الـشـبـكـة الـدعـــويــة الـرائـــدة المتخصصة بالخطـب والمحاضرات 🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه •~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~• للتواصل مع إدارة القناة إضغط على الرابط التالي @majd321
وقد حذر -سبحانه- من النكوص بعد الإقدام، ومن المعصية بعد الطاعة، ومن العقوق بعد البر والصلة،
فقال -سبحانه-: وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [النحل:92]...
وعلى المسلم أن يُكثر من الدعاء بأن يتقبل الله منه صيامه وقيامه وسائر العبادات والطاعات التي قام بها في رمضان وغير رمضان،
فقد وصف الله حال عباده المؤمنين بعد القيام بالعبادات والطاعات بأنهم: يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ [المؤمنون:60]، أي: يخافون أن ترد أعمالهم...
قال الإمام علي -رضي الله عنه-: كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل،،،
ألم تسمعوا إلى قول الحق -عز وجل-: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة:27]،
وكان ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان:
يا ليت شعري! مَن هذا المقبول منَّا فنهنيه؟!
ومن هذا المحروم فنعزيه؟!.
ثم ينادي: أيها المقبول، هنيئاً لك! أيها المردود، جبر الله مصيبتك!.
أيها المؤمنون عباد الله:
كما ينبغي أن نودع رمضان بقيام كل واحدٍ منا، رجلاً كان أم امرأة، بصناعة ابتسامة مشرقة، وبسرورٍ ندخله قلوبَ مَن حولنا،
وإن هذا العمل وهذه العبادة من أعظم وأجَلّ العبادات عند الله -سبحانه وتعالى-،
قال -صلي الله عليه و سلم-: أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله -عز وجل- سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دَيْنَاً، أو تطرد عنه جوعا؛ ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهراً، ومَن كف غضبَه ستر الله عورته، ومَن كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضاً يوم القيامة، ومَن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله -تعالى- قدمه يوم تزل الأقدام؛ وإنَّ سوء الخلق ليُفْسِدُ العمل كما يفسد الخلُّ العسلَ. صحيح الجامع...
ونودع رمضان بابتسامةٍ وسرور ندخله على الآباء والأمهات ، وذلك بطاعتهما وبرهما وصلتهما، والإنفاق عليهما، وذلك من أعظم أبواب الجهاد؛
فعن عبد الله بن عمرو، قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فاستأذنه في الجهاد، فقال: أحيٌّ والداك؟، قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد. أخرجه البخاري...
وفي لفظ عند مسلم: ارجع إلى والديك فأحسِنْ صحبتهما، وفي لفظٍ عند أبي داود: ارجع فأضْحِكْهُمَا كما أبكيتَهما. فإدخال السرور عليهما، ورسم البسمة في شفتيهما، من أعظم العبادات، أعظم حتى من الجهاد في سبيل الله...
ولقد نهى -صلى الله عليه وسلم- عن عقوقهما، وعَدَّهُ من الكبائر،
فعن أبي بكرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟، قلنا: بلى يا رسول الله! قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت. رواه البخاري و مسلم...
وكما أن للصائم باباً إلى الجنة هو بابُ الريان، فكذلك الوالدان؛ فإنهما بابان إلى الجنة...
فأين البر؟ وأين الصلة؟ وأين الرحمة بهما؟
إنه -مهما عملنا- فلن نؤدي حقهما...
رجل من أهل اليمن يطوف بالبيت، يحمل أمه العجوز على ظهره، ويطوف بها بالبيت..!!
مَن منا يفعل هذا؟
ومَن منا يتصور هذا قبل أن يفعله؟
يحمل أمه على ظهره ثم يطوف حول البيت، هل وصلنا بالبر إلى هذا المستوى؟
هل وصلنا بطاعة الوالدين وحبهما إلى هذه الدرجة؟
يحملها على ظهره يطوف بالبيت، فرأى ابن عمر، ذلك الرجل الصحابي الفقيه، فقال له: يا ابن عمر! أتراني جزيتها؟
أي: هل تراني بهذا الفعل أرجعتُ لأمي حقها؟
فقال له ذلك الرجل العالم ابن عمر: لا؛ ولا بزفرة من زفراتها، ولا بطلقة من طلقاتها حين وضعتك من بطنها...
وهذا أحد العلماء المحدثين وهو سفيان الثوري يجلس في مجلس العلم، وعنده عشرات؛ بل ربما المئات من التلاميذ يحدثهم، ويكتبون خلفه، تأتيه أمه أثناء الدرس،
فتقول له: يا فلان!
فيقول: لبيك يا أماه!
فتقول له: أطْعِمْ الدجاج. انظر إلى هذا العمل التافه!
وانظر إلى هذا العمل البسيط!
لكن صدَرَ مِن مَن؟ من أمٍّ عظيمة، من أم لها حق كبير، ، ،
أتعرف ماذا فعل هذا الرجل؟
لم يقل لأمه: بعد الدرس، أو بعد قليل. لا والله! بل أغلق الكتاب، ثم قام من مجلسه وأطعم الدجاج، ثم رجع ليُكْمِل حديثه...
ولن تتعلق امرأة بالله -تعالى- إلا تمسكت بدينه، وحافظت على أوامره، واجتنبت نواهيه، ودعت غيرها إليه، وصبرت على الأذى فيه.
لا تتعلق امرأة بالله -تعالى- إلا صانت عفافها، وتفقدت حياءها، وسترت جسدها، وتلفعت بجلبابها، وجانبت مخالطة الرجال، ولو أوذيت في ذلك وحوربت عليه، وسُخر منها لأجله، ومنع عنها الرزق بسببه؛ فإن تعلقها بالله -تعالى- يدفعها إلى ما يرضيه، ولو سخط البشر أجمعون.
ولك -أختي المسلمة- في المسلمات المنتقبات في فرنسا عبرة وآية، ينزع النظام الطاغوتي المستبد أغطية وجوههن بالقوة، وهن ثابتات صامدات، يتحملن الأذى، ويدفعن الغرامة؛ جهادًا في سبيل الله -تعالى-، وإظهارًا لشعائره، ومراغمة للكفر وأهله، ووالله إنهن لمنصورات ولو بعد حين، فرّج الله -تعالى- عنهن وعن المسلمين في كل مكان، إنه سميع مجيب.
الله أكبر الله أكبر؛ لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: صمتم شهركم، وحضرتم عيدكم، وقضيتكم صلاتكم، وأرضيتم ربكم، فتفرقوا من مصلاكم بقلوب متعلقة بالله -تعالى-، موقنة به، متوكلة عليه، منيبة إليه.
تفرقوا بقلوب سليمة من الضغائن والأحقاد؛ فصلوا من قطعكم، وأعطوا من حرمكم، وأحسنوا إلى من أساء إليكم؛ فالعيد عيد الود والصفاء، ونقاء القلوب، واجتماع الأرواح.
وأكثروا من الدعاء لإخوانكم المستضعفين في فلسطين والعراق وأفغانستان وسوريا وأراكان وفي كل مكان؛ لتثبتوا أنكم تشعرون بهم حتى في العيد.
أعاده الله تعالى علينا وعليكم وعلى المسلمين باليمن والإيمان، والسلامة والإسلام، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.
(إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولاتبخل على نفسك بهذا الأجر العظيم*
========================
ــــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ـــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمــوعـظــةالحســنـة.tt
رابط القناة تليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
أيها المسلمون: خلَق الله -تعالى- الإنسان ولم يكن شيئًا مذكورًا، فلما جعله ربه -سبحانه- شيئًا مذكورًا تكبرت نفسه، وطغى قلبه، فعصى ربه -سبحانه-، وأفسد في أرضه، وظلم خلقه، ونازع الله -تعالى- في خصائصه، فأملى الله تعالى له، فلما أخذه لم يفلته، فأذاقه الذل بعد العز، والموت أو الحبس بعد الملك. ورأينا ذلك فيمن نُزعوا من عروشهم في العامين السالفين.
وهذا يحتم على الإنسان عدم الاغترار بالدنيا مهما ازدانت له، ودوام التعلق بالله -تعالى-؛ فإنه لا أمن إلا أمنه، ولا ضمان إلا ضمانه، ولا عز إلا عزه، فمن التجأ إليه التجأ إلى عظيم، ومن احتمى به احتمى بقدير، ومن آوى إليه آوى إلى ركن شديد.
إن التعلق بالله -تعالى- هو بلسم القلوب، وعز النفوس، وهو سبب النصر، ومعقد العز، وبوابة التمكين في الأرض.
اجتمعت أمم الكفر من سالف التاريخ إلى حاضره على الرسل وأتباعهم، فكان تعلق الرسل وأتباعهم بالله -تعالى- أمضى سلاح كسر أعداءهم.
تأملوا في سيرة نوح -عليه السلام- وهو وحيد طريد، ما آمن معه إلا قليل، فوقف في وجوه الملأ من قومه، وأمرهم بالاجتماع عليه، والانتقام منه، في صورة من التحدي والإعجاز تدعو للإكبار والإعجاب: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآَيَاتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ) [يونس:71].
ما سلاحه في تحدي قومه؟! ولماذا لم ينتقموا منه؟! كان سلاحه: (فَعَلَى الله تَوَكَّلْتُ)، فحماه الله تعالى منهم، فلم يقابلوا تحديه بفعل ولا بقول، وهم أقوى وأكثر، ولا رادع لهم عن الانتقام لأنفسهم، والثأر لكرامتهم. ويؤمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن يتلو علينا نبأ نوح؛ لنتعلم من سيرته التعلق بالله -تعالى- دون سواه.
ووقف هود -عليه السلام- أمام قومه، داعيًا إلى ربه، صادعًا بدعوته، مسفهًا آلهة قومه، يتحداهم وحده وهم جماعة، وليسوا أي جماعة، إنهم قوم عاد أهل القوة والبطش والجبروت: (قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ) [هود:55].
إنه يطلب كيدهم، ويدعوهم إلى الاجتماع عليه، وما معه سلاح إلا تعلقه بالله -تعالى- حين قال: (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى الله رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [هود:56].
وأُلقي الخليل -عليه السلام- في النار وليس في قلبه إلا الله -تعالى-، وكان يردد: "حسبي الله"، أي: الله كافيني.
يا لها من لحظات تعلق بالله -تعالى- شغلته عن رجاء قومه أو استعطافهم أو استمهالهم! فليس في قلبه إلا الله -تعالى-، وقد روى أهل التفسير أن جبريل -عليه السلام- جاءه وهو يهوي في النار فقال: "يا إبراهيم: ألك حاجة؟! فقال: أما إليك فلا".
وطورد موسى -عليه السلام- ومن معه من الأقلية المؤمنة حتى استقبلوا البحر، والعدو خلفهم، فعظم الكرب على أتباع موسى، وعلموا أنهم حوصروا، وفي قبضة فرعون وقعوا، فقالوا: (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) [الشعراء:61]؛ لكن موسى -عليه السلام- كان في شغل آخر، كان شغله التعلق بالله -تعالى-: (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) [الشعراء:62].
وأيام اشتداد الأذى عليه وعلى بني إسرائيل كان يعلق قلوبهم بالله -تعالى- فيقول لهم: (اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ للهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [الأعراف:128].
ويونس حين اجتمعت عليه ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت ما تعلق إلا بالله -تعالى-: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنبياء:87].
ويعقوب حين فقد يوسف لم يتعلق في طلبه بغير الله -تعالى-: (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى الله وَأَعْلَمُ مِنَ الله مَا لَا تَعْلَمُونَ) [يوسف:86].
ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- حين طوق المشركون الغار، وقال أبو بكر -رضي الله عنه-: لو أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا، قال -عليه الصلاة والسلام-: "ما ظَنُّكَ يا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ الله ثَالِثُهُمَا!!".
وفي اليرموك كتب أبو عبيدة إلى عمر -رضي الله عنهما- يستنصره على الكفار، ويخبره أنه قد نزل بهم جموع لا طاقة لهم بها، فلما وصل كتابه بكى الناس، وكان من أشدهم عبد الرحمن بن عوف، وأشار على عمر أن يخرج بالناس، فرأى عمر أن ذلك لا يمكن، وكتب إلى أبي عبيدة: "مهما ينزل بامرئ مسلم من شدة فينزلها بالله يجعل الله له فرجًا ومخرجًا، فإذا جاءك كتابي هذا فاستعن بالله وقاتلهم".
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولاتبخل على نفسك بهذا الأجر العظيم*
========================
ــــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ـــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمــوعـظــةالحســنـة.tt
رابط القناة تليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
يمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ﴾ [التوبة: 34، 35].
﴿ وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُم بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ ﴾ [آل عمران: 180].
فأدِّ زكاة الذهب إنْ ملكتَ نصاب الذَّهب 20 مثقالاً 85 جرامًا من الذَّهب، وهو أن تُخْرج ربع العشر، وأدِّ زكاة الفضة إن ملكت ما يُقارب 6.5 ريال فضيَّة سعوديَّة أو قيمته بالأوراق النقديَّة، ما يقارب الريال في هذا الزَّمن، فتُعْطِي ربع عشْر ذلك، سواءٌ كانتْ هذه النُّقود حاضرةً بيدِك في تلك الخاصَّة، أم كانتْ هذه النقود في ذمَم النَّاس لكنها على سبيلِ الإتيان، في ذِمَم النَّاس إلا أنَّك واثقٌ بأنَّها تَصِلُ إليْك؛ لأنَّك أخذت عليها العقود والضَّامنين، وأخذتَ الضَّمان عليْها؛ فالمُقَسِّطون للسَّيَّارات، والمُقسِّطون في العقارات، والمقسِّطون في جَميع الموادِّ عليْهِم أن يُزَكُّوا في جَميع ما بأيديهم وما في ذمَم النَّاس لَهم؛ لأنَّهم على ثقة بأصولِها؛ حيثُ تأتيهم الدفعات على حسَب المتَّفق عليه.
أيُّها المسلم:
والأسهُم الَّتي بيدِك، إن كانت أسهُمًا تِجاريَّة تعرفُها وتبيعُها وتشتري، فهذِه مثْلُ النُّقود بيدِك فزكِّها كلَّ عام بقيمتِها الحاضرة، سواءٌ كانت هذا العام مثْلَ العامِ الماضي أو أقلَّ أو أكثرَ، وأمَّا الأسهُم الاستثماريَّة التي تأخُذُ فوائدَها فهذِه تزكَّى فوائدها إذا مضى عامٌ في ملْكِك.
أيُّها المسلم:
وتزكِّي عن عُروض التِّجارة، وهي جَميع ما يُعْرَض للبيع من أي أصناف المبيعات، موادّ غذائيَّة - ملابس - أواني - عقار - معدات، كلّ ما عُرِضَ للبيع، قال: "أمرنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلَّم - أن نعدَّ لِلزَّكاة ما نعدُّ للبَيْع"، فتُقيِّم العروضَ الَّتي عنْدَك في مستودعاتِك ومخازنك ومعارضك، فتُخْرِج رُبْعَ عُشْرِ قيمتِها بما تبيعه حاضرًا لا بما اشتريتَ به.
أيُّها المسلمون:
أبْرِئُوا ذمَّتكم وأدُّوا الحقوق إلى أهلها، لا تَجْعَل إسقاطَ الدَّيْن عن الفقيرِ من الزَّكاة؛ لأنَّ الفقيرَ العاجزَ إذا أسقطتَ الدَّيْن عنه من الزَّكاة، لأنَّك يئِسْت منه فجعلتَه مقابل الزَّكاة فهذا لا يَجوز، فلنتَّقِ الله في أنفُسِنا ولْنُحاسبْ أموالَنا، ولنَرْحمْ عبادَ الله، ونُفَرِّج همَّ المهمومين، ولنيسِّر عن المعسرِين، ولنَخْلُف السُّجناء والغرماء في أهلهم بالخَيْر، فنحن مُجتمع مسلم، يَجب أن نكونَ مِثاليِّين في أخلاقِنا وأعمالِنا.
أسألُ الله لي ولكُم التَّوفيقَ والسَّداد، والعون على كل خيْر، بارك الله لي ولكُم في القُرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذِّكْر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيمَ لي ولكم ولسائر المسلمين، من كلِّ ذنب، فاستغفِروه وتُوبوا إليه، إنَّه هو التَّوَّاب الرَّحيم.
