معا نغوص في صفحات الماضي لنعرف ماذا حدث وكيف حدث ، ونستخلص من الماضي العبر والدروس.
🔸عندما أعاد المسلمون الجزية لأهل حمص...روائع من تاريخنا
فتح المسلمون دمشق .. واتجه الجيش الاسلامي بعد أن أتم فتح دمشق باتجاه بعلبك ففتحها .. ثم توجه الجيش بقيادة القائد خالد بن الوليد رضي الله عنه نحو حمص ..وكانت فيها حامية رومية كبيرة .. وخرجت تلك الحامية للقاء المسلمين على أبواب حمص .. ولكن المسلمين تمكنوا من هزيمتها .. وفر من بقي من الحامية إلى داخل الأسوار الحصينة .. فرض المسلمون الحصار على حمص .. وبعد 18 يوماً استسلمت المدينة وقبلت بالجزية ..وتم ابرام المعاهدة بين المسلمين واهل حمص ..
*لكن هرقل ملك الروم ما كان له أن يبقى متفرجاً وهو يشاهد مدن بلاد الشام تسقط الواحدة تلو الأخرى .. فقام بعمل يحسب فيه أنه سيقضي على المسلمين نهائياً .. فجمع كل الحاميات والجيوش المنتشرة وحشدهم في جيش واحد هائل .. تقول بعض الروايات أن عدده وصل إلى 400 ألف مقاتل وفي أصح الروايات 200 ألف* ..!!
(وفي نفس الوقت كان الفرس يتجمعون في العراق بجيش ضخم بقيادة رستم فرأي ُ عمر رضي الله عنه أن تتوقف الفتوحات مؤقتا في الشام إلى أن تتضح الأمور ).
*وماكان لهذا الجمع الضخم أن يتجمع خفية عن المسلمين، وخاصة أن عيون المسلمين ومخابراتهم كانت منتشرة، وفي منتهى القوة، فأدركت على الفور أن "هرقل" يفعل ما لم يفعله أحد من قبل، للمسلمين أو لغيرهم، فوصلت الأخبار لأبي عبيدة في حمص، فما كان منه إلا أن جمع مستشاريه وكان فيهم شرحبيل بن حسنة فقط من قادته, وفكروا فيما يفعلونه لمواجهة هذه القوات الضخمة المتجمعة لمواجهة المسلمين*.
دار بين المسلمين حوار طويل، كان الرأي الأخير فيه لـشرحبيل إذ رأى: أن تنسحب القوات الإسلامية من حمص، ومن كل الشام، وتبقى على أطراف الجزيرة العربية، ليقاتلوا الروم على أطراف الشام، فإذا هُزِموا رجعوا إلى الصحراء فيتعذر على الروم ملاحقتهم، وإذا جاءهم مدد يكونون قريبين منه، وكان أبو عبيدة مختلفًا عنه في هذا الرأي، إذ كَرِهَ أن يترك المسلمون أرضًا امتلكوها، ويرى أن يبقوا في حمص، لكن الشورى اجتمعت على أن يترك المسلمون هذا المكان، فقرر أبو عبيدة أن يرضى بقرار الشورى بالانسحاب، وقالوا: ننسحب غدًا بعد صلاة الفجر، فإذا مرُّوا على خالد ويزيد بدمشق، أخذوهما معهم، حتى أطراف الشام، وأرسل أبو عبيدة بذلك رسالة إلى عمر بن الخطاب في المدينة، يخبره بإجماعهم على الانسحاب، لكي يقاتل المسلمون الروم على أطراف الشام..
*و أمر أبو عبيدة صاحب الجزية حبيب بن مسلمة أن رُدَّ على أهل حمص كل ما أخذته من أموال الجزية؛ لأنهم لن يدافعوا عنهم بذلك الانسحاب، وقل لهم*:
"نحن على ما كنا عليه فيما بيننا وبينكم من الصلح، لا نرجع فيه إلا أن ترجعوا عنه".
*وهكذا رد المسلمون الجزية لأهل حمص، وقد تعجب أهل حمص من هذا الموقف تعجبًا شديدًا، إذ إنه في الدولة المادية (التي لا تقوم على شرع الله) صعب أن يتخيل الناس أن جيشًا منتصرًا أخذ الجزية والأموال، ويملك القوة والجيش، يعيد الجزية لأهل البلد، لأنه لن يستطيع أن يدافع عنهم ضد أهلهم الروم*.
*فقالوا لهم: "رَدَّكُمُ اللهُ إلينا، ولَعَنَ اللهُ الذين كانوا يملكوننا من الروم، ولكن والله لو كانوا هم علينا ما ردُّوا علينا، ولكن غصبونا، وأخذوا ما قدَرُوا عليه من أموالنا، لَوِلايتُكُم وعدلُكم أحبُّ إلينا مما كنا فيه من الظلم والغُشْم*".
صلَّى المسلمون الفجر في حمص، وانطلقوا عائدين في اتجاه دمشق.
📔 المصادر : قصة الاسلام
📚 واحة التاريخ والحضارة
/channel/awaren
🔸 عندما انقد السلاجقة بغداد من سطوة العبيديين
كان "أبو الحارث أرسلان بن عبد الله التركي البساسيري" من جملة هؤلاء العساكر الترك، وقد قدم من وسط آسيا من مدينة "نسا" الشهيرة، فانخرط في سلك الجندية لدى الملك "بهاء الدولة بن عضد الدولة بن بويه" (379-403هـ/989-1021م)، وظهرت أول إشارة إليه في مصادر التاريخ سنة 425هـ/1033م عندما اشترك في قمع الاضطرابات التي قادها العرب بزعامة "بني مزْيَد" في غرب بغداد، واستطاع البساسيري أن يُبدي كفاءة وحنكة عسكرية كبيرة، فارتفع شأنه، ووثق فيه البويهيون، ورقوه في مناصب الجيش ومباشرة الحروب[2].
طغيان البساسيري ومشروعه الخطير
أعاد البساسيري سيرة الأتراك الأولى مع الخلفاء العباسيين، بعدما أعطته انتصاراته العسكرية القوة والمكانة، وأصبح المُتنفِّذ المطلق في شؤون العراق وأجزاء واسعة من إيران، فجُبيت له الأموال، مُستغِلا فترة ضعف البويهيين وانكفائهم وصراعهم على العرش والزعامة. استغل البساسيري هذه الانشقاقات العائلية ووحَّد صف العساكر التركية التي دانت له بالطاعة والتبعية والولاء، ما سمح له باكتساب نفوذ أكبر على الخلافة العباسية تحت حكم الخليفة "القائم بأمر الله" (422-467هـ/1031-1075م)، ثم ضيَّق على الوزير العباسي "ابن المسلمة"، حتى إن "الخطيب البغدادي" المعاصر لتلك الأحداث قال في حق البساسيري: "لم يكُن الخليفة القائم بأمر الله يقطعُ أمرا دونه، ولا يحل ويعقد إلا عن رأيه"[3].
لم يكن البساسيري مجرد قائد عسكري تركي يتطلَّع للنفوذ والزعامة، كما تطلَّع إليها مَن سبقوه، بل كان فوق ذلك يُدبِّر لمشروع خطير للغاية، يتمثَّل في إسقاط الخلافة العباسية.
حاول الخليفة القائم ووزيره ابن المسلمة أن يجدا حلا ومُتنفَّسا يبعد عنهما تحكُّم البساسيري وقوته العسكرية والسياسية الهائلة، فالتقى الخليفة سرا مجموعة من القادة العسكريين المناوئين للبساسيري في بغداد عام 446هـ/1054م، وهو ما اعتبره البساسيري عداء سافرا، ومؤامرة تُحاك للنيل منه، فأعلن العصيان المسلح، وخرج يسلب بعض النواحي القريبة من بغداد لترهيب الخليفة ووزيره[4].
لم يكن البساسيري مجرد قائد عسكري تركي يتطلَّع للنفوذ والزعامة، كما تطلَّع إليها مَن سبقوه، بل كان فوق ذلك يُدبِّر لمشروع خطير للغاية، يتمثَّل في إسقاط الخلافة العباسية، وإحلال الفاطميين الشيعة الذين حكموا مصر والشام مكانهم، وبدلا من أن تصبح بغداد عاصمة الإسلام السني، تصبح منذ تلك اللحظة عاصمة الإسلام الشيعي، وقد مضى في مشروعه مُستغِلا ما لديه من صلاحيات وقدرات عسكرية وسياسية واسعة.
من جهتهم، عمل الفاطميون وخليفتهم "المستنصر بالله" وفق إستراتيجية هادئة وخطيرة، وهي نشر الدعاة الفاطميين في الآفاق، لا سيما في مواطن النفوذ العباسي بالعراق وإيران والجزيرة العربية؛ لاستمالة الناس كافة إلى الدعوة الإسماعيلية، والاعتراف بالإمامة الفاطمية، وأحقيتها بالخلافة وزعامة الأمة من العباسيين الضعفاء، واستطاع داعي دُعاة الفاطميين الاتصال بالبساسيري وبعض الأمراء البويهيين[5] الذين دانوا بالمذهب الشيعي، فالتقى الفريقان على مصالحهما المشتركة.
أدرك العباسيون خطورة نشاط الدعاة الفاطميين الإسماعيلية في مناطق النفوذ السني، وأرسل الخليفة القائم بأمر الله إلى الأمير البويهي "أبي كاليجار" في مدينة شيراز يُهدِّده بالاستعانة بالسلاجقة إن لم يقتل هؤلاء الدعاة ويقبض على زعيمهم "هبة الله الشيرازي". وقد علم الشيرازي بمضمون الرسالة، ففرَّ هاربا صوب العراق حيث عمل خفية وبنشاط كبير، ثم إلى الشام، ومنها عاد إلى قلعة الإسماعيلية في ذلك الوقت؛ القاهرة الفاطمية[6]، بعدما آتت دعوته أُكلها وانضم كثير من الناس لهم في العراق وإيران، وعلى رأسهم "أبو الحارث البساسيري" القائد التركي الشيعي الثائر، وبعض من بني بويه.
الاستعانة بالقوة السلجوقية
أدرك الوزير العباسي ابن المسلمة هذه التطورات ومدى خطورتها على وجود الدولة العباسية، لا سيما في ظل ما يحوزه البساسيري من النفوذ، وما كانت تفعله العساكر التركية في بغداد من نهب وسرقة كلما أرادت ذلك. وكان الوزير عاقلا ذكيا، فاجتمع مع الخليفة القائم بأمر الله، وتباحثا معا فيما يجب أن يُتخذ قبل استفحال خطر البساسيري ومشروعه؛ إذ إن الخطوة التالية له كانت إما قتل الخليفة وإما عزله. ورأى الخليفة ووزيره أن مناطق وسط آسيا وخراسان وأجزاء واسعة من إيران صارت في يد قوة عسكرية تركية سُنية جديدة، أسقطت النفوذ الغزنوي من وسط آسيا وإيران وحلَّت محلهم، وأن الاستعانة بهم واجب الوقت.
كانت القوة الجديدة هي "السلاجقة"؛ تلك القبائل التركية التي دانت بالإسلام على المذهب السني منذ قرن تقريبا، واستطاعت تحت زعامة قائدَيْها "دُقاق" وابنه "سلجوق" أن تخرج من طور الرعي والتبعية إلى التنظيم وتأسيس الدولة، ثم الانتصار على الغزنويين والاستيلاء على ميراثهم الحضاري والجغرافي في آسيا الوسطى وخراسان.
دولة الاسلام في الهند
السلطان شمش الدين التتمش
كان مملوكاً لدى السلطان قطب الدين أيبك ثم أعتقه ووزوجه إبنته قبيل وفاته بقليل. استقل بسلطنة دلهي بعد وفاة قطب الدين عام 1211م بعد أن أظهر للأعيان والقضاة وثيقة إعتاقه.
أرسى الأسس لقيام ملك قوى وكان قد أقسم ألا يظلم أحد في سلطنته فأصدر مرسوماً بأن كل من لديه مظلمة يقف أمام الجامع الكبير بالمدينة بعد صلاة الجمعة مرتدياً ملابس ملونة مخالفاً عادة سكان دلهى وقتئذ الذين كانوا يرتدون عادة ملابس بيضاء يوم الجمعة وذلك حتى يراه فيعرف أنه مظلوم فينصفه، وأمر ببناء تمثالين لأسدين من الرخام على بوابة قصره وربط بينهما بسلسلة ملأى بالأجراس لكى يأتي من لديه مظلمة لا تحتمل الأنتظار فيهزها فيستيقظ السلطان من نومه ويخرج ويستمع إليه.
توفى عام 1229م / 626 هـ وتولى الحكم بعده ابنه الأكبرركن الدين فيروز شاه بن التتمش.
