↩️قَناةٌ لِنَشرِ الخُطَبِ وَالمُحَاضَراتِ المَكتُوبَة📑 لِمُسَاعَدَةِ فُرسَانَ الخِطَابَة،🎤 وَرُوَادِ المَنَابِر، وآسَادِ الكَلِمَه، 🕌 وَتُعْتَبَرُمَكْتَبَةٌ📚 شَامِلَةٌ، وَمَرْجَعٌ مُهِمْ لِكُلِ خَطِيٓبٍ وَدَاعيَة.🌹 لِتَوَاصُل| @Montda_alkotba_bot ➪
حَسْبُهُۥٓ ﴾*
من توكل على الله لا قل ولا ذل ولا ضعف من اعتمد على الله اعتمد على القوي العزيز، من اعتمد على الله اعتمد على من بيده تسيير الأمور، من اعتمد على الله اعتمد على من بيده خزائن السماوات والأرض، من اعتمد على الله فقد اعتمد على الخالق البارئ المصور المعطي، من اعتمد على الله فقد اعتمد على القوي المتين سبحانه وتعالى.
كان أهل الجاهلية يتشاءمون ويتطيرون فجاء الإسلام بتحذير المسلمين من التشاؤم ومن التطير وما ذاك إلا لأن التشاؤم والتطير يربط القلوب بالخلق ويجعل القلوب ترتبط بمخلوق لا بيده نفع ولا بيده ضر ولا بيده حياة ولا بيده موت جعل القلوب تتجه إلى مخلوق ولم تتجه إلى الخالق سبحانه وتعالى.
ولهذا الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول في الحديث « لا طيرة لا تشاؤم » وهكذا أخبر -صلى الله عليه وسلم- محذراً الأمة من التشاؤم قال: « ولا صفر» أي ولا تتطيرواْ بصفر ولا تتشاءمواْ من شهر صفر ولا تظنواْ أن صفر بيده الأمور أو تحدث بسببه الأمور فإن العباد بيد الله هو الذي يسيرهم.
وأخبر الله -عز وجل- *﴿ إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِى كِتَٰبِ ٱللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا۟ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ﴾*
فأخبر الله عن الشهور أنها عنده أثناء عشر شهراً ولكن ليس بيدها شيء لا تستطيع أن تحل بالناس بلاء ولا أن تدفع عن الناس بلاء ، ولا أن تأتي بالخير للناس لا بل الخير من الله، بل العطاء من الله، بل النفع من الله، بل إذا أراد سبحانه أن يبتلي عباده فهو هو، لا الشهور ولا الأيام ولا الليالي ولا الشمس ولا القمر ولا المخلوقين لا يقدر أحد أن ينفع أحداً، ولا يقدر أحد أن يضر أحداً إلا إذا كتب الله قال الله: *﴿ لَهُۥ مُعَقِّبَٰتٌ مِّنۢ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِۦ يَحْفَظُونَهُۥ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ ﴾* قال بعض الصحابة: الله جعل الملائكة تحفظ الإنسان فإذا جاء قدر الله تخلت عنه الملائكة ليحل القضاء والقدر.
هكذا معشر المسلمين:
ولقد كانواْ في الجاهلية يتشاءمون من شهر صفر يتشاءمون من هذا الشهر وكانواْ يخافون منه وقد جعل الله -عز وجل- ذي القعدة وذي الحجة والمحرم هذه الأشهر كان أهل الجاهلية لا يقاتلون فيها ولا يحاربون فيها ، وكان كل واحد في هذه الأشهر يدخل سيفه في ضماده كناية عن التوقف عن الحروب في الأشهر الحرم ومنها رجب كان الجاهليون إذا جاء ذي القعدة وذو الحجة والمحرم كان عندهم هذه تتوقف الحروب فإذا جاء شهر صفر اشتعلت بينهم الحروب تشاءمواْ من هذا الشهر فكان عندهم يأتون إلى شهر المحرم ويقدمون شهر صفر إلى محرم كناية منهم تأخير وتقديم خشية التشاؤم فجاء الإسلام وحذر المسلمين منه التشاؤمات بأي شهر من الشهور وبأي يوم من الأيام لأنها بيده،
ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: قال الله :« يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار » يسب الدهر ما ذنب هذا الدهر لا يستطيع أن يقدم شيئاً ولا أن يدفع شيئاً ولا أن يأتي بخير لأنه مخلوق من مخلوقات الله الأيام والليالي والشهور والساعات والأسابيع مخلوقة يسيرها الله -سبحانه وتعالى- كيف شاء، ولقد كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يحذر من التشاؤم أيما تحذير لأن القلوب لا ترتبط فيه بخالقها وإنما ترتبط فيه بالمخلوق.
ولقد جاء أن طاووس ابن كيسان -رحمه الله- وهو أحد العلماء مر في سفر فركب معه رجل فسمع طائراً يصيح فقال خير أي الرجل قال خير، قال وأي خير منها لا تصحبنا لأنه رأى أنه تعلق بصوت طائر لا ينفع ولا يضر ، فقال أي خير فيه ! لا يأتي بخير ولا يدفع ضر فكيف تتعلق به؟ كيف ترجوه والأمور بيد خالقه -سبحانه وتعالى- ! إنك تسمع من بعض الناس من يتشاءم بمثل هذه الشهور مثل شهر صفر وما علمواْ أن هناك أحداث عظام حصلت في هذا الشهر،
فمعركة خيبر حصلت في شهر صفر، وهكذا أيضاً إسلام خالد ابن الوليد الذي سماه النبي بسيف من سيوف الله أسلم في هذا الشهر وهو شهر صفر،
تزوج الرسول بخديجة -رضي الله عنها- في شهر صفر، وهكذا أيضاً جاء أنه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان من ضمن رحلته في الهجرة النبوية من شهر صفر، وقد ذكر بعض المؤرخين أن علي ابن أبي طالب عقد على فاطمة قيل في صفر وقيل في رجب، فلا ينبغي التشاؤم بمثل هذه الأشهر وبعض الناس قد يتشاءم بشهر شوال، والرسول عقد على عائشة ودخل عليها في شهر شوال فأي تشاؤم يعنيه هؤلاء، أي تشاؤم عند هؤلاء إذا كان تحدث الأحداث العظام في مثل هذه الأشهر فلا ينبغي للمسلم أن يكون عنده تشاؤم بالأيام أو تشاؤم بالشهور فإن في ذالك تعلق بغير الله ماذا تفعل الأيام سواء في صفر أو في غيرها والرسول قد قال :« ولا صفر » أي لا تتشاءم بصفر.
'_^((#الحب_في_الله_تعالى ))^_.doc'
Читать полностью…أيُّها الأحبَّةُ: لماذا لا نُخبرُ من نُحبُّه في اللهِ أنَّنا نُحبُّه في اللهِ؟ عَنْ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَجُلاً كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ-، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ هَذَا؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ-: "أَعْلَمْتَهُ؟" قَالَ: لَا، قَالَ: "أَعْلِمْهُ" قَالَ: فَلَحِقَهُ، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ، فَقَالَ: أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ"، فتخيلوا ما هو أثرُ هذه الكلماتِ على الرَّجلِ، وكيفَ ستقوى المودةُ، وتزدادُ المحبةُ، وتحلو الحياةُ.
ما أجملَها من ساعاتٍ عندما تجتمعُ بالأحبابِ في اللهِ، فتنسى معَهم همومَ الدُّنيا، ومتاعبَ الحياةِ، لا يجمعُكم إلا حبُّ اللهِ -تعالى- وذِكرُه، والتَّواصي بالحقِّ والتَّواصي بالصَّبرِ، حينَها تتنزَّلُ عليكم السَّكينةُ، وتغشاكم الرَّحمةُ، وتحفُّكم الملائكةُ، في لحظاتٍ تمتلئُ بالصَّفاءِ، مغمورةٌ بالنَّقاءِ، هي -واللهِ- لحظاتٌ من نعيمِ الجنَّةِ، كما وصفَ اللهُ -تعالى- أهلَها بقولِه: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ)[الحجر: 47].
ولذلكَ كانَ الطريقُ إليهم هو طريقٌ إلى الجنَّةِ؛ كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ-: "مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ نَادَاهُ مُنَادٍ: أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ، وَتَبَوَّأْتَ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلا".
يومَ القيامةِ سيُنادي اللهُ -تعالى- أُناساً أمامَ الخلائقِ، فمن هم؟ وماذا سيَفعلُ بهم؟ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ-: "إِنَّ اللهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: "أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي".
فيا اللهَ! تخيِّلْ ذلكَ الموقفَ وأنتَ تُمسكُ حبيبَكَ بيدِه، وتذهبُ معهُ إلى ظلِّ اللهِ -تعالى- الظَّليلِ! هروباً من شمسٍ قد دَنتْ من الخلائقِ قدرَ مِيلٍ! موقفٌ عظيمٌ! ومقامٌ كريمٌ! يغبطهم عليه أهلُ الموقفِ جميعاً؛ كما في حديثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ-: "إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لأنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلا شُهَدَاءَ، يَغْبِطُهُمْ الأنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنْ اللَّهِ -تعالى-" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ؟ قَالَ: "هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ، وَلا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا، فَوَ اللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ، وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ، لا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ، وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)[يونس: 62].
فماذا ننتظرُ؟
يجبُ علينا أن نبحثَ عن شَخصٍ نُحبُّه في اللهِ -تعالى-؛ لا نُحبُّه إلا للهِ، حتى ولو كانَ فينا شيءٌ من التَّفريطِ والتَّقصيرِ؛ كما قِيلَ:
أُحِبُّ الصَّالِحِينَ وَلَسْت مِنْهُمْ *** لَعَلِّي أَنْ أَنَالَ بِهِمْ شَفَاعَهْ
وَأَكْرَهُ مَنْ تِجَارَتُهُ الْمَعَاصِي *** وَإِنْ كُنَّا سَوَاءً فِي الْبِضَاعَهْ
اذهبْ إلى زيارتِهم، وأنتَ لا تريدُ منهم شيئاً من حُطامِ الدُّنيا، وإنما تُريدُ محبةَ اللهِ -تعالى-؛ كما جاءَ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَن النَّبِيِّ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ-: "أَنَّ رَجُلا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ (أَيْ: عَلَى طَرِيقِهِ) مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ"، قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، قَالَ: "هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟" قَالَ: لا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ -عز وجل-، قَالَ: "فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ، بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ"، يقولُ ابنُ الجَوزيِّ -رَحمَه اللهُ-: "وَفِي هَذَا الحَدِيثِ فَضلُ زِيَارَةِ الإخوانِ، وَهَذَا أَمرٌ بَقِيَ اسْمُه، وَذَهبَ رسمُه، فَإِنَّ الإخوانَ فِي اللهِ -عَزَّ وَجلَّ- أَعزُّ من الكِبريتِ الْأَحْمَرِ".
فيا أيُّها المُباركُ: إن كانَ لكَ أخاً في اللهِ -تعالى- يُحبُّكَ وينصحُ لك، فاشدُد عليه، وحافظْ عليه، وكنْ له خيرَ أخٍ في اللهِ، فهذه نعمةٌ من اللهِ -تعالى- في الدُّنيا والآخرةِ: (الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)[الزخرف: 67].
مَا ذَاقَتِ النَّفْسُ عَلَى شَهْوَةٍ *** أَلَذُّ مِنْ حُبِّ صَدِيقٍ أَمِينِ
'_^((#سنشدُ_عضدك_بأخيك ))^_.doc'
Читать полностью…كُلَيْبُ لاَ خَيْرَ في الدُّنْيَا وَمَنْ فِيهَا *** إنْ أنتَ خليتَها في مَنْ يُخليها
نعى النُّعاة ُ كليباً لي فقلتُ لهمْ *** مادتْ بنا الأرضُ أمْ مادتْ رواسيها
لَيْتَ السَّمَاءَ عَلَى مَنْ تَحْتَهَا وَقَعَتْ *** وَحَالَتِ الأَرْضُ فَانْجَابَتْ بِمَنْ فِيهَا
نرمي الرماحَ بأيدينا فنوردُها *** بِيضاً وَنُصْدِرُهَا حُمْراً أَعَالِيهَا
لاَ أَصْلَحَ اللهُ مِنَّا مَنْ يُصَالِحُكُمْ *** ما لاحتِ الشمسُ في أعلى مَجاريها
فقامتْ حربُ البسوسِ أربعينَ عاماً بينَ تغلبَ وبكرِ بنِ وائلٍ، وقُتلَ فيها الخلقُ الكثيرُ من القبيلتينِ.
لا يضيقُ ولا يغتمُّ من عندَه أخٌ كريمٌ .. ولا يحزنُ ولا يبتئسُ من عندَه أخٌ رحيمٌ .. (وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) .. فانتهى البؤسُ بمجردِ لقائه بأخيهِ .. فهو الذي في الغربةِ سيواسيه ويحميه.
