●تلاوات قرآنية منوعة ●قصص وحكم ومواعظ ●خواطر وهمسات راقية ●مسابقات إسلامية * وكل ما هو قيم ومفيد * ✔️ تاريخ تأسيس القناة: 2017/3/12 #قبل المغادرة،ارسل سبب مغادرتك هنا ،ڪي نصحح اخطاءنا،وشڪرا 🌸↓ للـتـواصـل ↓🌸 @Snr7lbot ↓↓نـَسـعـَدُ بـِگـم↓↓
#يوميات_في_التاريخ_الإسلامي
الدروز
فرقة باطنية تؤله الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله الذي يمثل محور العقيدة الدرزية, وتنسب فرقة الدروز إلى محمد بن إسماعيل الدرزي المعروف بنوشتكين وهو من أصل فارسي جاء إلى مصر سنة 408 ه وشاركه في جريمته هذه رجل فارسي أيضاً اسمه حمزة بن علي من أهالي زوزن بإيران. وقد جهر الدرزي بهذه العقيدة أمام الناس في الجامع الأزهر في القاهرة دون انتظار أوامر حمزة مما ألّب عليه الناس, وهموا بقتله بسبب القول بألوهية الحاكم, فهرب الدرزي إلى بلاد الشام, وظل يدعو إلى عقيدته هناك حتى هلك سنة 410 ﻫ.
وهمّ الناس بقتل حمزة أيضاً لولا تدخل الحاكم. وحمزة الزوزني هو المؤسس الفعلي لعقائد الدروز.
أهم العقائد:
1- يعتقدون بألوهية الحاكم بأمر الله وهو التجلي الأخير للألوهية عندهم , ولما مات قالوا برجعته آخر الزمان.
2- إنكار الأنبياء والرسل ونسبتهم إلى الجهل, وتلقيبهم بالأبالسة.
3- لا يعترفون باليوم الآخر, ولا بالثواب والعقاب في ذلك اليوم, بل يرون أن الثواب والعقاب يكون عن طريق تناسخ الأرواح.
4- نبيهم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو سلمان الفارسي الذي تناسخت روحه في زمن الحاكم في شخص حمزة.
5- يعتقدون أن المسيح هو داعيتهم حمزة.
6- ينكرون القرآن الكريم ويقولون إنه من وضع سلمان الفارسي, ولهم مصحف خاص بهم يسمى المنفرد بذاته.
7- يعتقدون أن الحاكم أرسل خمسة أنبياء هم حمزة وإسماعيل ومحمد الكلمة وأبو الخير وبهاء.
8- التستر والكتمان من أصل عقيدتهم, والوقوف مع القوي والمتمكن.
9- نقض الشريعة
تقوم الشريعة عند الدروز على نقض أركان الإسلام وفرض " سبع دعائم تكليفية " بدلاً منها
أما الجهاد فقد أسقطوه عن الناس, لأن الجهاد الحقيقي – كما يزعمون – هو السعي والاجتهاد في توحيد الحاكم ومعرفته وعدم الإشراك به.
وهكذا فإن هدم الشريعة الإسلامية هو الهدف الأول والأخير لجميع الفرق الباطنية, وفي مقدمتهم الدروز, لذلك ليس بمستغرب أن يقول حمزة الزوزني زعيمهم في رسالة "التحذير والتنبيه": ((أنا ناسخ الشرائع ومهلك أهل الشرك والبدائع, أنا مهدم القبلتين, ومبيد الشريعتين ومدحض الشهادتين)).
وقد جاء في كتاب "الدروز في ظل الاحتلال الإسرائيلي" لمؤلفه الدرزي غالب أبو مصلح ص222 أن نابليون بونابرت امبراطور فرنسا وجّه في 20 آذار 1798 رسالة إلى الدروز وأميرهم بشير ... جاء فيها:
((بعد السيطرة على مصر دخلت صحراء سيناء في سوريا, فأتيت إلى قلعة العريش ثم إلى غزة, ثم إلى يافا بعد أن التقيت جيوش الجزار وسحقتها ومنذ يومين وصلت إلى عكا, وأنا أحاصره هناك.
وأسرع إلى إعلامك بكل ذلك, لأنني لا أشك أنك تفرح لهزائم هذا الطاغية الذي سبب الكثير من الذعر إلى الإنسانية عامة والدروز الأباة بشكل خاص, ورغبتي المخلصة هي أن أقيم للدروز استقلالهم وأعطيهم مدينة بيروت ذات المرفأ كمركز تجاري لهم.
لذلك فإني أرغب في أن تأتي شخصياً لمقابلتي, أو ترسل حالاً من يمثلك لرسم خطة للتغلب على عدونا المشترك, ويمكنك أن تذيع في جميع القرى الدرزية, أن كل من يأتي لنا بالمؤن, وخاصة الخمر, سيكافأ بسخاء)).
ويتواجد الدروز حالياً في الجليل في شمال فلسطين وجبل الكرمل وفي سوريا في محافظة السويداء.
وغني عن القول أن العلاقات التي تربط اليهود بالدروز في فلسطين هي علاقات وثيقة, ولا يجد الدروز حرجاً بانتمائهم إلى (إسرائيل) وهذا ما جعل اليهود يجندون الدروز في الجيش الإسرائيلي,لأنهم يعلمون ولاءهم.
وجودهم في جبل حوران يعود إلى ما بعد سنة 1710م (1122هـ), حيث بدأوا يستللون إلى الجبل ويعتدون على أهل حوران, وذكر المؤرخ محمد كرد علي أنه منذ نزول الدروز في حوران ما برحوا يناوشون النصارى والسنيين من أهل القرى والبادية للقتال, حيث استقلوا به استقلالاً تاماً, وذكر من جرائمهم في الجبل هجومهم على أهل بُسر الحرير سنة 1296هـ وقتلهم ثمانية أو عشرة من أهلها, وفي سنة 1298هـ هجموا على قريتي الكرك وأم ولد وذبحوا سكانهما عن بكرة أبيهم.
وقد حاولت الدولة العثمانية تأديبهم أكثر من مرة لكنها فشلت وتراجعت أمام ضغوط الإنجليز.
ويزعم الدروز أنهم سكنوا حوران هرباً من الاضطهاد الذي كانوا يتعرضون له في لبنان.
وعند دخول المستعمرين الفرنسيين إلى سوريا سنة 1920م رحب الدروز بالغزاة, وقد ذكر الدرزي ذوقان قرقوط أنه عندما عين الجنرال غورو مفوضاً سياسياً وقائداً عاماً لجيوش فرنسا في الشرق اختار حرسه الخاص من الدروز بمعرفة متعب الأطرش, وخص الجبل بأكثر من ثلاثة آلاف صورة من صوره وهو في زيه العسكري ويحيط به حرسه الدروز بثيابهم العربية المزركشة وسيوفهم المتوهجة.
الراصد الاسلامي
✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته
#يوميات_في_التاريخ_الإسلامي
اعتنى السلطان محمد الفاتح رحمه الله بجمع الأسلحة اللازمة لدك حصون القسطنطينية، واعتمد على مهندسين لتطوير صناعة المدافع المتطورة. ومن هؤلاء اعتماده على مهندس مجري اسمه أوربان. كما طور الأسطول العثماني وزاد في تسليحه حتى وصل لقرابة أربعمائة سفينة حربية ليكون مؤهلاً للقيام بدوره في الهجوم على القسطنطينية. من ناحية أخرى وقع السلطان الفاتح قبيل هجومه على القسطنطينية معاهدات وهدن مع أعدائه المختلفين ليتفرغ لعدو واحد، فعقد معاهدة مع إمارة (غلطة) المجاورة للقسطنطينية من الشرق ويفصل بينهما مضيق القرن الذهبي، كما عقد معاهدات مع (المجد) و(البندقية) وهما من الإمارات الأوروبية المجاورة، ولكن هذه المعاهدات لم تصمد حينما بدأ الهجوم الفعلي على القسطنطينية.
كانت القسطنطينية محاطة بالمياه البحرية في ثلاث جبهات، مضيق البسفور، وبحر مرمرة ، والقرن الذهبي الذي كان محمياً بسلسلة ضخمة جداً تتحكم في دخول السفن إليه، بالإضافة الى ذلك فإن خطين من الأسوار كانت تحيط بها من الناحية البرية من شاطئ بحر مرمرة إلى القرن الذهبي، يتخللها نهر ليكوس، وكان بين السورين فضاء يبلغ عرضه 60 قدماً ويرتفع السور الداخلي منها 40 قدمًا وعليه أبراج يصل ارتفاعها إلى 60 قدماً، وأما السور الخارجي فيبلغ ارتفاعه قرابة خمسةً وعشرين قدماً وعليه أبراج موزعة مليئة بالجند، وبالتالي فإن المدينة من الناحية العسكرية تعد من أفضل مدن العالم تحصيناً، لما عليها من الأسوار والقلاع والحصون إضافة إلى التحصينات الطبيعية، وبالتالي فإنه يصعب اختراقها، ولذلك فقد استعصت على عشرات المحاولات العسكرية لاقتحامها ومنها إحدى عشرة محاولة إسلامية سابقة كان السلطان الفاتح يكمل استعدادات القسطنطينية ويعرف أخبارها ويجهز الخرائط اللازمة لحصارها، كما كان يقوم بنفسه بزيارات استطلاعية يشاهد فيها استحكامات القسطنطينية وأسوارها، وقد عمل السلطان على تمهيد الطريق بين أدرنه والقسطنطينية لكي تكون صالحة لجر المدافع العملاقة خلالها الى القسطنطينية، وقد تحركت المدافع من أدرنه الى قرب القسطنطينية، في مدة شهرين حيث تمت حمايتها بقسم الجيش حتى وصلت الأجناد العثمانية يقودها الفاتح بنفسه إلى مشارف القسطنطينية في يوم الخميس 26 ربيع الأول 857هـ الموافق 6 أبريل 1453م.
وحاول البيزنطيون أن يبذلوا قصارى جهدهم للدفاع عن القسطنطينية ووزعوا الجنود على الأسوار، وأحكموا التحصينات وأحكم الجيش العثماني قبضته على المدينة. وبرزت عبقرية الفاتح أثناء الحصار، حيث لاحت للسلطان فكرة بارعة وهي نقل السفن من مرساها في بشكطاش إلى القرن الذهبي، وذلك بجرها على الطريق البري الواقع بين الميناءين مبتعدًا عن حي غلطة خوفًا على سفنه من الجنوبيين، وقد كانت المسافة بين الميناء نحو ثلاثة أميال، ولم تكن أرضاً مبسوطة سهلة ولكنها كانت وهاداً وتلالاً غير ممهدة. لقد جُرت السفن من البوسفور البر حيث سحبت على تلك الأخشاب المدهونة بالزيت مسافة ثلاثة أميال، حتى وصلت إلى نقطة آمنة فأنزلت في القرن الذهبي، وتمكن العثمانيون في تلك الليلة من سحب أكثر من سبعين سفينة وإنزالها في القرن الذهبي على حين غفلة من العدو، بطريقة لم يسبق إليها السلطان الفاتح قبل ذلك، وقد كان يشرف بنفسه على العملية التي جرت في الليل بعيداً عن أنظار العدو ومراقبته.
كان هذا العمل عظيمًا بالنسبة للعصر الذي حدث فيه بل معجزة من المعجزات، تجلى فيه سرعة التفكير وسرعة التنفيذ، مما يدل على عقلية العثمانيين الممتازة، ومهارتهم الفائقة وهمتهم العظيمة. لقد دهش الروم دهشة كبرى عندما علموا بها، فما كان أحد ليستطيع تصديق ما تم. لكن الواقع المشاهد جعلهم يذعنون لهذه الخطة الباهرة. ولقد كان منظر هذه السفن بأشرعتها المرفوعة تسير وسط الحقول كما لو كانت تمخر عباب البحر من أعجب المناظر وأكثرها إثارة ودهشة. ويرجع الفضل في ذلك إلى الله سبحانه وتعالى ثم الهمة السلطان وذكاءه المفرط، وعقليته الجبارة، وإلى مقدرة المهندسين العثمانيين، وتوفر الأيدي العاملة التي قامت بتنفيذ ذلك المشروع الضخم بحماس ونشاط. ظهر اليأس في أهل القسطنطينية وكثرت الإشاعات والتنبؤات بينهم، وانتشرت شائعة تقول: ستسقط القسطنطينية عندما ترى سفن تمخر اليابسة" وكان لوجود السفن الإسلامية في القرن الذهبي دور كبير في إضعاف الروح المعنوية لدى المدافعين عن المدينة الذين اضطروا لسحب قوات كبيرة من المدافعين عن الأسوار الأخرى لكي يتولوا الدفاع عن الأسوار الواقعة على القرن الذهبي إذ أنها كانت أضعف الأسوار، ولكنها في السابق تحميها المياه، مما أوقع الخلل في الدفاع عن الأسوار الأخرى.
الكاتب/علي محمد الصلابي
شبكة الجزيرة
✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته
#يوميات_في_التاريخ_الإسلامي
عدم مبايعة الحسين رضي الله عنه ليزيد كانت تعني عدم إعطاء الشرعية للحكم الأموي وهو أمر كان الأمويين يحرصون عليه أشد الحرص
كان موقف الحسين من بيعة يزيد بن معاوية هو موقف المعارض، وشاركه في المعارضة عبد الله بن الزبير، والسبب في ذلك: حرصهما على مبدأ الشورى، وأن يتولى الأمة اصلحها.
من الأسباب التي أدت إلى خروج الحسين رضي الله عنه :
1 ـ هو إرادة الله عز وجل وأن ما قدره سيكون وإن أجمع الناس كلهم على رده فسينفذه الله، لا راد لحكمه ولا لقضائه سبحانه وتعالى .
2 ـ قلب الحكم من الشورى إلى الملك الوراثي: ومن الأسباب: ما كان من عدم التزام معاوية بشروط الحسن في الصلح والتي من ضمنها ما ذكره ابن حجر الهيثمي:.. بل يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين.
ورأى الحسين في محاولة معاوية توريث الحكم من بعده لابنه يزيد مخالفة واضحة لمنهج الإسلام في الحكم، ومع ذلك فإنه لم يهتم بالخروج على معاوية؛ نظراً لمبايعته له بالخلافة، فظل على عهده والتزامه. ولكن بعد وفاة معاوية رضي الله عنه تغير الموقف، فالحسين لم يعد في عنقه بيعة توجب عليه السمع والطاعة، ويدل على ذلك محاولة والي المدينة الوليد بن عتبة أخذ البيعة من الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير، وخروجهما بعد ذلك إلى مكة دون أن يأخذ بيعتهما.