المماليك في الهند
يعد التمش المؤسس الحقيقي لدولة المماليك بـالهند ، وهو في الأصل مملوك اشتراه السلطان قطب الدين أيبك من غزنة، ومكنتّه مواهبه من تولي المناصب الكبيرة، وحظي بثقة سيده؛ فولاه رئاسة حرسه، ثم عهد إليه بإدارة بعض الولايات الهندية.
حكمه
تعرض ألتمش لمشاكل داخلية إثر توليه السلطة ولكنه استطاع التغلب عليها، خرج عليه تاج الدين يلدز واستقل بحكم غزنة، كما خرج عليه غياث الدين عواج الخلجي ـ والي البنغال من قبله ـ أكثر من مرة وأعلن استقلاله عندلهي، وكذلك فعل ناصر الدين قباجة، ولكن ألتتمش تمكن من القضاء عليهم. واكتسب حكمه الصفة الشرعية حينما أرسل إليه الخليفة العباسي المنتصر بالله تقليدا بحكم دولة الإسلام في الهند سنة 626هـ، 1228م، وكان لهذا الإجراء أثره الكبير في تقوية دولته، فخرج للقضاء على خصومه من راجات الهند الذين انتهزوا فرصة انشغاله بمشاكله الداخلية فاستقلوا ببلدانهم، فانتصر عليهم وأعاد ما سلبوه منه.
وما إن أمسك إلتتمش بمقاليد الأمور في البلاد حتى كشف عن كفاءة نادرة وقدرة على الإدارة والتنظيم، ورغبة في إقامة العدل وإنصاف المظلومين، فينسب إليه أنه قام بتأسيس مجلس من كبار أمراء المماليك عُرف باسم «الأربعين» لمعاونته في إدارة البلاد، ويُؤثَر عنه أنه أمر أن يلبس كل مظلوم ثوبا مصبوغا، وكان أهل الهند جميعا يلبسون الأبيض، فإذا قعد للناس أو مرّ على جمع من الناس، فرأى أحدا يرتدي ثوبا مصبوغا؛ نظر في قضيته وأنصفه ممن ظلمه.
سلطان دلهي
وبلغ الفوز مداه بأن اعترفت الخلافة العباسية بولايته علىالهند، وأقرّته سلطانا على البلاد، وبعث له الخليفة المستنصر بالله العباسي بالتقليد والخلع والألوية في سنة (626هـ=1229 م) فأصبح أول سلطان في الهند يتسلم مثل هذا التقليد، وبدأ في ضرب نقود فضية نُقش عليها اسمه بجوار اسم الخليفة العباسي، فكانت أول نقود فضية عربية خالصة تُضرب في الهند.
خطر المغول
وقد عاصر إلتتمش اجتياح المغول المدمّر لما حولهم من البلاد بقيادة زعيمهم جنكيز خان، غير أن المغول انسحبوا سريعا من الهند، واتجهت أبصارهم نحو الغرب؛ فنجت بلاد التمش من الخراب والدمار، في حين تكفّل هذا الإعصار المغولي بالقضاء على أعداء دولته في الشمال؛ الأمر الذي مكّنه من توسيع رقعة بلاده، وأن يستعيد جميع ممتلكات سيده «قطب الدين أيبك» في شمال الهند.
وفاته وذكراه
توفي ألتمش بعد أن وطَّد نفوذه وسلطانه في دولة المماليك في الهند، وترك تنظيمًا إداريًا قويًا، وأرسى مبادئ العدالة. وأنفق أموالاً ضخمة في كتابة نسخ كثيرة من القرآن الكريم، وأسس العديد من المدارس وزيّن بلاطه بالشعراء والعلماء، وجعل عاصمته مركزًا مهمًا للعلوم والآداب، وأولى الفن المعماري عناية كبيرة، فأتم بناء مسجد قطب الدين أيبك في دلهي، وشيد مسجدًا آخر في أجمير.
/channel/awaren
في أيام صلاح الدين الايوبي، كان في احد أبواب قلعة دمشق صنبورا يسيل منه الحليب لمن اراد مجانا
.📚من روائع حضارتنا -مصطفى السباعي
لقد كان النفوذ البويهي الشيعي مسيطراً على بغداد والخليفة العباسي، فبعد أن أزال السلاجقة الدولة البويهية من بغداد ودخل سلطانهم طغرل بك إلى عاصمة الخلافة العباسية استقبله الخليفة العباسي القائم بأمر الله استقبالاً عظيماً وخلع عليه خلعة سنية وأجلسه إلى جواره، وأغدق عليه ألقاب التعظيم، ومن جملتها أنه لقب بالسلطان ركن الدين طغرل بك، كما أصدر الخليفة العباسي أمره بأن ينقش اسم السلطان طغرل بك على العملة، ويذكر اسمه في الخطبة في مساجد بغداد وغيرها؛ مما زاد من شأن السلاجقة.
📚 واحة التاريخ والحضارة
/channel/awaren
مًا، كما كانت أكثرها دلالة على حُسن سياسته وفهمه الرائع لكيفية سير الأمور.
كان يمكن لعبد الرحمن الناصر أن يركن لهذا التقدم وهذا النصر المهم؛ فلقد شغلهم بسَبْتَة عن الأندلس، إلا أن الرجل كان قد عزم على أن يمضي في طريقه إلى النهاية، وألا تضعف همته أو تفتر، فراسل الحسن بن أبي العيش بن إدريس العلوي حاكم طَنْجَة لينزل له عن طَنْجَة؛ لتكتمل بذلك سيطرته على رأس العدوة، فرفض ابن أبي العيش ذلك، فحاصره أسطول الأندلس، وضيَّق عليه حتى اضطره إلى التسليم .
وفي سنة (319هـ) -أيضًا- أرسل إليه موسى بنُ أبي العافية أمير مِكْنَاسَة يحالفه ويدخل في طاعته، ويَعِدُه بالدعوة له في المغرب، وبتقريب أهل المغرب وزعمائهم منه، فتَقَبَّله عبد الرحمن أحسن قبول، وأمدَّه بالمال، وساعده في حروبه في المغرب؛ ليُقَوِّيَ مركزه وبادر على إثر ذلك زعماء الأمازيغ (البربر) من الأدارسة وزناتة إلى طاعة عبد الرحمن الناصر والدعاء له على المنابر، وامتدَّ نفوذه إلى تاهرت، وفاس.
وفي سنة (323هـ) أرسل القائم العبيدي جيشًا بقيادة ميسور الصقلبي إلى موسى بن أبي العافية، ودارت بينهما عدة معارك انهزم فيها موسى بن أبي العافية، وهرب إلى الصحراء، ثم استنجد بالناصر فأنجده، وهُزم العبيديون، وعاد لموسى بن أبي العافية ملكه في المغرب وقوي أمره ، كما قوي نفوذ الناصر لدين الله هناك؛ حتى إن مَنْ ثاروا على الدولة العبيدية في المغرب كانوا يُراسلونه ويعترفون له بأنه الأحق بالولاية، وكان عبد الرحمن الناصر يصلهم ويُحْسِنُ إليهم . كل هذا والمعركة دائرة في المغرب، فلمَّا قويت شوكة العبيديين في المغرب، وتغلَّبُوا على ما قام عليهم من ثورات، أقدم المعز لدين الله العبيدي على ما يُشبه جسَّ نبض عبد الرحمن الناصر، فأمر أسطوله بضرب سواحل الأندلس، وبالفعل هاجمت سفن العبيديين ثغر ألمَرِيَّة سنة (344هـ)، وأحرقت ما فيه من سفن، وخَرَّبت كل ما استطاعت تخريبه، فكان ردُّ عبد الرحمن الناصر عليهم عنيفًا؛ إذ أمر فخرج أسطوله إلى سواحل الدولة العبيدية، وردَّ لهم الصاع صاعين، وعادوا سنة (345هـ) ، فعلم العبيديون أنه لا طاقة لهم بالأندلس، فلم يُعيدوا الكَرَّة.
وفي سنة (347هـ) اجتاحت قوات العبيديين بقيادة جوهر الصقلي المغرب الأقصى، ودخلت فاس وقتلت عامل عبد الرحمن الناصر عليها، فأسرع عبد الرحمن الناصر بتجريد حملة أندلسية عبرت إلى المغرب، واستطاعت ردَّ العبيديين على أعقابهم .
ثم لم يلبث عبد الرحمن الناصر أن مرض سنة (349هـ)، ثم توفي –رحمه الله- سنة (350هـ)
📚 واحة التاريخ والحضارة
/channel/awaren
🔸 أفعال العبيديين بعد احتلال مصر
رأى الفاطميون بعد أن امتد نفوذهم في بلاد المغرب، أن هذه البلاد لا تصلح لتكون مركزًا لدولتهم، ففضلاً عن ضعف مواردها كان يسودها الاضطراب من حين لآخر، لذلك اتجهت أنظارهم إلى مصر لوفرة ثرواتها وقربها من بلاد المشرق الأمر الذي يجعلها صالحة لإقامة دولة مستقلة تنافس العباسيين (د. جمال الدين سرور (الدولة الفاطمية في مصر) ص59). وقد وجه الفاطميون أكثر من حملة للاستيلاء على مصر بدءًا من (301- وحتى 350هـ) وفي سنة (358)هـ عهد الخليفة الفاطمي إلى جوهر الصقلي كتابًا بالأمان وفيه: "... أن يظل المصريون على مذهبهم أي لا يلزمون بالتحول إلى المذهب الشيعي، وأن يجري الأذان والصلاة وصيام شهر رمضان وفطره والزكاة والحج والجهاد على ما ورد في كتاب الله ورسوله" (المقريزي (اتعاظ الحنفا) ص148).
ولم يكن كتاب جوهر لأهل مصر إلا مجرد مهادنة، وعندما وصل الخليفة المعز لدين الله الفاطمي إلى القاهرة في سنة (362)هـ ركز اهتمامه في تحويل المصريين إلى المذهب الشيعي، واتبعت الخلافة الفاطمية في ذاك عدة طرق منها: إسناد المناصب العليا وخاصة القضاء إلى الشيعيين، واتخاذ المساجد الكبيرة مراكز للدعاية الفاطمية، كالجامع الأزهر وجامع عمرو ومسجد أحمد بن طولون (القلقشندي (صبح الأعشى في صناعة الإنشاء) [3/483]).
كذلك أمعن الشيعة الفاطميون في إظهارهم شعائرهم المخالفة لشعائر أهل السنة، الآذان بحي على خير العمل، والاحتفال بيوم العاشر من المحرم الذي قتل فيه الحسين بكربلاء (المقريزي (الخطط والآثار) [1/389]).
وكان الفاطميون لا يقتصرون في تهييج أهل السنة على إقامة الشعائر الشيعية بل كانوا يرغمون أهل السنة ويعتدون عليهم ليشاركوهم طقوسهم. قال المقريزي: "وفي العاشر من المحرم سنة (363)هـ سار جماعة من المصريين الشيعيين والمغاربة في موكبهم ينوحون ويبكون على الحسين، وصاروا يعتدون على كل من لم يشاركهم في مظاهر الأسى والحزن مما أدى إلى تعطيل حركة الأسواق وقيام القلائل" (المقريزي (اتعاظ الحنفا) ص198).
ولما آلت الخلافة إلى العزيز سنة (365)هـ عني كأبيه المعز بنشر المذهب الشيعي وحتم على القضاة أن يصدروا أحكامهم وفق المذهب الشيعي كما قصر المناصب الهامة على الشيعيين، وأصبح لزامًا على الموظفين السنيين الذين تقلدوا بعض المناصب الصغيرة أن يسيروا طبقًا لأحكام المذهب الإسماعيلي، وإذا ما ثبت على أحدهم التقصير في مراعاتها عزل عن وظيفته، وكان ذلك مما دفع الكثيرين من الموظفين السنيين إلى اعتناق المذهب الفاطمي (المقريزي (الخطط والآثار) [2/486]).
لما قبض الحاكم بأمر الله زمام الأمور عمد إلى إصدار كثير من الأوامر والقوانين المبنية على التعصب الشديد للمذهب الفاطمي، فأمر في سنة (395)هـ بنقش سب الصحابة على جدران المساجد وفي الأسواق والشوارع والدروب وصدرت الأوامر إلى العمال في البلاد المصرية بمراعاة ذلك (ابن خلكان (وفيات الأعيان) [2/166]).
ومن الأسماء الشيعية الشهيرة في العصر الفاطمي وزير الخليفة الفاطمي المستنصر الذي كان يسمى بدر الجمالي، وكان مغاليًا في مذهب الشيعة فأظهر روح العداء والكراهة إزاء أهل السنة فجدد ما كان من أوامر بلعن الصحابة وإضافة عبارة -حي على خير العمل- للأذان وغير ذلك (أبو المحاسن ابن تغري بردي (النجوم الزاهرة في أخبار ملوك مصر والقاهرة) [5/120]) بتصرف.