ألأخُ الذي إذا مدَدتَ يدكَ بخيرٍ مدَّها .. وإن رأى منك حَسنةً عدَّها .. وإن رأى منكَ سيئةً سدَّها .. إذا سألتَه أعطاكَ .. وإن سكتَّ عنه ابْتَدَاكَ .. وإن نزلتَ بك نازلةٌ واساكَ .. أخوكَ الذي إذا قُلتَ صدَّقَ قولَكَ .. وإذا رأى منكَ عورةً نصحَكَ .. وإن تنازعتما في شيءٍ آثركَ .. يكونُ معكَ في النوائبِ .. ويؤثركَ في الرغائبِ .. يضرُّ نفسَه لينفعكَ .. ويُشتِّتُ شملَه ليجمعكَ.
إنَّ أخاكَ الحقَّ مَن كَانَ مَعَكَ *** وَمَنْ يَضُرُّ نفسَهُ لِيَنفعَكْ
وَمَنْ إذا رَيبُ الزَّمانِ صَدَعَكَ *** شَتَّتَ فيكَ شَملَهُ لِيَجمعَكْ
أخي المباركُ ..
ماذا تفعل لو أخطأَ عليكَ أخوكَ يوماً من الدَّهرِ؟ .. هل تُسامحُه مباشرةً أم تجعلُها جريمةً لا تُغتَفَرُ؟.
اسمع إلى هذا الموقفِ .. رجعَ موسى عليه السَّلامُ من ميقاتِ ربِّه (غَضْبَانَ أَسِفًا) بسببِ عبادةِ قومِه للعجلِ، (قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ) التي فيها كلامُ اللهِ تعالى .. (وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ) الأكبرِ هارونَ وأمسكَه من لحيتِه وهو نبيٌّ من الأنبياءِ، (يَجُرُّهُ إِلَيْهِ) من الغضبِ.
فماذا كانَ موقفُ الأخِ الأكبرِ هارونَ عليه السَّلامُ؟ .. (قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي).
ذكَّره بأنَّه أخوهُ، وقَدَّمَ ذِكرَ الأمِّ على ذِكرِ الأبِ؛ لأنَّها أشفُق وأرحمُ وأرقُّ وأعطفُ، كأنَّه يقولُ له: إنَّ المقامَ مقامُ رأفةٍ .. فأنا أخوكَ .. وأخبرَه بأنَّه ليسَ مُقصِّراً ولا ظالماً، وبيَّنَ لهُ عُذرَهُ، (قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي) فكادَ أن يُقتلَ في سبيلِ النَّهيِّ عن عبادةِ العجلِ.
ثُمَّ قالَ له: (فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)، فشماتةُ الأعداءِ بأخيكَ الأكبرِ وكونُه من القومِ الظالمينَ، مما يُحزنُكَ ويعيبُكَ أنتَ أيضاً أيُّها الأخُ المُباركُ.
(وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ)، وتذكَّرَ ما فعلَ بأخيه، (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) .. فما أجملَ الأخوَّةِ في أسمى معانيها .. خِلافٌ .. فهدوءٍ .. فاعتذارٌ .. فتسماحٌ .. فدعاءٌ واستغفارٌ.
سامِحْ أخاكَ إذا خَلَطْ *** مِنْهُ الإصابةَ والغَلَطْ
وتَجَافَ عن تعنيفهِ *** إن زاغَ يوماً أو قَسَطْ
واعلمْ بأنَّك إِنْ طَلَبْتَ *** مُهَذَّبَاً رُمْتَ الشَّطَطْ
مَنْ ذا الذي ما سَاء قَطْ *** ومَنْ لَه الحُسنى فَقَطْ
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيْمِ، وَنَفَعَنِي وَاِيِّاكُمْ بِمَا فِيْهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيْمِ، أقُوْلُ قَوْلِي هَذا وَأسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيْمَ لَيْ وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، فَاسْتَغْفِرُوْهُ إنَّهُ هُوَ الْغَفُوْرُ الرَّحِيْمُ.
الخُطْبَــــةُ.الثَّـــــــــانِيَةُ.cc
الحمدُ للهِ حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحبُ ربُّنا ويرضى، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه ومن اهتدى بهداهم إلى يوِم الدينِ .. أما بعد:
أيُّها الكِرامُ ..
لقد قصَّ اللهُ تعالى علينا نبأً عظيماً .. وخبراً أليماً .. حينَ قتلَ الأخُ أخيه .. فقالَ تعالى لنبيه صلى اللهُ عليه وسلمَ: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ) .. قصَّ عليهم قصتَه، واجعلها محفوظةً في كتابِ اللهِ تعالى ليتلوها النَّاسُ إلى يومِ القيامةِ .. وتكونُ لهم عِبرةٌ وعظةٌ وتذكرةٌ .. فكيفَ يقتلُ الأخُ أخاهُ؟ .. كيفَ يُحزنُ أمَّه وأباهُ؟ ..
'_^((#خشية_الله_العظيم))^_.doc'
Читать полностью…وَأشْهَدُ أنْ لَا إِلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
إن أهل الخشية وأهل الخوف من الله هم الذين يكرمهم الله بجناته، قال الله سبحانه: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * ذَوَاتَا أَفْنَانٍ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ أنس قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ [الرحمن:46-60].
خشيته من الله وخوفه من الله جعلته من المحسنين الذين أحسن الله إليهم بهذه الجنان العظيمة: ﴿هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ [الرحمن:60].
إن تحقيق الخشية من الله وعبادة الله سبحانه على خشية وخوف من الله هو تحقيق للإحسان، قال النبي صلى الله عليه وسلم وقد سأله جبريل: ما الإحسان؟ قال صلى الله عليه وسلم: «أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»، هذا هو تحقيق مقام الإحسان بتحقيق الخوف والخشية من الله سبحانه وتعالى.
عباد الله! إن الله عز وجل يكرم أهل الخشية، قال الله سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ [المؤمنون:57-61].
فأكرمهم الله سبحانه بالجنان، وأكرمهم الله سبحانه وتعالى برضوانه، قال الله سبحانه: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات:40-41]، مأواهم جنة الله سبحانه ، وقال الله سبحانه: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ [آل عمران:133-136].
﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ﴾ [الأعراف:201].
فالصالح أواه رجاع إلى الله، الذي يخشى الله سبحانه يرجع إلى الله سبحانه، يحاسب نفسه على أعماله وعلى أقواله، يحاسب نفسه في ليله وفي نهاره هل وقع في معصية الله؟ هل ظلم أحدًا من إخوانه المسلمين؟ هكذا حال المسلم الذي يخشى الله عز وجل، يحاسب نفسه ويعلم أن الأمور كلها بيد الله، ويخاف من الله، يخشى الله في نفسه وإخوانه وفي مجتمعه وفي والديه وفي زوجه وفي أولاده ويخشى الله في جميع الحقوق التي أوجبها الله عليه.
قالت عَائِشَةَ : «مَنِ الْتَمَسَ رِضَا اللهِ بِسَخَطِ النَّاسِ رضي الله عنه وَأَرْضَى عَنْهُ النَّاسَ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللهِ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ».
فهِمَّةُ المسلم إرضاء الله سبحانه وتعالى ليس مباليا بالبشر، ولكنه يخشى من رب البشر، هكذا حال الرجل الذي رزقه الله الخشية والتقوى، كلها مراقبة الله سبحانه، إن الخشية من الله سبحانه هي حقيقة العلم، هي حقيقة علمك بالقرآن وحفظك لآيات الله عز وجل، هي حقيقة علمك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحكام الدين ، ولذلك قال الله عز وجل: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر:28].
عند أن يقرءوا مثل قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ [آل عمران:30].
عندما تذكروا مثل هذا الموقف، ومثل هذه الآيات، أورثتهم خشية الله عز وجل وجعلتهم يخافون من مثل هذه الأمور، ما عمل من سوء كثيره وقليله إلا ويجده مكتوبا عليه، ﴿ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ ﴾ [القمر:53].
خشية الله سبحانه جعلتهم يخافون من الله يعلمون أن الله عز وجل يعلم ما تكنه صدورهم وما تخفيه، ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللهِ مِن شَيْءٍ فَي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء﴾ [إبراهيم:38]، ﴿ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ ﴾ [القمر:53]، ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف:49].
إن خشية الله إذا ملأت القلوب؛ جعلت العباد يخافون من صغير الذنوب ومن كبيره؛ فلا يستخف من ذنب، وهو يعلم أنه يعصي رب السموات والأرض وعلام الغيوب، ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق:16-18].
جعلته يعلم أنه إن استخفى من الناس فلن يستخفيَ من الله تعالى، جعلته يراقب الله في أعماله، يعلم أنه إن استخفى عن أعين الناس؛ فلن يستخفي عن رؤية الله سبحانه وتعالى، قال الله سبحانه: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا﴾ [النساء:108]، وقال الله سبحانه: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الانفطار:10-12].
فالمسلم الذي قد امتلأ قلبه بخشية الله فإنه يراقب الله في جميع حركاته وسكناته، وفي جميع أقواله وأعماله؛ فإنه ما يتكلم، ولا يعمل عملا إلا بعد أن يزنه في ميزان الشرع، وبعد أن يعد له جوابا بين يدي الله عز وجل، يعلم أن الموقف شديد، وأنه لن ينفعه أحد عند الله سبحانه، في ذلك اليوم الذي يفر منه أخوه وأبوه وأمه وبنوه، كما قال الله سبحانه: ﴿ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾ [عبس:34-37].
لا ينفعه في ذلك اليوم قريب ولا حميم، ولا ينفعه أحد، ولا ينفع نسب، ﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ ﴾ [المؤمنون:101]، في يوم جواب الرسل فيه: (نفسي نفسي).
هذا جوابهم عند أن يُستشفع بهم في أرض المحشر، جواب عامة الرسل إلا نبينا صلى الله عليه وسلم، فيكرمه الله بالشفاعة لأهل الموقف، فإنه لموقف عصيب.
هذه الخشية جعلت المسلم يتذكر هذه المواقف والأهوال، وأنه سيأتي على قبر ضيق يلقى فيه عمله، ولا ينفع المسلم إلا الأعمال الصالحة، وخشيته لله عز وجل التي أورثته طاعة الله والعمل الصالح، كل ذلك بعد رحمة الله سبحانه وتعالى .
فيا عباد الله؛ علينا أن نخشى الله تعالى، وأن نعلم أن الخشية حق الخشية هي حقيقة العلم، فالعلم ليس بمجرد حفظ، ولا بمجرد تعلم؛ إن لم يورثك العلم خشية الله سبحانه وتعالى، فالعلم إذا لم يورث صاحبه خشية الله، والتضرع إلى الله؛ فعلمه وبال عليه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ [الإسراء:107-109]، فهذا مقام عظيم، مقام الخشية من الله، والخوف من الله واجب على جميع المسلمين: ﴿ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي ﴾ [البقرة:150]، ﴿ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾ [البقرة:40]، ﴿ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران:175].
فعلى المسلم أن يعوِّد نفسه على الخوف من الله، فلا يخاف من مخلوق؛ فما عسى المخلوق أن يفعل، لن يرفعك عند البشر ولن يضعك، الله هو الذي يرفع الشخص، وهو الذي يضعه ويعطيه ويمنعه: «اللهم لا مانعَ لما أعطيتَ، ولا معطي لما منعتَ، ولا ينفع ذا الجدِّ منك الجدُّ»، ﴿ قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُوَتُذِلُّ
فَإِنْ وَقَعَ عَلَيْهِ الْغَضَبُ وَاشْتَدَّ، فَلْيَحْبِسْهُ وَلَا يَحْتَدَّ، وَلْيَتَذَكَّرْ عَظِيمَ مَا ادَّخَرَهُ اللهُ تَعَالَى لِمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، وَأَطْفَأَ غَلِيلَهُ، وَأَظْهَرَ حِلْمَهُ وَجَمِيلَهُ؛ قَالَ تَعَالَى فِي وَصْفِ عِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ
عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران:134]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ، دَعَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُؤُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ مَا شَاءَ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ، وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ].
عِبَادَ اللهِ:
لَا بُدَّ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْأَخْذِ بِالْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْآدَابِ الْمَرْعِيَّةِ الَّتِي تُسْكِنُ غَضَبَهُ، وَتَدْفَعُ عَنْهُ أَثَرَهُ وَتَبِعَتَهُ، فَلَقَدْ بَيَّنَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَرْشَدَ إِلَيْهَا، فَمِنْ ذَلِكَ:
الِاسْتِعَاذَةُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ؛ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا تَحْمَرُّ عَيْنَاهُ وَتَنْتَفِخُ أَوْدَاجُهُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَعْرِفُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِي يَجِدُ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ].
وَمِنَ الْآدَابِ: أَنْ يُغَيِّرَ هَيْئَتَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ؛ فَإِنَّهُ يُسَكِّنُهُ وَيُهَدِّئُهُ؛ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا: «إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ، فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِعْ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ].
