطفه عز وجل بعباده المخبتين، فقال تعالى: ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ﴾.
الصَلَوَاتُ جمع صَلَاةِ، وهي مِنَ اللَّهِ تعالى ثَنَاءٌ عَلَيْهِمْ في الملأ الأعلى، وأي فضلٍ، وأي شرفٍ للعبد أعظم من أن يذكره اللهُ تعالى في الملأِ الأعلى ويثني عليه؛ كما قَالَ تَعَالَى عن أَيُّوبَ عليه السلام: ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾. سُورَةُ ص: الآية/ 44
أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَمَدَحَهُ، لصبره على البلاءِ، وتسليمه لقدر الله تعالى، وَأَنَّهُ ﴿أَوَّابٌ﴾، أَيْ: رَجَّاع مُنِيبٌ. ثم أمنهم الله تعالى من سخطه وعذابه يوم القيامة فقال: ﴿وَرَحْمَةٌ﴾، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَيْ أَمَنَةٌ مِنَ الْعَذَابِ.
🍀 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾. الآية/ 155
☀️ وَأَصْلُ التَّبْشِيرِ: إِخْبَارُ الرَّجُلِ الرَّجُلَ الْخَبَرَ يَسُرُّهُ أَوْ يَسُوءُهُ لَمْ يَسْبِقْهُ بِهِ إِلَيْهِ غَيْرُهُ.
وسميت البشرى بذلك لأن أثرها يظهر على البشرة.
قدمنا أن الصبرَ هو: حَبْسُ النَّفْسِ عَنِ الْجَزَعِ وَالتَّسَخُّطِ، وَحَبْسُ اللِّسَانِ عَنِ الشَّكْوَى، وَحَبْسُ الْجَوَارِحِ عَنِ التَّشْوِيشِ.
ومعنىَ وحَبْسِ الْجَوَارِحِ عَنِ التَّشْوِيشِ؛ البعد عن فضول النظر وفضول الكلام وفضول السمع، فضلا عن النظر المحرم، والكلام المحرم، والسماع المحرم؛ فإن القلب مرآة الجوارح ينطبع ما يراه العبد وما يتكلم به وما يستمع إليه.
ولا يؤجرُ العبد على الصبر إلا إذا كان الصبر جميلًا، وهو الذي لا شكوى فيه ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حكاية عن يعقوب عليه السلام: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾. سورة يُوسُفَ: الآية/ 18
🍒 وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقَالَ: «اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي» قَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي، وَلَمْ تَعْرِفْهُ، فَقِيلَ لَهَا: إِنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ، فَقَالَتْ: لَمْ أَعْرِفْكَ، فَقَالَ: «إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى». رواه البخاري ومسلم
🍒 وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: الصَّبْرُ اعْتِرَافُ الْعَبْدِ لِلَّهِ بِمَا أَصَابَ مِنْهُ، وَاحْتِسَابُهُ عِنْدَ اللَّهِ رَجَاءَ ثَوَابِهِ، وَقَدْ يَجْزَعُ الرَّجُلُ وَهُوَ مُتَجَلّد لَا يُرَى مِنْهُ إِلَّا الصَّبْرُ. الزهد والرقائق لابن المبارك (2/ 28)
فليس للعبد إلا التمسك بعرى الصبر، والرضى بما يجري عليه من القدر، والاحتساب للأجر.
🍀 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾. الآية/ 155 ، 157
💦 الابتلاء هو الإختبار والإمتحان وهو سنة من سنن الله تعالى في خلقه، وهي سنة لا تتخلف أبدًا، كما قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾. سورة الْعَنْكَبُوتِ: الآية/ 1- 3
🍄 وله حكم عظيمة جدًا، منها أن يتبين للناس المؤمن الصادق، من المنافق الكاذب، والمجاهد الصابر، من الهلوع الجزوع كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾. سورة مُحَمَّدٍ: الآية/ 31
وهنا يخبرنا الله تعالى أن سنته في خلقه ستجري على هذه الأمة؛ لأن سنن الله تعالى لا تحابي أحدًا ولا يستثنى من أحدٌ.
والابتلاء تَارَةً بِالسَّرَّاءِ، وَتَارَةً بِالضَّرَّاءِ، ولعل الابتلاء بِالسَّرَّاءِ يكون وقعه أشد على العبد من الابتلاء بِالضَّرَّاءِ، فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: ابْتُلِينَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالضَّرَّاءِ فَصَبَرْنَا، ثُمَّ ابْتُلِينَا بِالسَّرَّاءِ بَعْدَهُ فَلَمْ نَصْبِرْ. رواه الترمذي بسند حسن
🍀 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾. الآية/ 153 ، 154
🍄 هذا هو النداء الثاني في هذه السورة الكريمة للمؤمنين بهذا اللفظ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾، ليستنهض هممهم إلى امتثال الأوامر الإلهية التي ستأتيهم، وفي ذلك ما يجعل المؤمن يستعذب الطاعة مهما كان فيها من المشقة، وتهون عليه التكاليف مهما كان فيها من الشدة.