*الخطبـــة.الثانيـــة.cc*
الحمدُ لله حَمدًا كثيرًا مُباركًا فيه، كما يحب ربُّنا ويَرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليْه وعلى صحبِه وسلَّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعدُ، أيُّها النَّاس:
فاتَّقوا الله حقَّ التَّقوى، قد يسأل البعضُ من النَّاس فيقول: الزكاة كثيرة، والفقراءُ لا أستطيع معرِفَتهم، ولا أستطيع أن أُصْلِح حالَهم، وأشكل عليْه الأمر.
نقول: يا أخي، سنَّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على أنَّ المسلم إذا سُئِلَ الزَّكاة إن علِمْت أنَّ حاله رجلٌ فقيرٌ فأعْطِه، وإن شكَكْتَ وارتَبْت عظْهُ وانصحْه لله.
جاء رجلانِ إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يسألانِه الصَّدقة، فقلَّب فيهما النَّظر فرآهُما جلْدَين قويَّين، قال: ((إن شئْتُما أعطيْتُكما، ولا حظَّ فيها لغنِيٍّ ولا لقويٍّ مكتسب))، وحذَّرنا من سؤال النَّاس مع الغِنَى، فقال: ((مَن سأل النَّاس أموالاً تكثُّرًا فإنَّما يسألُ جَمرًا، فليستقلّ أو يستكثِر))، وقال: ((لا تزال المسألة بأحدكم حتَّى يلقَى اللهَ وليس في وجهه مزْعةُ لحم))، وقال: ((مَن فتَح بابَ مسألةٍ فتح الله عليْهِ بابَ فقر)).
فيا أيُّها الأقوياء، ويا أيُّها القادرون على العمل، إيَّاكم أن تقعوا في عذاب الله، استغِلُّوا قدراتِكم، استغلُّوا طاقاتِكم، اعمَلوا؛ إنَّ الإسلامَ لم يُجِز الزَّكاة ليقوي البطالة، ويقوي الكَسل، ويعين الكسلاء على النوم؛ إنَّما إسعادًا للحاجة، أمَّا القادرون على العمل فلا نُعْطِيهم، الميدان فسيح، والأعمال متعدِّدة، لكنَّ دناءةَ نفوسِهم جعلتهم يسألون وهم قادرون على العمل، مستطيعون عليه.
الطَّهارة والزَّكاة، أوَّلاً تطهِّرهُم، فالزَّكاة طُهْرة للمال، فإنَّ أيَّ مالٍ لَم تُؤَدَّ زكاتُه فإنَّه مال مُشتمِل على الأوساخ والأدناس، باقٍ شرُّه وضرَرُه فيه.
والزَّكاة تُطَهِّره وتَستخلص أوساخَه وأدناسه، وتَجعلُه مالاً نقيًّا نظيفًا لا قذارةَ فيه من الأدْناس والأوساخ، وهي أيضًا تُطَهِّر ذاتَ المزكِّي، تُطهِّر قلبَه من الشُّحِّ والبُخْل والأنانيَّة، وتَجعلُه قلبًا رقيقًا يعطِف على المسلمين، ويرحَم ضعيفَهم ويُواسي مُحتاجهم، يفرِّج همًّا وييسِّر على معْسِر، ويكشِف كربًا ويُعينُ على النوائبِ، وهي أيضًا تزكِّي المال، فهي سببٌ لزيادتِه وبركتِه وسلامتِه من الآفات، وفي الحديث يُرْوى: ((ما هلَك مالٌ في برٍّ ولا بَحرٍ إلا بِمَنْع الزَّكاة)).
أيُّها المسلِم:
إنَّ الزكاة سبب لرحمة الله؛ يقول جلَّ وعلا: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 156]
فإذا رحِمْت عباد الله فإنَّ رحْمتك بالمساكين سببٌ لتَقْواك لله ((ارحَموا مَن في الأرْضِ يرحَمكم مَن في السماء، الرَّاحِمون يَرْحَمُهم الرحْمن)).
إنَّ إخراج الزَّكاة يَجعل المجتمع المسلم مُجتمعًا مُتراحِمًا متعاطِفًا، فيه التعاطف والتكاتُف ما بين أفرادِه، فلا يبقى فقيرٌ بين أغنياء، ولا يبقى جائعٌ بين أُناسٍ في شبع، ولا عارٍ بيْن أناس قد اكتَسَوْا، بل ينظر بعضُهم إلى بعض، ويرحَم بعضُهم بعضًا، ويُحسن بعضهم إلى بعض، وأداءُ الزَّكاة سببٌ لِنَيْل رحْمة الله، والفَوْزِ بِجنَّته.
قال تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَعَدَ اللَّهُ المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ﴾ [التوبة: 71، 72].
أيُّها المسلِم:
فإذا رحِمْتَ الفقيرَ رحِمَك الله، وإذا أحسنْتَ إليْه أحسَنَ اللهُ إليْك، ﴿ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 195]
إنَّ إخراج الزَّكاة دليلٌ على قوَّة الإيمان، وعلى التَّسليم لِله بالتِزام الواجب، فمَنْ أدَّى زكاة مالِه دليلٌ على قوَّة إيمانِه، إذِ المالُ مَحبَّتُه، مَحبوسٌ حبُّه في النُّفوس، ﴿ وَتُحِبُّونَ المَالَ حُباًّ جَماًّ ﴾ [الفجر: 20]
فإذا أخرجَ هذا المالَ، وخالَف هواه ونفسَه الأمَّارة بالسُّوء، وعصى إبليسَ - دلَّ على صِدْق الإيمان وقوَّة اليقين؛ ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 268]
إنَّ أداءَك للزَّكاة سببٌ لِمحبَّة الفُقراءِ إليْك، ونظرِهم إليْك بأنَّك ذُو النَّفس الأبيَّة الطيِّبة الشيمة، الرَّحيمُ بِهم والمُحسِن إليْهم، إنَّ أداء الزَّكاة يَجعل المجتمع مُترابطًا بعضُه ببعض، متكاتفًا متعاونًا، يرحم قويُّه ضعيفَه ويُحسِنُ غنيُّه إلى فقيرِه تتقلَّص الجرائم، وتقلُّ السَّرِقات، ويكثُر الخَيْر، وينتظِم المجتمع على خير، وإذا قال الله للمؤمنين: ﴿ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29] فالرحْمة تكون بالإحْسان، وبذْل المعروف، وأداء الحقِّ الواجب.
أيُّها المسلم:
أدِّ زكاة مالِك طيِّبة بِها نفسُك، شاكرًا لله على نعمتِه؛ حيث أعطاك الكثيرَ، ورضيَ منك باليسير، فاحْمَده جلَّ وعلا على فضْلِه، وأعطِ هذه الزَّكاةَ، واللهُ سيجلِبُها عليْك، ﴿ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39].
أيُّها المسلم:
إنَّ هذه الزَّكاة لم يُتْرَك أمرُها لاجتِهاد البشر، لَم يترك أمرُها لاجتِهاد البشر، بل جاء تَحديدُها في كتاب الله؛ لأنَّه العليم بعبادِه؛ ﴿ أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14]. فأوجبها ربُّنا لأصنافٍ ثَمانية، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60].
نعم، إنَّه عليمٌ، وإنَّه حكيم، يضَع الأشياءَ مواضِعَها، جلَّ وعلا، فهذِه الأصنافُ الَّذين يستحقُّون الزَّكاة.
فتُعْطي الفقيرَ والمِسْكينَ الَّذي لا يَجِد كفايته، أو يَجِد بعضَها لكن لا يَجِدها كلَّها، تُعْطِي أولئِك الَّذين ليس بأيديهِم نقودٌ ولا لهم مُرَتَّبات ثابتة، وليس لَهم على غيْرِهم صدقاتٌ واجبة، وليس لهم موارد لا مصانعُ قائمة، ولا أقارب تبرُّ عليْهِم، بل حالتُهم حالةُ فقرٍ تزري بِحالهم، فتُعْطيهم على ما يُعينُهم على سَنَتِهم، إنِ
فنصر الله - عز وجل - قادم، ودولة الإسلام قادمة، وجولة الإسلام آتية، رغم أنف المنافقين والعلمانيين والكافرين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين وأعلى راية الحق والدين.
اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بعز فاجعل عز الإسلام على يديه، ومن أرادنا والإسلام والمسلمين بكيد فرد كيده إلى نحره، واجعل تدبيره في تدميره، واجعل الدائرة تدور عليه.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر.
وصلى اللهم وسلم وبارك على محمد
وعلى آله وصحبه وسلم تسليما .
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولاتبخل على نفسك بهذا الأجر العظيم*
========================
ــــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ـــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمــوعـظــةالحســنـة.tt
رابط القناة تليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به – وانظر إلى عزة الإسلام وهو يقول للملك: "ما آمرك به" - قال: ما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع، ثم خذ سهماً من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل: باسم الله رب الغلام، ثم ارمني، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، فجمع الناس في صعيد واحد، وصلبه على جذع، ثم أخذ سهماً من كنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال: باسم الله رب الغلام، ثم رماه فوقع السهم في صدغه، فوضع يده في صدغه في موضع السهم فمات. فقال الناس: آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، فأتي الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر، قد والله نزل بك، قد آمن الناس.
فانظروا - عباد الله - كيف ضحى بحياته من أجل الدعوة، فعلى الدعاة إلى الله - عز وجل - أن لا يبخلوا بشيء في سبيل نشر دعوتهم، ولو أنفقوا حياتهم ثمناً لإيمان الناس، فقد مضى الغلام إلى ربه، إلى رحمته وجنته، وآمن الناس بدعوته، عند ذلك أمر الملك بحفر الأخاديد في أفواه السكك وأضرم فيها النيران وقال: من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها، أو قيل له: اقتحم.
ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أماه اصبري فإنك على الحق. وسجل الله - عز وجل - لنا في كتابه الخالد خاتمة القصة، وعاقبة الفريقين في الآخرة فقال عز وجل: ﴿ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ﴾ [البروج: 4 - 11].
قافلة الإيمان تسير يتقدمها الأنبياء الكرام والصديقون والشهداء، ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 23] ما جفت الأرض من دماء الشهداء في عصر من العصور.
وهذا كاتب إسلامي بذل حياته كلها من أجل أن يبين أن الحكم من أمور العقيدة، والتحاكم إلى غير شرع الله، والحكم بغير حكمه كفر بالله - عز وجل -: ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ﴾ [يوسف: 40]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44].
وبعد أن حكم عليه بالإعدام، وقبل أن ينفذ فيه الحكم الظالم، كتب هذه الأبيات، وكتب الله - عز وجل - لها الحياة، وخرجت من خلف القضبان.
أخي أنت حر وراء السدود
أخي أنت حر بتلك القيود
إذا كنت بالله مستعصما
فماذا يضيرك كيد العبيد
أخي ستبيد جيوش الظلام
ويشرق في الكون فجر جديد
أخي إن نمت نلق أحبابنا
فروضات ربي أعدت لنا
وأطيارها رفرفت حولنا
فطوبى لنا في ديار الخلود
أخي إن ذرفت علي الدموع
وبللت قبري بها في خشوع
فأوقد لهم من رفاتي الشموع
وسيروا بها نحو مجد تليد
فرحمة الله على صاحب الظلال.
نوع رابع - عباد الله - من أنواع انتصار المؤمنين: وهو أن يحمي الله - عز وجل - عباده المؤمنين من كيد الكافرين، كما قال تعالى: ﴿ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ﴾ [النساء: 141]، وكما قال عز وجل لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ [المائدة: 67]. وجاء في السيرة المباركة كيف عصمه الله - عز وجل - من الرجل الذي رفع عليه السيف وقال: من يعصمك مني؟ فقال: "الله" فارتجف الرجل وسقط السيف من يده، وقصة الشاة المسمومة التي أنطقها الله - عز وجل - وأخبرت النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنها مسمومة، وقصة إجلاء بني النضير، ونزول جبريل وميكائيل يوم أحد يدافعان عن شخص النبي.
هل سمعتم - عباد الله - عن يوم الرجيع، هل تعرفون - عباد الله - عاصم بن ثابت؟، بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - سرية وأمر عليهم عاصم بن ثابت - وهو جد عاصم بن عمر بن الخطاب لأمه - فانطلقوا حتى إذا كانوا بين عسفان ومكة ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان فتبعوهم بقريب من مائة رام، فاقتصوا آثارهم حتى أتوا منزلاً نزلوه، فوجدوا فيه نوى تمر تزودوه من المدينة، فقالوا: هذا تمر يثرب، فتبعوا آثارهم حتى لحقوهم، فلما انتهي إلى عاصم وأصحابه لجأوا إلى فدفد - أي مكان مرتفع - وجاء القوم فأحاطوا بهم، فقالوا: لكم العهد والميثاق، إن نزلتم إلينا لا نقتل منكم رجلاً.
وأمّا الآن وقد علمت وقتها، وقبل ذلك فضلها، ثم علمت ماذا تقول فيها، فما بقي إلا أن تُشمِّر عن سواعد الجد، فتعتكف مع المعتكفين، وتقوم مع القائمين، وتخلص النية لله رب العالمين، فما هي إلا ساعات معدودات، فأنت من الآن تضع نفسك حيث تريد، إما في زُمرة الفائزين، وإمّا في زمرة المحرومين، فلتكن ليلة القدر في قلبك عظيمة، فما سميت ليلة القدر بهذا الاسم إلا لِعِظَم قدرها وفضلها، وعليك بالاجتهاد في ليلها ونهارها.
قال الشعبي –رحمه الله–: "ليلة القدر نهارَها كَلَيلِها".
يا عبد الله! إن كنت ذا ذنوب عظيمة وترجو الخلاص، وأردت التوبة بصدق وإخلاص، فاجتهد في هذه الليلة.
أيها المسلمون الصائمون! متى يُقبل من رُدَّ في ليلة القدر؟ فمن فاتته ليلة القدر فقد فاته خيراً عظيماً.
أخيراً: خذ هذا المثال لبعض الصالحين –رحمهم الله– نُصب عينيك إن ضَعُفَت هِمَّتُك وفتُرت عزيمتُك في العمل الصالح، فاقرأ معي نموذج واحد من آلاف النماذج الحَيَّة في العلاقة مع رب العالمين:
حياة أبي حنيفةَ النُّعمان، هل في ليلة القدر أو في العشر الأواخر أو في رمضان؟! لا؛ بل هي سيرته سائر حياته –رحمه الله–، كان أبو حنيفة –رحمه الله– ليس له فراش للنوم، وكان لا ينام الليل، وسَمَّوه: (الوَتَدَ)؛ لكثرة صلاته، وصلى الصبح بوضوء العشاء أربعين سنة، وكان عامَّة الليل يقرأ القرآن كله في ركعة، وكان يُسمَع بكاؤه حتى يرحمه جيرانه، وختم القرآن في الموضع الذي مات فيه سبعة آلاف مرة، وروي أنه صلى الخمس بوضوء واحد.
وكان بعض السلف الصالح يصلي كل يوم ألف ركعة حتى أُقعِدَ من رجليه، فكان يصلي ألف ركعة جالساً، فإذا صلى العصر جثى، واستقبل القبلة، ويقول: عجبتُ للخليقة كيف أنِست بسواك! بل عجبت للخليقة كيف استنارت قلوبها بذكر سواك!
هؤلاء بأعمالهم يطلبون الجنة، ويخافون أشد الخوف من النار، فأنا وأنت ماذا نطلب؟ ومن ماذا نخاف؟ فهذه ذكرى {لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيد} [سورة ق:37].
عباد الله! صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين، فقد أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه، فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [سورة الأحزاب:56]
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحم حوزة الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.
اللهم عليك بأعداء الإسلام المعتدين من اليهود والنصارى والمشركين، اللهم إنَّا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم، فاكفناهم بما شئت، يا قوي يا متين يا شديد العقاب.
اللهم اكفنا شر كل ذي شر أنت آخذٌ بناصيته إنَّ ربي على صراط مستقيم، اللهم اكفنا شر خلقك، اكفنا شر الحاقدين والحاسدين والجاهلين والكافرين والمنافقين.
اللهم احمل المسلمين الحفاة، واكسُ المسلمين العراة، وأطعم المسلمين الجياع، وكن للمستضعفين والمظلومين من المسلمين خير ناصر ومُعين يا رب العالمين، اللهم ألِّف بين قلوب المسلمين، واجمع كلمتهم، ووحِّد صفّهم على كتابك وسنة نبيك، وارزقهم العمل بهما، والدعوة إليهما، والصبر على الأذى في سبيلهما، يا أرحم الراحمين.