وَمِمَّا يُشْرَعُ عِنْدَ الْغَضَبِ: أَنْ يَسْكُتَ فَلَا يَتَكَلَّمَ بِكَلْمَةٍ يَنْدَمُ عَلَيْهَا؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْكُتْ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ]. قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: (لِأَنَّ الْغَضْبَانَ يَصْدُرُ مِنْهُ فِي حَالِ غَضَبِهِ مِنَ الْقَوْلِ مَا يَنْدَمُ عَلَيْهِ فِي حَالِ زَوَالِ غَضَبِهِ كَثِيرًا مِنَ السِّبَابِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَعْظُمُ ضَرَرُهُ، فَإِذَا سَكَتَ زَالَ هَذَا الشَّرُّ كُلُّهُ عَنْهُ)، قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: (مَا أَبْكَى الْعُلَمَاءَ بُكَاءَ آخِرِ الْعُمُرِ مِنْ غَضْبَةٍ يَغْضَبُهَا أَحَدُهُمْ فَتَهْدِمُ عَمَلَ خَمْسِينَ سَنَةً، أَوْ سِتِّينَ سَنَةً، أَوْ سَبْعِينَ سَنَةً).
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، وَأَتُوبُ إِلَيْهِ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
💭الخُطْبَــــةُ.الثَّـــــــــانِيَةُ.cc 💭
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى؛ فَإِنَّ مَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَعَصَمَهُ وَآوَاهُ.
أَيُّهَا الـمُسْلِمُونَ:
اعْلَمُوا -رَحِمَكُمُ اللهُ-: أَنَّ الْغَضَبَ مِنْهُ مَا هُوَ مَذْمُومٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَمِنْهُ مَا هُوَ مَحْمُودٌ مُرَغَّبٌ فِيهِ، فَالْغَضَبُ الْمَحْمُودُ؛ كَالْغَضَبِ عِنْدَ انْتِهَاكِ حُرُمَاتِ اللهِ وَتَضْيِيعِ أَوَامِرِهِ؛ فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: «مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ، فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
'_^((#كفى_بالموت_واعظا ))^_.doc'
Читать полностью…خُذِ القَنَاعَةَ مِنْ دُنْيَاكَ وَارْضَ بِهَا
لَوْ لَمْ يَكُنْ لَكَ إِلاَّ رَاحَةُ البَدَنِ
وَانْظُرْ إِلَى مَنْ حَوَى الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا
هَلْ رَاحَ مِنْهَا بِغَيْرِ الحِنْطِ وَالكَفَنِ
كفى بالموت واعظًا.
والله لو كان الأمرُ سينتهي بالموت لكان هَيِّنًا سَهْلاً، لكنَّه مع شدته وهوله أهون مما يليه، والقبر مع ظلمته أهون مما يليه، كل ذلك هيِّن إذا قُورِن بالوُقُوف بين يدي الله الكبير المتعال، تلفَّتَ المرءُ يمينًا فلمْ يرَ إلاَّ ما قدَّم، وشمالاً فلمْ يرَ إلا ما قدَّم، ونظر تلقاء وجْهِه، فلَم يَرَ إلا النار، فيا له من موقف! ويا لها من خطوب! تذهل المرضعة عما أرضعت، وتضَعُ كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد، يبلغ العرق أن يلجم الناس إلجامًا، والشمس تدنو منهم قدر ميل، فيا لها من أحداث مجرد تصوُّرها يخلع ويذيب القلوب! روي عن الحسن: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان رأسه ذات يوم في حجر عائشة فنعس، فتذكرت الآخرة - عائشة رضي الله عنها - فسالتْ دموعُها على خدِّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فاستيقظ بدموعها، ورفع رأسه، وقال: ((ما يبكيك؟)) قالتْ: يا رسول الله، ذكرت الآخرة، فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة؟ قال - صلَّى الله عليه وسلم -: ((والذي نفسي بيده، في ثلاثة مواطن، فإن أحدًا لا يذكر إلا نفسه: إذا وضعت الموازين حتى ينظر ابن آدم أيخفُّ ميزانه أم يثقل، وعند الصحُف، حتى ينظر أَبِيَمِينِه يأخذه أم بشماله، وعند الصِّراط - نعم عند الصراط - أَيَمُرُّ أم يكردس على وجْهِه في جهنَّم)).
يؤتى بابن آدم حتى يوقف بين كفتي الميزان، فتصور نفسك يا عبدالله، وأنت واقف بين الخلائق، إذ نودي باسمك: هلمَّ إلى العرض على الله الكبير المتعال، قمت ولَم يقم غيرك، ترتعد فرائصك، تضطرب رجلاك، وجميع جوارحك، قلبك لدى حنجرتك، خوف وذُل وانهيار أعصاب.
شبابك فيمَ أبليته؟ عمرك فيمَ أفنيته؟ مالك من أين اكتسبته؟ وفيمَ أنفقته؟ علمك ماذا عملت به؟ هذه الأسئلة، فما الإجابة؟
كم من كبيرة قد نسيتها قد أثبتها عليك الملك! كم من سريرة كتمتها ظهرت وبدت أمام عينيك! أعظم به من موقف! وأعظم به من سائل لا تخفى عليه خافية! فإما أن يقول الله: يا عبدي، أنا سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم.
فيا لسرورك واطمئنان قلبك والمنادي يُنادي: سعد فلان بن فلان سعادةً لا يشقى بعدها أبدًا، فإمَّا أن يقولَ الله: (عافاك الله وسلمك الله)، إما أن يقول: خذوه فغلُّوه، ثم الجحيم صلوه، فيذهب بك إلى جهنم مسودَّ الوجه، كتابك في شمالك من وراء ظهرك، قد غلت ناصيتك إلى قدمك، أي خزي وأي عار؟! على رؤوس الخلائق ينادي: شقي فلان بن فلان شقاوة لا يسعد بعدها أبدًا.
عبد الله:
الأمر خطيرٌ جد خطير، إبليس قد قطَع العهْد على نفسه ليغوينكم أجمعين، فقال: وعزتك وجلالك يا رب لا أزال أغويهم ما زالت أرواحهم في أجسادهم والله برحمته ومنّه يقول: وعزتي وجلالي، لا أزال أغفر لهم ما استغفروني.
فالبدارَ البدار، والتوبةَ التوبة، والاستغفارَ الاستغفار، لا يهلك إلا هالك، ولا يشقى إلا شقي، أكثروا من ذِكْر هادم اللذَّات، زُورُوا المقابر؛ فإنها تُذَكِّركم الآخرة، احضروا المحتضرين معتبرين.
اصدقوا الله يصدقكم، احفظوه يحفظكم.
واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله، ثم تُوَفَّى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.
نفعني الله وإياكم بالقرآن وبسنة سيد الأنام، أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخُطْبَــــةُ.الثَّـــــــــانِيَةُ.cc
الحمدُ لله حمدًا حمدًا، والشكر لله شكرًا شكرًا، والصلاة والسلام على البشير النذير، والسراج المنير، والهادي إلى رضوان ربِّه، وعلى آله وصحبه، ومَن تَبِعَهُ إلى يوم الدِّين.
أما بعدُ: عباد الله:
اتَّقوا الله، واعلموا أن الآمال تُطْوى، والأعمار تفْنَى، والأبدان تحت التُّراب تبلَى، والليل والنهار يقرِّبان كل بعيد، ويبليان كل جديد، وفي ذلك والله ما يلهي عن الشهوات، ويُسلي عن اللذات، ويرغِّب في الباقيات الصالحات
يا شابًّا عكَف على القرآن، وعلى مسجده ومصلاَّه، والسنة مظهره ومخبره، سل الله الثبات وازددْ من الحسنات، واجعل الآخرة همَّك يجعل الله غناك في قلبك، ويجمع لك شملك، وتأتيك الدنيا راغمة، فجُد وسارِع، واغتنمْ زمَن الصِّبا.
في الأمس القريب ودَّعْنا شابًّا تُوفِّي إِثْر حادث مُرُوري وهو في العشرين من عمره، ولكن عزاءَنا فيه أنه من الشباب الصالح المستقيم على أمْرِ الله تعالى، عزاؤنا فيه أنه كان صاحبًا للقرآن، وكان القرآن صاحبه، والرسول - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: ((اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه)).
أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30 - 32].
ها هي أسماء بنت عميس - رضي الله عنها - تقول - كما روي عنها -: إنّا لعند علي - رضي الله عنه - بعدما ضربَهُ ابن ملجم - عليه منَ الله ما يستحق - إذ بعلي يشهق شهقةً فيغمى عليه، ثم يُفيق وهو يقول: مرحبًا مرحبًا، الحمدُ الله الذي صدقنا وعده، وأورثنا الجنة، الحمد لله الذي أذْهَبَ عنا الحزَن، لِمِثْل هذا فليعملِ العاملون، وليتنافسِ المتنافسون، فيا لَها مِن موعظةٍ ومصير، لو وافقت من القلوب حياة، من ظفر بثواب الله فكأنه لَم يصب في دنياه.
واسمع معي لسعيد بن جبير - رضي الله عنه - يوم يروي لنا قصة صحيحة متواترة؛ كما قال الذهبي في سيرته، فيقول: لما مات ابن عباس - رضي الله عنه - بالطائف، جاء طائر لَم يُرَ على خِلقته مثله، فدخل نعشه، ثم لَم يخرج منه، فلما دفن إذا على شفير القبر تالٍ يتلو لا يرى: ﴿ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 28 - 30]، فيا لَها من خاتمة! ويا له مِن مصير!
والخيرُ في الأمة يستمر، ولن تعدمَ الأمة خيرًا.
فاسمع ثالثةً إلى هذا الحدَث الذي ذكره صاحب كتاب: "يَا لَيت قومي يعلمون"؛ يقول - حفظه الله وعافاه -: كان هناك رجلٌ صالحٌ من أهل الطائف، عابد فاضل، نزل مع بعض أصحابه إلى مكة محرمًا، ودخلوا الحرم بعد أن انتهت صلاة العشاء، فتقدم ليصلي بهم وهو محرم قد خرج لله - جل وعلا - قرأ سورة الضحى، فلما بلغ قول الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى ﴾ [الضحى: 4] شهق وبكى وأبكى، فلما قرأ: ﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴾ [الضحى: 5]، ترنَّح قليلاً ثم سقط ميتًا - فعليه رحمة الله - ليبعث يوم القيامة - بإذن الله - مصلِّيًا، فمَن مات على شيء بُعث عليه؛ كما ورد عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم.
وآخر يقضي حياته مؤذِّنًا، يهتف بالتوحيد كل يوم وليلة خمس مرات، ويؤذِّن يومًا من الأيام، ثم يشرع ليقيم الصلاة، ولما انتصف في إقامة الصلاة سقط ميتًا - فعلَيْه رحمة الله.
سنواتٌ يؤذِّن ثم يجيب داعي الله مؤَذِّنًا ليُبعَثَ يوم القيامة من أطول الناس أعناقًا - فرحمة الله عليه – يا لَها من خواتم طيبة! ملائكة بيض الوُجُوه، يَتَقَدَّمهم مَلَك الموت، يخاطب تلك الأرواح الطيبة: اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، وربٍّ راضٍ غير غضبان، فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فم السقاء، وتفتح لها أبواب السماء وتحمل الجنازة على الأكتاف وهي تصيح وتقول: قدّموني قدموني، تُسأل فتجيب وتثبت، فيفرش لها من الجنة ويفتح لها باب إلى الجنة، قد استراحتْ من تَعَب هذه الدار، وإلى راحة أَبَدية في دار القرار.
وفريقٌ آخر في تلك الساعة يشقى، حسِبَ أنَّ الحياةَ عَبَث ولَهْوٌ ولعِب، وإذا به يعانِي أول المعاناة، نزلت عليه ملائكة سود الوجوه، يقدمهم ملك الموت، نعوذ بالله من ختام السوء، وساعة السوء، يقول: أيتها النفس الخبيثة، اخرجي إلى سخط من الله وغضب، فتنزع نزعًا بعد أن تَتَفَرَّق في الجسد، ثم ترفع فلا تفتح لها أبواب السماء، تحمل الجنازة على الأكتاف وهي تصيح: يا ويلها! أين تذهبون بها؟ ثم تُسأل فلا تجيب، فيفرش لها من النار ويفتح لها بابٌ إلى النار، فنعوذ بالله مِن النار، ومِن سوء الختام، ومِن غضب الجبار.
ذكر صاحب "قصص السُّعَداء والأشقياء": أنه وقع حادثٌ في مدينة الرياض على إحدى الطرق السريعة لثلاثة من الشباب، كانوا يستقلِّون سيارة واحدة، توفِّي اثنان منهما في الحال، وبقي الثالث في آخر رمق، يقول له رجل المرور الذي حضر الحادث قل: لا إله إلا الله، فأخذ يحكي عنه نفسه ويقول: أنا في سقر، أنا في سقر، أنا في سقر، حتى مات على ذلك، فلا إله إلا الله، رجل المرور يسأل، ويقول: ما هي سقر؟ فوجد الجواب في كتاب الله - عز وجل -: ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴾ [المدثر: 42، 43].
سقر، وما أدراك ما سقر؟! لا تبقي ولا تذَر، لواحة للبشر، نسأل الله العافية والسلامة.