وبرغم ما فعلت الخلافة الفاطمية من محاولات للقضاء على أهل السنة ومذهبهم إلا أن المذهب السني ظل محتفظًا بقوته رغم تحول بعض المصريين إلى المذهب الفاطمي. ولم يؤثر أن الخلافة الفاطمية قامت بغزو أو عمليات عسكرية ضد الفرنجة لتوطيد أركان الإسلام، بل الثابت تاريخيًّا أنهم كانوا حربًا على أهل الإسلام سلمًا على أعدائه، فهم يضيقون الخناق على أهل السنة ويجيشون الجيوش لإرغامهم على التشيع، بينما هم مع الفرنجة سلم لهم، بل يستنجدون بهم على أهل السنة وغير ذلك.
📚 واحة التاريخ والحضارة
/channel/awaren
🔸 هل كان المسلمون الأوائل يحاسبون حكامهم ؟
أكانَ المسلمون الأوائل يُحاسبون حكامهم كما تدّعي؟! فإني أقول لكَ: أجل كانوا يفعلون! وسآتيك من الأدلة بما يرضيك! *ولكن دعني أخبركَ أولاً أنّ البيعة في الشريعة بإجماع الفقهاء هي عقد تُوكل الأمة بموجبه رجلاً منها ليدير شؤونها، ويسهر على مصالحها، ويُدافع عن حدودها، ويقسمُ أموالها بينها، وأنه بهذا المفهوم موظّف عند الأمة وليست هي موظفة عنده! وأنه بإجماع الفقهاء أيضاً ليس له من مال الأمة إلا راتبه الذي يتقاضاه نظير الوظيفة التي يقوم بها فإن أخذ فوق هذا فهو سارق! وأنّ الطاعة بالمعروف له وحده، فمصطلح العائلة المالكة ليس له وجود في الإسلام!*
نعودُ إلى موضوع المحاسبة، وأضربُ لكَ مثالين، *أحدهما في محاسبة الحاكم في المال العام، والثّاني في محاسبة الحاكم في التشريع وسنّ القوانين،* والحادثتان قد وقعتا مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فإن كان عمر قد حُوسب فلا عصمة لمن دونه، وحكامنا لو اجتمعوا في رجلٍ واحدٍ لكان دونه!
*روى ابن القيّم في أعلام الموقّعين، أنّ عمر بن الخطاب أتته ثياب من اليمن فوزّعها على المسلمين ثوباً ثوباً، وأخذ هو ثوباً فهو رجلٌ من المسلمين، ولما كان يوم الجمعة، صعد المنبر وقال: أيها النّاس: اسمعوا وأطيعوا.*
فوقف سلمان الفارسيّ وقال له: واللهِ لا نسمعُ ولا نُطيع!
فقال عمر: ولمَ يا سلمان؟!
فقال سلمان: تلبسُ ثوبين، وتُعطينا ثوباً واحداً!
فقال عمر: يا عبد الله بن عمر، أجِبْ سلمان!
فقام عبد الله وقال: إنّ أبي رجلٌ طويل القامة، عظيم البنية، ولما لبس ثوبه كان عليه قصيراً، فأعطيته ثوبي، فوصله به، فصار كما ترى!
فقال سلمان: *الآن قُلْ نسمع، وأمرْ نُطِعْ!*
*وإنّكَ لا تعرفُ لمن تعجب، لسلمان يُحاسبُ رئيس الدولة في متر قماش! أم لرئيس الدولة الذي لا يرى نفسه فوق القانون والمحاسبة فيردُّ التهمة عن نفسه! أم لهيئة كبار الصحابة التي لم تتزلفْ لرئيس الدولة وتتهم سلمان بأنّه من الخوارج!*
هذه محاسبة في المال العام، وإليكَ المحاسبة في التشريع وسنّ القوانين!
لمّا رأى عمرُ النّاسَ يُغالون في المُهور أراد أن يُحددها ليُسهّل أمور الزّواج، فصعد المنبر، وسنّ قانوناً جديداً يقضي بتحديد المهور، فقامتْ الشّفاء بنت عبد الله وقالت له: لا يحلُّ هذا لكَ يا أمير المؤمنين! إنّ الله قال: " وإن أردتم استبدال زوجٍ مكان زوجٍ وآتيتم إحداهنّ قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً... " فإذا كان الله قد أطلقه، فبأي حقّ تحدده أنتَ؟!
*فقال عمر: أصابت امرأة وأخطأ عُمر!*
*ولا تدري أيضاً لم تعجب، للمرأة التي لم تقبل أن يُخالف قانون الدولة المصحف، أم لعمر الوقّاف عند الحقّ، أم لهيئة كبار الصحابة التي لم تتزلف لعمر وتقول له: امضِ بما أنتِ فيه فإنها ناقصة عقل ودين!*
كذبوا علينا إذ أخبرونا أنّ الناس موظفون عند وليّ الأمر، *والحقيقية أنّ وليّ الأمر موظّف عند النّاس*، وكذبوا علينا إذ أخبرونا أن محاسبة ولي الأمر جهاراً نهاراً معصية لله ورسوله، والحقيقة أنها رأس الدين، لأنّ فساد السياسة فساد للدنيا والدين،
وقد قال صاحب الشريعة: *"سيّد الشهداء حمزة، ورجل قام إلى حاكم ظالمٍ فأمره ونهاه فقتله"!*
وكذبوا علينا إذ أخبرونا أنّ أموال الأمة هي ما تبقى بعد ما أخذ الحاكم ما شاء منها، والحقيقة أنّه ليس له إلا راتبه،
*وكذبوا علينا إذ أخبرونا أنّ الذين يقفون ضدّ أخطاء الحكام يكرهون أوطانهم، والحقيقة أنّ هؤلاء هم الذين يحبونها حقاً!*
ادهم الشرقاوي
/channel/awaren
دام القرامطة الملاحدة من ٢٧٧ - ٤٧٠هـ وقد عانى المسلمون منهم أشد المعاناة قتلا وهدما للأخلاق والإباحية والقضاء على الإسلام وتعطيل والحج..
Читать полностью….
ولكن لا يمكن القول إن البويهيين كانوا شيعة إثنى عشرية، كما حاول كتاب ومؤرخو هذه الطائفة فيما بعد إثبات هذا الادعاء بحجج واهية[8]، والراجح لدينا وعند المحققين من المؤرخين أنهم كانوا شيعة زيدية، وقد حصل بينهم وبين العبيديين (الفاطميون) تقارب كبير وصل إلى درجة التحالف، ولكن مع ذلك فإن البويهيين كان تشيعهم تشيعاً سياسياً ولم يكن تشيعاً عقدياً، ولا نستبعد أن يكون هؤلاء قد ركبوا موجة التشيع التي بدأت تظهر نتيجة لضعف الخلافة العباسية من جهة، وظهور دول شيعية في أقاليم عديدة من العالم الإسلامي في ذلك الوقت، والذي يعضد ما ذهبنا إليه ما ذكره ابن الجوزي عن أحد القرامطة قوله: «لو فطنا لما فطن له ابن بويه الديلمي، لاستقامت أمورنا، وذلك أنه ترك المذاهب جانباً، وطلب الغلبة والملك، فأطاعه الناس»[9].
على كل حال، لم يكن للتشيع ذكر في بغداد إلا مع دخول البويهيين دار الخلافة وسيطرتهم على مقدراتها، وقد ظهر التسلط الشيعي الطائفي على السنة واضحاً جلياً خلال حقبة حكمهم، ويمكن ملاحظة ذلك على صعيدين: عام وخاص.
:: مجلة البيان العدد 349 رمــضــان 1437هـ، يـونـيـو 2016م.
📚 واحة التاريخ والحضارة
/channel/awaren
🔸 سنة الاستبدال الالهي على المستوى العام لأمة الاسلام
عندما سيطر الرافضة على قلب العالم الإسلامي وتآمروا مع الروم ضد المسلمين
فقدت الامة في القرن الرابع الهجري مساحات شاسعة لحساب الروم بسبب تواطؤ العبيديين وقطع البويهيين المدد عن الثغور وهنا يحدث الاستبدال الإلهي .
سنة الله التي لاتتغير ولا تتبدل (وان تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لايكونوا أمثالكم) فيورد المؤرخون في اخبار سنة 349هـ خبرا عميق المغزى والدلالة
قالوا:(وفي هذه السنة أسلم من الأتراك نحو مائتي الف خركاة) والخركاة كلمة تركية معناها خيمة وبعض الخيام يعيش فيها 30 نسمة أي اسلم منهم عدة ملايين وكانوا امة بدوية محاربة بطبيعتها يشبهون العرب عند مبعث محمد صلى الله عليه وسلم وقداعتنقوا الاسلام على عقيدة اهل السنة وتحمسوا لنصرة الاسلام .
وهولاء الاتراك هم الغز وكان زعيمهم هو سلجوق بن دقاق الذي تنسب اليه دولة السلاجقة وتمكن ابناؤه واحفاده من تكوين دولة كبيرة نصرت السنة نصرا مؤزرا .
✍ بقلم : أ.د . علي محمد عوده الغامدي .
📚 واحة التاريخ والحضارة 👇
/channel/awaren
المعركة إحدى المعارك الكبرى الفاصلة في التاريخ الإسلامي ونقطة النهاية لدولة الغزنويين حيث هزموا فيها هزيمة كبيرة، وكان ذلك عام 431 ﻫ، توفي بعدها بعام فقط أي في عام 432 السلطان مسعود، فخلفه ابنه مودود ولكن الغزنويين ضعفوا ضعفًا شديدًا بعد خسارتهم لجيوشهم والعديد من ممتلكاتهم. وهزم مسعود نفسيًا وعسكريًا فلم يقدم على أية مقاومة وانسحب تمامًا إلى الهند. وانتهى اسم دولته بعد أن استولى الغوريون على أملاكها هناك سنة 582 ﻫ.
بينما سجلت معركة دَنَدانقان بالنسبة للسلاجقة نقطة ميلاد لأكبر قوة في خراسان وتم تنصيب طغرل بك سلطانًا وتمت مبايعته. ثم ما لبث أن أرسل السلطان الأول للدولة السلجوقية رسائل إلى أمرائه المجاورين له يعلمهم بخبر انتصاره وتسلطنه. وطاردت قواته الغزنويين المنهزمين إلى غاية شواطئ نهر جيحون لإجبارهم على الهرب إلى ما وراء النهر.
وتقاسم قادة السلاجقة الأرض، واستفرد كل قائد بمملكته وكان هدفهم الإحاطة بالسلطنة الغزنوية ومنعها من محاولة استعادة خراسان ثم تأمين فتح طريق جيحون من أجل قدوم مهاجرين غز جدد [9].
وساهمت الغنائم التي حصلوا عليها من معركة دندانقان لكثرتها في تمديد توسعهم، وكلما ازدادت قوتهم كلما التحقت بهم جيوشهم المتفرقة من أطراف خراسان وأضحت قوتهم مضرب الأمثال.
كل ذلك دفع الأخوان جغري بك وطغرل بك للاجتماع مع عمهما موسى بن سلجوق المعروف باسم بيغو وأبناء أعمامهم وكبار السلاجقة وقاداتهم، وتعاهدوا على الاتحاد معًا، يقول الراوندي: “ولقد سمعت أن طغرل بك أعطى لأخيه سهمًا وقال له: اكسره. فتناول أخوه السهم وكسره في هوادة، ثم جمع له سهمين فكسرهما أيضًا في هوادة ثم أعطاه ثلاثة فكسرهما بصعوبة، فلما بلغ عدد السهام أربعة تعذر عليه كسرها، فقال له طغرل بك: إن مثلنا مثل ذلك فإذا تفرقنا هان لأقل الناس كسرنا وأما إذا اجتمعنا فلا يستطيع أحد أن يظفر بنا، فإذا نشأ خلاف بيننا لم يتيسر لنا فتح العالم، وتغلب علينا الأعداء وذهب الملك من أيدينا”[10].
وجدد السلاجقة العهد لطغرل بك كقائد أعلى لجيوشهم وسلطان لهم على دولتهم، مع أن أخوه جغري بك كان أكبر سنًا إلا أن طغرل بك تميز بشجاعته النادرة وقوة شخصيته مع تدين ملحوظ وذكاء حاد.