وقد وصل الحسين بن علي إلى قناعة راسخة، وبنى قراره السياسي على فتوى اقتنع بها في مقاومته للحكم الأموي، فهو يرى أن بني أمية لم يلتزموا حدود الله في الحكم، وخالفوا منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، وبنى الحسين رضي الله عنه فتواه بتسلسل منطقي شرعي، فاستبداد بني أمية، والشك في كفاءة وعدالة يزيد، توجب عدم البيعة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على علماء الأمة، ومن أكبر المنكر حكم بني أمية واستبدادهم، وبما أن الحسين ليس في عنقه بيعة، وهو أحد علماء الأمة وسادتها، فهو أحق الناس بتغيير هذا المنكر، وعلى ذلك فليس موقفه خروجاً على الإمام، بل هو تغيير المنكر، ومقاومة للباطل، وإعادة الحكم إلى مساره الإسلامي الصحيح، ومما يدل على حرص الحسين رضي الله عنه على أن تكون فتواه وتحركاته السياسية في مقاومته للحكم الأموي متماشية مع تعاليم الإسلام وقواعده، امتناعه عن البقاء في مكة عندما عزم على مقاومة يزيد حتى لا تستحل حرمتها وتكون مسرحاً للقتال وسفك الدماء، فيقول لابن عباس: لأن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي من أن أقتل بمكة وتُستحل بي.
بعد توافد الرسائل من زعماء الكوفة على الحسين رضي الله عنه والتي تطلب منه المسارعة في القدوم إليهم، ولما كان العدد مشجعاً أراد أن يطَّلع على حقيقة الأمر، فبعث ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب؛ ليستجلي له حقيقة الخبر، ثم يكتب إليه بواقع الحال، فإن كان ما يقولون حقاً قدم عليهم، خرج مسلم بن عقيل مع نفر قليل، فلما وصل مسلم المدينة أخذ معه دليلين، وفي الطريق إلى الكوفة تاهوا في البرية ومات أحد الدليلين عطشاً، وكتب مسلم إلى الحسين يستعفيه؛ وذلك بسبب إحساسه النفسي لمدى الصعوبات التي تنتظره في الكوفة، ولكن الحسين رفض طلبه، وأمره بمواصلة المسير نحو الكوفة.
ولما وصل مسلم بن عقيل إلى الكوفة نزل عند المختار بن أبي عبيد في أول قدومه، فلما جاء ابن زياد، وتولى إمارة الكوفة، وأخذ يشدد على الناس انتقل مسلم عند هانئ بن عروة؛ وذلك خشية انكشاف أمره، ثم لمكانة هانئ وأهميته كأحد أعيان الكوفة، ولما بدا الشك يساور ابن زياد من هانئ بن عروة خشي مسلم بن عقيل على نفسه، وانتقل أخيراً ولفترة قصيرة جداً عند مسلم بن عوسجة الأسدي -أحد دعاة الشيعة-، ولما بلغ أهلَ الكوفة قدومُ مسلم بن عقيل قدموا إليه فبايعه اثنا عشر ألف، وتمت تلك المبايعة بصورة سرية مع تحرص شديد، ولما تأكد لمسلم بن عقيل رغبة أهل الكوفة في الحسين وقدومه إليهم كتب إلى الحسين :
أما بعد، فإن الرائد لا يكذب أهله، إن جميع أهل الكوفة معك، فأقبِلْ حين تنظر في كتابي،
وهنا تأكد للحسين صدق نوايا أهل الكوفة، فلا بد في هذه الحالة أن يفي لهم بما وعدهم به، حين كتب إلى أهل الكوفة: وقد بعثت إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي، وأمرته أن يكتب إليَّ بحالكم وأمركم ورأيكم، فإذا كتب إلي أنه قد أجمع رأي ملئكم وذوي الفضل والحجى منكم على مثل ما قدمت به رسلكم، وقرأته في كتبكم، أقدم عليكم -إن شاء الله-، فلما وصل إلى الحسين بن علي كتاب مسلم بن عقيل الذي طلب منه القدوم إلى الكوفة وأن الأمر مهيأ لقدومه، تجهز الحسين بن علي، وعزم على المضي إلى الكوفة بأهله وخاصته.
علي محمد الصلابي
الجزيرة
✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته
#يوميات_في_السيرة_النبوية
إن المتأمل الناظر في أحداث الهجرة النبوية الشريفة ليستخلص جملة من الدرس والعبر منها :
أن الهجرة النبوية تشكل المحطة الأساس في تاريخ الأمة الإسلامية، فهي ترمز إلى انتقال الأمة الإسلامية من مرحلة الاضطهاد والضعف إلى مرحلة المنعة والقوة، ومن مرحلة الخوف إلى مرحلة الأمن.
ومنها أن المجتمع الذي بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة قام على التقوى، والتآزر والتناصر، وتذويب العصبيات ونعرات الجاهلية. ولذلك نجح نجاحا باهرا وأصبح مجتمعا رائدا،
ولقد حقق هذا المجتمع الفتي ما حققه من نجاح لتأسيسه على أركان ثلاثة ذات أهمية في حياة الإنسان، وهي:
*بناء المسجد* الذي يعتبر موضعا لأداء الصلوات، ومؤسسة يتعلم فيها المسلمون تعاليم الدين وتوجيهاته، وكذا مكانا لإبرام وإدارة جميع شؤون المسلمين المختلفة.
والأساس الثاني هو *المؤاخاة بين المسلمين* التي تذوب بها عصبات الجاهلية، فلا حمية إلا للإسلام، وأن تسقط فوارق النسب واللون والوطن، فلا يتقدم أحد أو يتأخر إلا بمروءته وتقواه،
والأساس الثالث هي *ميثاق التحالف الإسلامي* الذي أزاح به كل ما كان من حزازات الجاهلية، والنزعات القبلية ولم تترك مجالا لتقاليد الجاهلية.
ومنها الإعداد والتحطيط الجيدين لتجاوز المحن والأزمات، فرسول الله صلى الله وسلم ما أقدم على مغادرة مكة (وطنه الحبيب) رفقة صحبه الكرام إلا بعد أن اتخذ التدبير الكفيلة بنجاح الهجرة، فقد عرض الإسلام على القبائل خارج مكة واستجيب له في ذلك، وعقد بيعة العقبة الأولى والثانية، كما أنه أعد أصحابه من الناحية النفسية بالإذن لهم في الهجرة الأولى والثانية إلى الحبشة، طبعا كل هذا التخطيط كان بتوجيه الله تعالى وتوفيقه.
ومنها الأخذ بالأسباب في التعاطي مع الظروف والأحداث والأزمات وغيرها، فرسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته هذه احترم هذا المبدأ بالرغم من أنه مؤيد بالمعجزات الباهرات والآيات البينات الدالة على صدقه وحفظ الله تعالى من كل أذى. في هذا الإطار، رسول الله صلى الله عليه وسلم اختار رفيق هجرته أبا بكر الصديق رضي الله عنه، وكلف ابنه عبد الله أن يأتيه كل يوم بأخبار قريش، وكلف أسماء رضي الله عنها بحمل الزاد والمؤن لهما، واستأجر عبد الله بن أريقط دليلا لهما على الطريق، وواعداه غار ثور بعد ثلاث وسلماه راحلتيهما.
ومنها الوقوف على دور المرأة وبصمتها في هذا التحول الكبير الذي عرفه المجتمع في هذا الحدث العظيم. لقد تجلى دور المرأة فيما قامت به أسماء وعائشة رضي الله عنهما من مساندة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ووالدهما أبي بكر رضي الله عنه. فقد حافظتا على سر الوجهة التي يقصد إليه والدهما صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرغم من التهديد الذي لحق أسماء من أبي جهل ونفر من قريش.
ومنها أن الصحابة بإشارة من عمر بن الخطاب رضي الله عنه اتخذوا الهجرة مبدأ التوقيم الهجري مع ما يرمز إليه من بناء هوة الدولة الإسلامية التي نشأت في بلاد العرب. ومعلوم أن عمر رضي الله عنه علل اقتراحه بجعل الهجرة مبدأ التقويم الهجري بأن الله تعالى فرق فيها بين الحق والباطل. غير أن هذا التقويم -للأسف- لا يلتفت إليه كثير من السلمين لارتباط كثير من مصالحهم وشؤونهم الدنوية بالتقويم الميلادي؛ لذلك تجد كثيرا منهم يجهلونه. والإشارة هنا جديرة إلى أن القرآن الكريم وثق حقيقة مهمة حول التقويم الهجري؛ وذلك أنه بين أن هذه الشهور بدأ التاريح بها منذ أن خلق الله سبحانه السموات والارض، مبينا عدتها والحرم منها فهو توقيفي، قال تعالى: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ﴾ ولأهمية التقويم، ربط به سبحانه جملة من أركان الدين كالحج والصيام والزكاة، وجملة كبيرة من أحكام هذا الدين، كالكفارات والعدد وغيرها، ولعل السر في ذلك يرجع إلى ربط المسلمين بما يعتبر من هوتهم المبنية على دينهم الحنيف.
مما ينبغي أن يعتبر به في أحداث الهجرة أن التآمر ضد شريعة الله تعالى ومن يدعو إليها سيبقى ما بقي الإنسان على الأرض؛ لأنه إذا كانت هناك محاولات منع انشار الدعوة وانتفاع الناس بما فيها من خير ونفع في حياة صاحب الشرع ونصب مختلف العراقيل والعقبات في طريقه، فمن الأقيس أن يحصل هذا ضد الدعاة إلى الله تعالى لكون المخالفين لهم يعبترونهم طفيليين ومتدخلين في حياة الناس بدون وجه حق؛ ولذلك تجب مضايقتهم والتهوين من شأنهم بمختلف الطرق والأساليب وعبر جميع الوسائل المتاحة والممكنة، وما أكثرها!
الكاتب / بدر الدين الحميدي
شبكة الالوكة
✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته
#يوميات_في_السيرة_النبوية
قال يونس بن بكير : عن محمد بن إسحاق حدثني رجل من أسلم وكان واعية أن أبا جهل اعترض رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا ، فآذاه وشتمه ، ونال منه ما يكره من العيب لدينه ، فذكر ذلك لحمزة بن عبد المطلب فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها ضربة شجه منها شجة منكرة ، وقامت رجال من قريش من بني مخزوم إلى حمزة ; لينصروا أبا جهل منه ، وقالوا : ما نراك يا حمزة إلا قد صبأت . قال حمزة : ومن يمنعني وقد استبان لي منه ، وأنا أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الذي يقول حق ، فوالله لا أنزع ، فامنعوني إن كنتم صادقين . فقال أبو جهل : دعوا أبا عمارة ; فإني والله لقد سببت ابن أخيه سبا قبيحا . فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع ، فكفوا عما كانوا يتناولون منه ، وقال حمزة في ذلك شعرا .
قال ابن إسحاق : ثم رجع حمزة إلى بيته ، فأتاه الشيطان ، فقال : أنت سيد قريش ، اتبعت هذا الصابئ ، وتركت دين آبائك ، للموت خير لك مما صنعت . فأقبل على حمزة بثه ، وقال : ما صنعت ! اللهم إن كان رشدا فاجعل تصديقه في قلبي ، وإلا فاجعل لي مما وقعت فيه مخرجا . فبات بليلة لم يبت بمثلها من وسوسة الشيطان ، حتى أصبح فغدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا بن أخي ، إني قد وقعت في أمر لا أعرف المخرج منه ، وإقامة مثلي على ما لا أدري ما هو أرشد هو أم غي ، شديد ، فحدثني حديثا فقد اشتهيت يا بن أخي أن تحدثني . فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره ووعظه ، وخوفه وبشره ، فألقى الله في قلبه الإيمان بما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فقال : أشهد أنك الصادق شهادة الصدق ، فأظهر يا بن أخي دينك ، فوالله ما أحب أن لي ما أظلته السماء وأني على ديني الأول . فكان حمزة ممن أعز الله به الدين . وهكذا رواه البيهقي عن الحاكم عن الأصم عن أحمد بن عبد الجبار عن يونس بن بكير .
اسلام ويب
✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته
#يوميات_في_السيرة_النبوية
يعتبر السفر من جملة حاجات الإنسان التي جاءت الشريعة بتنظيمها، فينبغي لمن أراد السفر أن يحافظ على هدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي جاءت السنة ببيانه.
فقد كانت أسفاره صلى الله عليه وسلم دائرة بين أربعة أسفار:
سفر لهجرته، وسفر للجهاد، وسفر للعمرة وسفر للحج.
وكان عليه الصلاة السلام قبل أن يخرج يودع أهله وأصحابه، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعنا فيقول: ( أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك ) رواه الترمذي ، وكان يوصيهم بتقوى الله في كل حين.
وكان صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بالجماعة في السفر، وينهى عن الوحدة، فقال صلى الله عليه وسلم: ( لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم، ما سار راكب بليلٍ وحده ) رواه البخاري ، فعلى المسافر أن يصطحب معه رفيقاً يكون له عوناً على سفره، يرغبه في الخير ويبعده عن الشر، إن نسي ذكره، وإن تعب شد من أزره.
وكان صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه إذا خرجوا لسفر أن يجعلوا عليهم أميراً، حتى يكون رأيهم واحداً، ولا يقع بينهم الاختلاف، وكل ذلك حرصاً منه عليه الصلاة والسلام على لزوم الجماعة وتجنب أسباب الفرقة.
وكان يستحب صلى الله عليه وسلم الخروج يوم الخميس في أول النهار، فعن كعب بن مالك رضي الله عنه قال : " لقلَّما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إذا خرج في سفر إلا يوم الخميس " رواه البخاري ، وكان عليه السلام يدعو الله تبارك وتعالى أن يبارك لأمته في بكورها.
وشرع رسول الله صلى الله عليه وسلم جملة من الأذكار والأدعية للمسافر:-
منها أنه إذا ركب على دابته، واستقر عليها قال: ( الحمد لله، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا الى ربنا لمنقلبون، ثم يقول: الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، سبحانك إني ظلمت نفسي، فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ) رواه أبو داود ثم يقول: ( اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب، في المال والأهل ) رواه مسلم .
ومما ورد عنه من الأذكار أثناء المسير أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا علا شرفاً – وهو المكان المرتفع- كبَّر الله تعالى، وإذا هبط وادياً سبح الله تعالى، ففي حديث جابر الطويل في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: ( كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا ) رواه البخاري .