عباد الله:
فريقان لا ثالث لهما: شقي وسعيد، فريق في الجنة، وفريق في السعير.
أَلا ترون؟ ألا تتفكرون؟ ألا تنظرون؟ تُشَيِّعون في كلِّ يوم غاديًا إلى الله، قد قضى نَحْبَه، وانقضى أجلُه، حتى تغيبوه في صدع من الأرض، خلع الأسباب، وترك الأحباب، وسكن التراب، وواجَه الحساب، وانتهى أمله وأجله، تبعه أهلُه ومالُه وعملُه، فرجع الأهلُ والمال، وبقي العمل.
فارَقَ الأحبَّة والجيران، هجره الأصحاب والخلاَّن، ما كأنه برح يومًا ولا ضحك ولا أنس يومًا ما، ارتهن بعمله فصار فقيرًا إلى ما قدم، غنيًّا عما ترك.
الخُطْبَــــةُ.الثَّـــــــــانِيَةُ.cc
الحمد لله ذي الفضل والإنعام، والصلاة والسلام نبيِّنا محمد الداعي إلى دار السلام، وعلى آله وصحبه ذوي المراتب العِظام، وسلِّم تسليمًا، أما بعد:
أيها المسلمون، ينتقل بنا النصُّ الكريمُ إلى جملتين أخيرتين منه، لهما علاقة وطيدة بإصلاح النفس الإنسانية، ورفع شأنها، وتهيئة المآل المرضي لها عند خالقها، ولهما شأن معلوم في رفعة منزلة الإنسان عند الله وعند الناس.
وقد ابتدأتا بالفعل (اعلم) الذي يدل على أن ما بعده أمر عظيم، يقتضي الانتباه له، والعناية به
الجملة الأولى: قول جبريل عليه السلام: ((وَاعْلَمْ أنَّ شَرَفَ الْمُؤْمِنِ قِيَامُ اللَّيْلِ))، الله أكبر! ما أعظم هذا الوسام الذي ينيله الله تعالى أهل التهجُّد والقيام!
كثير من الناس يبحثون عن الشرف - وهو العلو والرفعة- في النسب والحسب، أو الجاه أو المال، ويبذلون لذلك أشياء كثيرة.
وهذا النص يخبرنا أن الشرف الحقيقي هو الانتصار على النفس بمجاهدتها على ترك لذة النوم والبُعْد عن الكسل ورصُّ القدمين بين يدي الله للصلاة في الليل.
تلك الصلاة العزيزة التي لا يستطيعها كل أحد، ولا يداوم عليها إلا مؤمن استطاع أن يغلب الموانع، وينتصر على الجواذب التي تحول بينه وبين هذه الصلاة.
قال الحسن البصري: "لم أجد من العبادة شيئًا أشدَّ من الصلاة في جوف هذا الليل"، فأي شرف أعظم من هذا الشرف الذي يجعل صاحبه قريبًا من الله، قريب الإجابة لدعائه في تلك اللحظات الشريفة، ويتركه مسرورَ النفس منشرحَ الصدر، بهيَّ الطلعة، سَنِيَّ المرأى.
أولئك القائمون بهذه العبادة صفوة عباد الله، وأهل كرامته ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 16، 17].
قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((عليكم بقيام الليل؛ فإنَّه دأبُ الصالحين قبلكم، وقُربةٌ إلى ربِّكم، ومَكْفَرَةٌ للسيئات، ومَنْهاةٌ عن الإثمِ))[4].
وأما الجملة الثانية فقول جبريل عليه السلام: ((وَعِزَّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ)):
يعني: أن قوَّته وعلوَّ مكانته عندهم تبقى له عندهم ما دام مستغنيًا عنهم، غير محتاج إليهم، فالحاجة ذُلٌّ، والاكتفاءُ عِزٌّ.
قال الحسن: "لا تزال كريمًا على الناس، أو لا يزال الناس يكرمونك ما لم تعاط ما في أيديهم، فإذا فعلت ذلك استخفُّوا بك، وكرهوا حديثك وأبغضوك".
وقال أبو أيوب السختياني: "لا ينبل الرجل حتى يكون فيه خصلتان: العفة عما في أيدي الناس، والتجاوز عما يكون منهم".
فديننا الحنيف يُعلِّمنا أن نكون أهل عِزَّة، لا نريق ماء وجوهنا بين أيدي الناس، ولا ننزل بهم حاجتنا ونحن قادرون على قضائها، فإن عجزنا أنزلناها بالله الذي لا يُخيِّب سائلًا صادقًا مُلِحًّا، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].
مَنْ يسْأل النَّاسَ يحرموه
وَسَائِلُ اللهِ لَا يخيبُ
إن الحاجة إلى الناس شديدة لدى كرام الناس وأشرافهم، يعدونها أسرًا لا إطلاق منه إلا بالمكافأة ورد الجميل، وإن عدوا مرارات الحياة فلا يجدون أمرَّ منها، وإن لم يجدوا من المكاسب المشروعة إلا ما فيه بعض النقص لم يدعوه انتظارًا لعطاء الناس وإحسانهم.
قال بعض الصالحين: "أحْسِنْ إلَى مَنْ شِئْتَ تكُنْ أمِيرَهُ، واسْتَغْنِ عَمَّنْ شِئْتَ تَكُنْ نَظِيرَه، واحْتَجْ إلى مَنْ شِئْتَ تَكُنْ أسِيرَهُ".
وقال لقمان لابنه: "يَا بني، حملت الصخر وَالْحَدِيد فَلم أحمل أثقل من الدَّيْن، وأكلت الطَّيِّبَات وعانقت الحِسان فَلم أصب ألذَّ من الْعَافِيَة، وذُقْتُ المرارات فَلم أذُقْ أمَرَّ من الْحَاجة إِلَى النَّاس".
قال عمر بن الخطاب: "مكسبةٌ فيها بعض الدناءة خيرٌ من مسألة الناس"
يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: ((إنما المسائلُ كُدُوحٌ يَكْدَح بها الرجلُ وجهَه، فمن شاء أبقى على وجهه، ومن شاء ترك، إلا أن يسال ذا سلطانٍ، أو في أمرٍ لا يجدُ منه بُدًّا)) [5].
وهذا الاستغناء – يا عباد الله- ليس في المال فحسب؛ بل هو على عمومه، فإذا قدرت – يا عبد الله-أن تكفي نفسك بنفسك، وتستغني عن بني جنسك فافعل.
غير أن الحياة الجماعية تفرض على الإنسان أن يعين ويستعين، ويبذل المعروف ويطلبه، ويساعد الآخرين ويساعدونه، وينفعهم وينفعونه، في غير مذلة ولا استكانة.
الناسُ للناسِ مِن بَدْوٍ وحاضِرةٍ
بَعْضٌ لبَعْضٍ وإنْ لم يشعُرُوا خَدَمُ
قال رجل لابن عباس رضي الله عنهما: "ادعُ اللهَ لي أن يغنيني عن الناس، فقال: إنَّ حوائج الناس تتصل بعضُها ببعض كاتصال الأعضاء، فمتى يستغني المرْءُ عن بعض جوارحه؟ ولكن قل: أغْنِني عن شرار الناس".
🕌مُنْتَـدَىٰ.الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ.cc
📩 @Montda_alkotba
─────────────
خطبـــــــة.بعنـــــــوان.cc.
_^((#تحذير_الأنام_من_التشاؤم_بالأماكن_والشهور_والأيام ))^_
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
الخُطْبَــــةُ.الْأُولَـــــــــى.cc
إن الحمدلله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
*﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:١٠٢].*
*﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إن اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء:١].*
*﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب:٧٠-٧١]*
أما بعد: فإن خير الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار اسأل الله أن يعيذنا وإياكم والمسلمين والمسلمات من كل بدعة وضلالة ونستعيذ بالله من سخطه ومن عذابه ومن النار.
أيها المسلمون عباد الله :
إن الله خلق الحياة الدنيا وجعل العباد يصيرون فيها وهو سبحانه وتعالى الذي بيده خزائن السماوات والأرض وهو -عز وجل- الذي بيده تسيير الأمور -سبحانه وتعالى-، خلق الله الليل والنهار وجعل العباد يعيشون فيه وجعلهم في هذه الأرض هو المسير لهم سبحانه وتعالى فيما أراده لهم.
وقد دعاء الله عباده أجمعين إلى الاعتماد عليه والتوكل عليه والاستعانة به والرجاء لما عنده -سبحانه وتعالى- وحذرهم عز وجل من التعلق بغيره والخوف من غيره فهو سبحانه وتعالى الذي بيده مقاليد السماوات والأرض وإن الخلق بحاجة أن يعتمدواْ في إمورهم على الله وحده لا شريك له، وإني في خطبتي هذه أحببت أن أذكر نفسي وإخواني بخطر التشاؤم من الشهور أو الأيام أو الليالي ، فالتشاؤم بالشهور إنها طريقة غير مرضية تجدون بعض الناس يتشاءمون من بعض الشهور ويعتبرون أن الشهور لها تعلق في الأمور وما علمواْ أن الأيام والليالي مخلوقة بأمره قال الله عز وجل: *﴿ يُقَلِّبُ ٱللَّهُ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُو۟لِى ٱلْأَبْصَٰرِ ﴾*
وقال عز وجل: *﴿ وَٱلشَّمْسِ وَضُحَىٰهَا وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلَىٰهَا وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلَّىٰهَا وَٱلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰهَا وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَىٰهَا وَٱلْأَرْضِ وَمَا طَحَىٰهَا وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّىٰهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَىٰهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّىٰهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا ﴾*
فأقسم سبحانه بالشمس والقمر والليل والنهار أنه كان من المفلحين من أصلح نفسه وزكاها بتقوى الله، وأنه قد خاب وخسر من أدخل الدسائس والشرور على نفسه فجعل قسمه بهذه المخلوقات قسم إخبار أن الخلق على أقسام ولكن الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم والرياح وتغير الأمور ليس لها من الأمر شيء.
وهكذا أخبرنا الله عن الأمم السابقة أنهم كانواْ يتطيرون ويتشاءمون فكان الأنبياء يردواْ عليهم فهذا قوم صالح *﴿ قَالُوا۟ ٱطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ ۚ قَالَ طَٰٓئِرُكُمْ عِندَ ٱللَّهِ ﴾*
وهكذا أيضاً إن قريشاً أخبرنا الله عنها أنها كما قال سبحانه: *﴿ إِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا۟ هَٰذِهِۦ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا۟ هَٰذِهِۦ مِنْ عِندِكَ ۚ ﴾*
قال الله *﴿ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ ۖ فَمَالِ هَٰٓؤُلَآءِ ٱلْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ﴾* كانت قريش إذا أصابتهم النعم قالواْ هذه من الله وإذا حصلت عليهم المصائب أو البلاء قالواْ للرسول هذه من عندك أنت يا محمد أو بسببك أنت يا محمد فالله يقول: *﴿ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ ۖ فَمَالِ هَٰٓؤُلَآءِ ٱلْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ﴾* مالهم ما يعقلون ويفقهون ويعلمواْ أن الأمور هو الميسر لها سبحانه وتعالى وهكذا قال الله عز وجل مخبراً عن عظيم التوكل عليه والاعتماد عليه والرجاء فيما عنده قال سبحانه وتعالى *﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ
مَنْ فَاتَهُ وُدُّ أَخٍ صَالِحٍ *** فَذَلِكَ الْمَغْبُونُ حَقُّ الْيَقِينِ
باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ، ونفعنا بالآياتِ والذكرِ الحكيمِ.
أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولجميعِ المسلمينَ من كلِّ ذَنبٍ، فاستغفروه إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ.
الخُطْبَــــةُ.الثَّـــــــــانِيَةُ.cc
الحمدُ للهِ الذي يَسرَ لعبادِه سُبلَ محبتِه، ودعاهم بفضلِه وكرمِه إلى كسبِ مودتِه، أحمدُه سبحانَه وأشكرُه على ما تَفضلَ به على عبادِه من واسعِ رحمتِه، وعظيمِ نعمتِه ومنتِه. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له. وأَشهدُ أن محمداً عبدُ اللهِ ورسولُه صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحابتِه.
أما بَعدُ:
مَن مِنكم -أيُّها الأحبَّةُ- ذاقَ طعمَ حلاوةٍ في قلبِه؟
سُبحانَ اللهِ! طعمٌ! وحلاوةٌ! وفي القلبِ!؟
نعم، إنَّها حلاوةُ الإيمانِ، يقولُ ابنُ رجبٍ -رحمَهُ اللهُ-: "الإيمانُ له حَلاوةٌ وطَعمٌ يُذاقُ بالقُلوبِ، كَما يُذاقُ حَلاوةُ الطَّعامِ والشَّرابِ بالفَمِّ"، ومِصداقُ ذلكَ ما جاءَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ النَّبِيِّ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- قَالَ: "ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ، وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ".