وباجتماع السلاجقة على زعامة طغرل بك، باشر مهامه السياسية والقيادية والإدارية لأول مرة في عام 429 ﻫ وسجل هذا التاريخ محطة البداية الفعلية لقيام الدولة السلجوقية في خراسان، واعترف به الخليفة العباسي في عام 432 ﻫ
📔 موقع أمة بوست
📚 واحة التاريخ والحضارة
/channel/awaren
هذة الخريطة توضح تفكك الخلافة العباسية في عصرها الثاني، تجد ان
🔅الاخشيديون يبسطون سيطرتهم على مصر والشام ومقرهم مدينة القطائع في مصر واستمر حكمهم حتى ٣٥٨هـ
🔅 الفاطميون يمتد نفودهم من المحيط الاطلسي حتى حدود مصر الغربية مقرهم في تونس هم رافضة باطنية
🔅 القرامطة الباطنية يحكمون شبة الجزيرة العربية بستثناء عمان التي يحكمها الخوارج الإباضية واليمن التي يحكمها بني يعفر وبني زياد التابعين اسميا للخلافة
🔅 بلاد فارس والاحواز تحكمها الدولة البويهية الشيعية التي سيطرت فيما بعد على العراق وأبقت الخلفاء تحت هيمنتها
🔅 بلاد السند وسجستان وخراسان يحكمها الغزنونيين الاتراك ومقرهم مدينة غزنة
🔅 بلاد تركستان تحت سيطرت الدولة السامانية وعاصمتهم مدينة بخارى وانتهت هذه الدولة على يد الغزنونيين سنة ٣٨٢ هـ
🔸مجاهدٌ عبر بالإسلام في الأندلس من "فرنسا" إلى "إيطاليا"!!
● إنه عقبة بن الحجاج - رحمه الله -، كان واليًا على الأندلس، بعد أن خيَّره بن الحبحاب - والي الدولة الأموية على مصر وما ورائها غربًا - أن يلي ما شاء من ولايته، فاختار الأندلس؛ لأنها أرضُ جهاد.
● كان عقبة عاشقًا للجهاد في سبيل الله، فقد شن - رحمه الله - حملاتٍ سنوية على المناطق الشمالية من الأندلس حيث بلاد الإفرنج، ففتح بنبلونه Pamplona وأسكنها المسلمين، وجليقية، وكذلك ثبَّت أقدام المسلمين في بروفنس (وهي قائمة حاليًا بجنوب شرق فرنسا)، وأقام فيها الحاميات وحشدها بالمقاتلين، حتى بلغت سكنى المسلمين مدينة أربونة.
⬅️ثم سار بجيوشه فاستولى على دوفينيه، وفتح مدينة سان بول واحتل منطقة فالانس ومنطقة فيين بفرنسا، وأعاد فتح ليون واتخذها قاعدة لمهاجمة منطقة بورغونيه Bourgogne، حتى بلغ إقليم بيدمونت بشمال إيطاليا.
■ لما رأى كارل مارتل ذلك، جيش الجيوش لمقاومت عقبة، فحاصر أفينيون وانتزعها من المسلمين، ثم هاجم أربونة وحاصرها وخرب أجزاء كثيرة منها دون أن يستطيع انتزاعها من المسلمين..
⚠️غضب عقبة، وثارت ثائرة المجاهد، وحاول استردادها من جديد، فاخترق المناطقَ التي كان وصل إليها عبد الرحمن الغافقي من قبل في معركة بلاط الشهداء 114هـ، بل أبعد من ذلك، فحشد جيشه وحصن أربونة وعمرها بالمجاهدين، ثم أعاد فتح بروفانس ودوفينيه وليون، وبلغت جيوشه جنوة وبورغونية وجبال الڤوسچ في شمال شرق فرنسا.
♡● ويعد عقبة بن الحجاج السلولي آخر القادة الذين توقف عندهم الجهاد في الجنوب الفرنسي، فلم يصل مجاهد إلى أبعد ما وصل إليه في أوروبا، وهو آخرُ الولاة الأقوياء في الأندلس.
○● كان عقبة - رحمه الله - إذا أسر الأسير لم يقتله بل يعلمه الإسلام ويعضه عليه بنفسه، فأسلم على يديه ألفُ أسير، وكان صاحبَ بأسٍ ونجدة، ونكايةٍ للعدو وشدة، وقد وصفه المقري المؤرخ بأنه: «كان محمودَ السيرة، مجاهدًا مظفَّرًا»، وقد توفي رحمه الله عام 123هـ.
/channel/awaren
☀️ أقوال
ﺳَﻴَﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺭﺣِﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤِﺤﻨﺔ ﺟِﻴﻼً ﻛﺎﻣﻼً ﻻ ﻳَﺮى ﻏﺎﻳَﺔ ﺇﻻّ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻭﻻ ﻳَﺮﻓَﻊ ﺷِﻌﺎﺭﺍً ﺳِﻮى ﺍﻟﻨّﺼﺮَ ﺃﻭ ﺍﻟﺸَﻬﺎﺩَة..!"
✍ المفكر سيد قطب
.
من سيحرر الأقصى؟
لن يُحرِّر المسجد الأقصى الجيوش والمفاوضات.. لن يُحرِّرها إلا شبابٌ يتربّى على عقيدة لا إله إلا الله في معسكر التوحيد!
✍ عبد الحميد كشك
.
إن زوال إسرائيل قد يسبقه زوال أنظمة عربية عاشت تضحك على شعوبها، ودمار مجتمعات عربية فرضت على نفسها الوهم والوهن.
✍ الامام محمد الغزالي
/channel/awaren
ومن هناك انطلق السلاجقة في طور التمدُّد للاستيلاء على إيران بزعامة سلطانهم الجديد "طُغرل بك بن سلجوق" (429-455هـ/1063-1073م)، وبينما هم على هذه الحالة من الانتصار والتوسُّع؛ إذ جاءتهم رسائل استغاثة الخليفة القائم بأمر الله من بغداد، تشرح لهم الأوضاع السياسية[7]، وتحضُّهم على الدفاع عن مقام الخلافة أمام مؤامرة شيعية فاطمية تُدبَّر بأيادٍ تركية خائنة للخليفة.
انتهز طغرل بك هذه الفرصة الذهبية، وسار من همذان إلى بغداد عام 447هـ/1055م، فوصلها في شهر رمضان مُظهِرا السفر للحج، وكان على رأس مستقبليه الوزير ابن المسلمة، وكبار أعيان بغداد من العلماء والسادة والجنود وغيرهم، وكان البساسيري آنذاك في طور العصيان المسلح كما أسلفنا، وعلى أهبة الاستعداد لدخول بغداد واقتحامها، وحين أدرك أن السلاجقة حطوا رحالهم في بغداد، اتجه شمالا صوب مدينة واسط، ومنها إلى مدينة الرحبة على نهر الفرات حيث أخذ يُدبِّر خططه، واقفا في الوقت ذاته على الحدود مع بلاد الشام التي حكمها داعموه ومؤيدوه من الفاطميين.
دخل طغرل بك بغداد في الأخير، وبعد مشادات بسيطة وقعت بسبب سوء التفاهم بين عامة بغداد وعساكر السلاجقة، التقى بالخليفة القائم بأمر الله، الذي فرح به وأيقن أنه مُنقِذ العباسيين، ولهذا السبب أعلنه الخليفة القائم "سلطانا" على كل ما تحت يديه وما سيفتحه الله عليه، ثم ما لبثت العلاقة بين الخليفة والسلطان أن ازدادت قوة حين تزوج طغرل بك ابنة الخليفة القائم بأمر الله.
يتبع....
📚 واحة التاريخ والحضارة
/channel/awaren
عندما أنقد السلاجقة بغداد من سطوة العبيديين
Читать полностью…🔸قصة الشدة المستنصرية في مصر
شاءت الأقدار أن لا تقتصر معاناة البلاد على اختلال الإدارة والفوضى السياسية، فجاء نقصان منسوب مياه النيل ليضيف إلى البلاد أزمة عاتية، وتكرر هذا النقصان ليصيب البلاد بكارثة كبرى ومجاعة داهية امتدت لسبع سنوات متصلة من (457هـ = 1065م) إلى سنة (464=1071م)، وعُرفت هذه المجاعة بالشدة المستنصرية أو الشدة العظمى.
وقد أفاض المؤرخون فيما أصاب الناس من جراء هذه المجاعة من تعذر وجود الأقوات وغلاء الأسعار، حتى ليباع الرغيف بخمسة عشر دينارًا، واضطرار الناس إلى أكل الميتة من الكلاب والقطط، والبحث عنها لشرائها، بل إن بعض المؤرخين ذكروا أكل الناس جثث من مات منهم، وصاحب هذه المجاعة انتشار الأوبئة والأمراض التي فتكت بالناس حتى قيل: إنه كان يموت بمصر عشرة آلاف نفس، ولم يعد يرى في الأسواق أحد، ولم تجد الأرض من يزرعها، وباع الخليفة المستنصر ممتلكاته، ونزحت أمه وبناته إلى بغداد، وساء به الحال حتى أن بعضهم ممن كانوا في بعض اليسر كان يتصدّق عليه بما يأكل في يومه.
وروى المؤرخين حوادث يشيب لها الولدان فلقد تصحرت الأرض وهلك الحرث والنسل وخطف الخبز من على رؤس الخبازين وأكل الناس القطط والكلاب حتى أن بغلة وزير الخليفة الذي ذهب لتحقيق في حادثة أكلوها وجاع الخليفة نفسه حتى أنه باع ما على مقابر أبائه من رخام وتصدقت عليه ابنة أحد علماء زمانه وخرجت النساء جياع صوب بغداد وذكر ابن إياس أن الناس أكلت الميتة وأخذوا في أكل الأحياء وصنعت الخطاطيف والكلاليب لإصطياد المارة بالشوارع من فوق الأسطح وتراجع سكان مصر لأقل معدل في تاريخها ويذكر أن الخليفة المستنصر قد امتدت فترة حكمه للستين عاماً.
ويقول المقريزي في كتاب إتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفا:
ظهر الغلاء بمصر واشتد جوع الناس لقلة الأقوات في الأعمال وكثرة الفسادوأكل الناس الجيفة والميتات ووقفوا في الطرقات فقتلوا من ظفروا به وبيعت البيضة من بيض الدجاج بعشرة قراريط وبلغت رواية الماء دينارا وبيع دار ثمنها تسعمائة دينار بتسعين ديناراً اشترى بها دون تليس دقيق وعم مع الغلاء وباء شديد وشمل الخوف من العسكرية وفساد العبيد فانقطعت الطرقات براً وبحراً إلا بالخفارة الكبيرة مع ركوب الغرر وبيع رغيف من الخبز زنته رطل في زقاق القناديل كما تباع التحف والطرق في النداء: خراج ! خراج ! فبلغ أربعة عشر درهما وبيع أردب قمح بثمانين ديناراً. ثم عدم ذلك كله، وأكلت الكلاب والقطط، فبيع كلب ليؤكل بخمسة دنانير.
وفيها تصحرت الأرض وهلك الحرث والنسل وخطف الخبز من على رؤس الخبازين وأكل الناس القطط والكلاب حتى أن بغلة وزير الخليفة الذي ذهب للتحقيق في حادثة أكلوها وجاع الخليفة نفسة حتى أنه باع ماعلى مقابر أبائه من رخام وتصدقت عليه أبنة أحد علماء زمانه وخرجت النساء جياع يتظاهرن.
نشرت مجلة تايم الأمريكية عام 1947 تحقيقا صحفيا جاء فيه أن أول مظاهرة نسائية في العالم قامت بها سيدات مصريات في عهد الخليفة الفاطمى المستنصر بالله حين جفت مياه النيل ، وأن قائدة المظاهرة كانت أرملة الأمير جعفر إبن هشام ، وبالبحث عن ما ذكرته الـ تايم وجدت الواقعة المذكورة في كتاب المقريزى وفيها كتب يقول .. ومن غريب ما وقع ، أن إمراءة من أرباب البيوتات أخذت عقدا لها قيمته ألف دينار، وعرضته على جماعة في أن يعطوها به دقيقا ، وكل يعتذر إليها ويدفعها عن نفسه إلى أن يرفعها بعض الناس ، وباعها تليس " شوال " دقيق ، وكانت تسكن بالقاهرة ، فلما أخذته أعطته لمن يحميه من النهابة " اللصوص " في الطريق ، فلما وصلت إلى باب زويلة تسلمته من الحماه له ومشت به قليلا ، فتكاثر الناس عليها وإنتهبوه نهبا ، فأخذت هى أيضا مع الناس ملء يديها لم ينبها غيره ، ثم عجنته وشوته ، فلما صار قرصة أخذتها معها ، وتوصلت إلى أحد أبواب القصر ، ووقفت على مكان مرتفع ، رفعت القرصة على يديها بحيث يراه الناس ، ونادت بأعلى صوتها : يا أهل القاهرة .. إدعوا لمولانا المستنصر الذى أسعد الله الناس بأيامه ، وأعاد عليهم بركات حسن نظره حتى تقومت " حصلت " على هذه القرصة بألف دينار " فلما إتصل به " وصل الخبر للحاكم " ذلك إمتعض ، وقدح فيه " عابه " ، وأحضر الوالى وتهدده وتوعده ، وأقسم له بالله جلت قدرته أنه إن لم يظهر الخبز في الأسواق، وينحل "يرخص" السعر ضرب رقبته.
📖 المصادر
^ ابن تغري بردي. النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة.^ ابن إياس. إغاثة الأمة بكشف الغمة.^ إغاثة الأمة بكشف الغمة ص 99 : 100 ..تقي الدين المقريزي.