💦 ولما أرشد الله تعالى المؤمنين من عباده إلى ذكره وشكره بقوله في الآية السابقة: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾، أمرهم في الآية بالاستعانة بالصبر لأنه لا يخلو حال أحد منهم من نعمة يحدثها الله تعالى له تستوجب الشكر، أو ابتلاء يبتلى به يحتاج إلى صبر؛ كما ثبت عَنْ صُهَيْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ». رواه مسلم
✨وتقدم معنا تعريف الصَّبْر وأن معناه: فِي اللُّغَةِ الْحَبْسُ.
☀️وفي الشرع: حَبْسُ النَّفْسِ عَنِ الْجَزَعِ وَالتَّسَخُّطِ، وَحَبْسُ اللِّسَانِ عَنِ الشَّكْوَى، وَحَبْسُ الْجَوَارِحِ عَنِ التَّشْوِيشِ.
وَأَنَّهُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: صَبْرٌ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَصَبْرٌ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَصَبْرٌ عَلَى الْبَلَاءِ.
🍁 وأما الجزاء على الصبر فلا يعلم قدره إلا الله تَعَالَى؛ كما قال عز وجل: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾. سورة الزُّمَرِ: الآية/ 10
والصَّبْرُ خَيْرُ عَطَاءٍ وَأَوْسَعُهُ؛ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ، فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ، فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: «مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ». رواه البخاري ومسلم
☘ والصَّبْرُ ضِيَاءٌ لبصيرة المؤمن عندما تدلهم الظلمات، وتقبل الملمات؛ فعَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ - أَوْ تَمْلَأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالصَّلَاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا». رواه مسلم
ولما كانت النفس كالفرس الجموح، تنفر من كل قيد، أمر الله تعالى بالاستعانة على ترويضها لتقبل الطاعة وتتقيدَ بأحكام الشرع بأمرين هما أعظم ما يستعان به طاعة الله تعالى الصَّبْر وَالصَّلَاة، قال الرَّبِيعُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبِرِ وَالصَّلَاةِ﴾. اعْلَمُوا أَنَّهُمَا عَوْنٌ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ.
🍒 وَعَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ، صَلَّى».
بداية القناة فقط اضغط على الصورة 👆👆
Читать полностью…🍀 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾. الآية/ 151
لما ذكر الله تعالى إِتْمَامَهُ النِّعْمَةَ على المؤمنين فِيمَا شَرَعَهُ لَهُمْ مِنَ اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ، ذكرهم بنعمة هي أجل منها وأعظم أثرًا من نعمة هدايتهم للكعبة المشرفة، وهي نعمة هدايتهم للإسلام وإرسال خاتم رسله إليها، ومن نعمة الله تعالى عليهم كذلك أن جعله من أنفسهم تحقيقًا لدعوة خليله إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إذ قَالَ: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ﴾. سورة الْبَقَرَةِ: الآية/ 129
وهي نعمة تستوجب الشكر، لذلك يَقُولُ تَعَالَى مُمْتَنًّا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾. سورة آلِ عِمْرَانَ: الآية/ 164
وإنما عدي الفعلُ أَرْسَلَ من قوله: ﴿أَرْسَلْنا﴾، بحَرْفِ فِي وَلَمْ يُعَدى بِهِ بحَرْفِ إِلَى كَمَا فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شاهِداً عَلَيْكُمْ﴾. سورة المزمل: الآية/ 15
لِأَنَّ المَقَامُ هنَا مَقَامُ امْتِنَانٍ، في المزمل مَقَامُ احْتِجَاجٍ، فَنَاسَبَ أَنْ يَذْكُرَ مَا بِهِ تَمَامُ الْمِنَّةِ وَهِيَ أَنْ جَعَلَ رَسُولَهُمْ فِيهِمْ يَعْرِفُونَ شَخْصَه وَنَسَبَه وَمَوْلِدَه وَمَنْشَأَهُ، وصدقَهُ وأمانَتَهُ، وهو مِنْ أَنْفُسِهِمْ حريص على هدايتهم، رؤوف بهم، مشفق عليهم.
كما قَالَ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾. سورة التَّوْبَةِ: الآية/ 128
وورد لفظُ (رَسُولِ) نكرة لِلتَّعْظِيمِ؛ وَلِتَجْرِيَ عَلَيْهِ الصِّفَاتُ الَّتِي ستأتي بعده.