فيا أيُّها الأحبَّةُ: وأنا انطلاقاً من قولِه تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)[الحجرات: 10]، وانطلاقاً من قَولِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ-: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا"، فأنا أُعلنُ لكم من هذا المنبرِ: أنِّي أحبُّكم في اللهِ -تعالى-، وأحبُّ كلَ مؤمنٍ في الأرضِ، سواءٌ كانَ موجوداً أو مَيتاً أو لم يُخلقْ بعدُ؛ كما قالَ القائلُ:
يا أخي المُسلمُ في كلِّ مَكانٍ وبَلدٍ *** أَنتَ مِني وأنا مِنكَ كرُوحٍ في جَسدٍ
اللهمَّ اجعلنا من المتحابينَ فيك، وارزقنا حبَّك وحبَّ من يحبُك.
اللهم حببْ إلينا الإيمانَ وزينه في قلوبِنا، وكره إلينا الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ، واجعلنا من الراشدينَ.
اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأذلَّ الشركَ والمشركينَ، ودمر أعداءَك أعداءَ الدينِ، واجعل هذا البلدَ آمناً مطمئنًا وسائرَ بلادِ المسلمينَ، برحمتك يا أرحمَ الراحمينَ، اللهم انصرْ من نصرَ الدِّينَ، واخذل من خذلَ عبادَك المؤمنينَ.
اللهم فرجْ همَّ المهمومينَ من المسلمينَ، ونفسْ كربَ المكروبينَ، واقض الدينَ عن المدينينَ، واشف مرضانا ومرضى المسلمينَ، برحمتِك يا أرحمَ الراحمينَ.
اللهم آمنا في أوطانِنا، وأصلح أئمتَنا وولاةَ أمورِنا، واجعل ولايتَنا فيمن خافَك واتقاك واتبعَ رضاك يا ربَّ العالمينَ
ربنا آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذابَ النارِ.
سبحانَ ربِّك ربِّ العزةِ عما يصفونَ، وسلامٌ على المرسلينَ، وآخرُ دعوانا أن الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
📲 قَنـاةُ【️مُنْتَـدَىٰ الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ】مِـنْ هُنـ↶ـا:
T.me/Montda_alkotba
*🌐مَجْمُوعَاتِنَا عَلىٰ الْوَاتسَ اَبِ هُنـ↶ـا:*
https://chat.whatsapp.com/L9TQAUO9Iht5dIVvSvjuWU
📩▎ أنْشُـرُوٰهَا واحْتَسِبُـوٰا الأَجْـرَ بِإِذْنِ اللَّهِ فَالـدَّالُ عَلَىٰ الخَيْـٰرِ كَفَاعِلِه.
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
🕌مُنْتَـدَىٰ.الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ.cc
📩 @Montda_alkotba
─────────────
خطبـــــــة.بعنـــــــوان.cc.
_^((#الحب_في_الله_تعالى ))^_
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
الخُطْبَــــةُ.الْأُولَـــــــــى.cc
إنِ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النِّسَاءِ: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 70-71].
أما بعد:
فحديثُنا اليومَ عن "الحُبِّ"، نعم الحبُّ، ولكنَّه الحبُّ الحقيقيُّ، الحبُّ النَّابعُ عن حبِّ اللهِ -تعالى- وحبِّ نبيِّه -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ-، هل صادفتَ يوماً رجُلاً ليسَ بأخٍّ لكَ أو صديقٍ لا تعرفُه وقد تكونُ لم ترَه من قبلُ، فإذا بقلبِك يميلُ إليه مَيلاً، وإذا بمشاعرِكَ تنجذبُ إليه انجذاباً، فلا تعرفُ لهذهِ المودةِ سبباً، ولا تجدُ لهذه المحبةِ تفسيراً؟ إنَّه الحبُّ في اللهِ الذي جعلَه اللهُ -تعالى- بينَ عبادِه المؤمنينَ، قَالَ تعالى: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[الأنفال: 63] قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "هُمْ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ".
عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ- قَالَ: دَخَلْتُ مَسْجِدَ دِمَشْقِ الشَّامِ، فَإِذَا أَنَا بِفَتًى بَرَّاقِ الثَّنَايَا، وَإِذَا النَّاسُ حَوْلَهُ، إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَسْنَدُوهُ إِلَيْهِ وَصَدَرُوا عَنْ رَأْيِهِ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَقِيلَ: هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ هَجَّرْتُ (أَيْ: بَكَّرْتُ) فَوَجَدْتُ قَدْ سَبَقَنِي بِالتَّهْجِيرِ، وَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي فَانْتَظَرْتُهُ، حَتَّى إِذَا قَضَى صَلاتَهُ جِئْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: وَاللَّهِ إِنِّي لأحِبُّكَ لِلَّهِ -عَزَّ وجَلَّ-، فَقَالَ: آللَّهِ؟ فَقُلْتُ: آللَّهِ، فَقَالَ: آللَّهِ؟ فَقُلْتُ: آللَّهِ، فَأَخَذَ بِحُبْوَةِ رِدَائِي فَجَبَذَنِي إِلَيْهِ، وَقَالَ: أَبْشِرْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- يَقُولُ: "قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وجَلَّ-: وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ، وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ، وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ".
اللهُ أكبرُ! أتعلمونَ لماذا وجبتْ محبةُ اللهِ -تعالى- لهؤلاءِ المُتحابِّينَ؟
لأنَّ المرءَ لا يُمكنُ أن يُحبَّ في اللهِ، إلا بعدَ أن يمتلئ قلبُه بمحبةِ اللهِ، فعِندها لا يُحبُّ إلا ما يُحبُّه اللهُ، ولا يُبغضُ إلا ما يُبغضُه اللهُ، وهي علامةُ تَمامِ الإيمانِ؛ كما في حديثِ أَبِي أُمَامَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ، فَقَدْ اسْتَكْمَلَ الإيمَانَ".
وَأَحْبِبْ لِحُبِّ اللهِ مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا *** وَأَبْغِضْ لِبُغْضِ اللهِ أَهْلَ التَّمَرُّدِ
وَمَا الدِّينُ إلاَّ الْحُبُّ وَالْبُغْضُ وَالْوَلاء *** كَذَاكَ الْبَرَاء مِنْ كُلِّ غَاوٍ وَمُعْتَدِي
ولهذه المنزلةِ العظيمةِ أحبَّ رسولُ اللهِ -تعالى- في اللهِ؛ كما قالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: "أَخَذَ بِيَدِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- فَقَالَ: "إِنِّي لأحِبُّكَ يَا مُعَاذُ" فَقُلْتُ: وَأَنَا أُحِبُّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ-: "فَلا تَدَعْ أَنْ تَقُولَ فِي كُلِّ صَلاةٍ: رَبِّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ"، فهنيئاً لمعاذٍ هذه المنزلةُ! وهذا هو قدوتُنا وإمامُنا يُحبُّ في اللهِ! ويُخبرُ من يحبُّه بحُبِّهِ. فلماذا نكتمُ مشاعرَنا؟ ولماذا لا نُفرحُ أحبابَنا؟ ولماذا لا نُشيعُ المحبةَ بينَنا؟
كيفَ يقتلُ من جاورَه في رَحمِ الأمِّ؟ .. كيفَ يقتلُ من شاركَه الأفراحَ والهمَّ؟، ولذلكَ أصبحَ من الخاسرينَ.
ولكم أن تتخيلوا ذلكَ المشهدَ بعدَ أن أغراهُ بقتلِ أخيه الشَّيطانُ .. وهو يحملُ أخاهُ فوقَ ظهرِه، يدورُ به في الأرضِ ندمانَ .. حتى أرسلَ اللهُ تعالى إليه الغرابَ رمزَ الغُربةِ والفسقِ (يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ).
ألم تسمعوا لقولِه تعالى: (فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ)، فبدأَ بالأخِ لأنَّه كانَ في الدُّنيا هو النَّصيرُ والعضيدُ، وهو الرُّكنُ الشَّديدِ، ولكن يومَ القيامةِ يفرُّ من أخيه لأنَّ في الآخرةِ (لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا)، وأما في الدُّنيا، فمهما كانَ نوعُ العلاقةِ بينَكما، ولكن لعلكَ إذا احتجتَ إليه، تجدُ ما يسرُّ خاطرُكَ، ويقرُّ ناظرُكَ، وإذا أعرضَ عنكَ الأصحابُ، وجدتَ أخاكَ هو ناصرُكَ، وعسى اللهُ تعالى أن يجعلَنا كما قالَ: (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ).
اللهم اغفرْ لنا ولإخوانِنا ولآبائنا وامهاتِنا، اللهمَّ حبِّبْ إلينا الإيمانَ، وزينْه في قلوبِنا، وكرِّه إلينا الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ، اللهمَّ ارحمْ من كانَ منهم تحتَ الترابِ، واجعلْ فردوسَك لهم داراً، اللـهم أصلحْ لنا ديـنـَنا الذي هـو عـصمةُ أمرِنا، وأصلحْ لنا دنيانا التي فـيها معـاشُنا، وأصلح لنا آخرتـَنا التي اٍليها معـادُنـا، واجعـل الحياةَ زيادةً لنا في كلِّ خيرٍ، واجعـل الموتَ راحةً لنا من كلِ شرٍّ، اللهُـم اٍنا نسألك عـيشةً نقـيةً، وميتةً سويةً، ومـَرَداً غـير مخـزٍ ولا فـاضِـحٍ، اللـهُم اٍنا نعـوذ ُبك من زوالِ نعـمتِك، وتحـوِّلِ عافيتـِك، وفُجاءةِ نِقـمتـِك، وجميعِ سَخطـِك، اللـهم اٍنا نعـوذ ُ بك من يومِ السُّوءِ، ومن ليلةِ السوءِ، ومن ساعةِ السوءِ، ومن صاحبِ السوءِ، ومن جـارِ السوءِ في دارِ المـُقـامةِ، اللهمَّ اجعـل القرآنَ ربيعَ قلوبِنا، ونورَ صدورنِا، وجَلاءَ حُـزنِنا، وذهابَ هـمِّنا وغـمِنا يا ربَّ العالمينَ.
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
📲 قَنـاةُ【️مُنْتَـدَىٰ الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ】مِـنْ هُنـ↶ـا:
T.me/Montda_alkotba
*🌐مَجْمُوعَاتِنَا عَلىٰ الْوَاتسَ اَبِ هُنـ↶ـا:*
https://chat.whatsapp.com/L9TQAUO9Iht5dIVvSvjuWU
📩▎ أنْشُـرُوٰهَا واحْتَسِبُـوٰا الأَجْـرَ بِإِذْنِ اللَّهِ فَالـدَّالُ عَلَىٰ الخَيْـٰرِ كَفَاعِلِه.
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
🕌مُنْتَـدَىٰ.الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ.cc
📩 @Montda_alkotba
─────────────
خطبـــــــة.بعنـــــــوان.cc.
_^((#سنشدُ_عضدك_بأخيك ))^_
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
الخُطْبَــــةُ.الْأُولَـــــــــى.cc
الحمدُ للهِ الذي نزَّلَ الفرقانَ على عبدِه ليكونَ للعالمينَ نذيرًا، الذي له مُلكُ السمواتِ والأرضِ وخلقَ كلَّ شيءٍ فقدَّرَه تقديرًا، نحمدُه تباركَ وتعالى حمدًا كثيرًا، ونعوذُ بنورِ وجهِه الكريمِ من يومٍ كانَ شرُه مستطيرًا، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ شهادةً تجعلُ الظلمةَ نورًا، وأشهدُ أن سيدَنا محمدًا عبدُه المرسلُ مبشِّرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى اللهِ بإذنِه وسراجًا منيرًا، اللهمَّ صلِّ وسلِّم عليه وعلى من فَازَ باتِّباعِه كثيراً، عدد أنفاسِ مخلوقاتِك شهيقًا وزفيرًا، أما بعد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).
(فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ) .. بعدَ عشرِ سِنينَ من الغُربةِ في مَدْيَنَ، رجعَ موسى عليه السَّلامُ مع زوجتِه إلى مِصرَ، مُشتاقاً إلى أمِّه وأختِه وأخيه .. وهم في الطَّريقِ (آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا .. قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ) وكانوا قد ضلُّوا الطريقَ، (أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) وكانَ قد اشتدَّ عليهم الظَّلامُ والبردُ.
مشى موسى عليه السَّلامُ إلى الشَّجرةِ التي على جبلِ الطُّورِ، وهو لا يعلمُ أنَّه يمشي إلى أعظمِ تكريمٍ وتتويجٍ .. مشى وهو لا يدري أنَّه يمشي ليحوزَ شرفَ وسامِ كليمِ اللهِ تعالى، وليفوزَ بعِزِّ النُّبوَّةِ ومجدِ الرِّسالةِ.
(فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَامُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي).