📚 واحة التاريخ والحضارة 👇
/channel/awaren
🔅 روائع من التاريخ الاسلامي
طلب الخليفة العباسي (المقتدر بالله جعفر بن المعتضد) من أبوبكر الرازي إنشاء مستشفى في مدينة (بغداد) عاصمة الخلافة ففكر طويلاً واستشار أصدقاءه وتلاميذه، وأخذ يناقش معهم أنسب الأماكن لإقامة المستشفى، وبعد طول بحث ونقاش أدهش الجميع بفكرته الرائعة، حين أخذ قطعة لحم كبيرة، وقطعها إلى قطع صغيرة، ووضعها في أماكن مختلفة من ضواحي مدينة بغداد، وانتظر بضعة أيام، ثم طاف على الأماكن التي وضع القطع فيها ليرى تأثير الجو والزمن عليها، فإذا تَلِفَتْ القطعة بسرعة اعتبر أن هذه المنطقة لا تصلح لإقامة المستشفى، أما إذا ظلت قطعة اللحم كما هي دون أن يصيبها التلف، أو تأخر، فهذا دليل على طيب هواء المنطقة، وصلاحيتها لإقامة المشروع، وهكذا وقع اختياره على المكان المناسب لإقامة مستشفاه.
ذهب الرازي إلى الخليفة ينصحه ببناء المستشفى في هذا المكان، فأعجب الخليفة بذكائه، وأمر أشهر المهندسين، وأمهر البنائين بتشييدها وبنائها، حتى تمَّ البناء، فكان الرازي هو مدير ذلك المستشفى ورئيس أطبائه بتكليف من الخليفة، واعتاد الرازي أن يشرك تلاميذه في استشاراته الطبية، فكان يجلس في بهو المستشفى الكبير ومن حوله الأطباء أصحاب الخبرة في الدائرة القريبة منه، ثم الأطباء المبتدئون في الدائرة الخارجية، وعند حضور أحد المرضى يعرض حالته أولاً على المبتدئين، فإذا لم يستطيعوا معرفة نوع المرض، انتقل المريض إلى الدائرة الداخلية ليفحصه الأطباء المتمرسون، فإذا لم يعرفوا تشخيص حالة المريض، تولى الرازي بنفسه فحص المريض ومعالجته.
#الطب في الحضارة الإسلامية
🔸 السلطان طغرل بك يدخل بغداد ويسقط بني بويه
☀️اعتراف الخليفة العباسي بالسلاجقة:
بعد أن وطّد طغرل بك أركان دولته وأرسى قواعدها لم يبق سوى الحصول على اعتراف من الخليفة به ليكسب سلطته الصفة الشرعية في أعين المسلمين؛ لذلك أنفذ في عام 432هـ رسالة إلى الخليفة العباسي القائم بأمر الله حملها إليه أبو إسحاق القفاعي، تضمنت ولاء السلاجقة له، وتأكيد تمسكهم بالدين الإسلامي، والتزامهم بالجهاد في سبيل الله وحبهم للعدل والتماسهم الحصول على اعتراف الخليفة بقيام دولتهم.
وكان السلاجقة في أشد الحاجة للدعم المعنوي من الخليفة العباسي صاحب النفوذ الروحي على العالم الإسلامي السني، وكانت نوعية هذه العلاقة بين السلاطين والخلفاء من ثقافة ذلك العصر الذي ضعفت فيه مؤسسة الخلافة وتقلص نفوذها وسلطانها وصلاحياتها وهي ظاهرة مرضية في الأمة.
وبعد أن شعر طغرل بك بالاطمئنان على دولته أثر اعتراف الخليفة العباسي القائم بأمر الله بها، توجه أمراء السلاجقة كل إلى المنطقة المخصصة له، شرع بتنفيذ ما تبقى من خطته الرامية إلى إتمام سيطرة السلاجقة على بلاد فارس، ومن ثم التوجه منها للسيطرة على العراق.
وأصبح السلاجقة أكبر قوة في بلاد فارس وما وراء النهر، وكان هذا سبباً في مسارعة حكام الأقاليم إلى إعلان طاعتهم وولائهم لهم وموافقتهم على دفع إتاوة سنوية؛ كل هذا أتاح الفرصة لطغرل بك للتوجه إلى وسط بلاد فارس وغزو مدينة الري، وسار على رأس جيش كبير نحوها في العام نفسه فدخلها فاتحاً عاصمة له ومقراً لحكومته.
وكان لهذه الانتصارات التي حققها السلاجقة بزعامة السلطان طغرل بك في بلاد فارس وما وراء النهر انعكاساتها على الخليفة العباسي القائم بأمر الله في بغداد، فما كان منه ألاّ أن بعث رسولاً من قبله إلى مدينة الري يحمل رسالة منه للسلطان السلجوقي يدعوه فيها لزيارة بغداد.
وتوجه طغرل بك بجيشه لتفقد المناطق الشمالية الغربية من بلاد فارس وتوطيد سيطرة السلاجقة عليها، فسار في عام 446هـ إلى إقليم أذربيجان، ودخل عاصمته تبريز وشمل نفوذه جميع أجزاء أذربيجان، فضلاً عن بعض أجزاء من بلاد الروم آسيا الصغرى المتاخمة لأذربيجان، بعدها عاد إلى عاصمته الري عام 447هـ، وهكذا شمل نفوذ السلاجقة أكثر أجزاء بلاد فارس، فضلاً عن أجزاء من الدول المجاورة لها، وبهذا أصبح طغرل بك مستعداً لدخول عاصمة بغداد بناء على استدعاء الخليفة، وبعد ذلك تمت سيطرتهم على معظم أنحاء العراق.
أصبح السلاجقة في عام 447هـ أكبر قوة في العالم الإسلامي خاصة بعد أن فرضوا سيطرتهم على بلاد فارس وتغلبوا على الغزنويين والبويهيين،وتوغلوا داخل أراضي الدولة البيزنطية واصطدموا بجيش الروم، وبذلك أعطوا دفعة قوية للجهاد ضد الروم الذين عاشوا فساداً أيام البويهيين في أراضي الخلافة العباسية، لعدم قدرة الخلافة، ولعدم اكتراث أمراء البويهيين بالجهاد.
وقد أكسب هذا العمل وبهذه الصورة السلاجقة شعبية كبيرة وسمعة حسنة بين جماهير الناس التي كانت في الماضي القريب ترى وتسمع عن تغطرس الروم وتنادي السلطة بضرورة مجابهتهم دون جدوى.
وكانت السلطة البويهية في بغداد تتداعى بسبب الخلافات بين الأمراء البويهيين من جهة وبين رجال الدولة من جهة أخرى، والانشقاق في صفوف الجيش البويهي وخاصة بين فرعية الرئيسين التركي والديلمي، ويبدو أن الدعوة وجهت للسلاجقة لاحتلال بغداد ليس من قبل الخليفة العباسي فقط، بل من قبل الوزير رئيس الرؤساء والذي كان على خلاف شديد مع قائد الجيش التركي أبو الحارث البساسيري الذي اعتنق مذهب الفاطميين العبيديين وخطب لهم.
لقد كان الوضع السياسي في العراق مشجعاً لطغرل بك على دخول بغداد، وهذا ما قام به فعلاً في محرم من سنة 447هـ، وكان طغرل بك قد أظهر أنه يريد الحج وإصلاح طريق مكة والمسير إلى الشام ومصر والقضاء على حكم المستنصر بالله الفاطمي هناك، فسار إلى همدان وأمر اتباعه بإعداد الأقوات والمؤن، وأرسل إلى الخليفة العباسي يخبره بأنه يدين له بالطاعة ويستأذنه في دخول بغداد - وهو في طريقه إلى مكة - فأذن له، ودخل العراق عن طريق حلوان من السنة نفسها.
لقد ساند السلاجقة الخلافة العباسية في بغداد ونصروا مذهبها السنّي بعد أن أوشكت على الانهيار بين النفوذ البويهي الشيعي في إيران والعراق، والنفوذ العبيدي "الفاطمي" في مصر والشام،فقضى السلاجقة على النفوذ البويهي تماماً وتصدوا للدولة العبيدية "الفاطمية".
لقد استطاع طغرل بك الزعيم السلجوقي أن يسقط الدولة البويهية في عام 447هـ في بغداد وأن يقضي على الفتن، وأزال من على أبواب المساجد سب الصحابة، وقتل شيخ الروافض أبي عبد الله الجلاب لغلوه في الرفض.
🔸 عبد الرحمن الناصر الأموي والدولة العبيدية
علاقة عبد الرحمن الناصر بشمال أفريقيا لم تقتصر الأخطار التي كانت تُهَدِّد الدولة الإسلامية في الأندلس على ما كان في الأندلس نفسها من ثورات أتت على قواها ومواردها، ولا على ما كان يتربَّص بها من القوى الإسبانية النصرانية المتوثِّبة الطامحة للقضاء على المسلمين في الأندلس؛ بل وفي كل بقاع الأرض إن استطاعت إلى ذلك سبيلاً، لم تقتصر الأخطار المحدقة على هذا، وإنما تحالف مع هذه الأخطار وشاركها خطرٌ آخرُ يتربَّص بها في بلاد شمال أفريقيا، خطرٌ لا يقلُّ طموحًا عن طموح النصارى في الشمال، فهو -أيضًا- يتمنى السيطرة على هذه الجزيرة، وعلى ما فيها من خيرات، ويعلم أنها لن تَدِين له بشكل كامل إلا إذا اعتنقت معتقده، وتخلَّت راغبة أو راهبة عما تعتقد؛ إنه الخطر الشيعي الإسماعيلي، الذي تمثَّل في هذا الوقت في الدولة العبيدية (المعروفة زورًا بالفاطمية).
الدولة الفاطمية (العبيدية الشيعية)
أ ُعلن قيام هذه الدولة الخبيثة بالمغرب سنة (297هـ)، بعد نجاح أبي عبد الله الشيعي في دعوته، وجذب الأعوان والأنصار لها، وقيامه بمبايعة «عبيد الله المهدي» بالخلافة، وكان ذلك في ظلِّ انشغال الإمارة الأموية في ذلك الوقت بمواجهة الثورات، التي كانت تعصف بالأندلس من الداخل، كما كانت مشغولة بردِّ اعتداءات نصارى الشمال على أرضها، وكانت أضعف -في ذلك الوقت- من أن تُسيطر على هاتين الجبهتين معًا، فكيف إذا فُتحت عليها جبهة ثالثة؟! ثم إن بلاد شمال أفريقيا لطالما اعتُبِرَت خطَّ الدفاع الأول عن الأندلس؛ لأنها كانت دائمًا قاعدة غزو هذه البلاد.
خطر الدولة الفاطمية العبيدية
كان عبد الرحمن الناصر يعلم بكل هذه الأخطار؛ لقربه من جدِّه الأمير عبد الله، وكان مطلعًا على ما آلت إليه حال الأندلس من ضعف في الداخل والخارج، وما آل إليه حال الأعداء من قوَّة وتمكُّن، ولكنه -ومع علمه بهذا كله- لم يفعل مثل أعمامه وأعمام أبيه، ولم يترك الأمر بالكلية لغيره يتحمَّل أعباءه، وإنما تصدَّر لهذا الأمر، وقام به حقَّ القيام. فإلى جوار المهامِّ العظيمة التي اضطلع عبد الرحمن الناصر بها منذ تَوَلِّيه الحكم، إلا إنه ومع ذلك كان منذ اللحظة الأولى يرقب كل ما يحدث في بلاد الشمال الإفريقي بعين الحرص والحذر، وأنقذه وخفَّف عنه في ذلك الوقت أن الدولة العبيدية كانت هي الأخرى مشغولة بتوطيد أركانها في المغرب؛ لأنها ما كانت تستطيع الانطلاق إلى الأندلس أو إلى مصر إلاَّ بعد أن تستقرَّ في المغرب أولاً. ولكن استقرار هذه الدولة في المغرب سيكون على حساب الأندلس بعد ذلك.
المواجهة بين عبد الرحمن الناصر والدولة الفاطمية (العبيدية الشيعية)
لم يستطع عبد الرحمن الناصر أن يصبر حتى يقضي على كل الثورات في الأندلس قضاء مبرمًا، ولا أن يقضي على شوكة نصارى الشمال أولاً، وكذلك لم ينتظر حتى يفرغ العبيديون من أمر المغرب، ثم يأتي دور الأندلس، وإنما سارع هو إلى نقل المعركة إلى أرض المغرب؛ ليشغلهم بالمغرب عن العبور إلى الأندلس، وليستطيع تقوية مركزه في المغرب، فيتمكن من تهديد سلطان العبيديين هناك بعد ذلك، وفي ذلك براعة حربية؛ فهو بذلك يُشَتِّت جهود العبيديين العسكرية والسياسية، ويشغلهم عن الأندلس بالمغرب، ويعاقبهم على مساندتهم ومساعدتهم للثائرين عليه، بأن يُساعد هو -أيضًا- كلَّ مَنْ يسعى للخروج عليهم، ويضمُّه عبد الرحمن الناصر إليه، في حين لا يستطيع العبيديون أنفسهم أن يفعلوا ذلك.