ومن جملة الأدعية في هذا الشأن، أنه صلى الله عليه وسلم إذا دخل قرية أو شارف على دخولها، قال:- ( اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ورب الأرضين وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما ذرين، فإنا نسألك خير هذه القرية، وخير أهلها، ونعوذ بك من شرها، وشر أهلها، وشر ما فيها ) رواه النسائي ، وكان إذا نزل منزلاً قال: ( أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ) رواه مسلم .
وكان إذا قضى حاجته من سفره، ورجع إلى أهله، ذكر دعاء السفر السابق، وزاد: ( آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون ) رواه البخاري .
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم في السفر أخذه بما رخصه الله له، ومن ذلك قصر الصلاة الرباعية ركعتين، والفطر إذا شق عليه الصوم، والمسح على الخفين مدة ثلاث أيام بلياليهن، ولم يحفظ عنه أنه صلى في أسفاره السنن الرواتب، إلا سنة الفجر والوتر، فإنه لم يكن يدعهما في حضر ولا سفر.
ومن جملة ما نهى عنه صلى الله عليه وسلم في السفر: اصطحاب الكلب والجرس، وفي هذا جاء قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس) رواه مسلم .
ومما نهى عنه عليه الصلاة والسلام سفر المرأة بدون محرم، لما يترتب عليه من حصول الفتنة والأذية لها، فقد قال – صلى الله عليه وسلم: ( لا تسافر امرأة إلا ومعها محرم ) رواه البخاري .
وكذلك نهى صلى الله عليه وسلم أن يطرق المسافر أهله ليلاً، ففي الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:- ( إذا طال أحدكم الغيبة ، فلا يطرق أهله ليلاً ) رواه البخاري ، وعنه أيضاً أنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلاً يتخونهم أو يطلب عثراتهم) رواه البخاري .
فالزم هدي نبيك صلى الله عليه وسلم في حياتك كلها، تنعم بالسعادة في الدنيا والآخرة.
إسلام ويب
✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته
لن تجتمع الأُمّة في همومها حتى تبلغ بعض من هم قلب رسول الله....
Читать полностью…#يوميات_في_السيرة_النبوية
العصبية قد تكون مشكلة اجتماعية حين تقوم على أساس جاهلي، سواء كانت عصبية قبلية، أو دينية، أو جغرافية، أو عرقية، وقد جاء الإسلام بتهذيب تلك العصبيات، وإذابتها تحت مبدأ التعاون على البر والتقوى، ورفض ما سوى ذلك مما كان عليه العربي قبل الإسلام من التعصب لبني نسبه ولو لمواجهة الحق والعدل، وهذا من حكمة هذا الدين وقدرته على إدارة هذه التنوعات.
وقد كان إنجازا عظيما حين استطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يجمع العرب على رابط واحد، سيما وهم يومئذ شذر مذر، لا يربطهم إلا كونهم عربا، فوجههم نحو رابطة الإيمان، وسوى بينهم تحت سلطة الإسلام، ونذكر على سبيل المثال المواقف والتوجيهات النبوية التالية:
*الأول
*: في رواية لمسلم: (اقتتل غلامان: غلام من المهاجرين، وغلام من الأنصار، فنادى المهاجر - أو المهاجرون - يال للمهاجرين، ونادى الأنصاري: يال للأنصار، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: (ما هذا، دعوى الجاهلية؟) قالوا: لا يا رسول الله، إلا أن غلامين اقتتلا، فكسع أحدهما الآخر، فقال: (لا بأس، ولينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما، إن كان ظالما فلينهه، فإنه له نصر، وإن كان مظلوما فلينصره). أخرجاه في الصحيحين.
يقول الوزير ابن هبيرة في كتاب الإفصاح: "وكسع: بمعنى ضرب دبره بيده أو رجله، وتداعوا: استغاثوا بالقبائل إلى الآباء يستنصرون بهم في ذلك، والدعوى: الانتماء، وكانت الجاهلية تنتمي في الاستعانة إلى الآباء فيقولون: يا آل فلان، وذلك من العصبية، وإنما ينبغي أن يكون الاستعانة بالإسلام وحكمه، فإذا وقعت بغيره فقد أعرض عن حكمه.
*الثاني
*: حديث المعرور بن سويد، قال: لقيت أبا ذر بالربذة، وعليه حلة، وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك، فقال: إني ساببت رجلا فعيرته بأمه، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أبا ذر أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية، إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم» أخرجاه في الصحيحين.
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حاضر التنبيه والتوجيه في كل موقف تظهر فيه رواسب العصبيات الجاهلية، وقد نال أبو ذر حظه من التوجيه والتأنيب، وزجره عن التعيير، وأخبره أن هذا من الموروث الجاهلي المتبقي عنده، وأن عليه السعي في التخلص منه، وقد فعل رضي الله عنه بهذا التوجيه النبوي، فألبس غلامه حلة كما لبس هو حلة، إمعانا منه في تطويع نفسه لرابطة الإسلام، واجتثاث ما تبقى من عصبيات الجاهلية العمياء.
*الثالث
*: حديث جابر في خطبة حجة الوداع، قوله صلى الله عليه وسلم: " ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وأول دم أضع دماءنا: دم ربيعة بن الحارث - كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل - وربا الجاهلية موضوع، فأول ربا أضعه ربا عباس بن عبد المطلب, فإنه موضوع كله". رواه أبو داود وغيره.
وهنا يقف النبي صلى الله عليه وسلم موقفه الأخير ليؤكد الحكم النهائي الأخير في إلغاء نعرات الجاهلية، وآثارها الاجتماعية من الثارات القبلية، وآثارها الاقتصادية من الربا المضاعف الذي اشتهر فيهم قبل الإسلام، وكأنه صلى الله عليه وسلم يختم جهوده الإصلاحية بالتأكيد على مفارقة الجاهلية، وتعميق رابط الأخوة الإسلامية.
الرابع: ما جاء في صحيفة المدينة التي اختطها النبي صلى الله عليه وسلم كوثيقة منظمة للعهد الإسلامي الجديد، ومما جاء فيها: «المسلمون من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم، أمة واحدة من دون الناس». وفيها: «هؤلاء المسلمون جميعا على اختلاف قبائلهم يتعاقلون بينهم، ويفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين». والعاني: الأسير.
ونص الصحيفة من مرويات أهل المغازي والسير، كابن إسحاق، وغيره، ورواها البيهقي في السنن من مراسيل ابن شهاب الزهري، واحتج بها أهل العلم، منهم ابن تيمية رحمه الله حيث قال عنها: (وهذه الصحيفة معروفة عند أهل العلم، روى مسلم في صحيحه عن جابر قال(كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل بطن عقوله ثم كتب أنه لا يحل أن يتوالى رجل مسلم بغير إذنه). انتهى من الصارم المسلول.
إسلام ويب
✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته
#يوميات_في_السيرة_النبوية
*هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في العيدين*
كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصلي العيدين في المُصَلَّى، وهو المصلَّى الذي على باب المدينة الشرقي، وهو المصلَّى الذي يُوضع فيه مَحْمِلُ الحاج، ولم يُصلِّ العيدَ بمسجده إلا مرةً واحدة أصابهم مطر، فصلَّى بهم العيدَ في المسجد إن ثبت الحديث، وهو في سنن أبي داود وابن ماجة وهديُه كان فِعلهما في المصلَّى دائمًا.
*وكان يلبَس للخروج إليهما أجملَ ثيابه، فكان له حُلَّة يلبَسُها للعيدين والجمعة، ومرة كان يَلبَس بُردَين أخضرين، ومرة برداً أحمر، وليس هو أحمرَ مُصمَتاً كما يظنه بعضُ الناس، فإنه لو كان كذلك، لم يكن بُرداً، وإنما فيه خطوط حمر كالبرود اليمنية، فسمي أحمر باعتبار ما فيه من ذلك. وقد صح عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِن غير معارضٍ النهيُ عن لُبس المعصفر والأحمر، وأمر عبد الله بن عمرو لما رأى عليه ثوبين أحمرين أن يَحرِقَهما فلم يكن ليكره الأحمر هذه الكراهة الشديدة ثم يلبَسُه، والذي يقُوم عليه الدليل تحريمُ لِباس الأحمر، أو كراهيتُه كراهية شديدة*.
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأكُل قبلَ خروجه في عيد الفطر تمرات، ويأكلهن وتراً، وأما في عيد الأضحى، فكان لا يَطعَمُ حتى يَرجِعَ مِن المصلَّى، فيأكل من أضحيته.
*و ثبت عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم العيد قبل خروجه*.
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخرج ماشياً، والعَنَزَةُ تحمل بين يديه، فإذا وصل إلى المصلَّى، نُصِبت بين يديه ليصليَ إليها، فإن المصلَّى كان إذ ذاك فضاءً لم يكن فيه بناءٌ ولا حائط، وكانت الحربةُ سُترتَه.
*وكان يُؤَخِّر صلاة عيد الفطر، ويُعجِّل الأضحى، وكان ابنُ عمر مع شدة اتباعه للسنة، لا يخرُج حتى تطلُع الشمسُ، ويكبِّر مِن بيته إلى المصلى. وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا انتهى إلى المصلَّى، أخذ في الصلاة من غير أذان ولا إقامة ولا قول: الصلاة جامعة، والسنة: أنه لا يُفعل شيء من ذلك*.
ولم يكن هو ولا أصحابُه يُصلون إذا انتهوا إلى المصلَّى شيئاً قبل الصلاة ولا بعدها.
*وكان يبدأ بالصلاة قبلَ الخُطبة
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أكمل الصلاةَ، انصرف، فقام مُقابِل الناس، والناسُ جلوس على صفوفهم، فيعِظهم ويُوصيهم، ويأمرهم وينهاهم، وإن كان يُريد أن يقطع بعثاً قطعه، أو يأمر بشيء أمر به. ولم يكن هُنالك مِنبر يرقى عليه، ولم يكن يخْرِجُ منبر المدينة، وإنما كان يخطبهم قائماً على الأرض، قال جابر: شهِدتُ مع رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة يومَ العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئاً على بلال، فامر بتقوى الله، وحثَّ على طاعته، ووعظ الناَّس، وذكَّرهم، ثم مضى حتى أتى النساء، فوعظهن وذكَّرهُن، متفق عليه. وقال أبو سعيد الخُدري: "كانَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخرُج يوم الفِطر والأضحى إلى المُصلَّى، فأول ما يَبدأ به الصَّلاةُ، ثم ينصرِفُ، فيقُوم مقابِلَ الناس، والناسُ جلوس على صفوفهم*..." الحديث (رواه مسلم).
*وكان يفتتح خُطَبه كلَّها بالحمد الله، ولم يُحفظ عنه في حديث واحد، أنه كان يفتتح خطبتي العيدين بالتكبير، وإنما روى ابن ماجه في سننه عن سعد القرظ مؤذِّن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه كان يُكثر التكبير بَيْنَ أضعافِ الخطبة، ويكثر التكبير في خطبتي العيدين. وهذا لا يدل على أنه كان يفتتحها به. وقد اختلف الناسُ في افتتاح خُطبة العيدين والاستسقاء، فقيل: يُفتتحان بالتكبير، وقيل تفتتح خطبة الاستسقاء بالاستغفار، وقيل: يُفتتحان بالحمد. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهو الصواب، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «كلُّ أَمْرٍ ذي بالٍ لاَ يُبْدَأ فيهِ بِحَمْدِ الله، فَهُوَ أَجْذَمُ». وكان يفتتح خطبَه كلَّها بالحمد لله*.
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخالف الطريقَ يوم العيد، فيذهب في طريق، ويرجعُ في آخر فقيل: ليسلِّمَ على أهل الطريقين، وقيل: لينال بركتَه الفريقان، وقيل: ليقضيَ حاجة من له حاجة منهما، وقيل: ليظهر شعائِرَ الإِسلام في سائر الفِجاج والطرق، وقيل: ليغيظ المنافقين برؤيتهم عِزَّة الإسلام وأهله، وقيام شعائره، وقيل: لتكثر شهادةُ البِقاع، فإن الذاهب إلىَ المسجد والمصلَّى إحدى خطوتيه ترفعُ درجة، والأخرى تحطُّ خطيئة حتى يرجع إلى منزله، وقيل وهو الأصح: إنه لذلك كُلِّه، ولغيره من الحِكَم التي لا يخلو فعلُه عنها.
إسلام أون لاين
✍ تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وكل عام وانتم بخير
#يوميات_في_السيرة_النبوية
كانت غزوة بدر ضربة قاسمة هائلة لقريش، وهزة عظيمة جدًّا لكبرياء وكرامة وعزة قريش؛ والتي كانت تحظى باحترام كل القبائل العربية، ولكن بعد (بدر) اهتزَّت مكانتها واختلف وضعها كثيرًا عن ذي قبل، فقد قُتل سبعون من المشركين ممن شاركوا في بدر، وأُسر سبعون آخرون. ووقعت قريش كلها في مأساة عظيمة بعد هذه الغزوة، والذين قتلوا من المشركين هم عمالقة الكفر وقادة الضلال وأئمة الفساد في الأرض، فمنهم فرعون هذه الأمة أبو جهل عليه لعنة الله، ومنهم الوليد بن المغيرة، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والنضر بن الحارث، وعقبة بن أبي مُعَيْط، وأمية بن خلف، وأسماء ضخمة جدًّا ومشهورة من هؤلاء السبعين الذين قُتلوا، وكان قتلهم جميعًا في يوم واحد.
وتخيَّل هذا الخبر عندما يصل إلى أسماع أهل مكة! وتعالَوْا نرى الْحَيْسُمان بن عبد الله الخزاعي، وهو مَنْ أبلغ الخبر إلى أهل مكة.
قالوا: "ما وراءك؟"
قال: "قُتل عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو الحكم بن هشام، وأمية بن خلف، في رجال من الزعماء سماهم". أي أنه ظل يذكر لهم زعماء ورجالات قريش الذين قُتلوا.
فلما قال ذلك، قال صفوان بن أمية بن خلف -وهو من قادة الكفر حينئذٍ-: "والله إن يعقل هذا -أي أنَّ هذا الرجل لا يعقل- فاسألوه عني".
فقالوا: ما فعل صفوان بن أمية؟ وهو لم يشارك في بدر.