ثُمَّ أراهُ اللهُ تعالى مُعجزتينِ عظيمتينِ وهما العصا واليدُّ وبعثَه إلى فرعونَ وقومِه، وقالَ له: (فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ) .. عندَها تذكَّرَ موسى عليه السَّلامُ ذلكَ الرَّجلَ الذي قتلَه في مِصرَ، (قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ)، وتذكَّرَ تلكَ المؤامرةِ لقتلِه حتى أنجاهُ اللهُ تعالى من القومِ الظَّالمينَ، وتذكَّرَ جبروتَ وطُغيانَ فرعونَ، ومن ذا الذي يستطيعُ أن يقفَ أمامَه.
ولذلكَ لمَّا علمَ موسى عليه السَّلامُ أنَّ هذه المُهمةِ هي من أصعبِ المُهماتِ على الإطلاقِ، سألَ اللهَ تعالى أن يعينَه ويؤيدَه بأصدقِ وأخلصِ قوَّةٍ أرضيَّةٍ، فقال: (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ)، فأجابَه اللهُ تعالى سؤالَه، وأقرَّه على ذلكَ: (قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ)، فمن يكونُ عونُكَ وذِراعُكَ في أَحلكِ الظُّروفِ وأصعبِ المُهماتِ، إن لم يكنْ أخوكَ؟.
عظُمتْ المُهمةُ وعلمَ أنَّه ليسَ لها بعدَ اللهِ تعالى إلا أخاهُ، فسألَ اللهَ تعالى الأخَ وزيراً وشريكاً، فأجابَ اللهُ دُعاهُ: (وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا * قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَامُوسَى).
أيُّها الأحبَّةُ ..
أخوكَ هو الذي يفرحُ لفرحِكَ ويحزنُ لُحزنِكَ .. يَزينُهُ ما يزينُكَ، ويعيبُه ما يعيبُكَ .. ينشرُ حسناتِكَ، ويَطوي سيئاتِكَ .. ويتحمَّلُ أخطاءَك وهفواتِكَ .. أخوكَ إذا خدمتَه صانَكَ، وإن صحبتَه زانَكَ .. يكتمُ سِرَّكَ، ويَسترُ عيبَك .. يُخفي منكَ كلَّ قَبيحٍ ويُبدي منكَ كلَّ جميلٍ .. ويتمنى لكَ كلَّ نجاحٍ وتوفيقٍ وخيرٍ جَزيلٍ.
أَخُوكَ الَّذِي يَحْمِيكَ فِي الغَيْبِ جَاهِدًا *** وَيَسْتُرُ مَا تَأْتِي مِنَ السُّوءِ وَالقُبْحِ
وَيَنْشُرُ مَا يُرْضِيكَ فِي النَّاسِ مُعْلِنًا *** وَيُغْضِي وَلا يَأْلُو مِنَ البِرِّ وَالنُّصْحِ
الأخُ هو عصاكَ التي تتكيءُ عليها وسطَ عواصفِ العُمُرِ .. الأخُ هو سَندُكَ إذا تكالبتْ عليكَ الهمومُ وضاقَ بكَ الصَّدرُ .. أخوكَ بعدَ اللهِ تعالى هو النَّصيرُ لكَ في الحياةِ والمُعينُ .. أخوكَ هو أُنسُ الخاطرِ وسلوَّةُ القلبِ وقُرَّةُ العينِ.
أَخَاكَ أَخَاكَ إنَّ مَنْ لاَ أَخَا لَهُ *** كَسَاعٍ إلَى الهَيجَا بغَيرِ سِلاَحِ
حتى في الجاهليةِ كانَ للأخِ شأنٌ عظيمٌ .. فهذا مُهَلْهِلُ بنُ ربيعةَ لمَّا قُتلَ أخوهُ كليبٌ، رثاهُ بقولِه:
وأما المعصية والبعد عن طاعة الله هي حقيقة الجهل وإن كان الإنسان عنده من العلم ما عنده وهو متجرئ على معصية الله؛ فهذه جهالة بالله سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء:17].
فكفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار بالله جهلا.
اللهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا، سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ نسْتَغْفِرُكَ اللهم وَنتُوبُ إِلَيْكَ.
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
📲 قَنـاةُ【️مُنْتَـدَىٰ الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ】مِـنْ هُنـ↶ـا:
T.me/Montda_alkotba
*🌐مَجْمُوعَاتِنَا عَلىٰ الْوَاتسَ اَبِ هُنـ↶ـا:*
https://chat.whatsapp.com/L9TQAUO9Iht5dIVvSvjuWU
📩▎ أنْشُـرُوٰهَا واحْتَسِبُـوٰا الأَجْـرَ بِإِذْنِ اللَّهِ فَالـدَّالُ عَلَىٰ الخَيْـٰرِ كَفَاعِلِه.
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [آل عمران:26].
أيها المسلم: إذا لم تجد من يعاقبك من البشر؛ فتذكر أن خالق البشر مطلع عليك، إذا لم تجد من يحاسبك من الناس؛ فتذكر أن الله تعالى لا تخفى عليه خافيه، ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ [الحاقة:18].
تذكر أن الله سبحانه مطلع على الأقوال والأعمال، الله سبحانه رقيب عليك، يعلم مدخلك ومخرجك، بل يعلم ما يكنه صدرك وما يخفيه: ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ ﴾ [إبراهيم:38].
فيا أيها المسلم: تذكر موقفك بين يدي الله سبحانه، وتذكر أن الله يمهل، وإذا كنت على الذنب؛ فإياك أن تغتر بعفو الله وكرمه، ما دمت على الذنب؛ فأقلع عن الذنب؛ فإن الله سبحانه وتعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، قال الله سبحانه: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود:102]، وقال الله سبحانه: ﴿ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾ [الأعراف:183].
فليحذر الإنسان على نفسه، ولا يأمن من مكر الله سبحانه، وهو مقيم على ما يسخط الله جل وعلا، فإيانا وإياكم عباد الله أن نغفل عن مراقبة الله سبحانه الذي بيده الأمر كله، وإذا نزل بأسه لا يُرد عن القوم المجرمين، فعلينا أن لا نغتر بحلم الله جل وعلا عنا، بل علينا أن نكف عن الذنوب، وأن نرجع إلى الله عز وجل بتوبة صادقة، الخشية عباد الله هي التي تحجز العبد عن المعاصي، ومما يعينك على خشية الله سبحانه أن تتعلم أسماء الله الحسنى وصفاته العُلى، وأن تتذكر أسماء الله التي فيها البطش والانتقام؛ فإن من أسمائه سبحانه: الجبار، وإن من صفاته: الانتقام.
فعلى المسلم أن يعلم أن الله سبحانه وتعالى ليس بغافل عن ظلمه: ﴿ وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ﴾ [إبراهيم:42].
يا عبد الله؛ لا تحسبن وأنت مقيم على معصية الله وأنت ظالم لنفسك ولغيرك، ظالم للناس في أعراضهم أو في دمائهم أو أموالهم لا تحسبن الله سبحانه غافلا عنك، ولكن الله يملي فعجِّل بتوبة صادقة وارجع الحقوق إلى أهلها، ففي ”صحيح مسلم“ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟» قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ».
إن القصاص يومئذ بالحسنات والسيئات، روى الإمام البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ».
نعوذ بالله، فليخش الإنسان ربه الذي خلقه بعد أن لم يكن شيئا مذكورًا، ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا ﴾ [الإنسان:1].
تذكر أيها العبد عظمة الله تعالى، إذا سولت لك نفسك بالذنب فتذكر أنك تعصي العظيم الذي ملكوت السموات والأرض كلها بيده الذي خلق الخلائق عظيمها وصغيرها، فالمسلم يعظّم الله عز وجل، والمسلم إذا سولت له نفسه بالذنب فلينظر إلى عظمة من يعصي.
وإن احتقار الذنوب تجتمع على القلب حتى تهلكه، فقد أخرج أحمد عن ابن مسعود ؓ، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إياكم ومُحَقَّرَاتَ الذنوب، فإنهن يجتَمعْن على الرجل حتى يُهْلِكْنَه».
وقال أنَسٍ ؓ: (إنَّكُمْ لتَعمَلُونَ أعْمالًا هي أدقُّ في أَعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعَرِ، إنْ كُنَّا نَعُدُّها على عَهْدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم من الموبِقاتِ) أخرجه البخاري.
كفى بخشية الله علِما، وكفى بالاغترار بالله جهلاً، والحمد لله رب العالمين.
الخُطْبَــــةُ.الثَّـــــــــانِيَةُ.cc
إنَّ الْحَمْدَ لله، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيئاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ الله فَلَا مُضِل لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ، فَلَا هَادِيَ لَهُ.
🕌مُنْتَـدَىٰ.الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ.cc
📩 @Montda_alkotba
─────────────
خطبـــــــة.بعنـــــــوان.cc.
_^((#خشية_الله_العظيم))^_
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
💭الخُطْبَــــةُ.الْأُولَـــــــــى.cc 💭
إنَّ الْحَمْدَ لله، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيئاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ الله فَلَا مُضِل لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ، فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأشْهَدُ أنْ لَا إِلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
عباد الله؛ نتواصى بتقوى الله سبحانه وتعالى التي أمر الله بها جميع عباده، ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللهَ﴾ [النساء:131]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الحشر:18].
روى الإمام الترمذي في ”سننه“ من حديث ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ؛ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ لِأَصْحَابِهِ: «اللهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا».
هذا الدعاء المبارك الذي كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم، ابتدأه صلى الله عليه وسلم بقوله: «اللهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ».
فخشية الله سبحانه وتعالى هي الحاجز للمسلم عن معصية الله سبحانه، بقدر ما قام في قلبك أيها المسلم من خشية الله، ومن مراقبة الله سبحانه؛ حال ذلك بينك وبين الذنب، ولذلك دعا النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الدعاء العظيم، وابتدأه بهذه الجملة المباركة أن يقسم الله له من الخشية ما يكون حائلا بينه وبين المعصية.
فما تجرأ المتجرئ على معصية الله عز جل، وعلى الذنب إلا عند أن ضعفت خشية الله سبحانه وتعالى من قلبه، ولو امتلأ قلبه بخشية الله وعنده من الخشية كمالها؛ لابتعد عن معصية الله سبحانه وتعالى، ولخاف من الذنب أشد الخوف، ولكنه التهاون والغفلة عن قَدْرِ الله سبحانه وتعالى ، ﴿وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سبحانه وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الزمر:67].
فخشية الله سبحانه وتعالى هي الحاجز للمسلم على التجرؤ على معصية الله، عند أن يراقب الله ويتذكر عظمة الله يجعله ينحجز عن معصية الله سبحانه، ولذلك من ازداد علمه، وكان علمه نافعًا له؛ ازدادت خشيته من الله سبحانه.
قال الله سبحانه: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر:28]، أي: لا يخشى الله أشد الخشية، وكمال الخشية إلا العالم بالله سبحانه وتعالى الذي عرف الله عز وجل بأسمائه الحسنى وبصفاته العُلى، الذي قَدَرَ الله حق قدره عند أن راقب الله سبحانه، وعند أن خشي الله سبحانه وتعالى، فاتقى ربه، وخاف من الله جل وعلا فانحجز عن معصية الله سبحانه وتعالى؛ فهنيئا له، عند أن كان مراقبا لله أورثته خشيةُ الله مراقبةَ الله جل وعلا؛ فيحذر من كل عمل يعمله، لا يعمل العمل حتى يفكر: أهذا العمل يرضي ربه، أم يسخطه تعالى، تلك الخشية التي قامت في قلبه وملأت قلبه هي التي جعلته يفكر عند أن يُقدم على العمل أن له لقاء بين يدي الله سبحانه، ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾ [الانشقاق:6].
يتذكر أن له موقفا بين يدي الله سبحانه وتعالى، هي خشية الله التي جعلت الصالحين يشمرون في طاعة الله سبحانه، هي خشية الله التي جعلت الصالحين ينكفون عن المعصية، ويجتهدون في طاعة الله سبحانه وتعالى، خشية الله تعالى أورثتهم المراقبة، والخوف من صغير الذنب، ومن كبيره.
وَغَضِبَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ عَلَى قَوْمِهِ حِينَ عَبَدُوا الْعِجْلَ مِنْ دُونِ اللهِ؛ قَالَ تَعَالَى: وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ [الأعراف:150].
فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ إِذَا رَأَى مُنْكَرًا: أَنْ يَغْضَبَ لِلَّهِ تَعَالَى؛ فَيَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ؛ فَإِنَّهُ دَليلٌ عَلَى إِيمَانِ صَاحِبِهِ وَغَيْرَتِهِ، وَطَهَارَةِ قَلْبِهِ وَنَقَاوَتِهِ؛ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
اللَّهُمَّ اهْدِنَا لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ وَالْأَعْمَالِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّـئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّـئَهَا إِلَّا أَنْتَ. اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى صَاحِبِ الْوَجْهِ الْأَنْوَرِ، وَالْجَبِينِ الْأَزْهَرِ، مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الْغُرَرِ، وَمَنْ سَارَ عَلَى هَدْيِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْمَحْشَرِ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْـمُسْلِمَاتِ؛ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ، إِنَّكَ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، وَالْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ، اللَّهُمَّ وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنًّا، سَخَاءً رَخَاءً، دَارَ عَدْلٍ وَإِيمَانٍ، وَسَائِرَ بِلَادِ الْـمُسْلِمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
📲 قَنـاةُ【️مُنْتَـدَىٰ الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ】مِـنْ هُنـ↶ـا:
T.me/Montda_alkotba
*🌐مَجْمُوعَاتِنَا عَلىٰ الْوَاتسَ اَبِ هُنـ↶ـا:*
https://chat.whatsapp.com/L9TQAUO9Iht5dIVvSvjuWU
📩▎ أنْشُـرُوٰهَا واحْتَسِبُـوٰا الأَجْـرَ بِإِذْنِ اللَّهِ فَالـدَّالُ عَلَىٰ الخَيْـٰرِ كَفَاعِلِه.