ففي سنة (319هـ) أرسل الناصر أسطولاً قويًّا حشد له ما استطاع من رجال وعتاد، وأرسله إلى سَبْتَة فاستولى عليها من يد ولاتها بني عصام حلفاء العبيديين (الفاطميين)، ثم سارع بتحصينها، وإمدادها بالجند والسلاح، والقادة الأكفاء؛ لأنه يعلم جيدًا أن العبيديين لن يركنوا إلى الراحة والدعة، ولن يتخلَّوْا عن سَبْتَة بسهولة؛ ليس لأنها مفتاح الأندلس فحسب، ولكن لأنها إن بقيت في يد الناصر، فإنها ستُهَدِّد دولتهم الناشئة التي لم تستقرّ بعدُ، وقد عرفنا من قبلُ أهمية ميناء سَبْتَة بالنسبة للأندلس، ورأينا كيف أن موسى بن نصير لم يستطع العبور إلى الأندلس إلاَّ بعد أن أمِن خطر سَبْتَة، وها نحن الآن نعرف أهمية سَبْتَة بالنسبة للمغرب -أيضًا- لذلك لا نعجب إذا عرفنا إصرار إسبانيا على أن تبقى سَبْتَة ومليلة تحت يدها حتى الآن.
لقد كانت هذه خطوة جريئة حازمة من عبد الرحمن الناصر، أشعرت العبيديين -بلا شكٍّ- وحلفاءهم بالخوف والجزع من هذه القوة الجديدة، التي بدأ نجمها يبزغ في الأندلس، فإلى جوار الثورات التي يعمل هذا الرجل على إخمادها في بلاده، وبالرغم من وجود نصارى الشمال المتربِّصين به وبدولته، إذا به يفتح على نفسه جبهة جديدة في المغرب، وقد كان المنتظر منه أن يُسارع إلى الاستنجاد بهذه الدولة الفتية التي بدأت تظهر في المغرب؛ لتُعينه على أعدائه الكثيرين؛ لذلك فإننا نعتبر أن هذه الخطوة كانت من أكثر خطوات عبد الرحمن الناصر –رحمه الله- جُرْأة وشجاعة وحز
✍ ماذا قال المؤرخين في الدولة البويهية ؟
يرى الإمام السيوطي أن الدولة البويهية ظهرت فيها بعض الأفكار الهدَّامة، التي تبعد كل البُعد عن الدين الإسلامي، ويتضح ذلك أثناء حديثه عن التناسخية حيث يقول: "وفي سنة 341هـ ظهر قوم من التناسخية فيهم شابٌّ يزعم أن روح عليٍّ انتقلت إليه، وامرأته تزعم أن روح فاطمة انتقلت إليها، وآخر يدَّعِي أنه جبريل؛ فضُرِبوا فتعزَّزوا بالانتماء إلى أهل البيت، فأمر معز الدولة بإطلاقهم لميله إلى أهل البيت، فكان هذا من أفعاله الملعونة"[83].
ويرى الأستاذ محمود شاكر أن الدولة البويهية الشيعية لم تكن دولة إسلامية بالمعنى الصحيح، فهي تخالف عقائد وفكر أهل السُّنَّة مخالفة واضحة؛ فلذلك بدرت منها أفعال منكرة تتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي الصحيح، ويتضح ذلك من قوله: "لقد كانت أسرة آل بويه شيعيَّة، فبدرت منهم أعمال منكرة"[84].
📚 واحة التاريخ والحضارة 👇
/channel/awaren
🔸العربية قبل السلاجقة السنة
في القرن الرابع الهجري عم الرفض قلب العالم الإسلامي من شمال أفريقية غرباً إلى بلاد فارس شرقاً .حيث سيطر العبيديون والقرامطة والبويهيون على كل تلك البلاد ونشروا دين الرفض في كل مكان من تلك البلاد وارتكبوا من المذابح والجرائم ماسجله التاريخ.
ومن أمثلة ذلك مافعلوه بجزيرة صقلية الإسلامية التي قاومت جيوش العبيديين ولكنهم تمكنوا من احتلالها وتولى الولاية عليها الرافضي خليل بن اسحاق من سنة 326 حتى سنة 329 هجرية فهدم أسوار المدن والقلاع وقتل من أهل السنة مليون قتيل وقد افتخر بذلك العدد في مجلس خليفته المعز فقال :- قتلت خلال ولايتي من أهل صقلية ألف ألف انسان .
فرد عليه أحد عقلاؤهم يكفيك نفس واحدة يا أبا اسحاق” وما فعلوه في الشام شبيه بذلك . وتحالفوا مع الروم الذين نزلت جيوشهم الأعماق في بلاد الشام – مثلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم- وذلك سنة 358 هجرية واحتلوا أنطاكية وزحفوا منها شرقاً عبر سهل الأعماق إلى حلب وأخضعوا حلب فأصبحت محمية رومية أي في نفس السنة التي استولى فيها العبيديون على مصر.
وأصبحت جيوشهم حتى آواخر القرن الرابع تجوس بلاد الشام حتى اخذت الجزية من دمشق واستولت على اللاذقية وبيروت وصيدا وغيرها. بالإضافة الى احتلال الروم سائر الثغور الشامية والجزرية والأرمنية وجزيرتي كريت وقبرص وغيرها. وكل ذلك بتعاون العبيديين والبويهيين وإهمالهم شأن الثغور .
وهنا تتحقق سنة الله في هذه الأمة قال تعالى:(وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لايكونوا أمثالكم) فقد تقاعس أهل السنة في هذه البلاد وتركوا الحبل على الغارب للقوى الرافضية. وهنا تبدأ سنة الاستبدال إذ يورد المؤرخون مثل الذهبي وابن الاثير ومسكويه خبرًا بالغ الصغر لكنه عظيم الدلالة والمغزى ، اذ يقولون في حوادث سنة 349 هجرية ما نصه ( وفي هذا العام دخل من الترك في الإسلام مئتي الف خركاة) وكلمة خركاة كلمة تركية بمعنى خيمة وفي بعض الخيام يعيش أكثر من 30 نسمة .
أي إنه دخل في الإسلام عدة ملايين من الترك الغز واعتنقوا الإسلام على عقيدة أهل السنة. وكانوا أمة بدوية محاربة بطبيعتها وقامت منهم دولة السلاجقة التي من أشهر سلاطينها طغرل بك والب ارسلان وملك شاة .ومحت البويهيين من الوجود وطردت العبيديين عن معظم بلاد الشام وهزمت الروم هزيمة ماحقة في معركة منازي كرد سنة 463 هجرية واستردت منهم كل ما اغتصبوه من المسلمين في القرن السابق .
ليس هذا فحسب بل وفتحت بلاد الروم( اسيا الصغرى) وانشأوا فيها مملكة سلجوقية إسلامية عُرفت بسلطنة سلاجقة الروم نسبة الى البلاد الرومية . وتمكن اتباع السلاجقة الزنكيين في القرن السادس من محو العبيديين من الوجود.
📚 موقع د. علي بن محمد عودة الغامدي
/channel/awaren
🔸 قوات السلاجقة و الرمي بالسهام
ارتبط تاريخ السلاجقة بإجادتهم الرمي بالسهام، فكانوا يطلقونها وهم على ظهور الخيل بإتقان دون التوقف أو الترجُّل عنها [7]، كما أثر عن سلاطينهم إجادة معظم الفنون العسكرية ومنها الرمي بالسهام [8]،
وفي عهد السلطان طغرل بك كان إمطار الجيش السلجوقي مدينة قزوين سنة 434هـ بوابل من السهام سبباً في عدم مقدرة أهلها على الوقوف على سور المدينة للدفاع عنها مما اضطرهم إلى الدخول في طاعة السلاجقة [9]،
ويذكر سبط بن الجوزي أن جيش السلاجقة كان يخرج منه أثناء المعركة عشرة آلاف نشابة دفعة واحدة [10]، وقد وصل عدد رماة السهام في مقدمة الجيش السلجوقي إلى حوالي عشرة آلاف رجل [11]،
وهو ما يفسر ذكر بعض المصادر أن السلاجقة كانوا يمطرون أعداءهم بوابل من السهام الغزيرة [12]، فكانت الكثافة العددية لهذه السهام -المترتبة على كثرة تعداد من يقوم بإطلاقها أو استخدام قوس الحسبان المتعدد السهام- من أهم عوامل فعاليتها البالغة، وقد وزع السلطان ألب أرسلان أثناء حصار حلب ثمانين ألف نشابة [1]،
وعندما تسلَّم السلطان مدينة حلب استعصت عليه قلعتها فأمر برشقها بالسهام دفعة واحدة فرشقها الجيش حتى كادت الشمس تحجب لكثرة السهام، فسلمت القلعة له نتيجة لذلك ([2])،
وقد أثبت استخدام السلاجقة للسهام في حروبهم ضد الصليبيين فعالية واضحة في إلحاق الهزائم بأعدائهم عن طريق إجادتهم استخدامها بدقة بالغة فضلاً عن غزارتها [3]، فقد استطاع رماة النشاب في الجيش السلجوقي سنة 515هـ أن يفنوا الجيش الصليبي بكامله عندما دخل أرضاً موحلة فلم يفلت منهم أحد [4].
📕 دولة السلاجقة د.علي الصلابي
📚 واحة التاريخ والحضارة
/channel/awaren
🔸 تسلط البويهيين على بغداد:
اختلف المؤرخون في نسب بني بويه، فمنهم من يقول إن أصلهم فارسي، وإنهم من نسل يزدجرد آخر ملوك الفرس، ومنهم من يقول إن أصلهم من بلاد الديلم، وهم أقوام سكنوا الجنوب الغربي لبحر الخزر (قزوين)، والرأي الثاني هو الذي تطمئن له النفس، فأبوهم: أبو شجاع بويه، كان صياداً فقيراً، ومغموراً لم يكن يعرفه أحد من الناس، إلا أن أولاده الثلاثة كان لهم شأن آخر، فعملوا في بداية أمرهم في خدمة أمراء نيسابور وجرجان، ثم تآمر هؤلاء الأخوة الثلاثة على أمير نيسابور واحتالوا عليه وقتلوه سنة 323هـ، وبدأت الأمور تستتب لهم في بلاد فارس، خاصة بعد ادعائهم أنهم من نسل الأكاسرة.
كان لـ(علي، وحسن، وأحمد) - أولاد بني بويه، وبهم سموا تاريخياً - طموح واسع يتعدى حدود بلاد فارس، فاتجهت أنظارهم نحو دار الخلافة العباسية، طمعاً في إضفاء شرعية على هيمنتهم، فقام علي - الأخ الأكبر - بإرسال رسول إلى الخليفة الراضي يطلب اعترافه بسلطانه على فارس، فبعث إليه الخليفة بخلعة السلطنة والمنشور مع أحد رسله[5].
كانت الخلافة العباسية في ذلك الوقت تعاني من تسلط العسكر الأتراك عليها، وكانت الأحوال الاقتصادية والمعيشية تزداد سوءاً، وكان الأخوة البويهيون لا يخفون اهتمامهم بالعراق، إذ وصلت طلائع جيشهم إلى واسط، الأمر الذي شجع بعض القادة المقربين من الخليفة المستكفي على مراسلة البويهيين وطلب المجيء منهم إلى بغداد، أملاً في أن يكونوا عوناً لهم في إدارة الدولة، فكانوا كالمستجير من الرمضاء بالنار، فاستغل أحمد بن بويه هذا الأمر ودخل بغداد في جمادى الأولى من سنة 332هـ، وقد رحب به الخليفة المستكفي، وخلع عليه وعلى أخوته الألقاب، فصار أحمد يلقب بمعز الدولة، ولقب علياً بركن الدولة، وصار الحسن بعضد الدولة.
لم يكن البويهيون يخفون عداءهم لبني العباس، بل فكروا جدياً في إنهاء الخلافة العباسية، والبيعة للخلافة العبيدية بمصر، قال ابن الأثير: «كان من أعظم الأسباب في ذلك أن الديلم كانوا يتشيعون، ويغالون في التشيع، ويعتقدون أن العباسيين قد غصبوا الخلافة وأخذوها من مستحقيها، فلم يكن عندهم باعث ديني يحثهم على الطاعة، حتى لقد بلغني أن معز الدولة استشار جماعة من خواص أصحابه في إخراج الخلافة من العباسيين والبيعة للمعز لدين الله العلوي، أو لغيره من العلويين، فكلهم أشار عليه بذلك ما عدا بعض خواصه، فإنه قال: ليس هذا برأي فإنك اليوم مع خليفة تعتقد أنت وأصحابك أنه ليس من أهل الخلافة، ولو أمرتهم بقتله لقتلوه مستحلين دمه، ومتى أجلست بعض العلويين خليفة، كان معك من يعتقد أنت وأصحابك صحة خلافته، فلو أمرهم بقتلك لفعلوه، فأعرض عن ذلك، فهذا كان من أعظم الأسباب في زوال أمرهم ونهبهم مع حب الدنيا وطلب التفرد بها»[6].