فقال: "ها هو ذا جالسًا في الحِجْر، قد والله رأيت أباه وأخاه حين قُتلا".
ووقع الخبر كالصاعقة على أهل قريش، ولم يصدِّقوا ما قال لهم الحَيْسُمان، وانتظروا رسولاً آخر يخبرهم بالخبر اليقين، فلا يُعقل أن يُقتل كل هؤلاء وفي يوم واحد. ثم جاء أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، ابن عم الرسول، فأول من رآه أبو لهب -وهو لم يخرج في غزوة بدر- فقال أبو لهب لأبي سفيان: "هلم إليَّ؛ فعندك لعمري الخبر".
فجلس إليه والناس قيام عليهما، فقال أبو سفيان: "ما هو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا، يقتلوننا كيف شاءوا، ويأسروننا كيف شاءوا". ثم يقول كلمة عجيبة: "وايم الله مع ذلك ما لُمْتُ الناس، لقِيَنَا رجالاً بيضًا على خيل بَلْق (أي بيضاء) بين السماء والأرض، والله ما تُليق شيئًا (أي: ما تترك أمامها شيئًا)، ولا يقوم لها شيء". وأبو سفيان يصرِّح بهذه الكلمات أمام المشركين، وهم يسمعون ولا يصدقون ولا يؤمنون.
وكان ممن حضر هذا الموقف من المسلمين الذين يخفون إسلامهم، أبو رافع، وهو غلام العباس بن عبد المطلب وقد أُسر العباس في بدر، قال أبو رافع: "تلك والله الملائكة ". يقول أبو رافع: "فرفع أبو لهب يده فضرب وجهي ضربة شديدة، فثاورْتُه، فاحتملني فضرب بي الأرض ثم برك عليَّ يضربني، وكنت رجلاً ضعيفًا، فقامت أم الفضل -وهي زوج العباس رضي الله عنها وكانت تكتم إسلامها- إلى عمود من عمد الحجرة، فأخذته فضربته به ضربةً فلقت في رأسه شجَّةً منكرة، وقالت: تستضعفه أنْ غاب عنه سيده؛ فقام مولِّيًا ذليلاً، فوالله ما عاش إلا سبع ليال، حتى رماه الله بالعَدَسة فقتلته، فلقد تركه ابناه ليلتين أو ثلاثًا ما يدفنانه حتى أنتن في بيته، وكانت قريش تتقي العدسة وعدواها كما يتقي الناس الطاعون، حتى قال لهما رجل من قريش: ويحكما! ألا تستحيان؟! إن أباكما قد أنتن في بيته لا تغيبانه. قالا: إنا نخشى هذه القرحة. قال: انطلقا، فأنا معكما. فما غسلوه إلا قذفًا بالماء عليه من بعيد ما يمسونه، ثم احتملوه فدفنوه بأعلى مكة إلى جدار، وقذفوا عليه الحجارة حتى واروه".
وهذه النهاية لأبي لهب كانت بعد سبع ليال فقط من غزوة بدر، وفَقَد المشركون قائدًا آخر من كبار قوادهم بعد أن فقدوا هذا العدد من زعمائهم في بدر، وكانت نهايته في منتهى الخزي والعار والذلة والمهانة، مع أنه كبير بني هاشم، وكان من المفترض أن تكون هناك جنازة مهيبة لهذا القائد، وتَقْدُم وفود العرب لتعزّي في وفاته، لكن لم يحدث هذا؛ لأن العرب تتشاءم من المرض الذي مات به أبو لهب.
وكما نرى ترتَّب على انتصار المسلمين في بدر أزمات كثيرة للمشركين في مكة:
أولاً: *أزمة سياسية*: فقد فَقَدت قريش مكانتها بين العرب واهتزت هيبتها تمامًا.
ثانيًا: *أزمة اجتماعية*: فما من بيت في قريش إلا وقد أصيب منه واحد أو اثنان.
ثالثًا: *الأزمة الكبيرة جدًّا والخطيرة أيضًا، وهي المشكلة الاقتصادية*، حيث كانت قريش تعتمد على التجارة في رحلة الصيف ورحلة الشتاء، وتمر إحدى الرحلتين على المدينة في طريقها إلى الشام، ووجود دولة في المدينة المنورة بهذه القوة بحيث إنها تسيطر على المداخل والمخارج المؤدية إلى الشام، هذه القوة -لا شك- ستمنع التجارة إلى الشام، ولو مُنعت التجارة مع الشام سقطت التجارة كُلِّيَّة في مكة، وستتأثر كذلك تجارة اليمن؛ لأنهم كانوا يأتون من الشام بما يبيعونه في اليمن، ومن اليمن بما يبيعونه في الشام، وهكذا.
د/ راغب السرجاني
قصة الإسلام
✍ تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
🔖 عمل فضله عجيب!
وغفلة الناس عن مثل هذا العمل في هذه الليالي أعجب!
إنا لله وإنا إليه راجعون فقدناك يا شيخنا!
#الحويني
بما أن الهدف الأسمى من الصيام تحقيق التقوى فما السبيل إلى تحقيقه يا تُرى؟
وحتى لا يمرّ الشهر دون التفكر بهذا المقصود اخترنا لكم هذا المقطع الذي يجيبنا الشيخ الفاضل حسن بخاري فيه عن سؤال: ( كيف نحقق ال
#يوميات_في_السيرة_النبوية
بعض أهم الأحداث التي وقعت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان
نزول الوحي و القرآن على الرسول صلى الله عليه وسلم .. وبدء الدعوة الإسلامية .. وكان ذلك في يوم الإثنين الحادي والعشرين من شهر رمضان .. وجاء التصريح به في الآية الكريمة { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن }[ البقرة /185] .. وفي حديث عند مسلم برقم (1162 ) فيه التصريح بيوم الاثنين .
إرسال سرية حمزة بن عبد المطلب في رمضان السنة الأولي للهجرة و هي سرية سيف البحر طبقات ابن سعد و سيرة ابن هشام .
و في شهر رمضان من السنة الثانية للهجرة و بالتحديد في يوم ( 17 ) كانت غزوة بدر الكبرى .
مصرع أبي جهل ( عمرو بن هشام ) وأمية بن خلف والعاص بن هشام بن المغيرة – خال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه - في هذا الشهر في غزوة بدر وغيّبوا في القليب .
و في الشهر نفسه من السنة الثانية ماتت رقية بنت الرسول الله صلى الله عليه وسلم زوج عثمان بن عفان رضي الله عنه . انظر : طبقات ابن سعد والاستيعاب والسير للذهبي.
و في نفس الشهر من نفس السنة وبالتحديد في يوم ( 25 ) و بعد عودته صلى الله عليه وسلم من بدر مباشرة ، كانت سرية قتل عصماء بنت مروان التي كانت ممن يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم وتعيب الإسلام وتحرض على النبي صلى الله عليه وسلم وقالت في ذلك شعراً . سيرة ابن هشام وابن سعد في الطبقات .
وفي شهر رمضان من السنة الثالثة للهجرة وبالتحديد ليلة النصف منه ولدت فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم ابنها الحسن رضي الله عنهما . تاريخ خليفة وتاريخ بغداد .
وفي نفس الشهر من نفس السنة تزوج النبي صلى الله علية وسلم بزينب بنت خزيمة بنت الحارث ، أم المساكين : الطبقات الكبرى لابن سعد .
وفي السنة الخامسة من الهجرة نزلت براءة الطاهرة المطهرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن أبيها من حديث الإفك الذي اتهمت فيه بعد منصرفهم من غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع ، حيث كانت هذه الغزوة في شعبان ، وفي قصة الإفك من حديث عائشة رضي الله عنها : ( فاشتكيت حين قدمت شهراً والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك ولا أشعر بشيء من ذلك .. الخ ) فالشاهد من هذا أن حديث الإفك امتد إلى رمضان يقيناً . : البداية والنهاية .
وهناك خلاف في تاريخ سرية عبد الله بن عتيك لقتل سلام بن أبي الحقيق .. حيث يذكر بعض المؤرخين أنها كانت في رمضان من السنة السادسة . : السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة .
وفي رمضان من السنة السادسة للهجرة كانت سرية زيد بن حارثة إلى بني فزارة . : السيرة النبوية لابن هشام .
إرسال سرية غالب بن عبد الله إلى الميفعة ، وهي الغزوة التي قَتَلَ فيها أسامة بن زيد رضي الله عنه رجلاً بعد أن قال لا إله إلا الله . انظر : البخاري مع الفتح ومسلم والبداية والنهاية وطبقات ابن سعد .
ومن الأحداث أيضاً ما وقع في أول شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة ، وهي إرسال سرية أبي قتادة إلى بطن إضم . أنظر تفاصيل هذه السرية في : سيرة ابن هشام وابن سعد في الطبقات .
ومن الأحداث التي وقعت في السنة الثامنة للهجرة ، فتح مكة .. وكان خروج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة في عاشر رمضان ودخل مكة لتسع عشرة ليلة خلت منه . انظر تفاصيل الفتح في كتب السير ..
و أيضاً إرسال سرية خالد بن الوليد رضي الله عنه لهدم العزى في نفس السنة لخمس ليال بقين من شهر رمضان . انظر : طبقات ابن سعد . و السرايا والبعوث .
وسرية سعد بن زيد الأشهلي إلى مناة وذلك لست بقين من رمضان . انظر : طبقات ابن سعد و السرايا والبعوث .
وسرية عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى سواع ، صنم هذيل فهدمها .: طبقات ابن سعد .
عودة النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك ، وكان ذلك في السنة التاسعة من الهجرة ، حيث كان خروجه صلى الله عليه وسلم إلى تبوك في رجب ، واستغرقت هذه الغزوة خمسين يوماً أقام منها عشرين يوماً في تبوك ، والبواقي قضاها في الطريق جيئة وذهاباً . :الرحيق المختوم .
قدوم وفد ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام التاسع معلنين إسلامهم ، انظر : البداية والنهاية . وسيرة ابن هشام .
قدوم رسول ملوك حمير بكتابهم وكان ذلك في رمضان من السنة التاسعة للهجرة . انظر البداية والنهاية و سيرة ابن هشام .
قدوم جرير بن عبد الله البجلي على النبي صلى الله عليه وسلم وإسلامه في رمضان من السنة العاشرة . : الإصابة وتاريخ المدينة لابن شبة .
وقد صام عليه السلام تسع رمضانات ، لأن صيام رمضان فرض في شعبان في السنة الثانية من الهجرة ، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول في سنة إحدى عشرة من الهجرة .
ملتقى الخطباء / أبو عبد الله الزهبي
#يوميات_في_السيرة_النبوية
لم يكن حال النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان كحاله في غيره من الشهور، فقد كان برنامجه صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر مليئا بالطاعات والقربات، وذلك لعلمه بما لهذه الأيام والليالي من فضيلة خصها الله بها وميزها عن سائر أيام العام، والنبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان قد غفر له ما تقدم من ذنبه، إلا أنه أشد الأمة اجتهادا في عبادة ربه وقيامه بحقه.
وسنقف في هذه السطور مع شيء من هديه عليه الصلاة والسلام في شهر رمضان المبارك حتى يكون دافعا للهمم، ومحفزا للعزائم أن تقتدي بنبيها عليه الصلاة والسلام، وتلتمس هديه.
فقد كان صلى الله عليه وسلم يكثر في هذا الشهر من أنواع العبادات، فكان جبريل يدارسه القرآن في رمضان، وكان عليه الصلاة والسلام -إذا لقيه جبريل- أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان، يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن، والصلاة والذكر والاعتكاف.
وكان يخص رمضان من العبادة بما لا يخص غيره من الشهور، حتى إنه ربما واصل الصيام يومين أو ثلاثة ليتفرغ للعبادة، وينهى أصحابه عن الوصال، فيقولون له: إنك تواصل، فيقول: (إني لست كهيئتكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني) أخرجاه في "الصحيحين".
وكان عليه الصلاة والسلام يحث على السحور، وصح عنه أنه قال: (تسحروا، فإن في السحور بركة) متفق عليه، وكان من هديه تعجيل الفطر، وتأخير السحور، فأما الفطر فقد ثبت عنه من قوله ومن فعله أنه كان يعجل الإفطار بعد غروب الشمس وقبل أن يصلي المغرب، وكان يقول كما في الصحيح: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر) وكان يفطر على رطبات، فإن لم يجد فتمرات، فإن لم يجد حسا حسوات من ماء، وأما السحور فكان يؤخره حتى ما يكون بين سحوره وبين صلاة الفجر إلا وقت يسير، قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية.
وكان يدعو عند فطره بخيري الدنيا والآخرة.
وكان صلى الله عليه وسلم يقبل أزواجه وهو صائم، ولا يمتنع من مباشرتهن من غير جماع، وربما جامع أهله بالليل فأدركه الفجر وهو جنب، فيغتسل ويصوم ذلك اليوم.
وكان صلى الله عليه وسلم لا يدع الجهاد في رمضان، بل إن المعارك الكبرى قادها صلى الله عليه وسلم في رمضان، ومنها بدر، وفتح مكة، حتى سمي رمضان شهر الجهاد.
وكان يصوم في سفره تارة، ويفطر أخرى، وربما خير أصحابه بين الأمرين، وكان يأمرهم بالفطر إذا دنوا من عدوهم؛ ليتقووا على قتاله، وفي "صحيح مسلم" عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: كنا في سفر في يوم شديد الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة. وخرج عام الفتح إلى مكة في شهر رمضان، فصام حتى بلغ كراع الغميم، فصام الناس، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه، ثم شرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال: (أولئك العصاة، أولئك العصاة) رواه مسلم.
وكان صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل، ليجتمع قلبه على ربه عز وجل، وليتفرغ لذكره ومناجاته، وفي العام الذي قبض فيه صلى الله عليه وسلم اعتكف عشرين يوما.
وكان إذا دخل العشر الأواخر أحيا ليله، وأيقظ أهله، وشد مئزره مجتهدا ومثابرا على العبادة والذكر.
هذا هو هديه صلى الله عليه وسلم، وتلك هي طريقته وسنته، فما أحوجنا -أخي الصائم- إلى الاقتداء بنبينا، والتأسي به في عبادته وتقربه، والعبد وإن لم يبلغ مبلغه، فليقارب وليسدد، وليعلم أن النجاة في اتباعه والاقتداء به، والفلاح في السير على طريقه وهديه.