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
🕌مُنْتَـدَىٰ.الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ.cc
📩 @Montda_alkotba
─────────────
خطبـــــــة.بعنـــــــوان.cc.
_^((#لا_تغضب))^_
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
💭الخُطْبَــــةُ.الْأُولَـــــــــى.cc 💭
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ تَعَالَى، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
عِبَادَ اللهِ:
إِنَّ أَعْظَمَ الْوَصَايَا نَفْعًا، وَأَجَلَّهَا قَدْرًا، وَأَعْمَقَهَا عِلْمًا: وَصَايَا النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى كُلِّ خَيْرٍ وَهُدًى، وَكُلِّ صَلَاحٍ وَتُقًى؛ فَقَدْ أُوتِيَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، مَعَ كَمَالِ نُصْحِهِ وَشَفَقَتِهِ عَلَى أُمَّتِهِ؛ وَلِذَلِكَ أَوْصَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- بِوَصَايَا كَثِيرَةٍ جَامِعَةٍ لِخَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، بِعِبَارَاتٍ وَجِيزَةٍ لِيَحْفَظُوهَا، وَمَعَانٍ كَثِيرَةٍ لِيَعْمَلُوا بِهَا.
وَإِنَّ مِنْ وَصَايَا النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَظِيمَةِ، وَأَقْوَالِهِ الْحَمِيدَةِ، الَّتِي يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَحْضِرَهَا، وَلِلْمُرَبِّي أَنْ يَبُثَّهَا وَيَنْشُرَهَا: مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَغْضَبْ»، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: «لَا تَغْضَبْ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ].
الْغَضَبُ- مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ- رَأْسُ الشَّرِّ وَالزَّلَلِ، وَبَوَّابَةُ الْإِثْمِ وَالْخَطَرِ؛ فَبِالْغَضَبِ أُرِيقَتِ الدِّمَاءُ، وَقُطِعَتْ حِبَالُ الْمَوَدَّةِ وَالْإِخَاءِ، وَحَلَّتِ الْعَدَاوَةُ وَالشَّحْنَاءُ؛ فَكَانَ التَّحَرُّزُ مِنْهُ جِمَاعَ كُلِّ فَلَاحٍ، وَأَصْلَ كُلِّ نَجَاحٍ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ الصَّحَابِيُّ الَّذِي أَوْصَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَتَرْكِ الْغَضَبِ: (فَفَكَّرْتُ حِينَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ، فَإِذَا الْغَضَبُ يَجْمَعُ الشَّرَّ كُلَّهُ)، وَقِيلَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ -رَحِمَهُ اللهُ-: (اجْمَعْ لَنَا حُسْنَ الْخُلُقِ فِي كَلِمَةٍ، قَالَ: تَرْكُ الْغَضَبِ).
وَاعْلَمُوا -رَحِمَكُمُ اللهُ-: أَنَّ الْغَضَبَ يُورِثُ الظُّلْمَ وَالْبَغْيَ وَالْعُدْوَانَ، وَالتَّعَدِّيَ بِالْقَتْلِ وَالضَّرْبِ وَالِامْتِهَانِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْمَعَاصِي الَّتِي تُوجِبُ غَضَبَ الرَّبِّ تَعَالَى وَسَخَطَهُ؛ فَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي، فَسَمِعْتُ مِنْ خَلْفِي صَوْتًا: «اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ، لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ»، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللهِ، فَقَالَ: «أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ»، أَوْ «لَمَسَّتْكَ النَّارُ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: (دَخَلَ النَّاسُ النَّارَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ: بَابِ شُبْهَةٍ أَوْرَثَتْ شَكًّا فِي دِينِ اللهِ، وَبَابِ شَهْوَةٍ أَوْرَثَتْ تَقْدِيمَ الْهَوَى عَلَى طَاعَتِهِ وَمَرْضَاتِهِ، وَبَابِ غَضَبٍ أَوْرَثَ الْعُدْوَانَ عَلَى خَلْقِهِ).
فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ: أَنْ يَدْفَعَ عَنْهُ أَسْبَابَ الْغَضَبِ؛ بِالتَّخَلُّقِ بِالْحِلْمِ وَالصَّبْرِ عَلَى الْأَذَى، وَالتَّغَافُلِ عَنِ الْإِسَاءَةِ بِالصَّفْحِ وَبَذْلِ النَّدَى، وَلْيَسْتَحْضِرْ كَرِيمَ الْأَجْرِ لِمَنْ تَغَاضَى وَعَفَا؛ قَالَ تَعَالَى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:40].
فنسأل الله - عز وجل - أن يَتَغَمَّدَهُ بواسع رحمته، وأن يتجاوزَ عنَّا وعنه بفضله ومنَّتِه.
ويا شابًّا هجَر القرآن، وأعطى نفسه هواها فدسَّاها، لتقفنَّ موقِفًا يَنْسى الخليلُ به الخليل، وليركبن عليك من الثرى ثقل ثقيل، ولتسألن عن النقير والقطمير، والصغير والكبير، فعُد فالعود أحمد، قبل أن تقول: ربِّ ارجعون، فلا رجوع، ذهب العمر وفات، يا أسير الشهوات، ومضى وقتك في لَهْو وسَهْو وسُبات.
ويا شيخًا اقترب من القبْر، عرف أنه قاب قوسين أو أدنى، فأكثر من الاستغفار، وحبس لسانه عن الزُّور، ورعى رعيته كما ينبغي، وعرف قدر يومه وليلته، بُشْرَاك بُشْرَاك، ضاعف العمل؛ فإنَّ الخيل إذا وصلتْ إلى نهاية السباق، قدمت كل ما لديها من قوة لتفوزَ بالجائزة.
ويا شيخًا نسي الله في شيخوخته، بعد شبابه، فارتكب الجرائم، وقارَف الكبائر، ووقف على عتبة الموت، أين الهوى والشهوات؟! ذهبت وبقيت التبعات، تتمنى بعد يبس العود، العَود، وهيهات يا من شاب رأسه فما استحيا من الله، يا مَن شاب رأسه فانتهك حدود الله، وأعرض عن منهج الله، تبْ إلى الله، قبل أن تكون ممن لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.
عباد الله:
لا بدَّ أن نعلمَ أنَّ الموتَ الذي تخطَّانا إلى غيرنا سيَتَخَطَّى غيرنا إلينا، فلنأخذ حذرنا، ولن يؤخر الله نفسًا إذا جاء أجلها.
هُوَ المَوْتُ مَا مِنْهُ مَلاَذٌ وَمَهْرَبٌ
مَتَى حَطَّ ذَا عَنْ نَعْشِهِ ذَاكَ يَرْكَبُ
نُؤَمِّلُ آمَالاً وَنَبْغِي نِتَاجَهَا
وَعَلَّ الرَّدَى عَمَّا نُرَجِّيهِ أَقْرَبُ
إِلَى اللهِ نَشْكُو قَسْوَةً فِي قُلُوبِنَا
وَفِي كُلِّيَوْمٍ وَاعِظُ المَوْتِ يَنْدُبُ
وصلو وسلمو
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
📲 قَنـاةُ【️مُنْتَـدَىٰ الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ】مِـنْ هُنـ↶ـا:
T.me/Montda_alkotba
*🌐مَجْمُوعَاتِنَا عَلىٰ الْوَاتسَ اَبِ هُنـ↶ـا:*
َhttps://chat.whatsapp.com/HxX6V7VfBNXDu44rAR4kCI
📩▎ أنْشُـرُوٰهَا واحْتَسِبُـوٰا الأَجْـرَ بِإِذْنِ اللَّهِ فَالـدَّالُ عَلَىٰ الخَيْـٰرِ كَفَاعِلِه.
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
جَمَعُوا فَمَا أَكَلُوا الَّذِي جَمَعُوا
وَبَنَوْا مَسَاكِنَهُمْ وَمَا سَكَنُوا
فَكَأَنَّهُمْ كَانُوا بِهَا ظَعْنًا
لَمَّا اسْتَرَاحُوا سَاعَةً ظَعَنُوا
ولذلك كان الرسولُ - صلَّى الله عليه وسلم - أرْحَم الناسِ بالأَمْوات، يقول عوف بن مالك: صلَّى بنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - على جنازة رجل من الأنصار، يقول: فتخطيت الصفوف، حتى اقتربت منه فسمعته يبكي، ويقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسِّع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، يقول عوف: والذي لا إله إلا هو، لوددتُ أني أنا الميت من حُسن دعائه له.
ومِن رحمته بالأموات - صلَّى الله عليه وسلم - أنه كان يذهب بالليل ليقف على مقبرة البقيع، فيدعو لهم طويلاً، ويترحَّم عليهم طويلاً - صلوات الله وسلامه عليه - فما أرسله الله إلا رحمةً للعالَمين.
وأصحابه كذلك، ابن عمر كان إذا قرأ قوله تعالى: ﴿ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ ﴾ [سبأ: 54]، بكى وأبكى ودعا للأموات، وقال: اللهم لا تحل بيني وبين ما أشتهي، قالوا: ما تشتهي؟ قال: أن أقول: لا إله إلا الله، فلا إله إلا الله، ما من ميت إلا ويودُّ أن يسجل في صحيفته لا إله إلا الله، ولكن هيهات! حيل بينهم وبينها، وبقي الجزاء والحساب.
فرحم الله امرأً قدَّم منَ الصالحات لتلك الحُفر، ورحم الله امرأً حاسَبَ نفسَه قبل ذلك اللحد الذي لا أنيس فيه، ولا صاحب إلا العمل، وكفى بالموت واعظًا.
تَجَهَّزِي بَجَهَازٍ تَبْلُغِينَ بِهِ ♦♦♦ يَا نَفْسُ قَبْلَ الرَّدَى لَمْ تُخْلَقِي عَبَثًا
كفى بالموت واعظًا، لمن كان له قلب أو ألقى السَّمع.
يَمُرُّ عمرو بن العاص - رضي الله عنه - بالمقبرة فيبكي ثم يرجع، فيتوضأ ثم يصلي ركعتين، فيقول أصحابه: لمَ فعلت ذلك؟ قال: تذكَّرتُ قول الله: ﴿ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ ﴾ [سبأ: 54]، وأنا أشتهي الصلاة قبل أن يُحَالَ بيني وبينها.
عمرو الذي حضرته الوفاة فبكى، فقال ابنه: يا أبتاه صف لنا الموت، قال يا بني: الموت أعظم من أن يوصف، لكأن على كتفي جبل رضوى، وكأن في جوفي شوكة عوسج، وكأن روحي تخرج من ثقب إبرة، وكأن السماء أطبقت على الأرض وأنا بينهما.
ثم حوَّل وجهه إلى الحائط ليبكي بكاءً مرًّا مريرًا، فيقول ابنه محسنًا ظنه: أنت من أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أما فتحت مصر؟! أما جاهدتَ في سبيل الله؟! فيقول: يا بني، لقد عشتُ مراحل ثلاثًا، لقد كنت أحرص الناس على قتْل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فيا ويلتاه لو مت في ذلك الوقت! ثم هداني الله فكان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أحب الناس إليّ، والله ما كنت أستطيع أملأ عينيّ من وجهه حياءً منه، والله لو سألتموني أن أصفه الآن ما استطعتُ، والله ما كنتُ أملأ عينيّ منه إجلالاً له، فيا ليتني مت في ذلك الوقت؛ لأنال دعاء النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وصلاته عليّ.
يقول: ثم تخلَّفْتُ بعد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فلعبتْ بنا الدُّنيا ظهرًا لبطن، فما أدري أيُؤْمَر بي إلى الجنة أو إلى النار؟ لكن عندي كلمة أحاج لنفسي بها عند الله هي: لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله، ثم قبض على لا إله إلا الله؛ ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إبراهيم: 27].
كفى بالموت واعظًا، يقول ابن عوف: خرجتُ مع عُمَر - رضي الله عنه - إلى المقبرة، فلما وقفنا عليها ارتعد واختلس يده من يدي، ثم وضع نفسه على الأرض، وبكى بكاءً طويلاً، فقلت: ما بك؟ قال: يا ابن عوف ثكلتك أمك، أنسيت هذه الحفرة؟! حاله يقول: لمثل هذا فأعدَّ.
شُد حيازيمك للموت فإنَّ الموت لاقيك، لئلا تجزع للموت إذا حل بواديك
كفى بالموت واعظًا.
تحل السكرات بمحمد بن أسلم، فيقول لخادمه، وقد أصابته رعدة، يقول: ما لي وللناس، والذي لا إله إلا هو، لو استطعتُ أن أتطوع لله وحدي حيث لا يراني ملكاي لفعلتُ، خوفًا من الرياء، ولكن لا أستطيع، كان يدخل بيته ومعه كوز ماء، ويغلق بابه فيقرأ القرآن ويبكي وينشج، فيسمعه ابن له صغير، فيقلده في البكاء، فإذا خرج من بيته غسل وجهه، واكتحل لئلا يُرى أثر البكاء عليه، يقول خادمه: دخلت عليه قبل موته بأربعة أيام فقال: يا أبا عبدالله، أبشرْ فقد نزل بي الموت، وقد منَّ الله علي أن ليس عندي درهمٌ يحاسبني الله عليه، فقد علم ضعفي، فإني والله لا أطيق الحساب، فلم يدع عندي شيء يحاسبني الله عليه، فله الحمد، ثم قال لخادمه: أغلق علي الباب، ولا تأذن لأحد علي حتى أموت، واعلم أنِّي أخرج من الدنيا ليس عندي ميراث غير كسائي وإنائي الذي أتوَضَّأ فيه، ثم لفظ روحه في اليوم الرابع، ليلقى الله ليس معه من الدنيا شيء - فرحمه الله رحمةً واسعة.
🕌مُنْتَـدَىٰ.الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ.cc
📩 @Montda_alkotba
─────────────
خطبـــــــة.بعنـــــــوان.cc.
_^((#كفى_بالموت_واعظا ))^_
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
الخُطْبَــــةُ.الْأُولَـــــــــى.cc
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70 - 71].
أما بعدُ:
اتقوا الله - عباد الله - واتَّقوا يومًا تُرجَعون فيه إلى الله، يوم يُنفَخُ في الصور، ويُبعَثُ مَن في القُبُور، ويظهرُ المستور، يوم تُبلى السرائر، وتُكشَف الضمائر، ويَتَمَيَّز البَرُّ منَ الفاجر.
ثم اعلموا أنَّ هناك حقيقةً - وأي حقيقة؟! - حقيقةٌ طالما غَفَل عنها الإنسان، ولحظةٌ حاسمةٌ، ومصيرٌ ومآل.
إنها لَحْظَة لا بدَّ أنْ تلاقيكم، إلى أين مِن هذه اللَّحظة المَهربُ؟ وإلى أين منها المَفرُّ؟ إلى الأمام تلاقيكم، إلى اليمين تلاقيكم، والشمال تلاقيكم، إلى أعلى إلى أسفل تلاقيكم، إلى الوراء تلاقيكم، لا تمنع منه جنود، ولا يُتَحَصَّن منه في حصون، مُدرككم أينما كنتم، إنه واعظ لا ينطق، واعظ صامت يأخذ الغنيَّ والفقير، والصحيح والسقيم، والشريف والوضيع، والمُقِرَّ والجاحد، والزاهد والعابد، والصغير والكبير، والذكر والأنثى.
كلُّ نفْس ستذوقُه شاءتْ أم أبَتْ، لعلَّكم عرفتموه، لا أظن أحداً يجهله، أمَّا حقيقته فالكلُّ يجهلها، إنه الموت؛ قال تعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185].
الموت، ما الموت؟ أمرٌ كُبَّار، وكاس يُدار، فيمَن أقام وسار، يخرج بصاحبه إلى الجنةِ أو إلى النار، ما زال لأهل اللذات مكدرًا، ولأصحاب العقول مغيِّرًا ومُحيِّرًا، ولأرباب القلوب عن الرغبةِ فيما سوى الله زاجرًا، كيف ووراءه قبرٌ وحساب، وسؤال وجواب، ومِن بعده يومٌ تُدهش فيه الألباب، فيُعدم فيه الجواب.
السَكَرات، ما أدراكم ما السكرات؟ عانَى منها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فكان يقول: ((لا إله إلا الله، إنَّ للموت لسَكرات، اللهم هوِّن علينا سكرات الموت))، سكرات وأي سكرات؟ يقول العلماء: كل سكرة منها أشد من ألف ضربة بالسيف.
ملَك الموت، ما ملك الموت؟ الدنيا بين يديه كالمائدة بين يدي الرجل، يَمُد يده إلى ما شاء منها بأمر الله فيأكله، وإن له لأعوانًا ما يعلم عددهم إلا الله، ليس منهم ملَكٌ إلا لو أذن اللهُ له أن يَلْتَقِمَ السماواتِ السبعَ والأرضين في لقمةٍ واحدة لفعل، فلا إله إلا الله من لحظة حاسمة لو لَم تُعتَقل الألسنة، وتُخدَّر الأجسام وقت الاحتضار، لما مات أحدٌ إلا في شَعَف الجبال أَلَمًا، ولصاح الميت من شدة ما يُعاني حتى تَندكَّ عليه جدران الغرفة التي هو فيها، ولما استطاع أن يحضر ميتًا أحدٌ، فنسأل الله العافية والسلامة، وأن يُهوِّن علينا السكرات.
رُوي عن الحسن أنه قال: رُؤي أحد الصالحين بعد موته، فقيل له: كيف وجدتَ طعم الموت؟ قال: أوّاه أوّاه، وجدته والله شديدًا، والذي لا إله إلا هو لهو أشد من الطبخ في القدور، والقطع بالمناشير، أقبل ملك الموت نَحْوي حتى استلَّ الروح من كلِّ عضوٍ منِّي، فلو أني طُبختُ في القدور سبعين مرة لكان أهون عليَّ.
كفى بالموت طامَّة، وما بعد الموت أطمّ وأعظم، ويُرى آخَر في المنام، فيقال له: كيف وجدت نفسك ساعة الاحتضار؟ قال: كعصفور في مقلاةٍ، لا يموت فيستريح، ولا ينجو فيطير.
فالله المستعان على تلك اللحظات، واللهم هوِّن علينا السكرات، واجعلها لنا كفَّارات، وآخِر المعاناة، وهي كذلك - بإذن الله - للمؤمنين والمؤمنات، ولغَيْرِهم بداية المُعَانَاة.
عباد الله:
وفي تلك اللحظات الحرِجة ينقسم الناس إلى فريقَيْن: شقي وسعيد، فريق السعداء: ﴿ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي
فيا عباد الله، استعدوا للممات قبل نزوله، وتهيَّأوا للعرض الأكبر قبل حلوله، واعلموا أن الدنيا فانية، والآخرة هي الباقية، فلا تعمروا الفاني بتخريب الباقي، واعلموا أن أي عمل تعملونه عليه جزاء تَلْقَونه، وإذا أردتم الشرف الباذخ فكونوا من قائمي الليل، وإذا أردتم العزة القعساء، فاستغنوا عن الأحياء، واستعينوا بربِّ الأرضِ والسماء.
نسأل الله أن يرزقنا العمل بهذه الجمل، قبل نزول الحق بالأجل، هذا وصلُّوا وسلِّمُوا على النبي المختار.
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
📲 قَنـاةُ【️مُنْتَـدَىٰ الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ】مِـنْ هُنـ↶ـا:
T.me/Montda_alkotba
*🌐مَجْمُوعَاتِنَا عَلىٰ الْوَاتسَ اَبِ هُنـ↶ـا:*
َhttps://chat.whatsapp.com/HxX6V7VfBNXDu44rAR4kCI
📩▎ أنْشُـرُوٰهَا واحْتَسِبُـوٰا الأَجْـرَ بِإِذْنِ اللَّهِ فَالـدَّالُ عَلَىٰ الخَيْـٰرِ كَفَاعِلِه.
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
فعِشْ ما شئتَ في الدُّنيا وأدرِكْ
بها ما شئتَ من صِيتٍ وفوتِ
فحبلُ العيشِ موصولٌ بقطعٍ
وخيطُ العمْرِ معقودٌ بموتِ
ولكن هل فكرت فيما بعد الموت؟ ماذا سيكون عند لقاء الله؟ أليس هناك حساب، ينتج عنه ثواب أو عقاب، ينتج عنهما جنة أو نار، تحاسب في ذلك اليوم على القليل والكثير، والصغير والكبير.
فالحياة الحقيقية إذن هي ما بعد الموت لا ما قبله، ولو كان الموت ينقل الإنسان إلى سكون لا حركة بعده؛ لكان في الموت راحة.
وَلَوْ أنَّا إذَا مُتْنَا تُرِكْنَا
لَكَانَ الْمَوْتُ رَاحَةَ كُلِّ حَيِّ
وَلَكِنَّا إذَا مُتْنَا بُعِثْنَا
وَنُسْألُ بَعْدَ ذَا عَنْ كُلِّ شَيِّ
يا ابن آدم، إذا علمت هذه الحقيقة، وانكشف عن عينيك غبار جهلها، وضباب الغفلة عنها، فاستعد بالعمل الصالح الذي ينجيك بين يدي خالقك، ورُدَّ المظالم إلى أهلها، واستعفِ ممن أسأتَ إليه قبل أن يلقاك كلُّ هؤلاء بمظالمهم ولن تقدر على إيفاء حقوقهم إلا من حسناتك، أو حمل سيئاتهم على ظهرك.
وكأني بالموت وقد حلَّ بك نازلًا، وأتاك مفاجئًا، وأنت لا تملك تأخيره ولا تأجيله، ولا تستطيع دفعه وتحويله، فيستولي عليك الخوف من كل جانب، وتستنجد بالأهل والأقارب، فلا يملكون لك نفعًا، ولا يستطيعون لما هجم عليك دفعًا.
أليس من الخير لك أن تكون على استعداد بصالح زاد يجعلك تفرح بالموت إذا نزل، ولا تحزن على العمر إذا ولَّى وأفل، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30 - 32].
أيها الإخوة الكرام، ثم يقول جبريل: ((وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ))، سبحان الله! لو عقل الناس هذه الحقيقة المنيرة، فهل سيبقون في ظلام الغفلة سادرين، وهل سيظلون في تيهاء الذنوب مُصرِّين، ويمسون بين دياجي الخطايا غير تائبين؟ أما إنهم لو وعوها لانتفعوا بها، فكانت لهم قائدًا إلى إصلاح العمل، والتوبة من كل زلَلٍ.
فيا أيها الإنسان، اعمل ما تريد كما تريد فقد أعطاك الله الاختيار بعد أن بيَّن لك طريق الجنة وطريق النار، فاختر لنفسك؛ ولكن تذكر جيدًا أن ما عملته سيُسجَّل لك أو عليك، وستُحاسب عليه إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشرٌّ، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [الإنسان: 3]، وقال: ﴿ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [فصلت: 40].
وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((ما منكم مِن أحدٍ إلا سيُكلِّمُه الله، ليس بينه وبينه تَرْجُمان، فينظر أيمنَ منه، فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظر أشْأَم منه، فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظر بين يديه، فلا يرى إلا النارَ تِلقاءَ وجهِه، فاتقوا النار ولو بشِقِّ تمرة))[2].
أيها الفضلاء، ثم يقول جبريل عليه السلام: ((وَأحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ))، هذا طبع هذه الحياة القصيرة: لا يدوم لها حال، إلا وآذنه الزوال، ولا يستقر شيء فيها إلا فاجأه الانتقال، فأحبِبْ مَن شئتَ من قريبٍ أو بعيدٍ، من أبٍ أو أمٍّ أو زوجة أو أولاد أو أسرة، أو أصدقاء وزملاء وجيران؛ ولكن لا يغِبْ عن بالك أنك لن تبقى لهم أو يبقون لك على الدوام، فالفِراق على الباب ينتظر، ولقطع العلاقة قد تهيَّأ.
هُوَ البَيْنُ حَتَّى مَا تَأنَّى الحَزَائِقُ
وَيَا قَلْبُ حَتَّى أنْتَ مِمَّنْ أُفَارِقُ
على ذا مضى النَّاسُ: اجتماعٌ وفُرْقَةٌ
وميْتٌ ومولودٌ وقالٍ ووامِقُ
فهذه الحياة- معشر العقلاء- شمسٌ لا بد لها أن تغيب، وحبل متصل لا بد أن ينفصل، وسفر طويل لا بد لأهله من عودة، فالسعيد فيه من عمل لما بعده قبل حضوره، ووطَّن نفسه للرحيل إليه قبل لقائه، وعَدَّ نفسَه مسافرًا إلى وطن ينتظره، إن أحسن انتقاء المتاع الذي يفيده في داره المنتظرة فنعم النزول سينزل فيه، وإن أساء فبئس ما سيلقاه في ذلك المنزل الخالد.
عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْكِبِي، فَقَالَ: ((كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأنَّكَ غَرِيبٌ أوْ عَابِرُ سَبِيلٍ)) وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، يَقُولُ: «إِذَا أمْسَيْتَ فَلا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أصْبَحْتَ فَلا تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ» [3].
جعلنا الله وإياكم ممن استعدَّ بصالح الزاد، ونجَّاه الله به يوم المعاد، أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.