وقد أصبح وجود الخليفة في هذا العهد لا قيمة له، إذ اتخذ معز الدولة عدداً من الإجراءات التي تدل على استهانته بمؤسسة الخلافة العباسية ككل، من ذلك:
منع الخليفة من التصرف في أموال الدولة والاستيلاء على موارد بيت المال مع تحديد راتب شهري للخليفة العباسي.
انتقال صلاحية تعيين الوزراء والكتاب إلى البويهيين وليس من حق الخليفة تعيين وزير أو كاتب.
عدم إشراك الخلفاء والأخذ برأيهم في قضايا ذات علاقة بسيادة الخليفة، فأصبحت المعاهدات تعقد بدون علم الخليفة وبدون توقيعه.
ولم يكتفِ البويهيون بذلك بل عاملوا خلفاء بني العباس معاملة سيئة وعمدوا إلى إذلالهم والتقليل من شأنهم، وقد ظهر ذلك جلياً عند قدوم البويهيين إلى بغداد، فبعد أربعين يوماً فقط من دخولهم عاصمة الخلافة خلعوا الخليفة المستكفي بالله بطريقة مذلة جداً، قال ابن كثير: «لما كان اليوم الثاني والعشرين من جمادى الآخرة، حضر معز الدولة إلى دار الخلافة، فجلس على سرير بين يدي الخليفة، وجاء رجلان من الديلم فمد الخليفة يده لهما ظناً منه أنهما يريدان تقبيلها، فمدا أيديهما إلى الخليفة فأنزلاه عن كرسيه وسحباه، فتحربت عمامته في حلقه، ونهض معز الدولة واضطربت دار الخلافة، حتى خاض إلى الحريم، وتفاقم الوضع، وسيق الخليفة إلى دار معز الدولة فاعتقل بها، وأحضر أبو القاسم الفضل بن المقتدر، فبويع بالخلافة، وسملت عينا المستكفي وأودع السجن، فلم يزل فيه مسجوناً حتى كانت وفاته في سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة»[7].
وهكذا أصبحت الخلافة العباسية تحت سلطة البويهيين من النواحي كافة، ولم يكن الخليفة يتمتع بأي دور سياسي، خاصة خلال الحقبة الأولى من السيطرة البويهية، على أن البويهيين مع ذلك شجعوا التشيع بشكل لافت للنظر، وحاولوا تشجيع الشيعة على إقامة شعائرهم بصورة مستمرة، وكان ذلك على وجه الخصوص في عاشوراء وذي الحجة.
دولة السلاجقة العظام في اقصى اتساع لها في عهد السلطان ملكشاه بن ألب أرسلان وتشمل بلاد تركستان وأفغانستان وخراسان وإيران والعراق والقوقاز والشام والاناضول
Читать полностью…🔸 كيف أسس السلاجقة الاتراك دولتهم ؟
أسس السلاجقة دولتهم في القرن الخامس الهجري فكان لها الأثر البالغ في تغير الأوضاع السياسية في العالم الإسلامي. ولكن اسم السلاجقة ظهر لأول مرة تاريخيًا منذ أواخر القرن الرابع هجري (العاشر الميلادي).
وينحدر السلاجقة من قبيلة “قنق” التركمانية، وتشكل مع ثلاث وعشرين قبيلة أخرى من القبائل التركمانية ما يعرف بقبائل “الغز” [2] وكانت مواطنهم الأولى في منطقة ما وراء النهر وهي تركستان اليوم، وهي مساحة ممتدة من هضبة منغوليا وشمال الصين شرقًا إلى بحر الخزر (بحر قزوين) غربًا، ومن السهول السيبيرية شمالًا إلى شبه القارة الهندية وفارس جنوبًا.
وفي النصف الثاني من القرن السادس ميلادي، تحركت هذه القبائل باتجاه آسيا الصغرى في أسراب ضخمة مهاجرة، واختلفت الروايات التاريخية في تحديد سبب هذه الهجرة، فمنها من أرجعتها لأسباب اقتصادية بحثًا عن مصادر للعيش الكريم ومنها من فسرتها بأسباب سياسية، بحثًا عن الاستقرار والأمن.
واستمرت تلك القبائل المهاجرة في التوجه غربًا، ونزلت بالقرب من شواطئ نهر جيحون ثم استقرت بعض الوقت في طبرستان، وجرجان[3]، فأصبحت بمحاذاة الأراضي الإسلامية التي فتحها المسلمون بعد معركة نهاوند وسقوط الدولة الساسانية في بلاد فارس سنة 21ﻫ – 641م.
وبدأت قصة السلاجقة من جدهم دقاق الذي خدم مع أسرته أحد ملوك الترك، يعرف باسم بيغو [4]، وكان دقاق بمثابة شيخ قبائل الأتراك الغز، يأتمرون بأمره ويمضون بوصيته، وظهرت عليه أمارات القيادة الفذة، فأشعلت هذه الصفات نيران المكر في قلب زوجة الملك، وأوغرت صدره عليه لكي يقتله فلا يكون له منافسًا في يوم ما، خاصة مع تزايد شعبية دقاق وإقبال الناس عليه، فبلغ مسامع الأخير الخبر، فجمع كل من معه ورحل إلى دار الإسلام وأقام بنواحي جند قريبًا من نهر سيحون، حيث أعلن سلجوق إسلامه وأعلن الجهاد على الكفار الترك.
واستمر سلجوق كذلك إلى أن توفي في جند، وأكمل أولاده مسيرته من بعده في غزو الترك الوثنيين وحماية ثغور المسلمين، وقد تمرسوا فنون القتال والغزو فازدادت قوتهم وتوسعت أراضيهم وكسبوا احترام الحكام المسلمين المجاورين لهم ولا شك أن مقابل هذه الانجازات كان هناك التضحية والصبر والإصرار الذي غذى الرغبة في إقامة دولة لهم، وهذا ما تحقق بالفعل في عام 429ﻫ.
الصراع الغزنوي السلجوقي
بعد سقوط الدولة السامانية ارتفع ذكر الدولة الغزنوية، وهي دولة ذات آثار جليلة تستوجب تأليفًا منفردًا، ولمع نجمها بشكل لافت في عصر السلطان التركي محمود الغزنوي الذي تمكن من توسيع حدود دولته فامتدت من شمال الهند في الشرق إلى العراق في الغرب، ومن خراسان وطخارستان وجزء من بلاد ما وراء النهر في الشمال إلى سجستان في الجنوب، وكانت مدينة لاهور مقرًا لحكمه في الهند حيث عين نائبًا له هناك.
لكن قوة السلاجقة في بلاد ما وراء النهر بدأت بالتعاظم في بداية القرن الخامس الهجري مما آثار مخاوف السلطان محمود الغزنوي وقرر في سنة 415ﻫ أن يكبح جماح السلاجقة فعبر نهر جيحون لمقاتلتهم، ونجح في القبض على زعيمهم أرسلان وولده قتلمش وعدد من كبار أصحابه ثم بعث بأرسلان إلى الهند وسجنه هناك حتى قضى نحبه بعد أربع سنوات من السجن [5].
وفي عام 419ﻫ خرج السلطان محمود لقتال السلاجقة مرة أخرى وأنزل بهم هزيمة ساحقة [6] حفظت سلطان دولته من تهديد دولة ناشئة.
وكان السلطان محمود الغزنوي الذي توفي سنة 421هـ – 1030م، صاحب سيرة عظيمة اشتهر بحبه للعمل والتقّرب إلى الله بحمل راية الدعوة وبث روح الجهاد والاستشهاد في جنده، ونشر السنة، وقمع البدع وما كان يتحلى به من قيم إسلامية مثلى كان لها أعمق الأثر في ازدهار مملكته والتفاف الناس حوله في محبة وتفان ووفاء [7].
وقد وصفة ابن كثير بالملك العادل الكبير المثاغر. المرابط المؤيد المنصور المجاهد يمين الدولة أبو القاسم محمود بن سبكتكين صاحب بلاد غزنة وتلك الممالك الكبار، وفاتح أكثر بلاد الهند قهرًا، وكاسر بُدودِهم، وأوثانهم كسرًا، وقاهر هنودهم وسلطانهم الأعظم قهرًا [8].
معركة دندانقان وقيام السلطنة السلجوقية
لم يهدأ السلاجقة بعد الهزيمة التي نالت منهم على يد الغزنويين فظلوا يتحينون الفرصة للثأر ولم يتحقق لهم ذلك إلا بعد وفاة السلطان محمود وتولية ابنه مسعود بمهام السلطنة عام 421 ﻫ، فأحرزوا انتصارات كبيرة على جيوشه، ومع ذلك عرضوا عليه الصلح والدخول في طاعته فقبل منهم، ومنح زعماءهم الإمارات والولايات، وكان سخيًا جوادًا معهم، ولكن في نفس الوقت دفعته المخاوف من ازدياد قوتهم إلى تكليف عامله على خراسان سنة 429 ﻫ بقتالهم فاقتتلوا قرب مدينة سَرخس.
وتحول السلاجقة في نفس العام بقيادة زعيمهم ظفر بك نحو نيسابور حيث بسط نفوذه عليها وأعلن نفسه سلطانًا على السلاجقة وجلس على عرش السلطان مسعود الغزنوي.
فاستثار هذا التصرف مسعود الذي زحف بجيوشه نحو خراسان واشتبك مع السلاجقة بمعركة حاسمة في مكان يعرف باسم دَنَدانقان، وكانت هذه
🔸مفاجأت عثمانية أثنا حصار القسطنيطنية
كان السلطان محمد الفاتح يفاجئ عدوه من حين لآخر بفن جديد من فنون القتال والحصار، وحرب الأعصاب وبأساليب جديدة وطرق حديثة مبتكرة غير معروفة للعدو.
ففي المراحل المتقدمة من الحصار لجأ العثمانيون إلى طريقة عجيبة في محاولة دخول المدينة حيث عملوا على حفر أنفاق تحت الأرض من مناطق مختلفة إلى داخل المدينة وسمع سكانها ضربات شديدة تحت الأرض أخذت تقترب من داخل المدينة بالتدريج، فأسرع الإمبراطور بنفسه ومعه قواده ومستشاروه إلى ناحية الصوت وأدركوا أن العثمانيين يقومون بحفر أنفاق تحت الأرض، للوصول إلى داخل المدينة، فقرر المدافعون الإعداد لمواجهتها بحفر أنفاق مماثلة مقابل أنفاق المهاجمين لمواجهتهم دون أن يعلموا، حتى إذا وصل العثمانيون إلى الأنفاق التي أعدت لهم ظنوا أنهم وصلوا إلى سراديب خاصة وسرية تؤدي إلى داخل المدينة ففرحوا بهذا، ولكن الفرحة لم تطل إذ فاجأهم الروم، فصبوا عليهم ألسنة النيران والنفط المحترق والمواد الملتهبة ، فأختنق كثير منهم واحترق قسم آخر وعاد الناجون منهم أدراجهم من حيث أتوا.
لكن هذا الفشل لم يفت في عضد العثمانيين ، فعاودوا حفر أنفاق أخرى ، وفي مواضع مختلفة، من المنطقة الممتدة بين (أكرى فبو) وشاطئ القرن الذهبي وكانت مكاناً ملائماً للقيام بمثل هذا العمل، وظلوا على ذلك حتى أواخر أيام الحصار وقد أصاب أهل القسطنطينية من جراء ذلك خوف عظيم وفزع لا يوصف حتى صاروا يتوهمون أن أصوات أقدامهم وهم يمشون إن هي أصوات خفية لحفر يقوم به العثمانيون، وكثيراً ما كان يخيل لهم أن الأرض ستنشق ويخرج منها الجند العثمانيون ويملئون المدينة ، فكانوا يتلفتون يمنة ويسرة، ويشيرون هنا وهناك في فزع ويقولون : (هذا تركي ، ...، هذا تركي) ويجرون هرباً من أشباح يحسبونها أنها تطاردهم ، وكثيراً ما كان يحدث أن تتناقل العامة الإشاعة فتصبح كأنها حقيقة واقعة رآها أحدهم بعيني رأسه وهكذا داخل سكان القسطنطينية فزع شديد أذهب وعيهم، حتى لكأنهم (سكارى وما هم بسكارى)، فريق يجري، وفريق يتأمل السماء، ومجموعة تتفحص الأرض، والبعض ينظر في وجوه البعض الآخر في عصبية زائدة وفشل ذريع.