اللهم أصلح الراعي والرعية، وارحم الأمة المحمدية.
اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، واقضِ حاجاتنا وحوائج جميع المسلمين.
اللهم أعد علينا رمضان أزمنةً مديدة، وأعواماً عديدة، ونحن في زيادة خير وصحة وعافية، وأمنٍ وإيمان، وسلامة وإسلام، وأعِنّا فيه على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، يا أرحم الراحمين.
اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى، ونعوذ بك من النار، {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [سورة الفرقان:74]، {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار} [سورة البقرة:201]، وصلِّ اللهم وسلِّم وبارِك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولاتبخل على نفسك بهذا الأجر العظيم*
========================
ــــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ـــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمــوعـظــةالحســنـة.tt
رابط القناة تليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
وكان أبو سليمان الداراني –رحمه الله– يقول: أهل الليل في ليلهم ألذُّ من أهل اللهو في لهوهم، ولولا الليل ما أحببت البقاء في هذه الدنيا.
وفي صحيح البخاري: عن أبي عثمان النهدي قال: ((تضيّفت أبا هريرة سبعاً –أي: نزلت ضيفاً عليه سبعة أيام– فكان هو وامرأته وخادمه يعتقبون الليل أثلاثاً: يصلي هذا، ثم يوقظ هذا)).
فيا عباد الله! ماذا فاته من فاته قيام الليل؟ لقد حصل أهل الغفلة وأهل النوم على الحرمان والويل
فاجتهد أخي! في هذه الليالي، وتعرّض لنفحات الباري، روى مسلم: عن عائشة –رضي الله عنها– قالت: ((كان رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم– يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره)).
ومن سنة الحبيب: إيقاظ الأهل، وفيه دليل على أنَّ المسلم يعين أهله على الطاعة، وينبّههم على نفحات الله، فيجتهد في إصلاح نفسه وإصلاح أهله.
ومن سنة الحبيب: شدَّ المئزر، واعتزال النساء؛ من أجل التفرغ للعبادة، فهي أيام مباركة لا يجتهد فيها إلا من وفقه الله، ولا يدرك فضلها إلا من أحبه الله، ولا يحرم من فضلها إلا محروم، فأحسن الله عزاء من فاتته هذه الليالي المباركات، وما تحويه من الخيرات والنفحات، فهي خلاصة رمضان، وزبدة رمضان، وتاج رمضان.
ومن سنة الحبيب في العشر الأواخر: الاعتكاف، فقد روى البخاري: عن أبي هريرة –رضي الله عنه– قال: ((كان النبي –صلى الله عليه وآله وسلم– يعتكف في كل رمضان: عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف: عشرين يوماً)).
فالاعتكاف من العبادات التي تجمع كثيراً من الطاعات، من التلاوة والصلاة والذكر والدعاء، والمحافظة على صلاة الجماعة مع تكبيرة الإحرام.
والاعتكاف معناه وحقيقته: قطع العلائق عن الخلائق؛ للانشغال بعبادة الخالق، ولهذا ذهب إمام أهل السنة أحمد بن حنبل إلى أن المعتكف لا يستحب له مخالطة الناس، حتى ولو لتعليم علم وإقراء قرآن، بل الأفضل له: الانفراد بنفسه، والتخلي بمناجاة ربه، وذكره ودعائه.
ويكون الاعتكاف في المساجد؛ لئلا يُترك به الجُمَع والجماعات، وكان الرسول –صلى الله عليه وآله وسلم– يعتكف العشر الأواخر تحرِّياً لليلة القدر، ولا يخرج المعتكِف من المسجد إلا لعذرٍ شرعاً، أو طبعاً، مثل: غسل الجنابة، وقضاء الحاجة، وغيرهما، فعن عطاء قال: "المعتكف كأنه مُحرِم بين يدي الرحمن، يقول: لا أبرح حتى تغفر لي.
فهذه هي مدرسة الاعتكاف: إنّها مدرسة تربية النفوس على الصبر والعبادة، مدرسة مخالفة النفس عن المألوفات والمعصية، فكم من الناس في تواصل دون انقطاع مع المخلوقين عاماً كاملاً؛ ومع ذلك لا يستطيع أن ينقطع عن المخلوقين ويتصل بالخالق عشر ليال!
خالف نفسك أخي! هيّا، تعال، تقدّم، فما هي إلا ساعاتٍ معدودات! أُطْوي فراشك من ليلة إحدى وعشرين، واقصد بعزيمة راسخة وتوبة صادقة أي مسجد تُقام فيه الجمعة، لا تتأخَّر، فرحمة ربك في هذه الليالي ومغفرته ورضوانه ومحبته لمن أقبل إليه تائباً لا يصفه وصف واصف، ولا يحيط به علم عارف، استعد من الآن، فمدرسة الاعتكاف تعلمك القيام، وتحقيق الصيام، وحفظ اللسان وغض البصر وصون الأسماع عن الحرام، وباعتكافك وإخلاصك تدرك ليلة مباركة هي خيرٌ من ألف شهر.
ولنا وقفة مع عروس ليال العشر من رمضان، وذلك بعد جلسة الاستراحة
أستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.
*الخطبة الثانية:*
الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلاماً على عباده الذين اصطفى، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله.
أمَّا بعدُ: أيها الأحباب الكرام في الله:
يقول الله تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {حمٓ * وَالْكِتَابِ الْمُبِين * إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِين * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيم * أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِين} [سورة الدخان:1-5].
الليلة المباركة هي: ليلة القدر، يُفتحُ فيها الباب، ويُقرّبُ الأحباب، ويُسمعُ الخِطاب، ويُكتب للعاملين فيها جزيل الثواب، وهي: ليلةٌ مباركة تتلقى فيها الوفود، ويحصل لهم المقصود من القبول والفوز والسُّعود،
وفي الحقيقة: هذه أوقات يربح فيها من فهم ودرى، ويصل إلى مراده كل من جدَّ وسرى، ويُفكّ فيها العاني وتُطلق الأسرى، ويتقدّم القوم فإياك الرجوع إلى وراء.
واسمع لهذا الترغيب من نبيكم الحبيب –صلى الله عليه وآله وسلم– في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمامان: البخاري ومسلم في صحيحيهما: عن أبي هريرة –رضي الله عنه–: أن رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم– قال: ((من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)).
فيا ليلة القدر للعابدين اشهدي! ويا أقدام القانتين اركعي لربك واسجدي! ويا ألسنة السائلين حِدِّي! وفي المسألة من ربِكِ اجتهدي: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر} [سورة القدر:3].
🎤
*من أروع الخطب الرمضانية*
*بعنـوان: وخــتـامُـهُ مـســك*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبـة الأولـى:*
الحمدُ اللهِ الذي دلّت بدائع صنعتهِ وعجائب قدرتهِ وحكمتهِ على انفراده بالإيجاد والإنشاءِ، وذَلَّت لعظمةِ هيبته وقهْر سطوته رقاب العظماءِ، الأول قبل ابتداءِ جميع الأشياء، الآخر بالعز والمُلك والبقاء، الظاهر فليس فوقه شيء، الباطن فليس دونه شيءُ، الحيّ الذي تنزّه عن مشابهة الأموات والأحياء، العليم فلا يخفى عليه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، أوضح أدلة وُجُوده، وغَمَرَ الخلائق بفضله وَجُوده، الأفهام عاجزة عن إدراك جلاله، والألسنةُ قاصرةٌ عن شكره وثناءه، الغني عن جميع خلقه، وكلهم محتاجون إليه، فتح باب جوده للطالبين، وبسط يديه ليتوب على المذنبين، ومهَّد للمؤمنين من إحسانه، وشرح صدورهم لقبول أمره، والإقبال على مواسم الخير والتنافس على ذكره، فوفّق العاملين لعبادته، ووعدهم بجزيل مثوبته، فتلذذوا بمناجاته، فأولاهم عفوه، وأكرمهم بمحبته، الواحد الأحد، القيوم الصمد.
وأشهد أن لا إله غيره، ولا معبود بحق سواه، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون} [سورة آل عمران:102]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [سورة النساء:1]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [سورة الأحزاب:70-71].
أمَّا بعدُ: أيها الصائمون! *وَخِتامُهُ مِسكْ.*
يا أيها العبد قم لله مجتهداً
وانهض كما نهضَت من قبلك السعدا
هاذي ليالي جاءت وأنت على
فعل القبيح مصرُّ ما جَلَوتَ صَدَى
قم فاغتنم ليلةً تحيا النفوس بها
ومثلها لم يكن في فضلها أبدا
طُوبى لمن مَرّةً في العمر أدركها
ونال منها الذي يبغيه مجتهدا
فليلة القدر خيرٌ قال خالقنا
من ألف شهرٍ هنيئاً مَن لَهَا شهِدا
فيها القرآن بأمر الله أنزله
بعلمه وبهذا النص قد وَرَدَا
فيها تُفتح أبواب الجِنان لمن
أراد سباقاً فليَحْسُن الطَّلَبَا
وينزل الروحُ والملائكُ من
عند المهيمن ولن تحصي لهم عددا
يا فوز عبدٍ أدركها إنّهُ رَجُلٌ
قد عاش في الدهر عيشاً دائماً رَغَدَا
وفاز بالأمن والغفران مُغتَبِطاً
ونال ما يُرتجى من ربِّه أبدا
فاطلب من الله إن وافيتها سَحَراً
جنات عدن تكن من جُملة السُّعَدا
وابكِ ونِحْ وتضرّع في الدُّجى أسفاً
وقل إلهي تفضَّل بالجميلِ غداً
- أيها الأحباب الكرام في الله:
أنتم الآن في شهرٍ فضيل، ولتعلموا أنَّ ختامُهُ مسك،
هاهي قد أقبلت العشر الأواخر من رمضان وتيقَّنوا أنَّ ختامُهُ مسك،
ما أعظم ليالي العشر الأواخر من رمضان! وتذكَّروا أنَّ إحدى لياليها العبادةُ والطاعةُ فيها خيرٌ وأفضل وأعظم من العبادة والطاعة في أكثر من ثلاثٍ وثمانين سنة، ولذلك جُعِلت في العشر الأخيرة من رمضان؛ لتعظُمَ المنافسة، ويستمر السباق، ويُمتَحَن المُجِدُّون الصادقون، فتراهم يتعبون وينصبون، وفي المساجد مُعتكفون.
ومن علاماتهم: إن أتى الليل فهم قائمون يتهجدون، وإن أقبل النهار فهم صائمون مخلصون متصدقون، تالون لكتاب ربهم متدبرون، وإلى الله سائرون، فهم: أولياء الله فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون، وهذا الصنف الأول، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم.
رأى بعض السلف خِياماً ضُرِبت وهو في المنام، فسأل: لمن هي؟ فقيل: للمتهجدين بالقرآن، فكَان بعد ذلك لا ينام.
إخواني! ما أحسن حال من إلتجأ إلى الله رب العالمين!
ما أصبح وجوه المتهجدين!
ما أحلى مناجاة القائمين!
ما أنفع بكاء المحزونين!
ما أحلى عيش المقبولين! وما أمرَّ عيش المطرودين!
ما أعز أنفس الصائمين! وما أذلَّ نفوس الخاطئين!
ما أحسن حال المقبولين! وما أسوأ حال المحرومين!
ما أشدّ فرح الذاكرين! وما أعظم حسرة الغافلين!
ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
وصنفٌ آخر: ما عرفوا قدر هذه المواسم، ولا عظَّموها حق تعظيمها، جنبنا الله وإياكم أن نكون من أهل هذا الصنف، فتراهم يضعفون ويفتُرون، ومن المساجد يهربُون ويفِرُّون.
وهذه بعض أماراتهم: إن أتى الليل فلا تجدهم مع القائمين الراكعين الساجدين، وإن أقبل النهار فلا تقابلهم إلا في الأسواق والطرقات، ولا تكاد تجدهم في المساجد إلا نادراً، ما هذا أيها النّاس؟! أَوَصَلَ الأمر ببعض المسلمين إلى هذا المستوى من الاستهانة بنفحات الله!! والاستخفاف بمواسم لا كالمواسم!! وأيام وليالٍ قد لا تعود إلا ونحن تحت أطباق الثرى!!
زاد.الخطـيب.الـدعـــوي.cc
تيلـيجــرام 👈 t.me/ZADI2
*دروس.وخواطر.رمضانية.cc4⃣2⃣*
*اخـــتــــم شــهـــــرك بالـتــــوبــــة*
======================
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين وبعـــد :
• أيها المسلم : اختم شهر رمضان بالتوبة إلى الله عز وجل، فقد أمَرَنا الله بها فقال تعالى : ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [ النور : 31 ].
وأمرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ ) رواه مسلم .
• والتوبة واجبةٌ على الفور
ولا يجوز تأخيرها، فسارع إليها - أيها العبد - قبل أن ينزل بك الموت، وقبل الغرغرة، واعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي غُفِر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر يقول : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ ) رواه مسلم .
فأنا وأنت حَرِيٌّ بنا أن نكون مسارعين إلى التوبة، تاركين التسويف، بل ليتب كلُّ واحدٍ منا في كل يومٍ مائة مرة، كما كان صلى الله عليه وسلم، فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ ) رواه أحمد (صحيح) .
• والتوبة عبادةٌ لله ولها شروط :
الشرط الأول : أن تكون خالصةً لله : طلباً لثوابه، وخوفاً من عقابه، وقد قال تعالى : ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [ البينة : 5 ] .
الشرط الثاني : أن يكون نادماً على ما حصل منه من الذنوب : ويودُّ أنه لم يقع منه، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( النَّدَمُ تَوْبَةٌ ) رواه أحمد وابن ماجة والحاكم (صحيح) .
الشرط الثالث : الإقلاع عن الذنب فوراً : وإن كانت التوبة في من معصيةٍ تتعلق بحقوق العباد وجب ردّها إليهم، أو استحلالهم .
الشرط الرابع : العزم على عدم العودة إلى الذنب : فإن كان متردداً في فعل المعصية ويدَّعي أنه تائب فلا تصح توبته .
الشرط الخامس : ألا تكون التوبة بعد انتهاء وقت قبلوها العام والخاص : فالعام هو كما قال صلى الله عليه وسلم : ( ثَلَاثٌ إِذَا خَرَجْنَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَالدَّجَّالُ وَدَابَّةُ الْأَرْضِ ) رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ) رواه مسلم.
وأما الخاص فهو إذا غرغر عند حضور أجله، كما قال تعالى : ﴿ وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ ﴾ [ النساء : 18 ]. وقال صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ ) رواه أحمد والترمذي وابن ماجة (صحيح) .
• فإذا توفرت الشروط السابقة في التوبة، فهي التوبة النصوح التي أمر الله بها، فقال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا ﴾ [ التحريم : 8 ].
وإذا صحت توبة العبد فإنها تثمر للعبد :
أ- أنّ الله يمحو بها ذنوبه، كما قال تعالى : ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر:53]. وقال صلى الله عليه وسلم : ( التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ ) رواه ابن ماجة (حسن) .
ب- أن الله يفرح بالعبد التائب أشد الفرح، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ مِنْ أَحَدِكُمْ بِضَالَّتِهِ إِذَا وَجَدَهَا ) رواه مسلم.
ت- أن الله يبدل سيئاته حسنات
كما قال تعالى : ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [ الفرقان : 70 ].
• أيها المسلم : تب إلى الله في المجلس الواحد واستغفره مائة مرة، وقد قال ابن عمر رضي الله عنه: ( إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) رواه أبو داود (صحيح)
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
*دعــــــــاء.الـــقـــنـــــوت.tt* 🤲
اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، واصرف عنا برحمتك شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يعِزُّ من عاديت، ولا يذِلُّ من واليت، تباركت ربنا وتعاليت، لا منجى منك إلا إليك.
اللهم لك الحمد كما هديتنا للإسلام، وعلمتنا الحكمة والقرآن، ولك الحمد على ما أنعمت به علينا من نعمك العظيمة، وآلائك الجسيمة، ولك الحمد على تتابع إحسانك، وترادف امتنانك، ولك على الحمد على ما يسرته من صيام شهر رمضان وقيامه، وتلاوة كتابك العزيز الذي لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:42] .
اللهم وكما جعلتنا به من المصدقين، فاجعلنا به معتبرين، وإلى لذيذ خطابه مستمعين، ولأوامره ونواهيه خاضعين.