إسلام ويب
✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته
#يوميات_في_التاريخ_الإسلامي
أسفرت حركة نشر المخطوطات والفهارس التراثية عن حقيقة مؤداها أن التراث العلمي العربي في الطب والبيولوجيا والفلك والملاحة وغيرها لا يقل ضخامة عن التراث العلمي في العلوم الشرعية واللغوية والتاريخية، ففي مجال علوم الحيوان والنبات هناك ما يتعذر إحصاؤه من المصنفات، وضمن هذه الفئة يحتل كتاب (عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات) للقزويني مرتبة متقدمة يشهد بذلك وجود ما لا يقل عن سبعة عشر تلخيصا وترجمة له فضلا عن مئات البحوث والدراسات التي تناولته بالدراسة والبحث.
انتهج القزويني في كتابه منهجا محكما بينه في المقدمة المعمقة التي استهل بها الكتاب.
يفتتح القزويني كل باب من أبواب الكتاب بتقسيم ما يندرج أسفله مفتتحا بالتقسيمات الرئيسة وصولا إلى التقسيمات الفرعية والدقيقة.
يميل القزويني إلى طرح التساؤلات في معالجته للمسائل، ويبدو أنه لا يقصد من ذلك إثارة القارئ وإنما بعثه على التفكر وإعمال عقله، ومن ذلك حديثه عن النحل وأنه ينبغي للإنسان أن يسأل نفسه من أين جاء الشمع الذي تصنع منه الخلايا، وكيف صنعت بهذه الدقة على نحو يعجز معه المهندس الحاذق أن يماثلها من دون فرجات [فرجار] أو مسطرة.
استعان القزويني بعدد كبير من المصادر في الكتاب، وأحصى له عزيز العزي نحو 65 مصدرا رجع إليها واقتبس منها، وكان أكثر اقتباسه عن ابن سينا يليه أرسطو ثم ابن وحشية ثم بليناس ثم الجاحظ ثم بطليموس، إضافة إلى مشاهداته وحواراته، وإلى القرآن الكريم والحديث الشريف وهما من المصادر التي رجع إليها كثيرا.
سلاسة العبارة كانت سمة مميزة للقزويني الذي يكتب بلغة رشيقة ليس فيها إغراب أو تقعير، حتى يُظن أنه من كُتاب عصرنا وليس من أهل القرن السابع.
يتألف الكتاب من مقدمة وقسمين كبيرين أو مقالتين
أما المقدمة فيبدو أن صاحبها كان مولعا بالمقدمات المطولة الوافية حيث جعل لكتابه أربع مقدمات، استهلها بشرح غاية الكتاب، وحول ذلك يقول إنه لما كان بعيد عن وطنه فإنه ألِف المطالعة والقراءة والنظر في عجائب صنع الله تعالى
أما متن الكتاب فقد قسمه إلى قسمين أو مقالتين حسب تعبيره، كل منهما تضم فصولا.
*المقالة الأولى* تسمى “العلويات” أي ما يتعلق بالسماء من كواكب وبروج ومدارات ومجرات والشمس والقمر والكواكب وقد أسهب في الكلام عنها جميعا
كما تحدث عن المجرة وأن العرب تسميها أم النجوم، وتحدث عن أثر الشمس على الأحياء عموما والإنسان خصوصا، وعن تأثر حركة النبات بالشمس، وتحدث عن دورات أفلاكها .
واختتم حديثه عن العلويات بالزمان، وذكر أنهم عرفوه بأنه مقدار حركة الفلك كما ذهب أرسطوطاليس، وعند غيره مرور الأيام والليالي
*المقالة الثانية*، وتسمى السفليات، وبدأها بالحديث عن الشهب وانقضاض الكواكب، وتحدث عن الهواء والرياح والمطر وما يتعلق بهم، ثم انتقل للحديث حول الرياح والرعد والبرق، ومما ذكره في ذلك قوله “اعلم أن البرق والرعد يحدثان معا لكن البرق يرى قبل الرعد”،ثم ذكر ما يفيد أن الصوت أسرع من الضوء، ثم تطرق إلى الهالة وقوس قزح وذكر سبب تكونه وتعدد ألوانه، ثم انتقل للحديث عما أسماه (كرة الماء) وفيه تحدث تفصيلا عن البحار مثل بحر القلزم وبحر الصين وبحر فارس وبحر الخزر وغيرها وعدد الحيوانات البحرية والبرمائية التي تعيش في كل منها.
وتطرق بعدها إلى الحديث عن (كرة الأرض) وتحدث فيه عن أقوال القدماء في هيئة الأرض، وعن العوارض التي تعترضها مثل الزلازل والهزات، ثم عالج التضاريس الجغرافية للأرض كالجبال والأنهار والعيون والآبار ومنها انتقل إلى دراسة المعادن في جوف الأرض، والأحجار والنباتات وأنواعها، والحيوانات وفصائلها ثم درس الإنسان وتشريحه وذكر حقيقة الأنوثة والذكورة وكيفية الحمل والولادة وما إلى ذلك من موضوعات تتصل بالعلوم البيولوجية.
وتشير هذه الطائفة الموسعة من الموضوعات وكيفية معالجته لها أن صاحبها يتمتع بعقل موسوعي، جعله قادرا على مقاربة علوم مختلفة بذات الكفاءة، ورغم هذا فإن هناك ملحوظتين بهذا الخصوص.
*الأولى*، إن في الكتاب من الملاحظات والتعليلات ما أثبته العلم الحديث، وبرهن على صحته مثل: ملاحظته حول كثرة نسل الحيوانات والحشرات التي تتعرض لمخاطر الفناء، وهي منحة إلهية حتى لا تفنى وتنقرض، كذلك تتبعه لدورة حياة الضفدع وذكره تأثير الكحول في تخديره الذي يمكن أن يبلغ حد الموت.
*والثانية*، إن الكتاب في الجهة المقابلة حوى بعض الترهات والخرافات التي لا يمكن إثباتها والبرهنة عليها عقلا، ومن ذلك قوله: إن الأربعاء الأخير من الشهر يوم نحس مستمر“، ومثل هذه الأقوال يمكن عزوها إلى النقل من المصادر، أو تأثره بالثقافة الشفهية السائدة في عصره.
فاطمة حافظ
باحثة ومؤرخة مصرية
إسلام أون لاين
✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته
#يوميات_في_التاريخ_الإسلامي
روى البخاريّ وغيره عن ابن عباس رضي اللَّه عنه قال: “قدم النبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجّى اللَّه بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى. قال: فأنا أحق بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه”.. يُشْكل على البعض في هذا الحديث كيف وجد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم اليهود يصومون عاشوراء يوم مقدمه المدينة، مع أنّه قدم في ربيع الأوّل وليس في محرّم؟
اليهود لا يعتمدون في حسابهم على الأشهر القمرية ، إنّما يعتمدون حسابا خاصّا بهم، يجمع بين الحساب القمريّ والحساب الشّمسيّ؛ فالأشهر اليهودية تُحسَب على دورة القمر ويعتمد اليهود في حسابها على تقويم خاصّ له بداية يزعمون أنّها تمثّل بدء الخليقة، في العام 3760 قبل الميلاد! أي إنّهم الآن في العام5786 عبري! والسنة اليهودية العبرية تتوافق مع السنة الميلادية، وتتألّف من 12 شهرا،
حتى يتطابق الحسابان؛ ، يجمع اليهود الفرق بينهما في شهر زائد نسيء يسمّى “آذار الثاني” يضاف إلى التقويم بين آذار ونيسان 7 مرات خلال 19 سنة، لتكون السنة اليهودية الكبيسة 13 شهراً.. كلّ هذا حتى تبقى المناسبات الدينيّة اليهوديّة في فصل واحد.
العرب كانوا يهتمّون بعاشوراء محرّم خاصّة، وكانت قريش تصومه وتكسو فيه الكعبة، اليهود يعرفون “عاشوراء” خاصّا بهم في العاشر من شهرهم الأوّل “تشري”، يصومون فيه صياما خاصّا، وهذا اليوم يسمّى عندهم “كبور” أو يوم “الغفران”، وهو اليوم الذي فُرض عليهم صيامه تكفيرا عن عبادة العجل بعد أن ذهب موسى عليه السّلام لميقات ربّه، أمّا احتفالهم بذكرى خروج موسى عليه السّلام مع بني إسرائيل من مصر ثمّ نجاتهم من فرعون، فيكون من 15 إلى 21 نيسان، وهي أيام “الفصح” عندهم.
اختلف أهل السير في اليوم الذي دخل فيه النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم المدينة مهاجرا، بين 2 و8 و12 ربيع الأوّل، وقد اجتهد بعض الباحثين في علم الفلك في تحديد هذا اليوم، بينهم الباحث الكويتي صالح العجيري، فوجدوا أنّه يوم الاثنين 8 ربيع الأول من السنة التي اصطلح فيما بعد على أنّها السنة 1 هجرية، المصادف لـ 23 سبتمبر 622 ميلادية، وباعتماد الحساب، وجد الباحثون أنّ هذا اليوم كان موافقا لـ 10 من الشهر اليهوديّ الأوّل “تشري” سنة 4383 عبرية، وهو يوم الكبور (الغفران)، ولهذا كان اليهود يومها صائمين.
كانت نجاة موسى عليه السّلام موافقا ليوم الخميس 29 أفريل 1227 ق.م، وموافقا أيضا لـ 10 محرّم 1905 ق.هـ، حسب ما أكّده الباحث محمّد عبد الرزاق جويلي، الذي توصّل أيضا إلى أنّ يوم الزّينة الذي تحدّى فيه موسى عليه السّلام سحرة فرعون، والذي كان قبل الخروج بـ40 سنة، وافق يوم السّبت 10 محرّم 1945 ق.هـ/ 9 يوليو 1266 ق.م/ 11 تموز 2494 عبري.
بالنّظر إلى هذه النّتائج البحثية، يمكن أن نخرج بنتيجة مفادها أنّ كُلا من يوم الزّينة ويوم النّجاة كان موافقا يقينا لـ10 محرّم (عاشوراء) حقيقة، وأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم عند دخول المدينة، يوم 8 ربيع الأوّل، وجد اليهود يصومون يوم الغفران، الموافق للعاشر من شهرهم الأوّل تشري، لكن ولأنّهم كانوا يكذبون ويحرّفون الكلم عن مواضعه ، فقد زعموا أنّهم يصومون اليوم الذي نجّى الله فيه نبيّه موسى عليه السّلام، بينما هم في حقيقة الأمر يصومون يوما فُرض عليهم صيامه بعد الذّنب العظيم الذي اقترفوه يوم عبدوا العجل، فدلّ الله نبيّه الكريم على كذبهم، فأمر عليه الصّلاة والسّلام أصحابه بصيام اليوم الذي نجا فيه موسى عليه السّلام حقيقة، وهو يوم 10 محرّم الذي كان النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يصومه قبل ذلك في مكّة كما كانت قريش تصومه، لكنّه لم يكن حينها يأمر أحدا بصيامه.
استمرّ الأمر كذلك، حتّى كان العام 11 هـ، وصام من صام من المسلمين عاشوراء، حيث تزامنت الفترة بين 14 و20 محرّم مع أيام الفصح عند اليهود التي تبدأ –حسبهم- يوم 15 نيسان الذي يمثّل عندهم يوم خروج نبيّ الله موسى –عليه السّلام- مع بني إسرائيل من مصر، وتنتهي –حسبهم- يوم 21 نيسان الذي يمثّل عندهم يوم العبور (النّجاة)، فلمّا رأى المسلمون اليهود يتزيّنون ويفرحون في هذه الأيام ويلبسون نساءهم الحليّ، وأخبروا النبيّ عليه الصّلاة والسّلام بذلك، أراد عليه الصّلاة والسّلام أن يُمعن في مخالفتهم، فقال: “لئن عشت إلى قابل لأصومنّ التّاسع” مع العاشر من محرّم، أي إنّه قصد أن يزيد احتفاء المسلمين بموسى عليه السّلام بزيادة الطّاعة، في مقابل توسّع اليهود في الاهتمام بالمظاهر، لكنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم قُبض قبل أن يأتي عاشوراء من السّنة 12هـ، وصار صيام تاسوعاء وعاشوراء من كلّ عام سُنّة.
الكاتب سلطان بركاني
الشروق أونلاين
✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته
#يوميات_في_السيرة_النبوية
الخلفاء الراشدون الأربعة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم باجماع أمة الاسلام ؛ إلا من لا يعتد بكلامه من أهل الزيغ والضلال والأهواء.
وقد جاء في كلام النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك ففي سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله الملك من يشاء أو ملكه من يشاء" قال الألباني: حسن صحيح.
وفي الترمذي عن سعيد بن جمهان قال حدثني سفينة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الخلافة في أمتي ثلاثون سنة، ثم ملك بعد ذلك، ثم قال لي سفينة: أمسك خلافة أبي بكر ثم قال وخلافة عمر وخلافة عثمان ثم قال لي أمسك خلافة علي قال فوجدناها ثلاثين سنة"
جاء في التمهيد لابن عبد البر: عثمان من الخلفاء لا من الأمراء، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي" وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي" فسماهم خلفاء وقال: الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم تكون إمرة وملكا وجبروتا، فتضمنت مدة الخلافة الأربعة المذكورين رضوان الله عليهم أجمعين. انتهى.
وفي التيسير بشرح الجامع الصغير ـ للمناوي [ وأما قوله: الخلافة ثلاثون سنة فالمراد به خلافة الخلفاء الراشدين البالغة أقصى مراتب الكمال] انتهى.
وفي تحفة الأحوذي: قال العلقمي: قال شيخنا يعني الحافظ السيوطي: لم يكن في الثلاثين بعده صلى الله عليه وسلم إلا الخلفاء الأربعة وأيام الحسن. قال العلقمي: بل الثلاثون سنة هي مدة الخلفاء الأربعة كما حررته فمدة خلافة أبي بكر سنتان وثلاثة أشهر وعشرة أيام، ومدة عمر عشر سنين وستة أشهر وثمانية أيام، ومدة عثمان إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهرا وتسعة أيام، ومدة خلافة علي أربع سنين وتسعة أشهر وسبعة أيام هذا هو التحرير. انتهى.