ولم يكن عمل العثمانيين هذا سهلاً ، فان هذه الأنفاق التي حفروها قد أودت بحياة كثير منهم، فماتوا اختناقاً واحتراقاً في باطن الأرض، كما وقع الكثير منهم في بعض هذه المحاولات في أسر الروم، فقطعت رؤوسهم وقذف بها إلى معسكر العثمانيين
مفاجأة عسكرية عثمانية:
لجأ العثمانيون إلى أسلوب جديد في محاولة الاقتحام وذلك بأن صنعوا قلعة خشبية ضخمة شامخة متحركة تتكون من ثلاثة أدوار، وبارتفاع أعلى من الأسوار، وقد كسيت بالدروع والجلود المبللة بالماء لتمنع عنها النيران، وأعدت تلك القلعة بالرجال في كل دور من أدوارها ، وكان الذين في الدور العلوي من الرماة يقذفون بالنبال كل من يطل برأسه من فوق الأسوار، وقد وقع الرعب في قلوب المدافعين عن المدينة حينما زحف العثمانيون بهذه القلعة واقتربوا بها من الأسوار عند باب رومانوس، فاتجه الإمبراطور بنفسه ومعه قواده ليتابع صد تلك القلعة ودفعها عن الأسوار، وقد تمكن العثمانيون من لصقها بالأسوار ودار بين من فيها وبين النصارى عند الأسوار قتل شديد واستطاع بعض المسلمين ممن في القلعة تسلق الأسوار ونجحوا في ذلك، وقد ظن قسطنطين أن الهزيمة حلت به، إلا أن المدافعين كثفوا من قذف القلعة بالنيران حتى أثرت فيها وتمكنت منها النيران فاحترقت، ووقعت على الأبراج البيزنطية المجاورة لها فقتلت من فيها من المدافعين، وامتلاء الخندق المجاور لها بالحجارة والتراب.
📚 واحة التاريخ والحضارة
/channel/awaren
🔸الإخشيديون على خطى الطولونيين يسقطون
كيف سقطت الدولة الإخشيدية؟ هل سارت على خطى الطولونيين؟ مقال للدكتور عبد الحليم عويس.
في قوانين الحضارة : أن المادة والروح لا تفنيان فناء مطلقا .. وأن بذور الخير والشر لا يمكن أن تموت موتا أبديا .. وأن الخير أو الشر يتحولان إلى مادة خام ... لميلاد جديد سواء كان هذا الميلاد انبعاثة خير أو انبثاقة شر .
وبوسع علماء الحضارة أن يقدموا نماذج عديدة تبين بوضوح أن " الخمر العتيقة " لا يمكن أن تذوب دون أن تدخل في صنع مآدب حضارية جديدة .. تماما كالجسم الميت الذي يدخل في أجسام أخرى حية يمنحها من طاقته الذاهبة طاقات جديدة مندفعة للحياة والإبداع ، وكما يأكل الإنسان لحوم الدواجن والحيوانات الأخرى الحلال والأسماك .. ثم يتحول هو يوما إلى طعام يسهم في إحياء حيوانات أخرى.. أو في منح الأرض بعض المواد الكيماوية والحضارات تمر بنفس الطريق الدائري الخالد .. فأثينا برقيها الفلسفي والأدبي .. تتحول إلى خميرة حضارة لروما . والحضارة الأوربية تقوم على خميرة الحضارة الإسلامية وبقايا الحضارات الرومانية .
وعندما زرع أحمد بن طولون منشئ الدولة الطولونية أولى بذور الحركات الانفصالية في مصر عن الخلافة العباسية الجامعة والأم، بدأت بزرعه لهذه البذرة الخبيثة بذور الانفصام تدب في نفوس قوى كثيرة جياشة بالفوضى . زاخرة بالطموح الشخصي، ناقمة على قيادة العباسيين .. الجامعة . متأثرة بعوامل قومية من تلك العوامل التي تدمر روح الحضارة وتبشر بمستقبل ضائع ميت .. لقد كانت دولة ابن طولون مثالًا لكثير من الدويلات التي شذت على الخلافة، وشيدت أبنيتها المتداعية على أنقاض الخلافة ، ولم يعد لكثير منها علاقة بالخلافة أكثر من الاعتراف بسلطة الخليفة الاسمية .
وبعد السقوط المتوقع لهذه الدولة عادت مصر وسورية إلى حكم العباسيين ، بيد أن بذرة الانفصال - كما ذكرنا - كانت قد زرعت في نفوس قوى كثيرة ، جائشة بالفوضى فوارة بالنوازع القومية الوثنية .. فما كادت دولة ابن طولون تموت حتى حلت محلها بعد برهة زمنية قصيرة - في مصر - دولة الإخشيديينالتي أسسها " محمد بن طغج " والتي عاشت آيلة للسقوط بين سنوات ( 323 - 358هـ ) ( 935 - 969م ) .
وكانت بداية الدولة نظيرة لنفس البداية التي انطلقت منها الدولة الطولونية ، فمحمد ابن طغج وكل إليه من قبل الخلافة العباسية أمر مصر لتنظيم أحوالها .. فنظم أحوالها لنفسه واستقل بالأمر ، واستولى على سورية وفلسطين وضم مكة والمدينة إلى دولته .
وبموت ابن طغج حكم بعده ابنان له صغيران لم يكن لهما من الحكم إلا اسمه .. وكانت مقاليد الأمور في الحقيقة منوطة بيد عبد خصي حبشي يدعى " كافور " " أبا المسك " - كان ابن طغج الذي لقب بالإخشيد - قد اشتراه من تاجر زيت بثمانية دنانير .
وقد استقل هذا العبد الحبشي بإدارة مصر .. ( وكانت له مع شاعر العصر أبي الطيب المتنبي قصص مشهورة) كما أن هذا العبد الخصي نافس دولة الحمدانيين التي ظهرت في شمال سورية .
وعبر خمسة حكام ضعاف باستثناء أولهم محمد بن طغج - مشت الدولة مسرعة في طريقها إلى الموت المحقق .. فلم يكن الحاكمان التاليان لمؤسسي الدولة إلا تابعين لكافور - كما ذكرنا - وبموت كافور وتولي ( أبي الفوارس أحمد ) سقطت الدولة سقوطا مروعا على يد جوهر الصقلي قائد المعز لدين الله الفاطمي سنة 358هـ .
ولم يقدر لهذه الدولة أن تخلف شيئا يذكر من المآثر العامة ، كما أن الحياة الأدبية والفنية لم تكن ذات بال فيها ، ولم يظهر كلمعة الشمس المتوهجة إلا ذلك الضيف الباحث عن فضلة من كأس الحكم .. يدعم بها غروره الشعري وتفوقه الجدير بالتقدير في ميدان الكلمة المسيطرة الآمرة !! وعندما ضن عليه كافور بفضلة الكأس هرب من مصر دون " تأشيرة خروج " ولقي حتفه جزاء له .. بعد أن ترك حقده على السلطة ممثلا في أشهر أبياته :
لا تشتر العبد إلا والعصا معه ** إن العبيد لأنجاس مناكيد
مريدًا بذلك أشهر حكام الدولة الإخشيدية "كافور " .
ولو لم يصل جوهر إلى حدود مصر لسقطت الدولة الإخشيدية بفعل عامل آخر ، فعندما لا يكون هناك مبرر للوجود .. لا يكون ثمة مبرر للبقاء .. ولا تفعل القوى الخارجية التي تسيطر على الأمم والشعوب سوى أن تتقدم في فراغ دون أن تصطدم بجدران حضارية أو صخور قوية راسخة بالعقيدة " بمبرر الوجود ... ومؤهل البقاء " !
✍ بقلم المؤرخ عبد الحليم عويس
/channel/awaren
🔸 قراءة التاريخ تبعث الأمل في القلوب
تعالوا نقلب صفحات قلائل، بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ارتد الجزيرة العربية بكاملها إلا ثلاث مدن وقرية: المدينة ومكة والطائف وقرية هجر بالبحرين، ولم تكن الردة كما يعتقد البعض بمنع الزكاة فقط، بل ارتد كثيرون عن الإسلام بالكلية، ومنهم من فتن المسلمين في دينهم، ومنهم من قتل المسلمين، بل إن منهم من ادعى النبوة وليسوا بالقليلين، وعم الكفر جزيرة العرب، وأيس بعض الصحابة،
فكان الموقف أشد مما نحن فيه الآن ألف مرة، حتى قال بعضهم: يا خليفة رسول الله! لا طاقة لنا بحرب العرب جميعاً.
الزم بيتك وأغلق بابك واعبد ربك حتى يأتيك اليقين.
ظنوا أنه لا أمل في القيام،
لكن الله منّ على المسلمين بـ أبي بكر الصديق رضي الله عنه الذي قام كالأسد الهصور يردد قولة لو قالها المسلمون لسادوا الدنيا جميعاً، قال:《 أينقص الدين وأنا حي؟! أينقص الدين وأنا حي؟! أقاتلهم وحدي حتى تنفرد سالفتي، وقام وقام معه المسلمون.》
فما هو إلا عام من الجهاد والقتال والنزال، حتى أشرقت الأرض من جديد بنور ربها، وأسلمت الجزيرة العربية بكاملها، بل وأخذ أبو بكر الصديق قرارً أحسب أنه أعجب القرارات في التاريخ وهو: إخراج جيشين من جزيرة العرب جيش لفتح بلاد فارس، وجيش لفتح بلاد الروم،
عجباً عجباً لك أيها الجبل! دولتان تقتسمان العالم ودولة صغيرة خارجة من حرب أهلية مدمرة! لكنه يا إخوة! موعود صادق: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم:٤٧]، ويفتح الله له الدولتين، وتكون انتصارات بلا هزائم، وتمكين بلا ضعف، وأمن بلا خوف.
أسمعتم يا إخوتي!
عن ملوك الطوائف؟ أرأيتم كيف قسمت بلاد الأندلس إلى أكثر من عشرين دويلة صغيرة متناحرة مع أختها؟ أرأيتم العمالة والخيانة والخزي والعار؟ أرأيتم السفه والمجون؟ ثم أرأيتم ما شابه ذلك في بلاد المغرب والجزائر والسنغال وموريتانيا في قبائل البربر؟ أرأيتم الزنا كيف فشا؟ والخمور كيف انتشرت؟ أرأيتم السلب والنهب كيف طغى على الأرض؟
ثم جاء رجل واحد يدعى الشيخ: 《عبد الله بن ياسين》يدعو إلى الله على بصيرة، ويربي ويعلم ويجاهد ويصابر، فإذا الرجل رجلان، والرجلان أربعة، والأربعة ألف وألفان وعشرة آلاف،
وإذا البلاد تفتح والإسلام ينتشر ودولة المرابطين تقوم، وإذا رجلين وكأنهما ملكان يوسف بن تاشفين وأبو بكر بن عمر يعلمان ويربيان ويجاهدان ويصابران، فإذا بالدولة تتسع، والخير يعم، ويدخل في الإسلام ثلث أفريقيا، ويصبح الجيش ١٠٠.٠٠٠ فارس في الشمال، و ٥٠٠.٠٠٠ جندي في الجنوب،
وإذا بالجيوش تعبر إلى الأندلس فتعيد البسمة إلى شفاه المسلمين، وتشفي صدور قوم مؤمنين وتذهب غيظ قلوبهم، وتذل الشرك وأهله، وتعز الإسلام وحزبه، وتنصر في الزلاّقة بـ ٣٠.٠٠٠، يهلكون ٦٠.٠٠٠ من القوط الأسبان،
أرأيتم كيف تكون طاقة الإسلام؟
أرأيتم كيف يكون رجال الإسلام؟
أرأيتم كيف يكون شرع الإسلام؟
ولماذا نذهب بعيداً؟
هل أتاكم نبأ فلسطين؟ لماذا الجزع من احتلال دام ٥٠ سنة ؟ ألم تسمعوا عن حملات الصليبيين التسع البشعة؟ ألم تعلموا أنهم مكثوا في أرض فلسطين محتلين لها مائتين من السنين، وفي بيت المقدس ٩٢ سنة، ألم تقرءوا أنهم قتلوا في بيت المقدس ٧٠.٠٠٠ من المسلمين؟ وكانوا يسيرون في دماء المسلمين إلى ركبهم،
ثم ألم تر كيف فعل ربك بالصليبيين؟ دارت دورتهم في التاريخ وانتهت دولتهم البشعة القذرة، وقام رجال متوضئون متطهرون، قارئون لكتابهم، خاشعون في صلاتهم، حاملون لسيوفهم معتمدون على ربهم، يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم،
قام رجال أمثال: عماد الدين زنكي ونور الدين محمود الشهيد وصلاح الدين الأيوبي، قاموا يحرصون على الموت فوهبت لهم الحياة، قاموا يتزينون للجنة، فتزينت الجنة لهم، قاموا مع الله فكان الله معهم، صدقهم الله وعده، ونصر عباده، وأعز جنوده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا هو سبحانه فكانت حطين وكان ما بعد حطين، وكانت أياماً تشرف التاريخ بتدوينها.
📚 واحة التاريخ والحضارة
/channel/awaren