اللهم وأوجب لنا به الشرف والمزيد، وألحقنا بكُلِّ بَرٍّ سعيد، ووفقنا لعمل الصالح الرشيد.
اللهم إنا عبيدك، بنو عبيدك، بنو إمائك، نواصينا بيدك، ماضٍ فينا حكمك، عدل فينا قضاؤك، نسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا، وسائقنا ودليلنا إلى جناتك جنات النعيم، برحمتك يا أرحم الراحمين!
اللهم اجعلنا لأوامره ونواهيه خاضعين، وعند ختمه من الفائزين، ولثوابه حائزين، ولك في جميع شهورنا ذاكرين، وإليك في جميع أمورنا راجين.
اللهم اجعلنا من الذين حفظوا للقرآن حرمته لَمَّا حفظوه، وعظَّموا منزلته لَمَّا سمعوه، وتأدبوا بآدابه لَمَّا حضروه، والتزموا حُكمه وما فارقوه، وأرادوا بتلاوته وجهك الكريم والدار الآخرة، فقبلت منهم ذلك وأوردتهم المنازل الفاخرة، برحمتك يا أرحم الراحمين!
اللهم هب لنا رعايةَ حقِّه، وحفظَ آياته، وعملاً بمُحكمه، وإيماناً بمتشابهه، وهدىً في تدبره، وتفكراً في أمثاله، ومعجزةً وتبصراً في أمور حُكمه.
اللهم ألبسنا به الحلل، وأسكنا به الظلل، وأسبغ علينا به النعم، وادفع عنا به النقم،
واجعلنا به عند الجزاء من الفائزين، وعند النعماء من الشاكرين، وعند البلاء من الصابرين،
ولا تجعلنا ممن استهوته الشياطين فشغلته بالدنيا عن الدين، فأصبح من النادمين، وفي الآخرة من الخاسرين، برحمتك يا أرحم الراحمين!
اللهم ذكِّرنا منه ما نُسِّينا، وعلمنا منه ما جهلنا، وارزقنا تلاوته على الوجه الذي يرضيك عنا، برحمتك يا أرحم الراحمين!
يا ذا العرش المجيد، نسألك أن تطهر بالتوبة النصوح فساد قلوبنا، وأن تجمع قلوبنا على خشيتك، وأن تهدينا إلى أقرب الطرق إليك.
اللهم هب لنا في هذه الساعة من مواهبك الجسام ما يكون وسيلةً إلى حلول دار السلام.
اللهم بارك في أسماعنا، وأبصارنا.
اللهم استر عوراتنا، وآمِن روعاتنا، واحفظنا من بين أيدينا، ومن خلفنا، وعن أيماننا، وعن شمائلنا، ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا.
يا من خضعت لعظمته الرقاب، وذلت لجبروته الصعاب، واستدل على حكمته بصنعته أولو الألباب، ولانت لقدرته الشدائد الصلاب، غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ [غافر:3] ، لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ [الرعد:30] .
اللهم اجعل القرآن العظيم لقلوبنا ضياءًَ، ولأسقامنا دواءً، ولأبصارنا جلاءً، ولذنوبنا ممحِّصاً، وعن النار مخلِّصاً، برحمتك يا أرحم الراحمين!
اللهم يا سامع الصوت! ويا سابق الفوت! ويا كاسي العظام لحماً بعد الموت!
لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته،
ولا هماً إلا فرجته،
ولا كرباً إلا نَفَّسته،
ولا عيباً إلا سترته،
ولا غماً إلا كشفته،
ولا مجاهداً في سبيلك إلا نصرته،
ولا عدواً إلا خذلته،
ولا غائباً إلا رددته،
ولا ضالاً إلا هديته،
ولا عارياً إلا كسوته،
ولا عقيماً إلا رزقته،
ولا مريضاً إلا شفيته،
ولا أسيراً إلا فككته،
ولا مظلوماً إلا نصرته،
ولا ميتاً إلا رحمته،
ولا سوءاً إلا أزلته،
ولا حاجة من حوائج الدنيا هي لك رضاً ولنا فيها صلاح إلا يسرتها لنا وأعنتنا على قضائها، برحمتك يا أرحم الراحمين!
اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، وعين لا تدمع، ونفس لا تشبع، ودعوة لا يستجاب لها.
اللهم إنا نعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضَلَع الدَّين، وغلبة الرجال.
اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك, والعزيمة على الرشد، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، ونسألك الفوز بالجنة، اللهم إنا نسألك الفوز بالجنة، والنجاة من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر، برحمتك يا أرحم الراحمين!
فلنكثر من الدعاء، ولنجتهد في نصرة المستضعفين، ولنتذكر أن الله لا يخذل أولياءه، كما قال ابن تيمية رحمه الله: «والله لينصرن الله دينه، وليُعلينّ كلمته، وليقيمنّ دولة الإسلام ولو بعد حين» [مجموع الفتاوى].
إن القضية الفلسطينية ليست مجرد صراع سياسي؛ بل هي قضية دينية وشرعية، فهي أرض مباركة بنص القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾ [الإسراء: 1]. وهي أمانة في أعناق المسلمين جميعا، لا يجوز التفريط فيها، ولا التهاون في الدفاع عنها.
والواجب الشرعي والأخلاقي يحتم على الأمة الإسلامية، حكومات وشعوبا، التحرك العاجل لنصرة أهل فلسطين بكل الوسائل الممكنة، ومن ذلك:
- الدعم المادي؛ قال ﷺ: «من جهّز غازيا في سبيل الله فقد غزا» (متفق عليه). فيجب دعم إخواننا بالمال، وتأمين احتياجاتهم الإغاثية والطبية.
- ومنه الدعم السياسي: عبر فضح جرائم الاحتلال في المحافل الدولية، وكشف تواطؤ الدول الداعمة له، فإن الله تعالى قال: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾ [هود: 113].
- وعلينا الدعم الإعلامي؛ بتكثيف الجهود لنشر الوعي حول القضية الفلسطينية، وكشف زيف الروايات الصهيونية، فقد قال النبي ﷺ: «جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم» (رواه أبو داود).
- وعلى العلماء والدعاة مسؤولية كبرى في توعية الأمة بمكانة فلسطين، ووجوب نصرتها، والتحذير من التخاذل والتطبيع مع العدو.
إن استمرار الاحتلال في جرائمه لم يكن ليحدث لولا وجود أنظمة عربية متواطئة، منعت الشعوب من نصرة إخوانهم، وفتحت قنوات التطبيع مع العدو، واستقبلت سفراءهم، ومن هنا؛ فإن واجب الشعوب:
- رفض أي شكل من أشكال التطبيع السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي.
- ودعم المقاومة بكل الوسائل الممكنة، كما قال النبي ﷺ: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا» (متفق عليه).
- وتحريك الرأي العام ضد الأنظمة المتخاذلة، وعدم الرضوخ لمحاولات تمييع القضية.
أيها المسلمون، اعلموا أن القضية الفلسطينية ليست قضية تفاوض أو تنازل؛ بل هي جزء من عقيدة المسلمين:
- فأرض فلسطين وقف إسلامي، لا يجوز التفريط في شبر منها.
- والجهاد ضد المحتلين فرض عين على كل مسلم مستطيع، قال تعالى ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً﴾ [التوبة: 36]. ولو كانت قضايا المسلمين تحل بالدعاء فقط؛ ما خاض رسول الله حربا؛ فلابد من نصر إخواننا في غزة!
- وكل اتفاقيات التطبيع باطلة شرعا، وهي خيانة للأمة والدين، ولذلك قال الإمام ابن تيمية: "كل عهد يضر بالمسلمين فهو باطل" (الفتاوى الكبرى 5/530).
- وإغلاق المعابر خيانة لله ورسوله، ومن يمنع عن المسلمين الطعام والدواء، فقد ارتكب كبيرة من الكبائر.
- ويجب المقاطعة الاقتصادية الشاملة لكافة الشركات الداعمة للعدو.
نسأل الله أن ينصر إخواننا في فلسطين، ويثبت أقدامهم، ويسدد رميهم، وأن يكون لهم معينا ونصيرا، وأن يرينا في عدوهم يوماً أسودًا، وأن يشتّت شمل الصهاينة، ويفرق جمعهم، ويجعل بأسهم بينهم شديد، وأن يجعل تدبيرهم تدميرا عليهم وأن يخرجهم من أرض المسلمين أذلةً صاغرين!
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي كتب العزة لعباده المؤمنين، وجعل الجهاد في سبيله ذروة سنام الدين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، جعل الأرض ميراثا لعباده الصالحين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، القائل: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يُسلمه، ولا يخذله» (رواه مسلم).
أما بعد:
فإننا نقف اليوم على منبر رسول الله ﷺ، والأمة الإسلامية تتابع بقلوب يعتصرها الألم ما يجري في أرض الإسراء والمعراج، حيث يستمر الاحتلال الصهيوني في جرائمه الوحشية بحق إخواننا في غزة، وسط صمت دولي مخزٍ وتواطؤ من القريب والبعيد.
عباد الله، اعلموا أن ما يجري في غزة اليوم هو مخاض النصر، وأن الله إذا أراد أمرا هيّأ أسبابه. وكما كان قدر الله في معركة بدر أن تتحول من هجوم على القافلة إلى معركة فاصلة حطّمت كبرياء قريش؛ فإن غزة اليوم أرادها العدو مواجهة محدودة، وأرادها الله حربا كاشفة للحقائق، فاصلة بين أهل الصدق وأهل التخاذل، ومبشرة بزوال الطغيان. قال تعالى: ﴿وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ﴾ [الأنفال: 7]، وقال أيضا: ﴿وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ [البقرة: 216]. ولم يكن النصر في بدر بالعدد والعدة؛ بل بتأييد الله لعباده الصادقين. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا يمنعنكم قلة العدد من الجهاد، فقد نصر الله المسلمين في بدر وهم أذلة." وهذا درس للأمة اليوم؛ فالقوة ليست في السلاح وحده؛ بل في الثبات على الحق.
للاشتراك في اللستة تفاعل نار🔥
دعـــــم طـــريــق الـــخـيــر🌪⬆️
علمهم الفاروق -رضي الله عنه- التعلق بالله -تعالى-، لا التعلق بعمر ولا بجيشه، فنصرهم الله تعالى نصرًا عزيزًا.
الله أكبر الله أكبر؛ لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيها الصائمون القائمون: "من تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إليه"، تلكم قاعدة نبوية نطق بها من لا ينطق عن الهوى -صلى الله عليه وسلم-، ورأيناها واقعًا فيما مر بنا من أحداث عظام؛ فأمة العرب ركنت في قضاياها المصيرية إلى المنظمات الدولية، وركنت في حمايتها إلى الدول العظمى، وتعلقت بها أكثر من تعلقها بالله -تعالى-، فما زادتها إلا ذلاًّ وظلمًا وقهرًا ورهقًا، فضاعت فلسطين في أروقة الظالمين، وسلمت العراق للصفويين، والآن يذبح الباطنية إخواننا السوريين، ويبيد البوذيون إخواننا البورميين، وأمة العرب -ومِنْ ورائها المسلمون- لم يستطيعوا فعل شيء؛ لأن تعلقهم بغير الله -تعالى- كان أكثر من تعلقهم به -سبحانه-.
ضربت عليهم الذلة رغم كثرتهم، وأهينوا بالفقر رغم ثرواتهم، وأصيبوا بالتفرق مع أنهم في الأصل أمة واحدة.
تعدَّدت الأسباب، واختلفت الرؤى؛ لكنَّ السببَ الجامعَ لكُلِّ أسبابِ مصائبِ الأمةِ ومذابحها وهوانها على أعدائها هو التعلقُ بغير الله -تعالى-، فوُكِلُوا إلى مَن تعلَّقوا به مِن البشر، فخذلوهم، وظلموهم، وغدَروا بهم.
والعروش التي تساقطت كان أربابها متعلقين بالخَلق من دون الله -تعالى-، فما أغنوا عنهم نقيرًا ولا قطميرًا، ولم يحموهم من الذل والأسر والقتل، ولم يمنعوا عروشهم من السقوط.
إي وربنا! لم ينفعهم تعلقهم بعسكرهم وقواتهم وأعوانهم، كما لم ينفعهم تعلقهم بالقوى المستكبرة، وخضوعهم لها لما أراد الله -تعالى- زوالهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "وكُلُّ مَن علّق قلبه بالمخلوقات أن ينصروه، أو يرزقوه، أو أن يهدوه؛ خضع قلبُه لهم، وصار فيه من العبودية لهم بقدر ذلك، وإن كان في الظاهر أميرًا لهم، مُدَبِّرًا لهم، متصرفًا بهم، فالعاقل ينظر إلى الحقائق لا إلى الظواهر".
وقال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "أعظم الناس خذلانًا مَن تعلّق بغير الله، فإن ما فاته من مصالحه وسعادته وفلاحه أعظم مما حصل له ممن تعلق به، وهو مُعرَّضٌ للزوال والفوات".
الله أكبر الله أكبر؛ لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
وفي بلاد الشام اجتمع على أهل السنة فيها دولة بجندها وجيشها وعتادها، يقودها النصيرية لذبحهم، وأمدَّهم باطنية لبنان والعراق وإيران بالجند والسلاح، ومن خلفهم ملاحدة الصين وروسيا، وترك العالم السوريين يواجهون هذا كله وحدهم، فلما رأوا خذلان الناس لهم؛ تعلقت قلوبهم بالله وحده، وظهر ذلك جليًّا في هتافاتهم وشعاراتهم، فأمدهم الله -تعالى- بقوته، وثبّت قلوبهم بقدرته، وأدال لهم على أعدائهم، وأمال الكفة لهم، وصاروا يثخنون في العدو، ويقتربون من النصر، وتلك آية بينة رأيناها بأنفسنا تدل على أن التعلق بالخلق يورث الذل والخذلان والهزيمة، وأن التعلق بالله تعالى يكسب العز والنصر والقوة.
فعلِّقوا بالله العظيم قلوبكم، وأخلوها من الخلق مهما كانوا، علقوا به -سبحانه- قلوبكم في هذا الزمن العصيب الذي تتخطفنا فيه الفتن، وتحيط بنا المحن، ويتكالب علينا الأعداء.
علِّقوا بالله -تعالى- قلوبكم في رد أعدائكم، وعلقوا به قلوبكم في حفظ أوطانكم، وعلقوا به قلوبكم في أمنكم واستقراركم، وعلقوا به قلوبكم في أرزاقكم، وعلقوا به قلوبكم فيما تؤملون في مستقبلكم وما تخافون.
ولا تتعلقوا بمخلوق مهما علت منزلته، وبلغت قوته، وظهرت عزته، فإن القوة لله جميعًا، وإن العزة لله جميعًا: (أَلَا لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ) [الأعراف:54]، (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ) [آل عمران:160].
بارك الله لي ولكم...
*الخطبــــة.الثانيــــة.cc*
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله على الصيام والقيام والعيد، والحمد لله على ما شرع من الشرائع، وما هدانا إليه من العبادات والشعائر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
الله أكبر الله أكبر؛ لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أمــــا بعــــد:
فيا أيتها النساء المسلمات، يا أيتها الصائمات القائمات: اتقين الله -تعالى- في أنفسكن، واتقينه في دينكن، وعلقن به -سبحانه- قلوبكن؛ فإن البشر ضعاف، وأضعف البشر النساء.
وكلما اشتد ضعف المخلوق كان أكثر حاجة إلى التعلق بمن يحميه وينصره ويدفع عنه، والله -تعالى- هو القوي القهار، العزيز الجبار؛ لا تتعلق به امرأة فتضيع، ولا تعلق حاجتها به فتخيب.
املأن قلوبكن وقلوب أولادكن بمحبة الله -تعالى- وتعظيمه، وشدة التعلق به، وحسن التوكل عليه، وسرعة الإنابة إليه.