اسلام ويب
✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته
#يوميات_في_التاريخ_الإسلامي
إخراج سيدنا عمر رضي الله عنه لليهود من خيبر
تعليق الشيخ الألباني رحمه الله
تعلمون أنه جاء في صحيح البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح خيبر عنوة أعطاها لليهود على أن يعملوا فيها، فيكون لهم النصف وللرسول صلى الله عليه وسلم النصف، واتفق هو وإياهم على أنه أقرهم فيها، قال: (نقركم فيها ما نشاء) هذا كان من شروط الاتفاق على أن يبقى اليهود في خيبر يعملون في نخيلها، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واليهود في خيبر، وجاء أبو بكر وتوفي واليهود في خيبر، وجاءت خلافة عمر، ومضى ما شاء الله من خلافته وهم في خيبر، ثم بدا لـ عمر أن يخرجهم فأخرجهم طرداً، وأذن لهم أن يأخذوا ما خف من حوائجهم، هذا الإخراج -كما ترون- وقع بعد الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد أبي بكر، فهل هذه بدعة في الدين؟
جواب الشيخ الألباني
لا.
لسببين اثنين: ذكرت الأول منهما: وهو قوله عليه الصلاة والسلام: (نقركم فيها ما نشاء) ، فهذه المشيئة انتهت حينما رأى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يخرجهم.
والأمر الثاني: قول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أخرجوا اليهود من جزيرة العرب) ، فإذاً عمر عندما أخرج اليهود من خيبر، إنما نفذ طرفاً من هذا الأمر النبوي: (أخرجوا اليهود من جزيرة العرب) ، فالذي نفذ طرفاً من أمر الرسول أيكون قد أحدث في الدين؟ حاشا لله رب العالمين! ليس هناك إحداث، وإنما هو في الواقع شيء جديد، ما كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ولكن هذا الذي جد له دليله من السنة، كما رأيتم في الحديث في صحيح البخاري، وفي الحديث الآخر: (أخرجوا اليهود من جزيرة العرب) وكان هذا مما وصى به الرسول صلى الله عليه وسلم أمته وهو في مرض موته.
إذاً: فإخراج عمر لليهود من جزيرة العرب لا يصح أن يقال: إنه بدعة، حتى ولو بعبارة بدعة حسنة، عند من يقول بتقسيم البدعة إلى خمسة أقسام؛ لأنه نفذ أمراً نبوياً، وهذا واجب وليس بدعة.
المكتبة الشاملة
دروس الشيخ الألباني
✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته
مقطع قصير من أجمل ما يُسمع؛ عن #الدعاء في يوم #عرفة "والله إما أن يعطيك وإما أن يعطيك"
Читать полностью…#يوميات_في_السيرة_النبوية
إذا نظرْنا إلى النتيجةِ النهائيَّة في غزوة أُحد، فإنَّنا لانراها هزيمةً للمسلمين؛ وإنَّما هي في واقِع الأمر نصرٌ كبير، ومِن عجب أنَّ المؤرخين يكادون يُجمعون على أنَّ هذه الغزوة كانت نصرًا للمشركين وهزيمةً للمسلمين! إلا أنَّ مؤرخًا واحدًا خرَج على هذا الإجماع، واعتبر هذه الغزوةَ بالنسبة للمسلمين نصرًا لا هزيمة، وهو اللواء الركن الحاج محمود شيت خطاب في كتابه "الرسول القائد"، وهو مِن علماء المؤرِّخين بالعراق
وإليكم بعض ما قاله هذا المؤرِّخُ في هذا الصَّدَد:
"_لا أتَّفق مع المؤرِّخين في اعتبار نتيجة غزوة أُحد نصرًا للمشركين واندحارًا للمسلمين؛ لأنَّ مناقشة المعركة عسكريًّا تُظهر انتصار المسلمين على الرغم مِن خسائرهم؛ ذلك بأنَّ الممسلمين قدِ انتصروا أولاً في ابتداءِ المعركة، حتى استطاعوا طردَ المشركين من معسكرِهم، والإحاطة بنِسائهم وأموالهم، وتعفير لوائهم في التراب، ولكن التفاف خالِد بن الوليد وراءَ المسلمين وقطع خطِّ الرجعة عليهم، جعَل قوَّات المشركين تُطبق على المسلمين مِن كافة الجوانب، وهذا الموقف في المعركة جعَل خسائر المسلمين تكثُر، ولكن بقِي النصر في جانبِهم إلى آخِر لحظة؛ لأنَّ نتيجة كل معركة عسكريًّا لا تُقاس بعدَد الخسائر في الأرواح فقط، بل تقاس بالحصول على هدفِ القتال، وهو القضاء المبرم على العدوِّ ماديًّا ومعنويًّا، وهذا هو الذي لم يحدُث، ولا يمكن اعتبار فشل القوَّة الكبيرة - وهي قوَّة قريش حينئذٍ - في القضاء على القوَّة الصغيرة ماديًّا ومعنويًّا في مِثل هذا الموقف - نصرًا_.
د الطيب النجار رئيس سابق لجامعة الأزهر
أما الدكتور عبدالله بن إبراهيم الطريقى وكيل كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود يعرِض وقائع موقعة أُحد قائلاً:
تُعتبر غزوة أحد مِن المعارك الشهيرة التي دارتْ رحاها بيْن: أولياء الله، وأولياء الشيطان.
أما أولياء الله، فهم: المهاجِرون والأنصار، بقِيادة الرسول الأعظم، والقائِد المحنَّك - عليه الصلاة والسلام.
وأمَّا أولياء الشيطان، فكانوا كفَّارَ قريش، بقيادة زعاماتِ الكفر والشرك، وفي مقدمتهم أبو سفيان.
وقد حصلتِ المعركة قربَ المدينة عندَ جبل أحد.
وكانت من جولتين:
*أولاهما*: انتصَر فيها المسلمون انتصارًا باهرًا، وغنِموا غنائمَ كبيرة.
*ثانيتهما*: خسِر فيها المسلمون بعضَ الخسائر المادية، وظهَر فيها المشركون بمظهر المنتصر.
ولكن هذه النتيجة تحتاج إلى شيءٍ من التأمُّل والدراسة؛ فهل كانت نتيجتها انتصارَ المشركين انتصارًا حقيقيًّا، وانهزام المسلمين هزيمة حقيقية.
فلنتأمل الحقيقة:
1- أنَّ الرسولَ صلَّى الله عليه وسلَّم استطاع وهو القائِد العام للمعركة أن يتَّجه بِمَن معه من المسلمين مِن قتْل مستأصل شامل، حيث انحاز إلى مكان آخَر قريب مِن مكان المعركة، استطاع المسلمون من خلاله أن يُعيدوا تنظيمَهم، وأن يدافعوا عن أنفسِهم.
2- أنَّ المشركين بقيادة خالد بن الوليد قد انسحَبُوا بعدَ يأسهم من إبادة المسلمين، يجرُّون أذيالَ القهر والخيبة.
3- أنَّ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم استطاع أن يَتتبَّع فلولَ المشركين بعد توقُّف الحرب، بالرغمِ مِن الإنهاك والإجهاد الواقعَينِ للمسلمين.
كل ذلك يجعلنا نميل إلى أنَّ نتيجةِ هذه الغزوة كانت لصالح المسلمين؛ لما حصَل فيها، وإعطاء المسلمين دروسًا عمليَّة في وجوب الالتزام والانضباط، وأخْذ الحيطة والحَذر من عدوِّهم.
ولم تستطعْ قريش أن تؤثِّر على معنوياتِ المسلمين؛ ولذا رأينا المسلمين بعدَ انتهاء غزوة أحد بيوم واحد، قدِ استطاعوا الخروج لمطاردة المشركين، دون أن تجرؤَ قريش على لقائِهم بعيدًا عن المدينة، فكيف يُمكن أن يقال: إنَّ المسلمين هُزِموا، وقد رأيناهم يخرجون بعيدًا عن المدينة ليطاردوا قريشًا، وقريش لا تجرؤ على مواجهتهم؟!
وقد رأينا في حياة الرسولِ صلَّى الله عليه وسلَّم حين رجَع المسلمون من غزوة مؤتة، واستطاع قائدُهم حينئذٍ وهو خالد بن الوليد رضي الله عنه أن ينقذَ ما بقِي من جنود المسلمين مِن الفناء؛ بما قام به مِن خطة حربيَّة مكَّنتهم مِن الانسحاب بانتظام، فلقدِ اعتبر الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم ذلك نصرًا للمسلمين، ولم يعتبرْه هزيمةًَ، وحينما رجَع المسلمون إلى المدينة قابلَهم أهلُ المدينة يحثُون التراب في وجوهِهم، ويقولون: "يا فرار، فررتُم من الجهاد!"، ولكن الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم لم ينظرْ هذه النظرةَ السطحية، بل اعتبرهم منتصِرين، وحيَّاهم أحسنَ تحية، فقال: ((لا، لا ليسوا فرارًا، وإنَّما هم الكبار، وهم المجاهِدون الأطهار)).
شبكة الالوكة
✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته
#يوميات_في_السيرة_النبوية
أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالشورى فقال: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ} [آل عمران من الآية:159].
وقد اختلفت أنظار العلماء في معنى الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يستشير إلى تفسيرين:
*التفسير الأول
*: أن النبي صلى الله عليه وسلم مستغنٍ بالوحي وبتدبير الله له عن شورى أي أحد، وفائدة الشورى عندهم تكمن في أحد قولين:
الأول: تطييب خواطر أصحابه وإرضاء نفوسهم لما عُلم من أثر الشورى في ذلك.
الثاني: إن الأمر بذلك لما في الشورى من شرف وفضل ودلالة على الأحسن من الأمور مع ما للرسول صلى الله عليه وسلم من رأي وعقل وتدبير.
*التفسير الثاني
*: أنه ليقتدي به من بعده وتكون سنة للمؤمنين بأن تكون أمورهم قائمة على التشاور .
ولهذا نص كثير من الفقهاء على وجوب الشورى في حقه عليه الصلاة والسلام .
يمكننا أن نستخلص سمات الشورى في سياسة النبي صلى الله عليه وسلم في الجوانب التالية:
• لم تكن الشورى قاصرة على الجانب السياسي، بل كانت الشورى حاضرة في غيره.
• كان النبي صلى الله عليه وسلم يستشير في كل حال بحسبه، فمرة يخص فئة من خاصة أصحابه، ومرة يوسع دائرة الشورى لعموم أصحابه.
• كان النبي صلى الله عليه وسلم يستقبل شورى الناس وآراءهم ابتداءً، لاقتراح أمرٍ ما أو الاعتراض على فعل معين.
• كانت الشورى محصورة في جانب المباح من الأمور، وأما ما كان محرماً في الشريعة فليس ثَمّ شورى فيه، ولهذا أنكر على أسامة بن زيد رضي الله عنهما لما شفع في المرأة المخزومية التي كانت تستعير المتاع فتجحده، فقال له: «أتشفع في حدٍ من حدود الله؟» .
• لم يكن ثَمّ طريقة معينة محددة لإجراء الشورى، وإنما يبحث من خلالها عن الوصول إلى الرأي السديد.
من مقال لد / فهد بن صالح العجلان
طريق الإسلام
✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته
#يوميات_في_السيرة_النبوية
ذو القعدة شهر من الأشهر الحرم التي ذكر القرآن الكريم عددها ولم يحددها بأسمائها وتولى النبي صلي الله عليه وسلم مهمة تعيينها وتحديدها، فعن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب، مضر الذي بين جمادى، وشعبان"(متفق عليه).
ويروي جابر رضي الله عنـه فيقول: "لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو في الشهر الحرام إلا أن يغزى أو يغزوا، فإذا حضر ذلك أقام بنا حتى ينسلخ"(رواه أحمد). ولم يكن الإسلام هو أول من حرَّم هذه الأشهر الأربع، بل لقد كان أهل الجاهلية يعظمونها ويحرمون القتال فيها، فجاء الإسلام مؤكدًا لذلك، يقول البيهقي: "وكان أهل الجاهلية يعظمون هذه الأشهر... فكانوا لا يقاتلون فيهن"(فضائل الأوقات للبيهقي).
هذا وقد وقعت في شهر ذي القعدة أحداث عظام زادت من مكانة هذا الشهر الكريم في قلوب المسلمين، فمنها:
صلح الحديبية:
في شهر ذي القعدة من السنة السادسة من الهجرة النبوية، وكانت بدايتها رؤيا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم ورؤيا الأنبياء حق، وقد قصَّ علينا القرآن أمر هذه الرؤيا قائلًا: (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا)[الفتح: 27]، والمعروف حول "سبب نزول هذه الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في المنام وهو بالمدينة قبل أن يخرج إلى الحديبية أنه يدخل المسجد الحرام هو وأصحابه آمنين ويحلقوا رؤوسهم، فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا وحسبوا أنهم داخلو مكة عامهم ذلك، فلما انصرفوا ولم يدخلوا، شق عليهم ذلك وقال المنافقون: أين رؤياه التي رآها؟ فأنزل الله هذه الآية ودخلوا في العام المقبل"(تفسير الخازن).
لقد خرج النبي صلى الله عليه وسلـم بناءً على هذه الرؤيا الصادقة في ألف وأربعمائة من الصحابة يريدون العمرة لا القتال، وقد لبسوا إحرامهم وقلدوا هديهم، ولقد كان من عادة أهل مكة ألا يصدوا عن البيت أحدًا قصده حاجًا أو معتمرًا، لكن قد أبى المشركون واعتبروها إهانة لهم وقالوا: لا تتحدث العرب أننا قد أُخذنا ضغطة، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلـم عثمان بن عفان مرسلًا إليهم يخبرهم أنما جاء المسلمون للعمرة فقط، وتأخر عثمان حتى شاع بين المسلمين أنه قد قُتل، وبايع المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلـم على القتال تحت الشجرة ؛ وهي بيعة الرضوان التي قال عنها القرآن: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا)[الفتح : 18].
ولقد كان صعبًا على المسلمين أن يعودوا دون أن يعتمروا، ولقد جاء في الصحيحين ما يوضح درجة الهم والغم التي بلغوها، ومنها أن عمر بن الخطاب قال: "فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ألست نبي الله حقًا، قال: "بلى"، قلت: ألسنا على الحق، وعدونا على الباطل، قال: "بلى"، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: "إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري"، قلت: أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: "بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام"، قال: قلت: لا، قال: "فإنك آتيه ومطوف به".
قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقًا؟ قال: بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: أيها الرجل إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس يعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه، فوالله إنه على الحق، قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به، - قال الزهري: قال عمر -: فعملت لذلك أعمالًا.
قال: فلما فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "قوموا فانحروا ثم احلقوا"، قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله، أتحب ذلك، اخرج ثم لا تكلم أحدًا منهم كلمة، حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا، فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غمًا. (متفق عليه).