🎤
*خطبة.عيد.الفطر.المبارك.cc*
*بعنــوان : التعــلــق باللـــه تعـــالى*
*للشيخ/ إبراهيم بن محمد الحقـــيل*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*أهداف وعناصر الخطبة :*
1/ عظاتٌ من صيامنا هذا العام 2/ الاعتبار بالأيام دافعٌ للتعلق بالله وحده 3/ التعلُّق بالله سلاح الرسل والصالحين 4/ من تعلَّق شيئًا وُكِل إليه 5/ التعلُّق بغير الله سبب مصائب الأمة 6/ دعوةٌ للنساء للتعلُّق بالله 7/ دعوة للتصافي ونبذ الخلافات
*الخطبــــة.الاولــــى.cc*
الحمد لله القوي العزيز، الحليم العظيم، ذلَّت لعزته كُلُّ عزة، وضعفت لقوته كل قوة، وتلاشت أمام عظمته كل عظمة؛ عامَل خلقه بحلمه، ولو أهلكهم لكان ذلك بعدله: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) [الإسراء:44].
له صفات الجمال والجلال، وتفرد بالكمال؛ فكل ما سواه مخلوق مربوب، وهو وحده الخالق المعبود. فالحمد كله له؛ نحمده عدد ما خلق، وملء ما خلق، ونحمده عدد كل شيء، وملء كل شيء، ونحمده عدد ما أحصى كتابه، وملء ما أحصى كتابه، ونحمده عدد السماوات والأرض وما فيهن، وملء السماوات والأرض وما فيهن.
نحمده حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحب ويرضى؛ مد في أعمارنا فصمنا شهرنا، وحضرنا عيدنا، ووسّع لنا في أرزاقنا فوسّعنا على أنفسنا وأولادنا، وأمَّنَنا في أوطاننا فلم نخش شيئًا ونحن نخرج إلى مصلانا، وعافانا في أبداننا فلم نشكُ علَّة ولم نجد ألمًا؛ فله الحمد، لا نحصي ثناءً عليه، كما أثنى هو على نفسه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال؛ حكيم الفعال، كثير النوال، شديد المحال؛ لا يلوذ به عبد فيخيب، ولا يناكفه مستكبر فيطيب: (وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ) [الأنعام:18].
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ الناصح الأمين، الرؤوف الرحيم؛ آثر غيره على نفسه وولده، واختبأ دعوته شفاعة لأمته، وألحَّ على ربه -سبحانه- يطلب سلامتها، ويرجو نجاتها، حتى نالت أمته من الخير على يديه ما لم تنله أمة غيرها، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ أعلام الأمة وسادتها، وفخرها وقدوتها، سادوا الأرض فما تكبروا، وحكموا البشر فما ظلموا، بل تواضعوا وعدلوا، لا يوقّرهم إلا مؤمن، ولا يحقرهم إلا منافق، وعلى التابعين لهم بإحسان.
الله أكبر الله أكبر؛ لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
الله أكبر؛ كم في الدنيا من تقلبات وتحولات! الله أكبر؛ كم في البشر من سعداء وأشقياء! الله أكبر؛ سقطت عروش، ونزعت ملوك، ونصرت شعوب! الله أكبر؛ انتصرت شعوب مستضعفة بنصره، واستقوت بقوته، وعزت بعزته! الله أكبر؛ مات كبراء بقدره! وهو حي لا يموت، وملكه دائم لا يزول، وعرشه قائم لا يحول: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ) [الرَّحمن:27-28]، (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الملك:1].
الله أكبر الله أكبر؛ لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أما بعد:
فاتقوا الله تعالى -أيها المسلمون- وأطيعوه، وعظموه في هذا اليوم المبارك، واحمدوه على ما هداكم له من الإيمان، واشكروه على ما أعانكم عليه من الصيام والقيام، أطيعوه في كل أحيانكم، واسألوه في كل أحوالكم؛ فإنكم فقراء إليه، ولا غنى لكم عنه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الفُقَرَاءُ إِلَى الله وَاللهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ) [فاطر:15].
الله أكبر الله أكبر؛ لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: صمتم في حَرٍّ شديد، ونهار طويل، وريح سموم، وشمس حارقة غلت منها الرؤوس، ووجدتم عطشًا أيبس الأكباد، وجفف الشفاه، وكان أثر الصوم باديًا على الوجوه.
واليوم تحضرون عيدكم بعد تمام صومكم، واكتمال نعمة الله تعالى عليكم؛ فخذوا العظة من حَرِّ رمضان لحر يوم القيامة، ومن شدة شمسه لدنو الشمس في الموقف العظيم، ومن ظمأ نهاره لظمأ ذلك اليوم الطويل، حين يسيل عرق الناس بحسب أعمالهم، ولا ظل إلا لمن أظله الله في ظله، ولا ماء إلا في الحوض المورود، حين يرِدُه أناس ويحجب عنه آخرون، فيشرب منه الواردون شربة لا ظمأ لهم بعدها، نسأل الله تعالى أن يجعلنا ووالدينا وأهلينا وأحبابنا ممن يستظلون بظل الرحمن، وممن يرِدُون الحوض، وينالون الشفاعة، ويدخلون الجنة.
واعلموا أنه لا نجاة من ذلك الكرب العظيم الذي ينتظركم إلا بالإيمان والعمل الصالح، فاعملوا صالحًا بعد رمضان كما عملتموه في رمضان، وصوموا عن المحرمات كما صمتم رمضان؛ فإن العقبى جناتٌ وأنهار.
الله أكبر الله أكبر؛ لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيُّها المسلم:
إذا عجزتَ عن الزَّكاة أحيانًا أو كثُر المال، فعِندك الضَّمان الاجتماعيُّ فإنَّ لديْهِم خبرةً وقدرة ولوائحَ للمستحقِّين؛ لأنَّ الدَّولة - وفَّقها الله - قد أمدت هذا الجهاز بإ
مدادٍ جيِّد، ففي كلِّ شهرٍ يُصْرَف عليْهم ما يقرُب من ألف مليون، يأخذونه من الصرَّاف أو من أماكن الصَّرف دون أيّ مشقَّة؛ لأنَّهم متأكِّدون من أحوال هؤلاء، وقد أمدَّتْهُم الدَّولة أيضًا بأمْرِ خادم الحرمين في غيْر شهر رمضان، وقد يُعطَى المعوَّقون خاصَّة رواتبَ مائةً في المائة، كل هذا من حرص حكومتنا - وفَّقها الله - على سدِّ حاجة المُحتاجين، وتنفيس كرْب المكروبين، ومع هذا فعليْنا أيضًا أن نُساهم في الخير، وعليْنا أن نُساهم في إيصال الزَّكاة لمستحقِّيها وعند العجز عنها، فهذا الضمان الاجتماعي عندهم من الخبرة والقدرة على إيصالها إلى المستحقِّين أمرٌ قد لا يستطيع الكثير فعله، فعلى الأثرياء وأرْباب الأموال ألا يكون عدم معرفة الفقراء حاجزًا لَهم، أمَّا مَن يدعو النَّاس إلى التجمُّع والتَّجمْهُر إلى بابه، فهذا ضررٌ عظيم، وفيه فسادٌ كبير، ولا يستطيعُ في ذلك أن يُميزَ بين غني وفقير، فالواجبُ التَّعاون والحِرْص على إيصال هذا إلى مستحقِّيه؛ حرصًا كبيرًا.
أسألُ الله أن يوفِّقني وإيَّاكم إلى أداء الواجب، وأن يزكِّي قلوبَنا وأموالَنا، وأن يَجعلنا جَميعًا من المُتعاونين على البِرِّ والتَّقوى، إنَّه على كلِّ شيءٍ قدير.
واعلموا رحِمكم الله أنَّ أحسن الحديث كتابُ الله، وخيْر الهدْيِ هدْيُ مُحمّدٍ - صلى الله عليه وسلم - وشرَّ الأمور مُحدثاتُها وكلَّ بدعة ضلالة، وعليْكُم بِجماعة المسلمين؛ فإنَّ يد الله على الجماعة، ومن شذ شذَّ في النَّار، فصَلُّوا - رحِمَكم الله - على محمد بن عبدالله.
قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِكْ على عبدِك ورسولِك مُحمَّد، وارْضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الرَّاشدين الأئمَّة المهديِّين: أبي بكر وعُمر وعُثمان وعلي، وعن سائر أصحابِ نبيِّك أجْمعين، وعن التَّابعين وتابعيهِم إلى يوم الدِّين.
واعلَمْ - أيُّها المسلِم - أنَّ المسلِم إذا أراد التَّأكُّد من صدقتِه، فليبحثْ عن أقاربِه، عن إخوته عن أخواتِه، عن أعمامِه وعمَّاته، أخواله وخالاته، بني عمِّه وبناتِ عمَّاته وأخواله؛ فإنَّ الصدقةَ على القريب أوْلى من البعيد؛ ففي الحديث يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((صدقتُك على المسكينِ صدقةٌ، وعلى الرَّحِم اثنتان: صدقة وصلة)).
اللَّهُمَّ أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشِّرك والمشركين، دمِّر أعداءَ الدِّين، وانصُرْ عبادَك الموحِّدين، واجعَلْ هذا البلدَ آمِنًا مُطمئنًّا وسائرَ بلادِ المسلمين، يا ربَّ العالمين.
اللهم أمنَّا في أوْطاننا، وأصلِحْ أئمَّتنا وولاةَ أمرِنا، اللَّهُمَّ وفِّقْهم لما فيه صلاحُ الإسلام والمسلمين، اللَّهُمَّ وفِّق إمامَنا وإمامَ المسلمين عبدالله لكلِّ خير، واحفَظْهُ بِحِفْظك، وكُنْ له عونًا ونصيرًا في كلِّ ما أهمَّه، اللَّهُمَّ تقبَّل منه صالحَ أعمالِه، إنَّك على كل شيءٍ قدير، اللهُمَّ وفِّقْ وليَّ عهْدِه سلطان بن عبدالعزيز لكلِّ خيْر، اللَّهُمَّ سدِّدْه في جميعِ أعمالِه، واجعَلْهم جَميعًا أعوانًا على البِرِّ والتَّقوى، إنَّك على كل شيءٍ قدير.
واعلموا رحِمكم الله أنَّ أيَّامكم الآتية أيَّام العشْر الأخيرة من رمضان، وأيَّام العشر الأخيرة من رمضان أحبُّ، وفي لياليها يُرْجى أن تكون ليلةُ القدر، سواءٌ في الأوتار أو في الأشفاع، ونبيُّكم صلَّى الله عليه وسلَّم كان في العشرين من رمضان يَجعَل الليلَ ما بيْن نومٍ وقيام، وفي العَشْر الأخيرة يشدُّ مئزَرَه، ويتفرَّغ إلى العبادة الخاصَّة، ويعتكف في تلك العشْر؛ رجاءً في تلك الليلة، فاغتنِموا بقيَّة شهْرِكم، واحرصوا على الجِدِّ والأعمال الصالحة، ولا تفوتَنَّكم تلك الأوقات النفيسة، فكم من إنسان سيندم.
نسأل الله لنا ولكمُ البركة في الأعمال، إنَّه على كل شيءٍ قدير.
ربَّنا اغفر لنا ولإخوانِنا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تَجعلْ في قلوبنا غِلاًّ للذين آمنوا، ربَّنا إنَّك رؤوفٌ رحيم.
ربَّنا ظلَمْنا أنفُسَنا وإن لم تغْفِرْ لنا وترحَمنا لنكوننَّ من الخاسرين، ربَّنا آتِنَا في الدُّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنة، وقنا عذابَ النَّار.
عبادَّ الله:
إنَّ الله يأمُر بالعَدْلِ والإحسان، وإيتاءِ ذي القُرْبى، وينهَى عن الفحشاءِ والمُنْكَر والبغي، يَعِظُكم لعلَّكم تذكرون.
فاذْكُروا الله العظيم يذْكُرْكم، واشكروه على نِعَمِه يَزِدْكم، ولَذِكْرُ الله أكبر، والله يعلَم ما تصنعون.
استَطَعْت لذلك.
تعْطِي - يا أخي - العامل عليها، والعاملون عليْها هُم مَن يبعَثُهم قائمُ الأمة ليأخذوا الزَّكاة من أهلها، أمَّا الذين تبعثُهم أنت، فتُعْطِيهم أنتَ هؤلاء من خارجِ الزَّكاة؛ لأنَّه واجبٌ عليْك، فتعطي مَن يُعينُك على قضاءِ هذا الواجب.
وتُعْطي المؤلَّفة قلوبُهم الذين يُرْجى أن يُسْلِموا أو يقوى إيمانُهم، أو يُدْفَع شرُّهم عن المسلمين، فقد استعمل الإسلام الإحسان مع مَن هُم ليْسوا على طريقتِك، إذا رحِمْت فقيرَهم وأحسنتَ إلى مُحتاجِهم، فربَّما كان هذا الإحسان سببًا في هدايتِه، وصلاحِ قلْبِه ورُجوعِه إلى الطَّريق المستقيم.
وتعطي - يا أخي - في الرِّقاب المأسورة.
وتُعْطي - يا أخي - الغارمين، والغارمون على قِسمين: غارم تحمَّل ديونًا ليْستْ له ذاتيًّا، وذلك لدَفْعِ شرورٍ وإصلاحِ شأن أُمَّة، فهذا يُعْطى لأنَّها مصلحةٌ لأجْلِ أمَّة جمعاء، ويُعطى الغارم الذي تَحمَّل الدُّيون لمصلحة نفسِه، تَحمَّلها لمصلحة نفسه، فيُعْطَى ما يعينُه على قضاء دَيْنِه، لكن لابدَّ أن ننظر إن كانت هذه الدُّيون ديونًا في غيْر حلال وديونًا ارتكبها في معصيةٍ، لابدَّ أن ننظُر فيها في الغالب لا إلى أحوالِه، فلا نعينُه على أكْلِ أموال النَّاس ولا نُعينه على الظُّلم والعدوان، إنَّما ننظُر في حالِه فنُعْطِيه ما يَقْضِي دينَه إن كان هذا الدَّين في سبيل خيْرٍ، وإن علمنا أنه لا يَستطيعُ أن يفعل أو يُخْشى أن يأخذ المال ويأكُله، دفعناه إلى الغريم وأخذنا على ذلك مواثيقَ بأنَّ هذا هو الوفاء.
أيُّها المسلم:
وتعطي الشَّابَّ الذي يريدُ الزَّواج ما يُعينُه على الزَّواج، ما يُعينُه على زواجِه؛ فإنَّ الزَّواج عفَّة للبصَر وعفَّة للفَرْج، فتُعْطِي هذا الشَّابَّ ما يعينُه على مؤونة الزَّواج؛ لأنَّ هذا من الخيْر - أيُّها المسلم - فتُعْطيه ما يُعينُه على أخْذ مسكنه، وتعطيه ما يعينُه على نفقة أولادِه، تُعْطيه ما تظنُّ أنَّه يكفيه، لكن بِشَرط أن يكون العطاءُ باعتِدال ونظام، هذا هو المطلوب.
وتُعْطي - يا أخي - المُجاهدين في سبيل إعْلاء كلمة الله، لا الجهاد الذي يزعُم مَن يزعُمه مِمَّن جعلوا جهادَهم قتالَ المسلمين وسفْك دمائهم، وتدمير مُمتلكات، فجعل الظلْم والعُدوان جهادًا، فيأبى الله ذلك.
الجهادُ المطلوب هو جهادُ الذين جاهدوا لتكونَ كلِمة الله هي العُليا، لا أقل ولا أكثر، أمَّا المدَّعون للجِهاد وهم ظلَمة ومُعتدون - عباد الله - فهؤلاء هم المستغلُّون، وهؤلاء هم مستغلُّون من غيْرِهم، وهؤلاء خاضعون لغيْرِهم من أعداء الإسلام، فَجعلوا الظُّلم وسفْك الدِّماء وتَدْمير الممتلكات جهادًا، والله يعلَمُ المُفْسِد من المصلح.
أيُّها المسلم:
وتُعطي ابنَ السَّبيل الَّذي انقَطَع عن بلادِه؛ فإنْ كان غنيًّا في بِلادِه، ولو كان غنيًّا في بلاده ما يُعينُه إلى الوصول إليها.
أيُّها المسلم:
هذه الزَّكاة على ما دُعيتَ بِها الله سائِلُك عنها، إيَّاك أن تُحابي بِها أو تُسْقِط بِها عنك واجبات؛ فلا تُعْطِها زوجتَك لتكونَ قائمة مقام النَّفقة عليْها، ولا أولادك لتكونَ قائمة مقام الإنفاق عليْهِم، ولا مَن هُم في بيتِك مِمَّن يَخدمونَك القَائمون على خدمتك، لتكونَ قائمةً مقام واجِبِهم، أعْطِها للمستحقِّين، ودقِّق وحاسِبْ، واعلَمْ أنَّ وراءَك حسابًا عظيمًا، والله مطَّلع عليْك، وعالمٌ بأحْوالِك كلِّها.
أيُّها المسلم:
أعْطِ المُسْتحقِّين للزَّكاة حقوقَهم، أعطِهم حقوقَهم بأمانةٍ وإخْلاص.
ثانيًا: إنَّ الله جلَّ وعلا أوْجَب الزَّكاة في أصنافٍ من المال، أوْجَبها في البهيمةِ من الأنْعام، من الإبل والبقر والغنم، إذا بلغتْ النِّصاب.
فالغنَمُ أقلُّه أربعونَ، والبَقَر ثلاثون، والإبل خَمس، تخرج منهم شاة، لكن شريطة أن تكون هذه السَّائمة ترعَى وترِد الماء وتأْكُل العلَف بلا مقدِّم لها، أمَّا البهائم تُعْلَف وتُسْقى، فهذا إن أراد بِها التَّكسُّب والبيع والشراء، فإنَّها عروضُ تِجارة يُخْرِج منها العُشْر من قيمتها، وإن كان للبِرِّ وهو ينفق عليها يَعْلِفها ويَسقيها ولم يَجعلْها للتِّجارة، فإنَّ هذه لا زكاةَ عليْها؛ لأنَّها من باب المُقْتنيات.
وأوجبها الله في الخارج من الأرض من الحبوب والثمار؛ ﴿ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾ [الأنعام: 141]،﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ ﴾ [البقرة: 267] فأوجَبَها من الحبوب والثِّمار إذا بلغتْ نِصاب خَمسة أوسُق: العُشْرَ فيما سُقِي بِلا مؤونةٍ، ونِصْف العُشْر فيما سُقِي بالمؤونة والتَّعب، ولم يوجِبْها بالخضروات والفواكه؛ لأنَّها لا تُكال ولا تُدَّخر.
وأوجبها الله جل وعلا في النَّقْديْن: الذَّهب والفِضَّة، إذا بلغت منهما النِّصاب؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِ
🎤
*خطبة.جمعة.بعنوان.cc*
*العشــر الأواخــر وزكــاة الفـطــر*
*للشيخ/ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبـــة.الاولـــى.cc*
إنَّ الحمد لله، نَحمده ونستعينُه ونستغفِرُه، ونتوبُ إليْه، ونعوذُ به من شُرور أنفُسِنا ومن سيِّئات أعمالِنا، مَن يهْدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِلْ فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحْدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ مُحمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا إلى يوْم الدِّين.
أمَّا بعدُ، فيا أيُّها النَّاس، اتَّقوا الله تعالى حقَّ التَّقوى.
عبادَ الله:
من حِكْمة الرَّبِّ جلَّ وعلا تفاوُتُ العِباد في أرْزاقِهم، واختلافُهم ما بين مُقِلٍّ ومُكْثِر، وما بين واجدٍ وبينَ ما هو معدم، وكلُّ هذا التفاوُت في الأرزاق، كلُّ هذا التفاوُت في الأرزاق لحكمةٍ يعلَمُها جلَّ وعلا وهو الحكيم، ﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [سبأ: 36].
فالتَّفاوُت في الأرزاق أيُّها المسلِم لِحكمةٍ أرادها ربُّنا، فهي ابتلاءٌ وامتِحان، ابتلاءٌ للغنيِّ الذي رُزِقَ المالَ، ووُسِّع عليه، وزلِّلتِ الصِّعاب أمامَه، فكان كلُّ خطوةٍ يَخطوها يربَح من ورائِها خيْراتٍ تزدادُ وعظاتٍ تتوالَى، هذا يُبْتلى بِهذا المال، أيكون شاكرًا لله على إنْعامه وإفْضاله، معترفًا للواهب بالفضْل والإحسان، وأنَّ هذا من فضل الله عليْه لا مجرَّد حولِه وقوَّتِه وأسبابِه التي هُدِيَ إليها كلها بتوفيقٍ من الله، فهو الذي هداه للأسباب النَّافعة، وهو الذي يسَّر له الأمور، فيكتب أن يقوم بِحقِّ هذا المال أم لا.
هل هذا المال سببٌ لأشَرِه وطُغيانه وبطَره وتكبُّره؟ ﴿ كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى ﴾ [العلق: 6 - 7] أم يكون هذا المالُ سببًا في صلاح القَلْب، وسببًا لبذْلِه وإنْفاقه، وسببًا يُقَرِّبُه إلى الله زُلْفى، ويُنفِق ما يرفع الله به درجاتِه بالدَّار الآخِرة.
ويُبْتلى الفقيرُ بقلَّة المال، هل يكونُ صابرًا شاكرًا للَّه، راضيًا برزق الله، مطمئنَّة نفسُه، ((قدْ أفلح مَن أسلم، ورُزِقَ كفافًا، وقنَّعه الله بِما آتاه))، وربُّنا جلَّ وعلا قد أذلَّ قومًا خدعَتْهم الأموال، وظنُّوا أنَّ المال هو الغاية في كلِّ الأمور.
قال تعالى: ﴿ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الخَيْرَاتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ ﴾ [المؤمنون: 55 - 56]، وقال: ﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ ﴾ [سبأ: 37] فما أموالُكم ولا أولادُكم بالَّتي تقربكم عندنا زُلفى إلا مَن آمَن وعمِل صالحًا، فالأموال وحدَها لا تقرِّب، إنَّما يُقرِّب العبدَ إلى الله أعمالُه الصالحة، التي عملها.
أيُّها المسلم:
هذا المال فتنة، كما قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾ [التغابن: 15]، إنَّ هذا المال بلاءٌ إلا مَن أعانه الله على حقِّه فأدَّاه كاملاً، هذا المال بلاءٌ وامتِحان، يوفِّق الله مَن شاءَ مِن عبادِه فيتخلَّص من مصائب الأموال، ويؤدِّي الحقوقَ الواجبةَ عليْه حامدًا وشاكرًا لله، مُثْنيًا على الله بِما هو أهلُه.
أيُّها المسلم:
إنَّ الله - سبحانه وتعالى - أوْجَب على الأغنياء زكاةً في أموالهم، هذِه الزَّكاة هي الرُّكن الثَّالث من أركان الإسلام، في كتاب الله في آيٍ من القُرآن: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5]، وقال: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [البقرة: 43]، وقال: ﴿ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ﴾ [التوبة: 5]، وفي آيةٍ أُخرى: ﴿ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ﴾ [التوبة: 11].
وجوبُها في الكِتاب والسُّنَّة وأجْمع المسلِمون عليْها إجْماعا قطعيًّا، وأنَّ مَن جَحَد وجوبَها أو شكَّ في ذلِك فهذا كاذبٌ غيْرُ مُسلِم، مرتدٌّ عن الإسلام والعياذ بالله، ومَن بَخِل بِها أوِ انتقص شيئًا منها كان ظالمًا لنفْسِه.
أيُّها المُسلم:
هذه الزَّكاة الشَّرعيَّة التي أوجبها الله على الأغنياءِ أوجَبَها لحِكْمٍ عظيمة، وأسرارٍ يعلم العبادُ شيئًا وتخفى عليهم أشياء، ولقد بيَّن الله عزَّ وجلَّ لنا الحِكمة من الزَّكاة، فقال في فرضيَّة الزكاة: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 103] خُذ من أموالِهم صدقةً تطهِّرهم وتزكِّيهم بِها، فانْظُر إلى هَذَيْن الأمرَيْن العظيمَيْن:
فقال عاصم: أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيك، فقاتلوهم حتى قتلوا عاصماً في سبعة نفر بالنبل، وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه، وكان عاصم قتل عظيماً من عظمائهم يوم بدر، فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر فحمته من رسلهم فلم يقدروا منه على شيء.
وكان عاصم بن ثابت قد عاهد الله أن لا يمسه مشرك ولا يمس مشركاً أبداً، فكان عمر يقول لما بلغه خبره: "يحفظ الله العبد المؤمن بعد وفاته كما حفظه في حياته".
فكان عاصم - رضي الله عنه - مدافعاً أول النهار عن دين الله، ودافع الله - عز وجل - عن جسده آخر النهار، فلم يمسه مشرك، فإن قال قائل: لماذا لم يمنعهم الله - عز وجل - من قتله كما منعهم من الوصول إلى جسده بعد مقتله؟ فالجواب: إن الله - عز وجل - يحب أن يرى صدق الصادقين، يحب أن يرى عباده المؤمنين وهم يبذلون أنفسهم لله - عز وجل - فينزلهم الله - عز وجل - منازل الكرامة، ويزيدهم من فضله، فالله - عز وجل - أراد أن يشرفه بدرجة الشهادة فلم يمنعهم من قتله، ثم حمى الله - عز وجل - جسده من أن يمسه مشرك.
نوع خامس: من النصر الذي ينصر الله - عز وجل - به عباده المؤمنين وهو نصر الحجة كما قال تعالى: ﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ ﴾ [الأنعام: 83]، وكما قال النبي - صلى الله عليه وسلم "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك".
فهذا الظهور أدناه أنه ظهور حجة وبيان، وقد يكون معه ظهور السلطان فهذه أنواع من النصر تدخل في وعد الله - عز وجل -: ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الروم: 47]، ولكن النصر الذي بشرنا الله - عز وجل - به، وبشرنا به رسوله - صلى الله عليه وسلم - هو النصر الأول، وهو نصر التمكين والظهور قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 33].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر، إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل به الكفر". وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها". وأتت الأحاديث الصحيحة بأن المسلمين لهم لقاء حتمي مع الروم وهم النصارى.
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق -والأعماق ودابق موضعان بالشام قرب حلب- فيخرج إليهم جيش بالمدينة من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم، فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلوهم، فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبداً، ويقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث لا يفتنون أبداً، فيفتحون قسطنطينية". وعن يسير بن جابر قال: هاجت ريح حمراء بالكوفة، فجاء رجل ليس له هجيرى إلا: يا عبد الله بن مسعود: جاءت الساعة، قال: فقعد وكان متكئا فقال: "إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة، ثم قال بيده هكذا ونحاها نحو الشام، فقال: عدو يجمعون لأهل الإسلام، ويجمع لهم أهل الإسلام. قلت: الروم تعني؟ قال: نعم، وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة، فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفئ هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب، وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يمسوا، فيفئ هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب، وتفنى الشرطة، فإذا كان يوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام فيجعل الله الدبرة عليهم، فيقتتلون مقتلة، إما قال: لا يرى مثلها وإما قال: لم ير مثلها، حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم فما يخلفهم حتى يخرّ ميتاً، فيتعاد بنو الأب كانوا مائة فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد، فبأي غنيمة يفرح، أو أي ميراث يقاسم".
كما أتت الأحاديث الصحيحة كذلك بأن المسلمين سوف يقاتلون اليهود. عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي خلفي تعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود"، وقوله: "يا مسلم" يدل على أن المسلمين في هذا الوقت يعملون بدين الله، لا ينتسبون إلى الإسلام ظلماً وزوراً.
🎤
*خطبة.عيد.الفطر.المبارك.cc*
*وكان حـــقا عليـنا نصـــر المؤمنـين*
*للـدكتــور/ احـــمـــــد فـــريـــــــد*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*أهداف وعناصر الخطبة :*
1- بيان نعم الله تعالى ووجوب شكرها.
2- توجيهات ووصايا تتعلق بالعيد.
3- توديع رمضان.
4- وعد الله المؤمنين بالنصر.
5- من أنواع النصر: نصر العز والتمكين - قهر الأعداء - انتصار العقيدة والإيمان - الثبات على الدين - نصر الحجة والبيان.
6- انتصار المسلمون على الروم وعلى اليهود.
*الخطبـــة.الأولـــى.cc*
أما بعد: قال الله - عز وجل -: ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].
فالله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ما صام المسلمون شهر رمضان، الله أكبر ما أحيوا ليله بالقيام، الله أكبر ما أخرجوا زكاة فطرهم طيبة بها نفوسهم، الله أكبر ما اجتمعوا في عيد الفطر يشكرون الله على ما هداهم للإسلام.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
ويا شهر رمضان غير مودع ودّعناك، وغير مقليّ فارقناك، كان نهارك صدقة وصياماً، وليلك قراءة وقياماً، فعليك منا تحية وسلاماً.
سلام من الرحمن كل أوان
على خير شهر قد مضى وزمان
لئن فنيت أيامك الغر بغتة
فما الحزن من قلبي عليك بفان
عباد الله:
وعد الله - عز وجل - المؤمنين بالنصر فقال عز وجل: ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الروم: 47]، وهذا النصر - عباد الله - ليس مقصوراً على نصر التمكين ولكن النصر له صور مختلفة، فلا بد للمؤمنين من نوع من أنواع هذا النصر.
فمن أنواع النصر الذي وعد الله به المؤمنين: نصر العزة، والتمكين في الأرض، وجعل الدولة للإسلام، والجولة للإسلام، كما نصر الله - عز وجل - داود وسليمان - عليهما السلام -، قال تعالى: ﴿ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ﴾ [البقرة: 251] وقال عز وجل: (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا) [الأنبياء: 79].
فجمع الله - عز وجل - لهذين النبيين الكريمين بين النبوة والحكم والملك العظيم، وكما نصر الله - عز وجل - نبيه محمداً -صلى الله عليه وآله وسلم-، فما فارق النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الدنيا حتى أقرّ الله - عز وجل - عينه بالنصر المبين، والعز والتمكين، بل جعل الله - عز وجل - النصر ودخول الناس في دين الله أفواجاً علامة قرب أجل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال تعالى: ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ [النصر: 1 - 3]
فما فارق النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الدنيا حتى حكم الإسلام جزيرة العرب، ثم فتح تلامذته من بعده البلاد شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، حتى استنار أكثر المعروف من الأرض بدعوة الإسلام، وسالت دماء الصحابة في الأقطار والأمصار، يرفعون راية الإسلام، وينشرون دين النبي - عليه الصلاة والسلام -، حتى وقف عقبة بن عامر على شاطئ الأطلنطي وقال: "والله يا بحر لو أعلم أن وراءك أرضا تفتح في سبيل الله لخضتك بفرسي هذا" وما كان يعلم أن وراءه الأمريكتين. وهذا الخليفة المسلم هارون الرشيد نظر إلى السحابة في السماء وقال لها: "أمطري حيث تشائين فسوف يأتيني خراجك".
انتصر الإسلام - عباد الله - لما وجد الرجال الذين يقومون به ويضحون من أجله، والله - عز وجل - يقول: ﴿ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الصافات: 173]، فإذا كنا جنداً لله - عز وجل - فلا بد أن ينصرنا الله - عز وجل.
ومن أنواع النصر كذلك - عباد الله -: أن يهلك الله - عز وجل - الكافرين والمكذبين، وينجي رسله وعباده المؤمنين. قال - عز وجل - حاكياً عن نوح -عليه السلام-: ﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ * وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾ [القمر: 10 - 15]، وكما نصر الله - عز وجل - هوداً وصالحاً ولوطاً وشعيباً -عليهم الصلاة والسلام-، أهلك الله - عز وجل - الكافرين والمكذبين، وأنجى رسله وعباده المؤمنين.
النوع الثالث - عباد الله - من النصر: وهو نصر العقيدة والإيمان، وهو أن يثبت المؤمنون على إيمانهم، وأن يضحوا بأبدانهم حماية لأديانهم، وأن يؤثروا أن تخرج أرواحهم ولا يخرج الإيمان من قلوبهم، فهذا نصر للعقيدة ونصر للإيمان، ألم تعلموا - عباد الله - خبر الغلام في قصة أصحاب الأخدود، حين عجز الملك عن قتله فقال له:
فيا أيها المسلمون! لو تكلَّم المتكلمون، وتحدَّث المتحدثون، ورغَّب المُرغِّبون، وكتب الأدباء، ووعظ الخطباء، وبَيَّنَ الدعاة وحاضر العلماء: عن فضل ليلة القدر لم يوفُّوها حق قدرها؛ لأن {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر} [سورة القدر:3].
يا أيها المسلمون! لو تحدَّث المتحدّثون عن فضل ليلة القدر، فَنقَلت القنوات، وسَجَّلت الإذاعات، وكتبت عن فضلها الصحف والمجلات والنشرات؛ لَمَا كان ذلك التعظيم مكافئاً لها؛ لأن {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر} [سورة القدر:3].
يا أيها المسلمون! لو عُطِّلت الأسواق، وتوقفت المواصلات، وهدأت الطرقات، وامتلأت المساجد، فتُركت المراقد، فكثر التالون، وخشع العابدون وبكى المذنبون، لم يعرف الخلق –حق المعرفة– قدرها؛ لأن {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر} [سورة القدر:3].
يا أيها الصائمون! لو دعونا الملوك، وحضر الرؤساء، وصفَّ الوزراء، وتقدَّم الأبطال والعظماء، واجتمع من في الأرض إنسها وجنها في صعيدٍ واحد، لم يوفوها حق قدرها، أتعرفون لماذا؟ لأن {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر} [سورة القدر:3].
دقائقها غالية، ولحظاتها ثمينة، وليلتها مباركة، ومهما وصفتها فلن أستطيع أن أعظمها حق تعظيمها، لكن اسمعوا إلى العظيم سبحانه وهو يتكلم عن فضلها وشرفها في خمس آيات فقط، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر} [سورة القدر:1]
فالقرآن العظيم نزل في ليلةٍ عظيمة، ولعظم قدرها عند رب العالمين قال سبحانه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْر} [سورة القدر:2]، تعظيماً لشأنها، ولأنّه وحده الذي يعلم فضلها وقدرها؛ لذلك بَيَّنَ فضلها فقال: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر} [سورة القدر:3]، أي: أن العبادة والطاعة في هذه الليلة فقط خيرٌ وأفضل عند الله من العبادة والطاعة في أكثر من ثلاث وثمانين سنة، ولعظيم فضلها وقدرها عند الله وملائكته فإن في هذه الليلة فقط {تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْر} [سورة القدر:4]، لا إله إلا الله ما أعظمها! وما أَجَلَّ قدرها! ولعظيم قدرها أنت أيها الخوف في هذه الليلة فقط ارحل وارتفع عنّا، وأنت أيها الشر أُخنُس فلا تقترب مِنّا، لماذا هذا كله؟! لأن الله تعالى قال: {سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر} [سورة القدر:5].
وكأنك تسأل الآن وتقول: متى هي ليلة القدر حتى أجتهد فيها؟ والجواب: جاء في صحيح مسلم: عن ابن عمر –رضي الله عنه– قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم–: ((التمسوها في العشر الأواخر –يعني: ليلة القدر– فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي)).
وروى البخاري: عن ابن عباس –رضي الله عنهما–: أن النبي –صلى الله عليه وآله وسلم– قال: ((التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، ليلة القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى)).
وروي عن علي وابن مسعود –رضي الله عنهما– أنها تطلب ليلة إحدى وعشرون وثلاث وعشرون.
أما مذهب الشافعي –رحمه الله– فهي عنده: ليلة إحدى وعشرين، وهو المشهور من مذهبه، وللشافعي قول: إنها ليلة ثلاث وعشرون، وهو قول أهل المدينة، وفي صحيح مسلم: عن عبد الله بن أُنَيس –رضي الله عنه–: أن رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم– قال: ((أُريت ليلة القدر ثم أنسيتها، وأراني صبحها أسجد في ماء وطين، قال: فمطرنا ليلة ثلاث وعشرين، فصلى بنا رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم– فانصرف وإن أثر الماء والطين على جبهته وأنفه.
وكان أبو أيوب السختياني يغتسل ليلة ثلاث وعشرين وأربع وعشرين ويلبس ثوبين جديدين، ويَمسُّ طيباً، ويقول: ليلة ثلاث وعشرين هي ليلة أهل المدينة، وليلة أربع وعشرين ليلتنا، يعني: أهل البصرة.
وقال جمعٌ من العلماء: بل أرجى ليلة هي: ليلة سبعٌ وعشرين.
وقد علمت ما ورد في هذه الليلة الشريفة من الاختلاف، وإنما أخفاها الله تعالى ليجتهد الناس في العمل الصالح في جميع ليالي العشر، كما في ساعة الجمعة.
والخلاصة في وقتها: ما رواه أحمد والبخاري وغيرهما: عن عائشة –رضي الله عنها–: أن رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم– قال: ((تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان))، أي: في الليالي الفردية، وهي: ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين. وقيامها إنما هو: إحياؤها بالتهجد فيها، والصلاة، وقراءة القرآن، والذكر، والدعاء، والاستغفار، والتوبة الى الله.
أمّا الآن وقد علمت ليلة القدر فلعلك تسأل وتقول: ما أقول فيها؟ روى الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني:
عن عائشة أم المؤمنين –رضي الله عنها– قالت: قلت: يا رسول الله! أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: ((قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عني)).
إخواني! ما هذه الغفلة وإلى البِلى المصير؟! وما هذا التواني والعمر قصير؟!
إخواني: أين إخوانكم الذين سَلَفُوا؟! أين أترابكم الذين رَحَلُوا وانصرفوا؟! أين أرباب الأموال وما خلَّفوا؟! والذي نفسي بيده ندموا على التفريط يا ليتهم عرفوا!! وآ عجباً لك يا عبد الله!! كُلَّما دُعيتَ إلى الله توانيت، وكُلّما حرَّكَتكَ المواعظ إلى الخيرات أَبَيت وتماديت.
فيا للعجب!! أن يبدأ شهر رمضان بأول أيامه فيتسابق الناس إلى المساجد، فمنهم القارئ ومنهم الراكع الساجد، فتكثُر الجماعة، وترغب النفوس إلى العبادة والطاعة، ويتنافس الجميع في قراءة القرآن، وفعل الخير والإحسان، ولكن للأسف!! ما هي إلا أياماً معدودات، ثم يَقِلُّ ذلك العدد، فلا تجد لهم مَدَد، وتضعف الهمم، وتخُور القُوى وتهبط العزائم، ثم تأتي عشر ليالٍ لِتَحُطّ الرِّحال، فتجد اليقظان وتجد النائم.
يا أيها الصائمون! ليالِ العشر منائح ربّانية، وفُرَصٌ استثمارية، وعروض تجارية، وغنائم إيمانية، فما أعظمها من ليالٍ! يكفيها شرفاً أنها تحمل في لياليها ليلة خير من ألف شهر: إنها ليالي العشر من رمضان.
فيا همم المتسابقين ارتفعي، ويا مساجد المعتكفين تلألئي، ويا مصابيح الأنوار لا تنطفئي، فمرحباً بِلَيالِ العشر من رمضان.
يا أقدام المتهجدين اُثبُتي، ويا حناجر الصائمين بتلاوة القرآن لا تتوقفي، لقد حلَّت بساحتنا ليالي العشر من رمضان.
يا قلوب المؤمنين اخشعي، ويا عيون التائبين ابكَي وادمعي، ويا نفوس القانطين تعالي وارجعي، ثم افرحي بِليالِ العشر من رمضان.
بكى الباكون للرحمن ليلاً
وباتوا دمعهم لا يسأمونا
بقاع الأرض في شوقٍ إليهم
تَحِنُّ متى عليها يسجُدُونا.
- كان طاووسُ-رحمه الله- يتقلّبُ على فراشه، ثم يُدرِجَهُ ويطويه، ويقول: طيَّرَ ذكر جهنم نوم العابدين!!.
-يا من فاته عمره، وأضاع شبابه، هذه ليالي العشر من رمضان تناديك: *وختامُهُ مسك.*
يا من يطمع في درجات الجنة، ورفقة نبي هذه الأمة، هذه ليالي العشر من رمضان في انتظارك، فسابق القوم بإخلاص ويقين فقطعاً ستظفر: *وختامُهُ مسك.*
يا من يبحث عن أجور عظيمة أعظم من عبادة وصلاة وقيام وصدقة وإحسان في ثلاثٍ وثمانين سنة، فهذه أوقاتها، وهذا زمانها: *وختامُهُ مسك.*
يا من يسمع عن فضل العشر الأواخر مجرَّد سماع، فهاهي قد حطَّت رحالها، فهلَّا ساهمت وتاجرت فوالله مضمونٌ أرباحها: *وختامُهُ مسك.*
فكأني بك تسأل بعد هذا الإطناب في مدحها، وبيان فضلها، فلا شك ولا ريب أنَّ حبيب الله وخليل الله وصفوة الله وخير خلق الله تعالى: قدوتنا وأسوتنا محمد بن عبد الله –صلى الله عليه وآله وسلم– كان له فيها شأن مختلف عن سائر ليالِ الدنيا؟!
والجواب: نعم، روى البخاري ومسلم: عن أُمَّنا عائشة –رضي الله عنها– قالت: ((كان رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم– إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجَدَّ وشَدَّ المِئْزَر))، هذا حال من غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
وإحياء الليل
معناه: أن يجتهد غاية الاجتهاد في ليالِ العشر ما لا يجتهد في ما سواها من ليالِ العام، أتدري لماذا؟ لأنها غنيمة ساقها الله إليه، فإحياء هذه العشر بالانقطاع للعبادة، والابتعاد عن فضول الكلام وفضول النظر وما لا ينفع المسلم في آخرته، وإحياء الليل بطول التهجد والقيام بين يدي الله تعالى، ولما لقيام الليل من فضيلة تأكّد استحبابه سائر العام، فقال سبحانه: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [سورة الفرقان:64]
وفي الحديث الصحيح الذي عند مسلم: عن أبي هريرة –رضي الله عنه– قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم–: ((أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل))، لكن قيام رمضان له مزية وفضيلة خاصة على شهور العام، ففي الصحيحين عن أبي هريرة –رضي الله عنه–: أنَّ النبي –صلى الله عليه وآله وسلم– قال: ((من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه))، وقد كان النبي –صلى الله عليه وآله وسلم– يتهجد في ليالي رمضان، ويقرأ قراءةً مُرَتّلة مُتَرَسِّلاً.
وكان –صلى الله عليه وآله وسلم– يطيل قيام الليل في رمضان وغيره، لكنه كان يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في سواه، وعلى ذلك الهدي تمسَّك أصحابه، فعن نافع بن عمر بن عبد الله قال: سمعت بن أبي مليكة يقول: "كنت أقوم بالناس في شهر رمضان فأقرأ في الركعة الحمد لله فاطر [سورة فاطر] ونحوها، وما يبلغني أن أحداً يستثقل ذلك".
وقال سفيان الثوري: "أحبُّ إليَّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل ويجتهد فيه ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك".
قال أبو يزيد المعنّى: كان سفيان الثوري –رحمه الله– إذا أصبح مدَّ رجليه إلى الحائط، ورأسه إلى الأرض؛ كي يرجع الدم إلى مكانه من قيام الليل.
وكان أحد الصالحين يصلي حتى تتورَّم قدماه فيضربها، ويقول: يا أمَّارة بالسوء ما خُلقتِ إلا للعبادة.
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولاتبخل على نفسك بهذا الأجر العظيم*
========================
ــــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ـــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمــوعـظــةالحســنـة.tt
رابط القناة تليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
✒️( *ﺧﻮﺍﻃﺮﺭﻣﻀﺎﻧﻴﺔ* )
*ﺍﻟﺨﺎطرة(24) الرابعة والعشرون*
(( *ﻣﻦ ﻓﻮﺍﺋﺪ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ* ))
🔷 ﺫﻛﺮ ﺍﻷﻃﺒﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻗﺪﻳﻤًﺎ ﻭﺣﺪﻳﺜًﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻮﻡ ﻳﻬﺬﺏ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ، ﻭﺃﻧﻪ ﻳﺰﻛﻴﻬﺎ ﻭﻳﻘﻮﻳﻬﺎ، ﻭﺃﻧﻪﻳﻜﺴﺐ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﻣﻼﺣﺔ ﻭﺻﺤﺔ ﻭﻗﻮﺓ، ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ :
( ﺳﺎﻓﺮﻭﺍ ﺗﻐﻨﻤﻮﺍ، ﻭﺻﻮﻣﻮﺍ ﺗﺼﺤﻮﺍ)..
ﻓﻤﻌﻨﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻮﻡ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻟﻠﻨﻔﺲ ﻣﻦ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﻤﺆﺫﻳﺔ ﺍﻟﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻔﺴﺪ ﺍﻟﻨﻔﺲ، ﻭﺗﻮﻗﻌﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻀﺮﻫﺎ..
🔶 ويشير العلماء إلى فائدة الصيام من الناحية الطبية فالصيام ينقي الجسم من سموم الأغذية، فإن المواد الحيوانية تحتوي على مواد دهنية الإكثار منها يؤدى إلى إصابه إنسان بآفات مرضية ومن ثم فالصيام ذو تأثير بالغ في تخفيف الأعراض التي تنتاب الأعضاء الظاهرة والباطنة..
♦ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻓﻴﻪ ﺃﻳﻀًﺎ ﺗﻤﺮﻳﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺒﺮ، ﻭﺍﻟﺘﺤﻤﻞ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﺓ، ﻭﺃﻧﺖ ﺗﺤﺲ ﺑﺬﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻓﺎجأك ﺃﻣﺮ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﻣﻨﻚ ﺇﻟﻰ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ..
🔷ﻓﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﻮَّﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻮﻉ، ﻭﺻﺒﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺪﺓ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻭﺻﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻈﻤﺄ، ﺇﺫﺍ ﺟﺎﺀﻩ ﺃﻣﺮ ﻣﻔﺎﺟﺊ ﺑﺄﻥ ﻭﻗﻊ ﻣﺜﻼً ﻓﻲ ﺟﻮﻉ ﺷﺪﻳﺪ، ﺃﻭ ﺇﺫﺍ ﻇﻤﺊ ﻭﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﺎﺀ ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﺳﻔﺮ، ﺃﻭ ﺍﻧﻘﻄﻊ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺸﺮﺍﺏ ﻛﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﺳﻔﺎﺭ ﺃﺣﻴﺎﻧًﺎ أو ما شابه ذلك، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻣﺮّﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ، ﻟﻢ ﻳﺤﺲ ﺑﺬﻟﻚ ﻭﻟﻢ ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑﻪ، ﺑﺨﻼﻑ ﻣﻦ ﻋﻮّﺩ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ، ﻓﺈﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺍﻓﺘﻘﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﺄﺛﺮ ﻛﺒﻴﺮ، ﻭﺃﺻﻴﺐ ﺑﺎﻷﻣﺮﺍﺽ، ﻭﺭﺑﻤﺎ ﺃﺗﻰ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻬﻼﻙ ﺑﺴﺮﻋﺔ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﻌﻮﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﻟﻢ ﻳﻤﺮﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻴﻪ..
🔶ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻟﻠﺼﻴﺎﻡ ﺃﻳﻀًﺎ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﻫﻲ : ﺃﻥ ﺍﻟﺼﺎﺋﻢ ﺇﺫﺍ ﺃﺣﺲ ﺑﺎﻟﺠﻮﻉ ﺗﺬﻛﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ، ﺗﺬﻛﺮ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻛﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻀﻌﻔﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺴﻬﻢ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﻓﻲ ﺃﻏﻠﺐ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ ﻓﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﺗﺬﻛﺮ ﺃﻥ ﻟﻪ ﺇﺧﻮﺓ ﻳﺠﻤﻌﻬﻢ ﻭﺇﻳﺎﻩ ﺩﻳﻦ ﻭﺍﺣﺪ ، ﺩﻳﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ، ﻳﺪﻳﻨﻮﻥ ﺑﻤﺎ ﻳﺪﻳﻦ ﺑﻪ ﻭﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻥ ﻣﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪﻩ، ويتذكر بأن هناك من جيرانه، وممن حوله ومن يعرفهم، بأنهم يحتاجون إليه، ﻭﺃﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﺟﻬﺪ ﻭﻓﻲ ﺟﻮﻉ، ﻭﻓﻲ ﺿﻨﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﺔ، ﻓﻴﺤﻤﻠﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺣﺴﺴﺖ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﺮﺣﻤﻬﻢ ﻭﺗﻌﻄﻒ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﺗﻮﺍﺳﻴﻬﻢ ﻭﺗﻌﻄﻴﻬﻢ ﻣﻤﺎ ﺁﺗﺎﻙ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻭﺗﻤﺪﻫﻢ ﺑﻤﺎ ﻳﺨﻔﻒ ﻋﻨﻬﻢ ﺁﻻﻣﻬﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﺎﺳﻮﻧﻬﺎ، ﻓﺈﺫﺍ ﻗﺎﺳﻴﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻻﻡ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ ، ﺗﺬﻛﺮﺕ ﻣﻦ ﻳﻘﺎﺳﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ..
ﻓﻬﺬﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﺃﻥ ﻳﺘﺬﻛﺮ ﺍﻟﻐﻨﻲ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ، ﻭﺃﻥ ﻳﺮﺣﻤﻬﻢ ﻭﻳﻌﻄﻒ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻤﺎ ﺃﻋﻄﺎﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ...
*بلغوها وانشروها*
*فنشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها* ..
*ولاتبخل على نفسك بهذا الأجر العظيم* ..
*ولاتنسونا من دعواتكم*
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولاتبخل على نفسك بهذا الأجر العظيم*
========================
ــــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ـــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمــوعـظــةالحســنـة.tt
رابط القناة تليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
اللهم واجعلنا في هذا الشهر الكريم من عتقائك من النار.
اللهم اعتق رقابنا من النار، وحرم أجسادنا على النار، ولا تشو خلقنا بالنار، فإن أجسادنا على النار لا تقوى، برحمتك يا أرحم الراحمين!
اللهم وكما وفقتنا لصيام هذا الشهر الكريم وقيامه، اللهم فاقبل صيامنا وقيامنا، ولا تردها يوم القيامة في وجوهنا يوم الحسرة والندامة، يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ [الشعراء:88] إلا من أتاك بقلب سليم، برحمتك يا أرحم الراحمين!
ربنا لا تصرف وجهك عنا يوم القيامة، برحمتك يا أرحم الراحمين!
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، وألف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، واهدهم سبل السلام، وجنبهم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، واجعلهم شاكرين لنعمك، مثنين بها عليك، وأتمها علينا وعليهم، برحمتك يا أرحم الراحمين!
اللهم اغفر لجميع موتى المسلمين والمسلمات الذين شهدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، وماتوا على ذلك. اللهم اغفر لهم وارحمهم، وعافهم واعف عنهم، وأكرم نزلهم، ووسع مدخلهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد، ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، برحمتك يا أرحم الراحمين!
اللهم إنا نسألك أن تجعل خير أعمارنا أواخرها، وخير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا يوم لقائك، واجعل القبور بعد فراق الدنيا خير منازلنا.
اللهم اجعل القبور بعد فراق الدنيا خير منازلنا، وأفسح فيها ضيق ملاحدنا،
وارحم في موقف العرض عليك ذُلَّ مقامنا،
وثبت على الصراط أقدامنا،
ونجنا من كُرَب يوم القيامة،
وبيِّض وجوهنا إذا اسودَّت وجوه العصاة يوم الحسرة والندامة.
اللهم بيِّض وجوهنا يوم تسودُّ وجوه العصاة. اللهم بيِّض وجوهنا إذا اسودَّت وجوه العصاة يوم الحسرة والندامة.
إلهنا، زلت بنا الأقدام، وغرقنا في لجج المعاصي والآثام، وإنا مقرون بالإساءة على أنفسنا،
نرجو عظيم عفوك الذي عفوت به عن الخاطئين،
وهانحن ببابك واقفون، ومن عذابك خائفون، ولثوابك مؤمِّلون، وقد تعرضنا لعفوك وثوابك، فارحم خضوعنا.
اللهم ارحم خضوعنا.
اللهم اجبر قلوبنا.
اللهم اختم بالصالحات أعمالنا، وعافنا واعف عنا وسامحنا، وتجاوز عن سيئاتنا، وأبدل سيئاتنا حسنات، فأنت أهل التقوى وأهل المغفرة، برحمتك يا أرحم الراحمين!
اللهم يا حي يا قيوم، يا من بيده ملكوت كل شيء، وهو يجير ولا يجار عليه،
نسألك أن تجيرنا من النار، وأن تجعلنا من عبادك الأبرار، وأن تسكننا الجنة مع عبادك المصطفَين الأخيار.
اللهم يا حي يا قيوم، يا لطيف يا غفار! نسألك أن تغفر لنا، ولوالدينا، ولجميع المسلمين.
اللهم اغفر لنا، ولوالدينا، ولجميع المسلمين.
اللهم إنا قد تولينا صوم شهر رمضان وقيامه على تقصير منا، وقد أدينا فيه من حقك قليلاً من كثير، وقد لجأنا ببابك سائلين، ولمعروفك طالبين، فلا تردنا خائبين.
اللهم إنا لجأنا ببابك سائلين،
ولمعروفك طالبين،
فلا تردنا خائبين،
ولا من رحمتك آيسين،
نحن الفقراء إليك، الأسرى بين يديك،
إليك تعرضنا، ولمعروفك سألنا، ولبابك قرعنا، وليس لنا رب سواك فندعوه.
اللهم فارحم خضوعنا، واجبر قلوبنا، واقبل صيامنا.
اللهم اقبل صيامنا وقيامنا، واقبل توبتنا، واغسل حوبتنا، وأسعدنا بطاعتك للاستعداد لما أمامنا، واجعل عملنا مقبولاً، اللهم وارزقنا فيه الإخلاص. اللهم واجعل عملنا مقبولاً، وسعينا مشكوراً، وذنبنا مغفوراً.
اللهم اجعل شهرنا شاهداً لنا بأداء فرضك،
ولا تجعلنا ممن تعب واجتهد ولم يرضِك.
اللهم إن كان في سابق علمك أن تجمعنا في مثله فبارك لنا فيه، وإن قضيت بقطع آجالنا وما يحول بيننا وبينه فأحسن الخلافة على باقينا، وأوسع الرحمة على ماضينا، وعمَّنا جميعاً برحمتك وغفرانك، واجعل الموعد بحبوحة الجنة.
اللهم اجعل اجتماعنا اجتماعاً مرحوماً، وتفرقنا تفرقاً معصوماً، ولا تجعل فينا ولا منا شقياً ولا محروماً.
اللهم وأبرم لهذه الأمة أمر رشد يعزُّ فيه أهل طاعتك، ويذلُّ فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر، إنك على كل شيء قدير.
اللهم وفق الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.
وارفع مقامهم وقوِّهم وارفع درجاتهم، برحمتك يا أرحم الراحمين!
اللهم دمر المنافقين والعلمانيين والشيوعيين والكافرين وجميع أعداء الدين، الذين يصدون عن سبيلك، ويبدلون دينك، ويعادون أولياءك الموحدين. اللهم خالف بين كلمتهم، وشتت بين قلوبهم، واجعل تدميرهم في تدبيرهم، وأدِرْ عليهم دائرة السوء، وأنزل عليهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين.
اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم،
ونسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل،
ونسألك من خير ما سألك منه عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ونعوذ بك من شر ما استعاذ منه عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم.
فقد سقط جبابرة قريش في القليب، كما قال الله: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ [القمر: 45]، فلكل طاغية مصير محتوم، وإنْ تأخر موعده.
عباد الله.. إن الدماء التي بذلت في بدر لم تذهب سدى؛ بل صنعت فجرا جديدا، ودماء أهلنا في غزة لن تذهب سدى! بل سيعقبها نصر مبينٌ وفتحٌ قريب إن شاء الله، ولن يتحقق نصر إلا بالصبر والثبات، قال النبي ﷺ: «واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا»؛ فبدر ليست مجرد قصة للتاريخ؛ بل سُنّةٌ إلهية تتكرر، فمن كان في صف الطغاة؛ فليبحث عن قبرٍ يختبئ فيه، ومن كان مع الحق، فليثبت، فإن موعد الطغاة يقترب، وإن النصر قادم لا محالة.
إن من سنن الله: أنه إذا أراد إهلاك أمة؛ ازداد ظلمها حتى يحل بها العقاب، وفق سنته في الأمم السابقة حين أخرجوا رسلهم ومن يقرأ أحداث غزّة والضفة وفق السنن الإلهية يدرك أن إهلاك المحتلين بات قريبا، وأن تصاعد الظلم والطغيان يسرّع وقوع هذه السنة بإذن الله. فأمام تهديدات تهجير أهل غزة، يتجلى قوله تعالى: ﴿وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا ۖ وَإِذًا لَّا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا ۖ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77)﴾ [الإسراء]. وقوله: ﴿فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعًا﴾ [الإسراء: 103]. ومعنى "يستفزّهم" أي دفعهم للهرب والرحيل.
فلا مكان للشك أو التردد، فخلف هذا الألم خير كثير! لا يعلمه إلا الله، وإن النصر قادم لا محالة، فقد قال النبي ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ المُسْلِمُونَ، حَتَّى يَخْتَبِئَ اليَهُودِيُّ وَرَاءَ الحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ، يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ» (رواه مسلم).
أمتنا لا ينقصها عددها ولا عتادها، بل قادتها، والثقة بما عندها، والاعتزاز بدينها، وقبل ذلك صدق الإيمان بالله ﷻ وموعوده الذي يحركها.
أمَا وأهل ڠـزة يبا'دو'ن وأمتنا تصوم وتنعم، وتأكل وتشرب وتنام وتهنأ فلا أعتقد أن صيامنا مقبول، ولا صالح أعمالنا إلى الله مرفوع
هذا وصلوا وسلموا على سيد المجاهدين وإمام الثابتين وقدوة الصابرين والمثابرين على طاعة الله حتى أتاه اليقين؛ من أمركم الله -تعالى- بالصلاة والسلام عليه، فقال:
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب : 56].
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وارضَ اللَّهُمَّ عن خلفائِه الراشدين، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التابعين، وتابعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك، وإحسانِكَ، يا أرحمَ الراحمين!
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى، أن تنصر إخواننا المستضعفين في فلسطين، اللهم اربط على قلوبهم، وثبت أقدامهم، وسدد رميهم، وارفع عنهم الكرب والبلاء.
اللهم الطف بإخواننا في غزة، وارحم ضعفهم، وتولَّ أمرهم وأحسن خلاصهم، واجعل لهم فرجاً ومخرجا.
اللهم اشف جرحاهم، وعاف مبتلاهم، وأطعم جائعهم، وأمن خائفهم، وارزقهم من حيث لا يحتسبون.
اللهم أهلك الظالمين المعتدين، وزلزل الأرض تحت أقدامهم، واجعل بأسهم بينهم شديد، اللهم شتت شملهم، وفرق جمعهم، واقذف الرعب في قلوبهم، واجعلهم عبرة للمعتبرين.
اللهم اكشف المؤامرات، وأبطل المكائد، اللهم عليك بمن تواطأ مع العدو، ومن أعانهم بالمال أو السلاح أو السكوت، اللهم لا ترفع لهم راية، ولا تحقق لهم غاية، واجعلهم عبرة لمن خلفهم.
اللهم افتح الحدود، وأزل القيود، ويسّر سبل النصرة لعبادك المجاهدين، اللهم ألّف بين قلوب المسلمين، واجمع كلمتهم على الحق والدين، واجعلهم يدًا واحدة ضد عدوهم.
اللهم بارك في أموال المنفقين، وتقبل صدقاتهم، وأعنهم على نصرة المستضعفين، اللهم اجعل الإعلام صوتًا للحق، واكبت الباطل وأهله.
اللهم اجعل هذه المعركة بداية نصرٍ وعز للإسلام والمسلمين، اللهم كما نصرت عبادك في بدر، فانصر عبادك في غزة، وحقق لهم الفتح المبين، برحمتك يا أرحم الراحمين.
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
🎤
*خطبة جمعة بعنوان:*
*نقض اليهود عهدهم مع غزة*
*وســنن الله فـي الظـالـمـــين*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبة الأولى:*
الحمد لله الذي أمر بنصرة المظلومين، وتوعد الظالمين بالعذاب الأليم، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، القائل في كتابه الكريم: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيْلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيْلاً﴾ [النساء: 75]. وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، الذي قال: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يُسلمه، ولا يخذله» [رواه البخاري ومسلم]. اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى؛ فهي وصية الله للأولين والآخرين، قال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ [النساء: 131].
أما بعد:
فإن الأمة الإسلامية اليوم تتابع، بقلوب يعتصرها الألم، الجرائم الوحشية التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بحق إخواننا في غزة، والاعتداءات المستمرة على سوريا، في مشهد يجسد أبشع صور الهمجية والإرهاب المنظم، وسط صمتٍ عربي ودولي مخزٍ، وعجز عن كبح جماح هذا العدوان المتواصل.
إن ما يجري في غزة ليس مجرد تجاوزات عابرة؛ بل هو إبادة جماعية ممنهجة، وظلم بيِّن يتكرر كل حين، أمام مرأى ومسمع من العالم كله، لقد بلغ الظلم والإجرام مداه، ورب العزة والجلال يقول كما هو في الحديث: «اتقوا دعوة المظلوم، فإنها تُحمل على الغمام، يقول الله: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين» [رواه الطبراني وحسنه الألباني].
أيها المسلمون، لقد تعهد الاحتلال بوقف إطلاق النار، ولكن كعادته في الغدر والخيانة لم يلتزم؛ بل تجاوزت خروقاته ألف خرق، وذلك ديدنهم كما وصفهم الله بقوله: ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [البقرة: 100]؛ فهل ينتظر المسلمون من هذا العدو إلا غدرا ونقضا للعهود؟! لأنه من أمِنَ العقوبة أساء الأدب.
وهذا العدو لا يعرف إلا لغة القوة، ولا يردعه إلا بأس المجاهدين وصمود أهل الإيمان، ولذلك قال تعالى: ﴿فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ﴾ [التوبة: 12].
أيها المسلمون، إن العدوان على غزة يتم بدعم مباشر من الولايات المتحدة، التي ما فتئت تقدم لهذا الكيان كل أنواع العون السياسي والعسكري، حتى بات واضحا أن هذه الحرب ليست حربا على غزة وحدها؛ بل على الإسلام وأهله، وإنها لحملة صليبية جديدة، في ثوب السياسة والمصالح، كما قال تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا﴾ [البقرة: 217].
وإلا؛ فكيف نفسر تدخلهم السريع لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، بينما يشعلون نار الحرب في غزة؟ وكيف يطالبون المقاومة بالإفراج عن الأسرى دون قيد أو شرط، بينما يفرض الاحتلال حصارا خانقا وقتلا ممنهجا؟! إنها معايير مزدوجة، وتجاهل لمشاعر أكثر من مليارَي مسلم.
عباد الله، لقد أثبتت التجارب أن ضمانات الوسطاء لا قيمة لها، فما أكثر الاتفاقيات التي وقّعها العدو ثم نقضها! وكما قال عبد الله بن عباس رضي الله عنه: «ما نقضت يهود عهدا إلا سلط الله عليهم من يسومهم سوء العذاب» [تفسير ابن كثير].
لذا فإن المواقف الدبلوماسية الباهتة ليست كافية؛ بل المطلوب هو تحرك إسلامي ودولي فاعل، يدفع الظلم ويردع المعتدين، وذلك عبر:
- وقف جميع أشكال الدعم العسكري والسياسي للكيان الصهيوني.
- وإنهاء الغطاء الدبلوماسي الذي يحميه من العقاب.
- وقيام الدول الإسلامية بواجبها في دعم صمود الشعب الفلسطيني سياسيا وإنسانيا.
- وتوثيق جرائم الاحتلال وتقديمها إلى المحاكم الدولية لضمان محاسبة مرتكبيها.
أيها المسلمون، إن حماس والمقاومة الفلسطينية اليوم أمام مفترق طرق؛ فبعد فشل الضغوط الأمريكية في إجبارها على الاستسلام؛ باتت أمام لحظة تاريخية حاسمة؛ حيث لا خيار سوى المواجهة الحتمية، التي قد تكون بداية النهاية للكيان الصهيوني، كما قال تعالى: ﴿فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ﴾ [الزخرف: 41].
لقد امتلكت المقاومة أدوات الردع، وأصبحت الدبابات الإسرائيلية مجرد توابيت لجنود الاحتلال، وإن الجولة القادمة قد تكون فاصلة، فقد قال رسول الله ﷺ: «تُقَاتِلُونَ اليَهُودَ، فَتَسُودُونَ عَلَيْهِمْ، حتَّى يقولَ الحَجَرُ: يا مُسْلِمُ، هذا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ» [رواه مسلم].
أيها المسلمون، إن مسؤوليتنا اليوم أن نقف مع إخواننا بكل ما نستطيع، دعاءً، ودعما، وإعلاما، ومقاطعة، فإن الأمة التي تنصر الحق يُنصرها الله، قال سبحانه: ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد: 7].