الشيخ د صالح بن مقبل العصيمي
ملتقي الخطباء
✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته
#يوميات_في_السيرة_النبوية
بعد انتهاء غزوة بدر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجمع جثث صناديد قريش فانطلق الصحابة ينفّذون أمر رسول الله وكان من بين هؤلاء عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ، الذي قام يتفحّص وجوه الجثث من حوله ، فإذا به يصل إلى أبي جهل وهو في الرمق الأخير ، فانطلق إليه مسرعاً ، فقال له : أأنت أبو جهل ؟ ، فردّ عليه : وهل فوق رجل قتلتموه أو رجل قتله قومه ؟ ، فقال ابن مسعود : أخزاك الله يا عدو الله ، فنظر أبو جهل إلى ابن مسعود رضي الله وهو جاثم على صدره ، فقال له : لقد ارتقيت يا رويعي الغنم مرتقى صعبا ، فقطع ابن مسعود رأسه فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشّره بمقتل عدوّه اللدود .
وتمكّن المسلمون من جمع جثث المشركين التي بلغت أربعاً وعشرين جثّة ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تُسحب سحباً وتُلقى في أحد الآبار المهجورة في المنطقة.
وظلّ النبي صلى الله عليه وسلم في ساحة المعركة حتى إذا كان اليوم الثالث أمر بتجهيز راحلته ثم انطلق إلى موضع دفن المشركين ، وجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم : ( يا فلان بن فلان ، ويا فلان بن فلان ، أيسرّكم أنكم أطعتم الله ورسوله ، فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا ) ، فاستغرب الصحابة أن يُنادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أجساداً لا أرواح لها ، فأجابهم بقوله : ( والذي نفس محمد بيده ، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ) رواه البخاري .
وبعد الانتهاء من المعركة برزت مشكلة جديدة لم يتعامل المسلمون معها من قبل ، ألا وهي كيفية التصرّف في الغنائم التي غنمها المسلمون في المعركة ، ونزل القرآن الكريم مجيباً عن تلك التساؤلات : { يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم } ( الأنفال : 1 ) ، { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل } ( الأنفال : 41 ) ، رواه أحمد ، فقسّم النبي صلى الله عليه وسلم الغنيمة بينهم بالتساوي .
ثم جاءت القضيّة الثانية ، وهي كيفيّة التعامل مع الأسرى ، فقد استشار النبي صلى الله عليه وسلم صحابته في شأنهم ، فكان رأي أبي بكر رضي الله عنه أخذ الفدية من الكفّار ليتقوّى المسلمون بها ، ولعلّ في ترك قتلهم فرصةً للمراجعة والتفكير بالإسلام ، بينما أشار عمر بن الخطّاب وسعد بن معاذ رضي الله عنهما بقتلهم ، لأنهم أئمة الكفر ، وفي التخلّص منهم ضربةٌ قويّة لأهل مكّة ، بل قال عبدالله بن رواحة رضي الله عنه : " يا رسول الله ، انظر واديا كثير الحطب فأدخلهم فيه ، ثم أضرمه عليهم نارا " .
ومال النبي صلى الله عليه وسلم إلى رأي أبي بكر رضي الله عنه ، فحسم الخلاف واختار الفدية ، لكنّ الله عز وجل عاتب نبيّه عتاباً شديداً على هذا الاختيار ، وذلك في قوله : { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم ، لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم } ( الأنفال : 67-69 ) ، والعتاب إنما جاء لقبول النبي صلى الله عليه وسلم للفداء في وقتٍ لم تكن فيه الغلبة والظهور لأهل الحقّ ، مما يكون سبباً في ضعف المسلمين ومعاودة خصومهم للقتال ، وهذا لا يصبّ في مصلحة المسلمين .
وتذكر كتب السيرة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم و أبي بكر رضي الله عنه وهما يبكيان ، فقال : يا رسول الله ، أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك ؟ ، فإن وجدت بكاء بكيت ، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما ، فقال له : ( أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء ، لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة - شجرة قريبة من نبي الله صلى الله عليه وسلم ) رواه مسلم .
ثم أذن الله سبحانه وتعالى بقبول الفداء ، فجعل الأسرى يفتدون أنفسهم بما يملكون من المال ، فمنهم من كان يدفع أربعة آلاف درهم ، ومنهم من كان يدفع أكثر من ذلك ، أما الذين لم يكونوا يملكون شيئاً فكان فداؤهم تعليم أولاد المسلمين الكتابة .
وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بمعاملة الأسرى معاملة حسنة ، وقال : ( استوصوا بالأسارى خيرا ) ، فامتثل الصحابة لذلك وضربوا أروع الأمثلة.
وقد تركت هذه المعاملة الحسنة أثرها في قلوبهم ، فأسلم كثيرُ منهم في أوقاتٍ لاحقة ، مثل السائب بن عبيد وأبو عزيز رضي الله عنهما ، وعاد أولئك الأسرى إلى مكّة وكلّ حديثهم عن كرم أخلاق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه .
إلا أن ذلك لم يمنع النبي صلى الله عليه وسلم مِن قتل مَن اشتدّ أذاه للمسلمين كأمثال عقبة بن أبي معيط ، الذي قتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، والنضر بن الحارث الذي كان من أكبر المحرّضين على قتال المسلمين .
إسلام ويب
✍ تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
#يوميات_في_السيرة_النبوية
يوم الفرقان أو غزوة بدر كانت في 17 من رمضان سنة 2 هجرية، المعركة التي قلبت موازين العالم، أو بالأحرى عدَّلت موازين العالم المقلوبة.
إن بدرًا معركة بين ثلاثمائة ونيِّف من المسلمين أمام ألف من المشركين في نقطة مجهولة في الصحراء، وأيُّ محلل عسكري في ذلك الوقت لن يرى فيها أكثر من معركة بين قبيلتين أو مجموعتين من الناس، أو مشاجرة بين عائلتين، لا تحمل أيَّة خطورة على القوى العالمية الموجودة آنذاك.
إنَّ مقاييس الله ليست كمقاييس البشر، فقد حدثت عدة صدامات وحروب مروعة بين الروم والفرس، ولم يتغير من واقع العالم ولا من وجه التاريخ شيءٌ، أمَّا الصدام البسيط الذي حدث بين المدينة المنورة ومكة فقد غَيَّر وجهَ الأرض إلى يوم القيامة.
كانت القافلة المكية العائدة من الشام تختلف عن بقية القوافل في بعض الأمور المهمة:
*أولاً*: هذه القافلة من أكثر قوافل مكة مالاً، وضربها يمثِّل ضربة اقتصادية هائلة لمكَّة؛ ألف بعير مُوقَرَة بالأموال، لا تقل عن 50 ألف دينار ذهبي.
*ثانيًا*: هذه القافلة ليست بقيادة قائد مغمور من قواد مكة ، وإنما هي بقيادة أبي سفيان بن حرب من سادة قريش . ومن الواضح أن للقافلة عند قريش أهميةً بالغةً، ومن ثَمَّ جعلت لها حراسة مشددة وقوية مكوَّنة من ثلاثين أو أربعين رجلاً.
*ثالثًا*: وهو الأهم، أن هذه القافلة تمرُّ بجوار المدينة في شهر رمضان، أي بعد شهر ونصف فقط من أحداث سرية نخلة، وموقف المؤمنين مع هذه القافلة يؤكِّد صلابة موقف المسلمين، واستمرارية حربهم ضد قريش، ولا شك أن هذا سيهزُّ كفار مكة.
ولذلك خرج الرسول عليه الصلاة والسلام بأكبر عدد من المسلمين إلى هذه اللحظة، فكل السرايا والغزوات السابقة لم يتجاوز عدد المسلمين فيها مائتين. وخرج الأنصار ولأول مرة مع المهاجرين.
كان خروج الأنصار برغبتهم وبشورى من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء في صحيح مسلم، وقد استشار رسول الله الناس في الخروج للقافلة، وأعلن الموافقةَ أبو بكر وعمر وكثير من المهاجرين، ومع ذلك أخذ الرسول عليه الصلاة والسلام يطلب المزيد من الرأي حتى قال سعد بن عبادة زعيم الخزرج: "إيَّانا تريدُ يا رسولَ الله؟ والذي نفسي بيده، لو أمرتنا أن نُخِيضَها البحر لأخضناها (أي الخيل)، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى بَرْكِ الْغِمَادِ لفعلنا". وخرج الأنصار وبعدد كبير.
وتزود الرسول بسلاح المسافر، وأخذ معه فرسين وسبعين من الإبل، وقسَّم جيش المسلمين إلى مهاجرين وأنصار، وأعطى راية المهاجرين لعلي بن أبي طالب، وأعطى راية الأنصار لسعد بن معاذ، وأعطى الراية العامَّة للجيش لمصعب بن عمير، وجعل على الساقة في مؤخرة الجيش قيس بن صعصعة؛ فهو إعداد في منتهى القوة، ولا تنسَ أن ذلك الجيش يخرج لقافلة يحرسها ثلاثون أو أربعون رجلاً، وهذا يعني أن الجيش الإسلامي عشرة أضعاف حُرَّاس قافلة مكة تقريبًا.
المخابرات الإسلامية حدَّدت أن القافلة ستمر قريبًا جدًّا من بدر، وبدر على بُعد 70 كم جنوب المدينة، واتَّجه الرسول عليه الصلاة والسلام مباشرة إلى بدر؛ لكي يقطع الطريق على القافلة.
على الناحية الأخرى كان على رأس القافلة المكيَّة أبو سفيان بن حرب، واحدٌ من أذكى وأدهى العرب، وهو أيضًا له مخابراته، وقد استطاع أن يعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة المنورة قاصدًا القافلة، لكنه لا يعرف إلى أيِّ مكان وصل رسول الله.
ولكنه لم يُضِع الوقت؛ فأرسل رسالة سريعة إلى مكة لاستنفار جيش مكة للخروج لإنقاذ القافلة، أرسل الرسالة مع ضمضم بن عمرو الغفاري.
قام الناس كلهم مسرعين، أخذوا الأمر في منتهى الجدية، بدأت قريش في جمع المقاتلين من كل مكان، وعملوا على إعداد جيش على أعلى مستوى.خرج على قيادة الجيش كل زعماء الكفر تقريبًا .. ولم يخرج أبو لهب بل أخرج واحدًا مكانه.
وجعلوا على رأس الجيش أبا جهل، فرعون هذه الأمة وسيِّد قريش.
تعاون مع كفار قريش الشيطان الأكبر إبليس لعنه الله، فعندما قررت قريش الخروج خافت من غدر بني بكر بها، وكان بينهما خلاف قديم؛ فكاد ذلك يقعدها، فتمثَّل لهم الشيطان في صورة سُراقة بن مالك بن جعشم المدلجي، وكان من أشراف بني كنانة فقال لهم: "أنا جارٌ لكم من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه" فخرجوا جميعًا، والقصة سندها صحيح، ولها أكثر من طريق. وسبحان الله! كم من المرات التي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى ساعد الشيطان أولياءه في حرب المؤمنين!
لكن كيد الشيطان هذا لا يسمن ولا يُغني من جوع، إنْ كان الله سبحانه وتعالى مع الفريق الآخر {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء: 76]. فكان الشيطان ممن دفع الكافرين للخروج إلى حتفهم في بدر.
د/ راغب السرجاني
قصة الإسلام
✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته
#يوميات_في_السيرة_النبوية
من المعروف أن المهاجرين عندما وفَدوا إلى المدينة، استقبلهم إخوانهم الأنصار؛ انطلاقًا من قاعدة المؤاخاة بحبٍّ وإيثار لم يَعرف تاريخ البشرية مثلهما...وكان مما عرَضه الأنصار على المهاجرين أن يَقسموا بينهم أموالهم وأرضهم ودُورَهم، ولكن المهاجرين شكروا لهم كرَمهم، وعمِلوا في شتَّى مناشط الحياة مع إخوانهم الأنصار.
وكان الأنصار أصحاب مزارعٍ، فقالوا للرسول: "اقسِم بيننا وبين إخواننا النخيل، فقال: لا، فقالوا: تَكفونا المؤونة، ونَشْرَككم في الثمرة، قالوا: "سمِعنا وأطعنا"؛ رواه البخاري.
وقد بدأت عملية مزارعة كبرى في المدينة، أعقَبتها حركة إحياء للأرض الزراعية المهملة، وَفقًا للقاعدة الشرعية التي وضعها الرسول: ((مَن أحيا أرضًا مواتًا، فهي له))؛ رواه البخاري.
وقد أقطع الرسول علي بن أبي طالب عيونًا بيَنبُع، اشتَهرت فيما بعد بكثرة إنتاجها، وعمِل فيها علي رضي الله عنه بنفسه.
كما أقطع الزبير بن العوام أرضًا بالمدينة، استثمرها في الزراعة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد اشتَهرت الكثير من الأوْدِية التي انتشرت الزارعة بها في عصر الرسول، منها وادي "العقيق" الذي هو أهم أوْدِية المدينة، وفيه أموال أهل المدينة ومزارعهم.وهناك وادي "بطحان"، وكانت به مزارع بني النضير وأموالهم، كذلك وادي "مهزوز" كانت به أموال قريظة، ووادي "قناة" وهو ثالث أودية المدينة، ووادي "رانونا".
وعندما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأقام سبعة أشهر في بيت أبي أيوب الأنصاري، قام الأنصار بالتنازل لرسول الله عن كل فضلٍ كان في خططهم؛ حتى يتمكَّن من تنظيم المدينة تنظيمًا يسمح بكفالة إخوانهم المهاجرين، بل إنهم - رضِي الله عنهم - قالوا للرسول: يا نبيَّ الله: إن شِئت فخُذ منازلنا، فشكَر الرسول لهم قولهم.
وقد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أسعد بن زُرارة (نقيب النقباء)، أن يَبيعه أرضًا متصلة بالمسجد الذي كان أسعد قد بناه لنفسه، فعرَض عليه أسعد أن يأخذها الرسول هِبة منه، لكنه رفَض؛ ليُقيم الموازين القانونية في التعامل، ودفَع ثمنها عشرة دنانير أدَّاها من مال أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
ثم أمَر رسول الله باتخاذ "اللَّبِن"، فاتُّخِذ، وبني به المسجد ورفَع أساسه بالحجارة، وسقفه بالجريد، وجُعِلت عُمُده جذوعًا، وبهذا وضع الرسول القاعدة الدينية والأساسية في بناء دولة المدينة؛ نظرًا لتعدُّد الوظائف التي كان يقوم بها مسجده الشريف، والتي يجب أن يقوم بها كلُّ مسجد.
واعتمادًا على تفويض الأنصار - رضي الله عنهم - للرسول في تنظيم أرض المدينة واقتصادها، بحيث يتحقَّق نسيج جديد إسلامي (إخائي) للمجتمع الجديد، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوجيه التعامل مع "الماء والزرع" تعامُلاً يَكفُل أقصى الفعالية، فعندما قال له بنو حارثة من الأنصار: "يا رسول الله، ها هنا مسارح إبلنا، ومرعى غنمِنا، ومَخرج نسائنا - يعنون: موضع السقاية - قال لهم الرسول: ((مَن قطع شجرة، فليَغرس مكانها، فغرَسنا الغابة)).
وقد قضى رسول الله في وادي مهزور أن يُحبَس الماء في الأرض إلى الكعبين ثم يُرسَل إلى الأخرى، لا يمنع الأعلى الأسفل، (وهي عملية داخلة في باب تنظيم المياه بالنسبة للزراعة)، وفي هذا الإطار ورَد أيضًا عن عبدالرحمن بن الحارث أن رسول الله قضى في سيل مهزور أن الأعلى يُمسك على مَن أسفل منه، حتى يبلغ الكعبين، ثم يُرسله على مَن أسفل منه.
وحدَّثنا حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه، قال: قضى رسول الله في سيل مهزور أن لأهل النخل إلى العقبين، ولأهل الزرع إلى الشراكين، ثم يرسلون الماء إلى مَن هو أسفل منهم.
وفيما يتعلق بالأرض ومعادنها أو زراعتها، قام الرسول بتوزيع الأرض المتروكة في المدينة على الصحابة، فأقطَع عليه السلام بلال بن الحارث معادنَ بناحية الفروع؛ أي: أرضًا فيها معادنُ.
وعن جعفر بن محمد أن رسول الله أقطَع عليًّا رضي الله عنه أربع أرَضين: الفقيرين، وبئر قيس، والشجرة.
وعن أبي عكرمة مولى بلال بن الحارث المُزني، قال: أقطع رسول الله بلالاً أرضًا فيها جبل ومعدن، فباع بنو بلال عمر بن عبدالعزيز أرضًا منها، فظهر فيها معدن أو قال معدنان، فقالوا: إنما بعناك أرض حرثٍ، ولم نَبعك المعادن، وجاؤوا بكتاب النبي لهم في جريدة، فقبَّلها عمر، ومسَح بها عينه، وقال لقيِّمه: انظر ما خرَج منها، وما أنفقَت، وقاصهم بالنفقة، ورُدَّ عليهم الفضل.
وهكذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم- كنبي وقائد دولة - بتنظيم المياه والأرض، والأسواق، وتشجيع الزراعات والمهن والحرف، بحيث تحقَّق لدولة المدينة كِيان اقتصادي يواجه المسلمون من خلاله اليهودَ الذين كانوا يريدون احتكار عصب الاقتصاد في الداخل، ويواجهون كذلك الكِيانات الاقتصادية الخارجية.
الألوكة
✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته
#يوميات_في_السيرة_النبوية
سيرته صلى الله عليه وسلم في الصداع والشقيقة
روى الإمام أحمد عن بريدة -رضي الله تعالى عنه- قال : كان ربما أخذت الشقيقة النبي صلى الله عليه وسلم فيمكث اليوم واليومين لا يخرج .
وروى البخاري عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- قال : احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم في وسط رأسه من شقيقة كانت به .
وروى ابن ماجه عن بعض من [ . . . ] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صدع غلف رأسه بالحناء ويقول : «إنه نافع بإذن الله من الصداع» .
وروى ابن السني وأبو نعيم عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي تصدع فيغلف رأسه بالحناء.
وروى البخاري عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرض موته : «وا رأساه» وأنه عصب رأسه .
وروى أبو نعيم عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- قال : «احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم في رأسه من أذى كان به» ، وفي لفظ : «من شقيقة كانت به» .
وروى الطبراني في الكبير ، وأبو نعيم عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الحجامة في الرأس شفاء من سبع إذا ما نوى صاحبها؛ من الجنون والصداع والجذام والبرص والنعاس ووجع الضرس وظلمة يجدها في عينيه» .
وروى ابن عساكر عن أبي الدرداء -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «المليلة والصداع يولعان بالمؤمن ، وإن ذنبه مثل جبل أحد حتى لا تدع عليه من ذنبه مثقال حبة من خردل» .
وروى الشيخان عن عبد الله بن بحينة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم] احتجم بلحي جمل من طريق مكة وهو محرم وسط رأسه .
وروى الحكيم الترمذي عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم] : «إذا ادهن أحدكم فليبدأ بحاجبيه؛ فإنه يذهب بالصداع ، وذلك أول ما ينبت على ابن آدم من الشعر» .
وروى أبو نعيم في الطب عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعجبه صحته وجلده ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «متى أحسست بالصداع» قال : «وأي شيء الصداع ؟ » قال : «ضرب يكون في الرأس . قال : ما لي بذلك من عهد . قال : فلما ولى الأعرابي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من سره أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى الأعرابي» وفي لفظ : «فهل أخذك هذا الصداع ؟ قال : وما الصداع ؟ قال «عرق يضرب الإنسان في رأسه قال : ما وجدت هذا قط ، قال : من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا» .
وفيه عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي صدع فيغلف رأسه بالحناء .
وفيه عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صدع رأسه في سبيل الله فاحتسبه غفر له ما كان قبل ذلك من ذنب» . [ ص: 144 ]
وروى البخاري في التاريخ وسنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما شكا إليه أحد وجعا في رأسه إلا قال له : احتجم ، ولا شكا وجعا في رجله إلا قال له : اختضب بالحناء» .
إسلام ويب
#يوميات_في_السيرة_النبوية
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان، فمنا الصائم، ومنا المفطر، فلا يجد (لا يعترض ولا يعيب) الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم، يرون أن من وجد قوة فصام، فإن ذلك حسن، ويرون أن من وجد ضعفا فأفطر، فإن ذلك حسن) رواه مسلم. قال القاضي عياض: "وما ذكر فى الأحاديث من فطر أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم وصومهم فى السفر، وأنه لم يعب بعضهم على بعض، كله دليل على إجماعهم على جواز الأمرين".
وفي قصة عمير بن الحمام رضي الله عنه في غزوة بدر وكانت في شهر رمضان من العام الثاني للهجرة النبوية الشريفة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض، فقال عمير بن الحمام الأنصاري رضي الله عنه: يا رسول الله! جنة عرضها السموات والأرض؟ قال: نعم، قال: بخ بخ (كلمة تقال عند المدح والرضى)، فأخرج تمرات من قرنه (جعبته)، فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل رضي الله عنه) رواه مسلم.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة فى رمضان، فصام حتى بلغ كراع الغميم، وصام الناس، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس ثم شرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال: أولئك العصاة، أولئك العصاة) رواه مسلم. وهذا محمول على من تضرر بالصوم، قال الطيبي: " (أولئك العصاة) مرتين، وهذا محمول علي من تفرد بالصوم، وأنهم أمروا بالفطر أمرا جازما لمصلحة بيان جوازه، فخالفوا".
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ونحن صيام، قال: فنزلنا منزلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم، فكانت رخصة، فمنا من صام ومنا من أفطر، ثم نزلنا منزلا آخر فقال: إنكم مصبحوا عدوكم، والفطر أقوى لكم، فأفطروا، وكانت عزمة فأفطرنا. ثم قال: رأيتنا نصوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في السفر) رواه مسلم. وأما عموم قوله صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا)، قال النووي: "فيه فضيلة الصيام في سبيل الله وهو محمول على من لا يتضرر به، ولا يفوت به حقا، ولا يختل به قتاله ولا غيره من مهمات غزوه، ومعناه المباعدة عن النار والمعافاة منها، والخريف السنة والمراد سبعين سنة". وقال ابن القيم: "وكان يأمرهم بالفطر إذا دنوا من عدوهم ليتقووا على قتاله".
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: (سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رمضان، فصام حتى بلغ عسفان، ثم دعا بإناء من ماء فشرب نهارا ليراه الناس، فأفطر حتى قدم مكة. وكان ابن عباس يقول: صام رسول الله صلى الله عليه وسلم فى السفر وأفطر، فمن شاء صام ومن شاء أفطر) رواه البخارى. قال ابن القيم في زاد المعاد: "وسافر رسول الله صلى الله عليه و سلم في رمضان فصام وأفطر وخير الصحابة بين الأمرين".
وقد بوب البخاري في كتاب الصوم: "باب الصوم في السفر والإفطار، ثم بوب بعده: باب: "قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن ظلل عليه واشتد الحر: ليس من البر الصيام في السفر". فأورد في الباب الاول حديث حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (أأصوم في السفر؟ وكان كثير الصيام، فقال:إن شئت فصم وإن شئت فأفطر) رواه البخاري. وحديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان في حر شديد حتى إن كان أحد ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة).. وفي الباب الثاني (ليس من البر الصيام في السفر) أورد حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فرأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه، فقال: ما هذا؟ فقالوا: صائم فقال: ليس من البر الصوم في السفر)، قال ابن حجر في فتح الباري: "وبما أشار إليه ـ البخاري في تبويبه ـ من اعتبار شدة المشقة يجمع بين حديث الباب والذي قبله". وقال:"وفي الحديث استحباب التمسك بالرخصة عند الحاجة إليها وكراهة تركها على ترك التشديد والتنطع". وقال السندي: "(ليس من البر) أي من الطاعة والعبادة".
إسلام ويب
✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته
#يوميات_في_السيرة_النبوية
قال النبي صلي الله عليه وسلم: إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وسلسلت الشياطين، ويقول عليه الصلاة والسلام: إذا دخل رمضان فتحت أبواب الرحمة، وفي الرواية الأخرى: فتحت أبواب السماء.
ويقول عليه الصلاة والسلام لأصحابه: إنه قد أتاكم شهر رمضان، شهر يجود الله به على عباده، وينزل الرحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب الدعاء، فأروا الله من أنفسكم خيرا، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله فقوله عليه الصلاة والسلام: فأروا الله من أنفسكم خيرا معناه الحث على التقرب إليه بالطاعات، والمسارعة إلى أنواع الأعمال الصالحات من الصلاة والصدقات، والإكثار من تلاوة القرآن الكريم في الليل والنهار، والإكثار من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والاستغفار، وقول لا حول ولا قوة إلا بالله، إلى غير هذا من وجوه الخير، ومن ذلك الإكثار من الصدقة والإحسان، والدعوة إلى الله وتعليم العلم وتوجيه الناس إلى الخير، ومن ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالأسلوب الحسن والكلام الطيب والرفق.
ويقول عليه الصلاة والسلام: صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين، ويقول صلي الله عليه وسلم: لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، إلا رجل كان يصوم صومه فليصمه .
ويقول عليه الصلاة والسلام: يقول الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك خلوف الفم يعني الرائحة التي تصدر من الجوف، ولاسيما عند آخر النهار، فإن هذه الرائحة التي قد يكرهها الناس هي عند الله أطيب من ريح المسك لأنها نشئت عن عبادة الله، وعن طاعته سبحانه.
ويقول عليه الصلاة والسلام: الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل وفي لفظ: ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم فالواجب على المؤمن أن يتقي الله، وأن يراقب الله في هذا الشهر الكريم، وأن يعد العدة الصالحة، وأن يعزم العزم الصادق على أن يصومه، وأن يصونه مما حرم الله من الغيبة والنميمة ومن سائر المعاصي، ليس الصيام مجرد ترك الطعام والشراب، ولكن الصيام ترك ما حرم الله من الطعام والشراب وغير ذلك كالغيبة والنميمة وسائر المعاصي، فالمؤمن يصون صيامه عن كل ما حرم الله، يقول جابر ابن عبدالله الأنصاري الصحابي الجليل : إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة، ولا تجعل يوم فطرك ويوم صومك سواء، ويقول أنس ابن مالك الصحابي الجليل : (ما صام من ظل يأكل لحوم الناس) يعني ما صام الصوم الشرعي من صار في نهاره يغتاب الناس، فالواجب على المؤمن أن يصون صيامه، وأن يحفظه من كل ما حرم الله، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً: الصيام جنّة أحدكم من النار كجنته من القتال يعني يستره من النار ويصونه من النار إذا حفظه وصانه مما حرم الله.
و قام النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه في رمضان ثلاث ليالي ثم ترك ذلك، وقال: إني أخاف أن تفرض عليكم صلاة الليل رحمة منه عليه الصلاة والسلام، ثم قال لهم: أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة فلما توفي النبي عليه الصلاة والسلام وانقطع الوحي بموته صلى الله عليه وسلم وأفضت الخلافة إلى عمر رضي الله عنه جمع الناس على أبي بن كعب وصلوا التراويح، وقاموا رمضان في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذا هو السنة أن تقام في المساجد في جميع الشهر، والسنة إحياء الليل في العشر الأخيرة من رمضان بالصلاة والعبادة والقراءة والدعاء، قالت عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشر ركعة، يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا» وهذا هو الأفضل أن يصلي المسلمون إحدى عشرة ركعة يسلم من كل ثنتين لقوله عليه الصلاة والسلام: صلاة الليل مثنى مثنى فالسنة أن تصلى إحدى عشرة، هذا هو الأفضل والأرفق بالناس مع الطمأنينة والخشوع في القراءة والركوع والسجود وبين السجدتين والاعتدال بعد الركوع وعدم العجلة، وربما صلى عليه الصلاة والسلام ثلاث عشرة في بعض الليالي، فإذا صلى في رمضان ثلاث عشرة أو إحدى عشرة فهذا هو الأفضل، وهو الأرفق بالناس، ومن صلى ثلاثا وعشرين أو أكثر من ذلك فلا بأس، وقد صلى عمر والصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ثلاثا وعشرين، وصلوا إحدى عشرة فعلوا هذا وهذا، وكله بحمد الله سنة، وكله قربة، والنبي صلى الله عليه وسلم ما حدد ركعات محدودة، بل قال: صلاة الليل مثنى مثنى.
الموقع الرسمي لسماحة الشيخ الإمام ابن باز رحمه الله
✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته