↩️قَناةٌ لِنَشرِ الخُطَبِ وَالمُحَاضَراتِ المَكتُوبَة📑 لِمُسَاعَدَةِ فُرسَانَ الخِطَابَة،🎤 وَرُوَادِ المَنَابِر، وآسَادِ الكَلِمَه، 🕌 وَتُعْتَبَرُمَكْتَبَةٌ📚 شَامِلَةٌ، وَمَرْجَعٌ مُهِمْ لِكُلِ خَطِيٓبٍ وَدَاعيَة.🌹 لِتَوَاصُل| @Montda_alkotba_bot ➪
وَمَنِ أخْطَرِ الْمَهَالِكِ، الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى الِإنْحِرَافِ وَالِإنْتِكَاسِ ذُنُوبُ الْخَلَوَاتِ ، ذُنُوبُ الْخَلَوَاتِ وَمَا أدِّرَاكُ مَا ذُنُوبُ الْخَلَوَاتِ!!؟ إنْهَا آفَّاتٌ، وَمُهْلِكَاتٌ، وَمُدَمَّرَاتٌ، وَانْتِكَاسَاتٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "أجْمَعْ الْعَارِفُونَ بِاَللَّهِ ، أجْمَعْ الْعَارِفُونَ بِاَللَّهِ، أنْ ذُنُوبُ الْخَلَوَاتِ: هِيَ أصْلُ الِإنْتِكَاسَاتِ." ذُنُوبُ الْخَلَوَاتِ أصْلُ الِإنْتِكَاسَاتِ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « وَإنَّ الرَّجُلُ لِيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ الْجَنَّةِ ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلَا ذِرَاعٌ ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ ، فَيَعْمَلُ بعَمَلَ أهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا. »مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
يَا اللَّهُ ! رَجُلٌ مِنْ أوْلِ عُمْرِهِ، إِلَى آخْرِ حَيَاتِهِ ، وَهُوَ يُكَابِدُ النَّهَارَ بِالصِّيَامِ ، وَاللَّيْلُ بِالْقِيَامِ ، وَهُوَ يُكَابِدُ نَفْسَهُ بِالطَّاعَاتِ وَالنَّوَافِلِ ، ثُمَّ يُختم لَهُ آخْرَ عُمْرِهُ، بِالِإنْحِرَافِ وَالِإنْتِكَاسَاتِ.
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "وَخَاتِمَةُ السُّوءِ تَكُونُ بِسَبَبِ دَسِيسَةٍ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا النَّاسُ."
أيَهَا الْمُؤْمِنُونَ : أيُّهَا الِأخْيَارُ وَالصَّالِحُونَ: مَا أقْبَحَ التَّظَاهُرَ بِالصلاحِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَالْخَلْوَةِ بِالْمُنْكَرَاتِ وَالْفَسَادِ ، وَيَا خَسَارَةُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ يَوْمَ الْمِعَادِ!
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « لأعلَمنَّ أقْوَامًا مِنْ أمَّتِي، يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتِ أمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بَيْضَاءَ ، فيجعلُها اللَّهُ هَبَاءٌ مَنْثُورًا ، فَقَالَ ثَوْبَانِ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ صَفْهُمْ لَنَا جَلِّهم لَنَا ، لَعَلَّنَا نَكُونُ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْرِفُ ! فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أما إنْهُمْ إخْوَانُكُمْ ، وَمِنْ جَلَدَتِكُمْ ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ ، ولَكِنَّهم أقوامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا. » رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الْألْبَانِيُّ.
مَا أهْمَ وَأعْظُمْ ؟! أنْ نَقِفُ وَنَتَأَمَّلُ هَذَا الْحَدِيثَ ، الَّذِي تَتَفَطَّرُ مِنْهُ الْقُلُوبُ ، وَتَنْخَلِعُ مِنْهُ الْأفْئِدَةُ، وَتَنْخَرِقُ مِنْ سَمَاعِهِ الَأذَانَ ، يَصِفُ بهِ النَبِيٌّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَوْمًا يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَقَدْ فَرِحُوا بِمَا جَمَعُوا مِنَ الْحَسَنَاتِ ، وَمَا قَدَّمُوهُ مِنَ الصَّالِحَاتِ ، وَقَدْ وَثِقُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْقُرُبَاتِ ، وَبِمَا قَدَّمُوهُ مِنَ الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ ، وَلَكِنَّهُمْ نَسُوا ذُنُوبَ الخلوات ! وَمَا عَمِلَه أحْدُهُمْ خَلْفَ السُّتُورِ وَالظُّلُمَاتِ ! وَشَاهِدَهُ عَبْرَ الشَّبَكَاتِ وَالْجَوَّالَاتِ ! فِي مَوَاقِعِ الْجِنْسِ وَالدِّعَارَاتِ ! وَالنَّظَرِ إِلَى الْكَاسِيَّاتِ الْعَارِيَاتِ الْمَائِلَاتِ الْمُمِيلَاتِ ! نَسُوا أنْهُ سُبْحَانَهُ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الَأعِينِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورَ ! نَسُوا أنْهُ سُبْحَانَهُ ! ( يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِنْ ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [المجادلة: 7]
وَهُوَ سُبْحَانَهُ ! (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِسَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ) [الرعد: 9]
الْخَلْوَةِ رَفَعَ اللَّهُ بِهَا كُلٌّ مِنَ الِأنَامِ ، وسقط بِهَا أقْوَامَ، مِنْ نَظَرِ الْمَلِكِ الْعَلَّامِ ،
قَالَ اللَّهُ: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ ۚ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) [الجاثية: 21]
وَقَالَ : (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا) [النساء: 108]
وَقَالَ: (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ ۚ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) [الزخرف: 80]
🕌مُنْتَـدَىٰ.الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ.cc
📩 @Montda_alkotba
─────────────
خطبـــــــة.بعنـــــــوان.cc.
_^((#ذنوب_الخلوات_أصل_الإنتكاسات ))^_
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
الخُطْبَــــةُ.الْأُولَـــــــــى.cc
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَظِيمِ الشَّأْنِ ، وَاسِعُ السُّلْطَانِ ، مُدَبِرُ الْأكوَانِ فِي مِلْكِهِ تسَبِّحُ الِأفلَاك ، وَحَوْلَ عَرْشِهِ تُسَبَحُ الِأمْلَاكُ ، وَإنَ مِنْ شَيْءٍ إلَا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ، لِوَجْهِهِ سُبُحَاتِ الْجَلَالِ وَالْكَمَالِ ، وَهُوَ الْجَمِيلُ الَّذِي لَهُ كُلُّ الْجَمَالِ ، وَاَللَّهِ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مَحَابِرَ ، وَالسَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالَآرِضُونَ دَفَاتِرَ ، فَلَنْ تَفِيَ فِي تَدْوِينِ فَضلِهِ وَإحِسَانِهِ ، وَلَنْ تَبْلُغَ فِي بَيَانِ عَظَمَتِة وَكَمَالِهِ ، اللَّهُ كَرِيمُ الِإسمِ، عَلَيُ الوصف ، سَبِّحَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَالَأرْضُ وَالطَّيْرُ قَابِضَاتٌ وَصَف ، يَثْبُتُ أوْلِيَاءَهُ عِنْدَ الْفِتَنِ الْعَوَاصِفَ ، وَيَعْصِمُهُمْ مِنْ الْمِحَنِ الْقَوَاصِف ، لَهُ الِأسْمَاءُ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتُ الْعُلَى ، فَلَا يُحِيطُ بِهِ وَصْفُ واصف ، وَأشْهَدْ أنْ لَا إلْهُ إلَا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، أعْظُمْ كَلِمَةً نَطَقَتْ بِهَا الشِفَاهُ ، وَأعْظُمْ جُمْلَةً تَفَوَّهَتْ بِهَا الَأفْوَاهُ ، وَأشْهَدِ أنْ مُحَمَّدًا عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ ، الْعَارِفُ بِاللَّهِ حَقًّا ، والمُتَوَكِّلٌ عَلَيْهِ صِدْقًا ، وَالْمُتَذَلِّلُ لِرَبِّهِ رِفقًّا وَتَعَبُّدًا ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلْهِ الِأطِّهَارُ ، وَصَحَابَتُهُ الِأخْيَارُ ، مَا تَكَرَّرَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أيَهَا الْمُسْلِمُونَ عِبَادٌ الله : اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ التَّقْوَى وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى ، وَاسْتَمْسَكُوا مِنْ الِإسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ، *﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:١٠٢].* مَنْ اتَّقَى اللَّهَ وَقَاهُ وَكَفَاهُ وَأغْنَاهُ ، وَمَنْ خَانَهُ هَتَكَ سَتْرَهُ وَابْتَلَاهُ.
أيَهَا الْمُسْلِمُونَ عِبَادُ اللَّهِ : فِي مَسِيرِ الِإنْسَانِ إِلَى رَبِّهِ ، فِتَنٌ وَإبْتِلَاءَاتٌ ، وَمَزَالِقُ وَانْحِرَافَاتٌ ، وَشِبْهُ وشهَوَات ، وَدُرُوبُ خطَافَاتٍ، كَمَا قَالَ رَبُّ الْأرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ : *(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [الملك: 2]*
وَقَالَ: *(وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) [الأنبياء: 35]*
وَلَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ فِي جِهَادٍ مَعَ نَفْسِهِ مَادَامَت رُوحُهُ بَيْنَ جَنْبَيْهِ ،
وَإنَ مِنْ الْغُرُورِ وَالْخِذْلَانِ، أنْ يَأْمَنُ الِإنْسَانُ مِنْ الشَّيْطَانِ ، وَأنْ يُزَكِّي نَفْسَهُ بِضمَانِ الثَّبَاتِ عَلَى الِإيْمَانِ ، وَإنْمَا الثَّبَاتُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ، يَمُنُّ بِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ الِإنْسِ وَالْجَانِّ ، *(يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) [ابراهيم: 27]*
وَقَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ : مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- *(وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا) [الإسراء: 74]*
وَدَعَا إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: ( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ) [ابراهيم: 35]
وَدَعَا يُوسُفُ رَبَّهُ أن يَصْرِفُ عَنْهُ كَيَدِ النِّسْوَةِ : (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ) [يوسف: 33].
وَعَنْ أنْسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- « يُكْثِرُ أنْ يَقُولُ: ( يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ) قَالَ أنْسَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ ! آمنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ وَاتَّبَعْنَاكَ، أتَخَافُ عَلَيْنَا ؟ ! قَالَ: نَعَمْ يَا أنْسُ ، نَعَمْ يَا أنْسُ ! إنْ الْقُلُوبُ بَيْنَ أُصْبَعَيْنِ مِنْ أصَابِعِ الرَّحْمَنِ ، يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ.
»رَوَاهُ أحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الْألْبَانِيُّ.
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: « إنْ الرَّجُلُ لِيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ، بِعَمَلِ أهْلِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُخْتِمُ لَهُ عَمَلُهُ بِعَمَلِ أهْلِ النَّارِ.» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
أنهى القائد أموره وإصلاحاته في دمشق، وعاد أدراجه قافلاً إلى القاهرة، ليلقى منيته هناك؛ ﴿ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ﴾ [الرعد: 38]، وآن أوان كتاب ذلك البطل، الذي طالما شمَّ رائحة الجنة وهو في المعركة، وطلبها، لكنه لم ينلها، وحانت ساعة الصفر، فقُتل ذلك البطل بخديعة ومكيدة دبِّرت له؛ ليطوي برحيله صفحةً من صفحات الزمان المشرقة، وحاله تنشد وتقول: غدًا ألقى الأحبة، محمدًا وحزبه.
قتل غدرًا، فخسر روحه؛ لكنه ربح الدنيا والآخرة، وكانت وفاته في منتصف ذي القعدة، فكانت مدة جلوسه سنة إلا قليلاً. إخوتي في الله:
ما ذكرته هو غيض من فيض من سيرة أولئك الشجعان.
إخوتي:
ارجعوا إلى التاريخ فاقرؤوه؛ لتستفيدوا منه، التاريخ يكرر نفسه، إنها سنن الله في أرضه، سنن ثابتة لا تتغير.
اقرؤوا وسترون العجب، هل تعلمون أنه - ولأول مرة في تاريخ الحروب - يدخل المنتصر في دين المهزوم؟ نعم هذا ما حصل، فبعد معركة عين جالوت، دخل عدد كبير من التتار في دين الإسلام، وكان أول ملوك التتار دخولاً في الإسلام هو بركة خان، وكان معاصرًا لبيبرس، وكان ملكًا على بلاد الروس وبعض أواسط آسيا، وانتشر الإسلام بين قادته وجنده، ودخل أحد أبناء هولاكو في الإسلام، وذلك عندما خالطوا المسلمين، فرأوا منهم كل خير.
معركة عين جالوت مضت وانتهت، لكن فوائدها ودروسها لم تنتهِ.
اللهم أكرمنا بعين جالوت أخرى في القريب العاجل.
لاَهُمَّ قَدْ أَصْبَحَتْ أَهْوَاؤُنَا شِيَعًا
فَامْنُنْ عَلَيْنَا بِرَاعٍ أَنْتَ تَرْضَاهُ
رَاعٍ يُعِيدُ إِلَى الإِسْلاَمِ سِيرَتَهُ
يَرْعَى بَنِيهِ وَعَيْنُ اللَّهِ تَرْعَاهُ
الدعاء.......
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
📲 قَنـاةُ【️مُنْتَـدَىٰ الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ】مِـنْ هُنـ↶ـا:
T.me/Montda_alkotba
*🌐مَجْمُوعَاتِنَا عَلىٰ الْوَاتسَ اَبِ هُنـ↶ـا:*
َhttps://chat.whatsapp.com/HxX6V7VfBNXDu44rAR4kCI
📩▎ أنْشُـرُوٰهَا واحْتَسِبُـوٰا الأَجْـرَ بِإِذْنِ اللَّهِ فَالـدَّالُ عَلَىٰ الخَيْـٰرِ كَفَاعِلِه.
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
📲 قَنـاةُ【️مُنْتَـدَىٰ الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ】مِـنْ هُنـ↶ـا:
T.me/Montda_alkotba
*🌐مَجْمُوعَاتِنَا عَلىٰ الْوَاتسَ اَبِ هُنـ↶ـا:*
َhttps://chat.whatsapp.com/HxX6V7VfBNXDu44rAR4kCI
📩▎ أنْشُـرُوٰهَا واحْتَسِبُـوٰا الأَجْـرَ بِإِذْنِ اللَّهِ فَالـدَّالُ عَلَىٰ الخَيْـٰرِ كَفَاعِلِه.
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
قُتِلَ الكاملُ الأيوبي أميرُ ميافارقين في ديار بكر شرَّ قِتْلة؛ إذ كان المغول يقطعون لحمه قطعًا، ويدفعون بها إلى فمه حتى مات، ثم قطعوا رأسه، وحملوه على رمح، وطافوا به في بلاد الشام.
ووضع الملك الصالح أمير الموصل في دهن ولباد، وأُلْقِي في الشمس حتى تحوَّلَ الدهن إلى ديدان، فشرعتِ الديدان تأكُل جسده، حتى مات على تلك الصورة البشعة، أما ابنه الذي كان طِفْلاً في الثالثة من عمره، فلمْ يسْلم من أذاهم؛ بل أُخِذَ إلى شاطئ دجلة وعلى مرأى الناس جميعاً شقوه إلى نصفين.
ابن الأثير المتوفَّى عام 630 هـ، وهو يستعرض وقائع عام 617 هـ، ويسطر بدايات خُرُوج المغول على بلاد الإسلام، يتحَدَّث عن الهَوْل الذي أَلَمَّ بمعالِم الإسلام، وقد كان في مطالعه، يقول ابن الأثير: "لقد بقيت عدة سنين مُعْرِضًا عن ذِكْر هذه الحادثة؛ استعظامًا لها، كارهًا لِذِكْرِها، فأنا أقدِّم إليه رِجْلاً وأؤخر أخرى، فمَنِ الذي يسهل عليه أن يكتبَ نعي الإسلام والمسلمين؟! ومَن الذي يهون عليه ذِكْر ذلك؟! فيا ليتَ أمي لم تلدني، ويا ليتني متُّ قبل حدوثها، وكنتُ نسيًا منسيًّا".
ثم يقول: "إنهم لم يبقوا على أحد، بل قتلوا الرجال والنساء والأطفال، وشقوا بطون الحوامل، وقتلوا الأجنة، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".
كان الهجوم المغولي السريع الكاسح قد منح هؤلاء المغيرين سلاحًا نفسيًّا خطيرًا، هو الرُّعْب الذي كان ينقضُّ على خُصُومهم منَ الداخل، فيهزمهم قبل أن تلمعَ السيوف أمام عيونهم.
يقول ابن الأثير: "لقد حُكي لي حكايات يكاد سامعها يُكذّب بها من الخوف الذي ألقى الله - سبحانه وتعالى- في قلوب الناس منهم، حتى قيل: إن الرجل الواحد منهم كان يدخل القرية أو الدرب، وبه جمع كثير من الناس، فلا يزال يقتلهم واحدًا بعد واحدٍ، لا يتجاسر أحد أن يمد يده إلى ذلك الفارس، ولقد بلغني أن إنسانًا منهم أخذ رجلاً، ولم يكن مع التتري ما يقتله به، فقال له: ضع رأسك على الأرض ولا تبرح، فوضع رأسه على الأرض، ومضى التتري فأحضر سيفًا وقتله به".
ما ذكرته غيض من فيض، من ظلم وجور المغول، ومع كل هذا خرج بطلنا بنفسه ليقاتله، وليكسر شوكته، واثقًا من نصر الله (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ)[محمد: 7]؛ صدق الله فصدقه الله.
أما ما حدث في ساحة الوغى فبطولات تشرف سامعها، فضلاً عن فاعلها، ولها لقاء آخر إن كتب الله لنا البقاء:
أُولَئِكَ آبَائِي فَجِئْنِي بِمِثْلِهِمْ *** إِذَا جَمَّعَتْنَا يَا جَرِيرُ المَجَامِعُ
وَكَأَنِّي بالحاضر يجيب: هَيْهَات أَنْ يَأتِي الزَّمَانُ بِمِثْلِهِمْ.
أقول هذا القول وأستغفر الله.
الخُطْبَــــةُ.الثَّـــــــــانِيَةُ.cc
الحمد لله الذي أعزَّنا بالإسلام، وأكرمنا بالإيمان، ومنَّ علينا بأن جعلنا مِن أمَّة خير الأنام، سيدنا محمد - عليه أفضل الصلاة والسلام.
أما بعدُ :
فـ ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾ [محمد: 7].
إن تنصروا الله على شهواتكم، ينصركم على أعدائكم، بهذا الاعتقاد سار البطل، وبهذه الروح سلَّح جندَه، ولإعلاء كلمة الله تحرَّك، تحرك بطلُنا المغوار؛ ليردَّ شرَّ وكيد التتار، عن المسلمين الأخيار، وهو يعلم أنه إن لم يفعل، فمصيره إلى النار، سار والأملُ بالنصر يحدوه، والشوقُ للقاء ربه يسيِّره. انطلقَتِ القوات الإسلامية من أرض الكنانة، من معسكر الصالحية في القاهرة، بقيادة سيف الدين قطز، وهم بشوق لذلك اللقاء، لقد أقسموا أن يرى اللهُ منهم خيرًا، وها هم ماضون ليبرُّوا بقَسَمهم، اجتازوا سيناء باتجاه غزة، سالكين الطريق المحاذي للبحر، ودخلوا غزة، آه على غزة! لك الله يا غزة؛ ﴿ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ﴾ [البقرة: 214].
يا أهل غزة، إن نصر الله قريب، فأنتم قد صبرتم، وحاشا أن يتخلى الله عنكم، أما المتخاذلون، فالويل ثم الويل لهم. وصل الجيش غزة، ولم يكن فيها إلا فرقة صغيرة من جيش التتار بقيادة بيدر، الذي ما أن سمع بجيش المسلمين، حتى أرسل يطلب العون والمدد من قائد الجيش كتبغا، الذي رد على الرسالة بأنه سيرسل المدد لهم، وكان من المقرر أن يذهب كتبغا بنفسه لمساندة بيدر؛ لكن أحداث شغب حصلت في دمشق حالتْ بينه وبين ذهابه. وفي هذه الأثناء، كان قطز يواصل السير على الساحل الفلسطيني، ثم انعطف إلى الداخل، ومضى شمالاً؛ لتهديد مواصلات كتبغا إذا حدث وتقدَّم إلى فلسطين. والتقى الجيشان في غزة، وكانت معركة خاطفة، سقط فيها التتار سراعًا، وكان هذا أول انكسار لهم، وأراد قطز أن يبدأ بهذا العدد القليل من الجيش؛ ليرفع من معنويات جيشه، وليثبط من معنويات جيش التتار، الذي هُزم على يد الخوارزميين في غير موقعة - كما أشرنا في الحلقة الأولى - كما هزمهم صاحب ميافارقين أيضًا؛ ولكنهم قد صاروا أسطورة. ووصل القائد قطز في اليوم الرابع والعشرين من شهر رمضان، إلى منطقة عين جالوت، فاختارها مكانًا للنزال، وساحة للوغى.
🕌مُنْتَـدَىٰ.الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ.cc
📩 @Montda_alkotba
─────────────
خطبـــــــة.بعنـــــــوان.cc.
_^((#من_ذكريات_شهر_ذي_القعدة
#نظرات_في_سيرة_القائد_المظفر_قطز ))^_
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
الْخُطْبَةَ الْأُولَىٰ:
إنَّ الحمدُ للهِ، نَحْمَدُهُ ونستعينُهُ ونستغفِرُهُ ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا ، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ،
وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ ،
وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ ، وَخَلِيلُهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا .
أمَّا بَعْــــــدُ :
فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حقَّ التَّقْوَى ؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى ، وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .
أمَّا بَعْــــــدُ :
: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ)[يوسف:111]، إن التاريخ الإسلامي لِيَتِيهَ دلالاً وفخرًا على تواريخ العالم، يتيه دلالاً برجال هم بحق رجالٌ، برجال مضوا ولكن سيرتهم لم تمضِ، مضوا لكن أخبار شجاعتهم وإقدامهم ورجولتهم لم تُنْسَ، كيف تُنْسَى والتاريخُ قد سجلها في سجل محفوظ؟! وضعه في قلبِه خوفًا على أولئك الأبْطال.
والتاريخُ الإسلامي حافلٌ بكثير من أولئك الأبطال، الذين رضعوا وتربَّوا في مدرسة سيد الأبطال، رضعوا منها الشجاعة، وأخذوا عنها الإقدام، فكانوا مثالاً يُحْتَذى، ووجب على مَن جاء بعدهم أن يصنفهم كرجال غَيَّرُوا وجه الزمان، وأضاءوا صفحات التاريخ.
وما أحلى الحديثَ عنِ الرجال في زمان عزَّ فيه الرِّجال! في زمانٍ لم يبقَ إلا أنصافٌ وأرباع، أو قُل: أشباه الرجال، ولقد ذَكَّرَني شهر ذي القعدة ببطلٍ من أولئك الأبطال، الذين أرجو أن تغير سيرتهم فينا للأفضل، وأن تستنهض هممنا؛ فهم نِبْراسٌ لمن أراد الضياء، وقدوة لمن أراد الاقتداء، فهم خريجو جامعة مَن قَلَّتْ رُوحي أن تكونَ له فداء، سيد المرسلين وإمام الأنبياء، عليه أفضل التحية وأزكى الثناء.
حديثُنا اليوم عن بَطَلٍ من أولئك العِظام، عن بطل قال: لا، في زمن الصمت المخيف، قال: لا، في زمن الخوف الشديد، ولو أنه قال: نعم، لَمَا لامه أحد؛ لكن شجاعته تأبَى ذلك، ودينه يرفض الذُّل والخُنُوع.
إنه المسلم قطز، ولعل الكثيرَ منكم سمع باسمِه؛ لكنه لا يعرف تفاصيل خبره؛ لأن -وبكل أسف- أخبارَ أولئك الأَفْذاذ تهمَّش، ويُسْتعاض عنها بأخبار تافهين وتافهات؛ لكي يُصبح المجتمع برمَّتِه تافهًا.
الأمير قطز اسمه الحقيقي محمود بن ممدود، كان أبوه أحد أُمَراء الدَّولة الخوارزميَّة الإسلاميَّة التي عانتْ كثيرًا منَ التتار، وتصَدَّتْ له في مواقع عدة، وتغلَّبَتْ عليه؛ ولكنها كُسِرَتْ في نهاية الأمر، وكان أمير تلك البلاد جلال الدين بن خوارزم قد أَمَرَ بتسيير النِّساء والذرية إلى الهند؛ خوفًا من وقوعهم في الأسْر، وفي الطريق عدا عليهم قُطَّاع طرق من المغول، فقتلوا الرِّجال والنساء والأطفال، وسرقوا الأموال، ولم ينجُ منهم إلا القليل.
وكان فيمَن نجا الطفلُ محمود، نجا منَ القتل ولكنه لم ينجُ منَ الأسْر، فقد ساقوه إلى حلب ليبيعوه في سوق النخاسة على أنه عبد اسمه قطز، وهو الكلب الشرس في اللغة المغولية، وإنما أطلق عليه هذا الاسم لما كان يُرى عليه مِن آثار الشِّدَّة والبأْس، واستقَرَّ به المقام في حلب، ثم بيع إلى دمشق، ثم ذهب إلى مصر، والتقى بعزِّ الدين أيبك، وترقى في المناصب حتى أصبح أكبر قوادِه.
ولما قُتل الأمير عز الدِّين أيبك، جلسَتْ بعده زوجته شجرة الدر على عرْش مصر، ولكنها لم تلبث إلا يسيرًا، حتى لحقتْ بزوجِها مقتولة أيضًا، وعندها جلس على كرسي الملك الطفلُ المنصور نور الدين، وكان له منَ العمر خمس عشرة سنة، وكان الوصي عليه هو قطز، وكان هو المتصرِّف الحقيقي في أُمُور الدولة، وكانتِ الدولة الإسلامية تَمُرُّ بظروف صعبة.
ورأى قطز أن وجود طفل على كرسي الملك يضعف من هيبة الدولة، ويجعل الجميع يطمع بها، فقرر عزل الطفل والجلوس مكانه، وفعلاً عَزَلَهُ، وجلس على الكرسي، وكان ذلك في الرابع والعشرين من شهر ذي القعدة من عام سبعة وخمسين وستمائة للهجرة؛ أي: قبل وصول هولاكو إلى حلب بأيام.
ومنذ أنْ صعد قطز إلى كرسي الحكم، وهو يُعِدُّ نفسه للقاء التتار الذين يعيثُون في الأرض فسادًا، واستطاع بهذا الهَدَف النبيل أن يقطعَ أطماع المماليك في الوُصُول إلى الحكم، بجمْعهم خلْف هدف واحد، هو وقف زحف التتار ومواجهتهم، فقام بجمْع الأمراء وكبار القادة وكبار العلماء وأصحاب الرأي في مصر، وقال لهم في وضوح:
- سنية العُمرة في شهر ذي القعدة ..
فعُمَر النبي -صلى الله عليه وسلم- الأربع كنّ في شهر ذي القعدة، قَالَ أَنَسٌ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: "اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَرْبَعَ عُمَرٍ، كُلَّهُنَّ فِي ذِي القَعْدَةِ، إِلَّا الَّتِي كَانَتْ مَعَ حَجَّتِهِ: عُمْرَةً مِنَ الحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي القَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ العَامِ المُقْبِلِ فِي ذِي القَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الجِعْرَانَةِ، حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فِي ذِي القَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ" (متفق عليه).
وَعَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "لَمْ يَعْتَمِرْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم إِلَّا فِي ذِي الْقَعْدَةِ" (رواه ابن ماجه بسند صحيح).
- ولذي القعدة فضيلة أخرى، وهي أنه قد قيل: إنه الثلاثون يومًا الذي واعد الله فيه موسى -عليه السلام- ففي تفسير قوله تعالى: (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً) قال مجاهد: ذو القعدة، (وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ) قال: عشر ذي الحجة. فعلى هذا يكون المقصود بـ(ثَلاثِينَ لَيْلَةً) هي ليالي شهر ذي القعدة.
الخُطْبَــــةُ.الثَّـــــــــانِيَةُ.cc
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى والصَــلاةُ والسَــلامُ عَلــى رَسُــول اللَّــهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أمَّا بَعْدُ :
عباد الله، إنها أيام عظّمها الله –تعالى-؛ فلا تغفلوا فيها عن لزوم طاعته ومجانبة معصيته.
يا غاديا في غفلة ورائحا *** إلى متى تستحسن القبائحا
وكم إلى كم لا تخاف موقفًا *** يستنطق الله به الجوارحا
واعجبا منك وأنت مبصر *** كيف تجنبت الطريق الواضحا
وكيف ترضى أن تكون خاسرا *** يوم يفوز من يكون رابحا
قال ابن القيم: "الاعتمار في أشهر الحج أفضل منه في رجب بلا شك".
وأما المفاضلة بينه وبين الاعتمار في رمضان فموضع نظر، فقد صح عنه أنه أمر أم معقل لما فاتها الحج أن تعتمر في رمضان، وأخبرها أن "عمرة في رمضان تعدل حجة".
وأيضًا: فقد اجتمع في عمرة رمضان أفضل الزمان، وأفضل البقاع، ولكن الله لم يكن ليختار لنبيه -صلى الله عليه وسلم- في عمره إلا أولى الأوقات وأحقها بها، فكانت العمرة في أشهر الحج نظير وقوع الحج في أشهره، وهذه الأشهر قد خصها الله –تعالى- بهذه العبادة، وجعلها وقتًا لها، والعمرة حج أصغر، فأولى الأزمنة بها أشهر الحج وذو القعدة أوسطها..
الدعاء..... اللهم...
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
📲 قَنـاةُ【️مُنْتَـدَىٰ الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ】مِـنْ هُنـ↶ـا:
T.me/Montda_alkotba
*🌐مَجْمُوعَاتِنَا عَلىٰ الْوَاتسَ اَبِ هُنـ↶ـا:*
َhttps://chat.whatsapp.com/HxX6V7VfBNXDu44rAR4kCI
📩▎ أنْشُـرُوٰهَا واحْتَسِبُـوٰا الأَجْـرَ بِإِذْنِ اللَّهِ فَالـدَّالُ عَلَىٰ الخَيْـٰرِ كَفَاعِلِه.
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
🕌مُنْتَـدَىٰ.الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ.cc
📩 @Montda_alkotba
─────────────
خطبـــــــة.بعنـــــــوان.cc.
_^((#واعظ_الصيف ))^_
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
الخُطْبَــــةُ.الْأُولَـــــــــى.cc
الحمدُ لله الملك المعبود، واسِعِ الكرم والجُود، أحمدُه -سبحانه- وأشكرُهُ وهو بكلِّ لِسانٍ محمُود، وأشهدُ ألا إله إلا الله وحده لا شريكَ له شهادةً مُبرَّأةً مِن الشكِّ والجُحُود، وأشهدُ أن نبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه صاحِبُ المقامِ المحمُود، والحَوضِ المورُود، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آلِهِ وأصحابِه أهلِ الكرَمِ والفضلِ والجُود، والتابِعين ومَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى اليوم الموعُود.
أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، ﴿أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.
عباد الله: إن من آيات عظمة الله جل وعلا، اختلاف الليل والنهار، وتقلب الأيام والشهور، والفصول والأعوام، يقول تعالى: ﴿يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾، ﴿يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ، وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ﴾.
ومن تأمل الحكمة البالغة فيما خلقه الله تعالى في هذه الدنيا ليذكر بالآخرة، وحتى لا يستكين العباد إليها، فيكون في الدنيا من النصب والشدة، ما يذكرهم بأنها دار ممر لا دار مقر، ومن ذلك هذا الصيف، والحر، واختلاف الفصول، والدهور.
وها نحن نعايش فصل الصيف، حيث الحر اللاهب، والشمس الحارقة؛ إلا أن المؤمن لا يمر عليه زمان دون تفكر وتذكر، يقول تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً﴾، فيذكرنا تعاقب الليل والنهار، واختلاف الفصول والمواسم، بأن الحياةَ مراحل، وأَن كُلَّ مرحلة لها قيمتُها ومكانتُها، ولكل منها تَبِعةٌ مطلوبةٌ، وحسابٌ قائمٌ، قال الحسنُ البصري -رحمه الله-:" ما من يوم ينشق فجره، وتشرق شمسه، إلا ينادي منادٍ يا ابن آدمَ أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيدٌ، فتزود مني بعملٍ صالحٍ، فإني لا أعودُ إلى يوم القيامة".
وإنّ في هذا الحر دليلاً من دلائل ربوبية الله سبحانه، فهو الذي يقلّب الأيام والشهور، ويطوي الأعوام والدهور، وهو الواحد الأحد الصمد، المستحق للعبادة، سبحانه وبحمده! فوجوده سبحانه وربوبيتُه وقدرتُه، أظهرُ من كل شيء على الإطلاق.
قال ابن القيم رحمه الله:" ثم تأمل هذه الحكمة البالغة في الحرّ والبرد وقيام الحيوان والنبات عليهما، وفكِّر في دخول أحدهما على الآخر بالتدريج والمهلة حتى يبلغ نهايته، ولو دخل عليه مفاجأة، لأضرّ ذلك بالأبدان والنبات وأهلكها، ولولا العناية والحكمة والرحمة والإحسان لما كان ذلك".
الحرّ ابتلاء من الله تعالى لعباده، وابن آدم ملول، قد وصفه ربه بأنه ظلوم جهول، ومن جهله عدم الرضا عن حاله، فإذا جاء الصيف تضجَّر منه، وإذا جاء الشتاء تضجَّر منه، وهذا من طبع البشر؛
يَتمنَّى المَرءُ فِي الصَّيف الشِّتاء *** فإذَا جَاءَ الشِّتاءُ أَنكرهُ
فهو لَا يَرضَى بحَالٍ وَاحِدٍ *** قُتلَ الإنسَانُ مَا أَكْفَرهُ
لكن المؤمن الحق يرضى بما قدر الله له، قال ﷺ: «عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ». رواه مسلم.
ولقد كان مِن سُننِ رسولِ الله ﷺ تذكِيرُ أصحابِه بمَا يرَونَه مِن أحداثِ الدنيا بأحداثِ الآخرة، ففي الصحيحين، أنه ﷺ قال: «نارُكم هذه التي يُوقِدُ بنُو آدم جُزءٌ مِن سبعِين جُزءًا مِن جهنَّم، قالوا: واللهِ إن كانَت لكافِيَة! قال: إنها فُضِّلَت عليها بتِسعةٍ وتِسعِين جُزءًا كلُّها مِثلُ حرِّها».
فشدة الحر تذكير بعذاب الآخرة، قال ﷺ: «اشتكت النار إلى ربها، فقالت: يا رب أكل بعضي بعضًا؟ فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فهو أشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير»، متفق عليه، وقال ﷺ: «فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم». رواه البخاري.
فينبغي للمؤمن أن يتذكر بشدة حر الشمس حرها في الموقف عندما تدنو من رؤوس الخلائق، وتصبح على قدر ميل، فيكون الناس في العرق على أعمالهم وإيمانهم، إلا من أراد الله أن يكون في ظل عرشه، فيا من لا يطيق حر الدنيا ماذا أعددت للآخرة؟ ويا من يفر من حرارة الشمس إلى الظل، ويهرب من الأجواء الحارة إلى الباردة، أولى لك ثم أولى أن تفر من نار حامية، نارِ تلظى!
تَفِرُّ من الهجيرِ وتتقيه *** فهلاَّ عن جهنم قد فررتا؟
ولست تطيق أهونها عذاباً*** ولو كنتَ الحديد بها لذُبتا
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
📲 قَنـاةُ【️مُنْتَـدَىٰ الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ】مِـنْ هُنـ↶ـا:
T.me/Montda_alkotba
*🌐مَجْمُوعَاتِنَا عَلىٰ الْوَاتسَ اَبِ هُنـ↶ـا:*
َhttps://chat.whatsapp.com/HxX6V7VfBNXDu44rAR4kCI
📩▎ أنْشُـرُوٰهَا واحْتَسِبُـوٰا الأَجْـرَ بِإِذْنِ اللَّهِ فَالـدَّالُ عَلَىٰ الخَيْـٰرِ كَفَاعِلِه.
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ مِنْ الْكَبَائِرِ مَا يَفُوقُ الْمِئَاتِ ، وَفِي بَعْضِ مَا يَقُولُونَهُ نَظَرٌ فِي هَذَا التَّعْدَادِ بِحَسَبِ الِأدِّلَةِ ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الِأمْرُ مُتعلقًا بأبْرَزَ الَأمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعِبَادِ اللَّهِ وَهِيَ أمْوَالُهُمْ ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَاتِكَ ، وَهُوَ نَفْسُكَ، قَالَ :( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ) أي يَأْكُلْ أمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ، أوْ يَقْتُلْ نَفْسَهُ فَذَلِكَ وَعِيدٌ . قَالَ -جلا وَعَلَا-: مُنَادِيَا أهْلِ الِإيْمَانِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) وَلَمْ يَقُلْ لَا تَأْكُلُوا أمْوَالَ غَيْرِكُمْ وَإنْمَا قَالَ : (لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ) فَجَعَلَ أمْوَال المُسْلِمِينَ أجْمَعِينَ ، كَمَالِهُ لِذَاتِهِ ، جَعْلَ مَالِ غَيْرِكَ كَمَالِكَ ، وَحَقِّ غَيْرِكَ كَحَقِّك ، وَعَرْضِ غَيْرِكَ كَعَرْضِكَ ، وَنَفْسِ غَيْرِكَ كَنَفْسِكَ ، وَلِذَا قَالَ: *(لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُبِينٌ) [النور: 12]*
مَعَ أنَ الَّذِي سَمِعُوهُ مِنْ الْبُهْتَانِ مُتَعَلِّقٌ بِالْغَيْرِ ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ جَعَلَ الْخَبَرَ الأتِّيَ كَأنَهُ فِي عِرْضِك، وَفِي نَفْسِك ، فَمَا أتَّاهُمُ أتَّاكَ وَمَا اذَاهُمُ آذَاكَ ، فَهَا هُنَا قَالَ: (ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا ) جَعَلَ الْمُؤْمِنِينَ نَفْسًا وَاحِدَةً فَهَلْ تَرْضَى لِنَفْسِكَ بِالطَّعْنِ ، أوِ الْأذيَةِ أوِ الْقَذف ، أوِ الشَّتْمِ فَلَا تَرْضَى لِلْغَيْرِ ، لَأنَ أنْفُسَهَِمْ نَفْسَكَ وَهَا هُنَا قَالَ: (لَا تَأْكُلُوا أمْوَالَكُمْ) مَعَ أنِ الِإنْسَانِ أكْلِ ها هُنَا مَالُ غَيْرِهِ ، وَفِيه إشَارَةِ أنْهِ يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أنْ يُحِبُّ لِأخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ.
وَلذا جَاءَ مِنْ أبْرَزِ أسْبَابِ النَّجَاةِ مِنْ الْمِحَنِ وَالْفِتَنِ عِنْدَ حُصُولِ الْفِتَنِ ،
قَالَ كَمَا رَوَى الْإمَامُ مُسْلِمٌ ،مِنْ حَدِيثِ عَبْدَاللِهِ بْنِ عَمِرو بَعْدَ أنْ ذَكَرَ الْفِتَنَ الْمُدَلْهِمَةَ وَالْقَضَايَا الْهَاجِمَةَ الْمُهِمَّةَ ، قَالَ:بعدها
« فَمَنِ أحَبَّ أنْ يَزَحْزَحُ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ منِيَّتِهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، هَذَا حَقُّ اللَّهِ فِي صَلَاحِ قَلْبِهِ وَلِيَأْتِيَ النَّاسَ الَّذِي يُحِبُّ أنْ يُؤْتَى إلْيهِ » هَذَا حَقُّ عِبَادِ اللَّهِ فَهَا هُنَا قَالَ: لَا تَأْكُلُوا أمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ، وَلَمَّا كَانَ أكْلُ الْأمْوَالِ عَلَى ضَرْبَيْنِ أكْلٌ بِحَقٍّ ، وَأكِلٍ بِبَاطِلٍ ، أبْطُلْ الْبَاطِلُ ، وَأذْنِ الِأكْلِ بِالْحَقِّ ،
وَمِنْ جُمْلَةِ أكْلِ الْأمْوَالِ بِالْحَقِّ ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ، فَلَا بَأْسَ أنْ يَأْكُلَ بَعْضُكُمْ مِنْ مَالِ بَعْضٍ بِالشُّرُوطِ وَالضَّوَابِطِ ، وَبِمَا أذْنَ بِهِ الشَّرْعُ ، وَمَنِعَ مِنْ أكْلِ الْأمْوَالِ بِالْبَاطِلِ ،
وَمِنْ صُوَرِ أكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ: أكْلُ الرِّبَا بِجَمِيعِ وَسَائِلَ وَطُرُقِهِ ، فِي بُنُوكِ أوْ مَصَارِفَ لِمَنْ كَانَ دَائِرًا عَلَيْهَا أوْ مُدِيرًا فِيهَا ، أوْ كَاتِبًا أوْ شَاهِدًا أوْ حَارِسًا أوْ مُنَظَّفٌا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي أكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ ،
وَكَذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ أكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ: أكْلُ مال الْيَتَامَى وَالِأرَامِلِ الَّذِينَ مِنِ أحْسِنِ إلْيَهِمْ ، كَانَ رَفِيقَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ كَالصَّائِمِ الَّذِي لَا يُفْطِرُ ، وَالْقَائِمُ الَّذِي لَا يَفْتَرُ ، مِنِ أحْسَنِ إلْيَهِمْ ، فَكَيْفَ مَنْ جَعَلَ الِإحْسَانَ إلْيَهِمْ ؟! ، بَأكِلَ حُقُوقِهِمْ إذ لَا كَافِل لَهُمْ ، وَلَا رَاعِيَ ، وَلَا مَدَافِعَ ، وَلَا حَامِيَ ، بَلْ هُمْ آكْلٌو لَهَا بِالْبَاطِلِ بِتَزْوِيرِهَا أوْ مِنْ قِبَلِ الْقَائِمِينَ عَلَى أمْوَالِ الْيَتَامَى بَأكِلِهِمْ لَهَا دُونَ حَاجَةٍ ، وَهُمْ أغْنِيَاءُ ، أمًّا مَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ، وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ ،
حَتَّى أنْ أحْدَ النَّاسِ ، رَأَى فِي مَنَامِهِ قَالَ لِمُعَبِّرٍ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أنْهَ يَخْرُجُ مِنْ فَمِي نَارٍ ، قَالَ: أنْتَ آكْلُ مَالِ يَتِيمٌ ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) [النساء: 10] فَعَلَى هَذَا الْمُدَافِعِ عَنْهُمْ
وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ)
هَذِهِ آيَةُ الشُّورَى : أيْ مِنْ صِفَاتِهِمْ أنَّهُمْ إجْتَنَبُوا كَبَائِرَ الذُّنُوبِ وَقَبَائِحَهَا ، فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ الْخَالِقِ ، وَمِنْ جُمْلَةِ مَا يَدْخُلُ فِي حُقُوقِ الْمَخْلُوقِينَ (وَإِذَا مَا غَضِبُوا ) مِمَّنِ أسَاءَ إلْيَهِمْ بِقَوْلِ ، أوْ فِعْلٍ أوْ حَالٍ أنَّهُمْ لَا يَدْفَعُونَ السَّيِّئَةَ بِمِثْلِهَا ، بَلْ يَغْفِرُونَ عَمَّنِ أسَّاءَ إلْيَهِمْ وَأغْضَبْهُمْ ، تَفَضُّلًا مِنْهُمْ ، بِالْعَفْوِ عَنْ مَنِ أسَّاءَ إلْيَهِمْ ، إِذَا كَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَفْوِ مَصْلَحَةٌ ،
وَأمًّا أنْ كَانَ إنْ عَفَا تَطَاوُلَ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ بِالشَّرِّ فَلَا ، (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ۖ ) فَإنَ أرَادَ الْقِصَاصَ فَبِمِثْلِهَا ، وَإنَ عَفَا فَذَلِكَ مِنْ صِفَاتٍ الكُمل وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوِ إلَا عِزَّةً.
وَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ : *( وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) [الشورى: 37]*
(وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْارْضِ) مُلْكًا ، وَخَلْقًا ، وَعَبِيدًا ، وَتَدْبِيرًا ، يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ومن جملة مَا يَفْعَلُهُ ، لَا رَادَّ لِحُكْمِهِ وَلَا مُعَقِّبَ لِقَضَائِهِ أنْهُ يجْزِي الَّذِينَ أَسَاءُوا - أيَ السَّيِّئَاتِ - بِمَا عَمِلُوا كَمَا قَالَ -جَلَّ وَعَلَا- : *(مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [الأنعام: 160]*
وَقَالُوا سُبْحَانَهُ : *(إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ۖ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا) [النساء: 40]*
وَإِذَا قَالَ بْنُ مَسْعُودٍ : قَدْ خَابَ وَخَسِرَ مَنْ غَلَبَتْ أحادهُ عَشَرَاتُهُ ، -أيْ إِذَا عَمِلَ حَسَنَةً جُزِيَ بِهَا عَشْرًا- فَكَيْفَ تغلبُ سَيِّئَاتُهُ الِأحَاد ؟ عَشَرَاتِهِ الْكَثِيرَةَ ، فَلَوْ صَنَعَ تِسْعًا وَتِسْعِينَ سَيِّئَةً ، وَصَنَعَ عَشْرَ حَسَنَاتٍ ، لِغَلَبِت الحَسَنَاتٍ تِلْكَ السَّيِّئَاتِ -أيْ الْعَشْرِ- فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ ، مَنْ غَلَبَتْ أحَادَّهُ عَشَرَاتهُ (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا ) فِي عِبَادَةِ الْخَالِقِ بِالِإخْلَاصِ وَالِإتِّبَاعِ وَالِإنْقِيَادِ ، وَأحْسنُوا إِلَى -عِبَادِ اللَّهِ- بِأنْوَاعِ الْمَنَافِعِ ، (وَيَجْزِي الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) -أيْ بِالْحَالَةِ الْحَسَنَةِ فِي الدُّنْيَا وَالَآخِرَةِ- وَأجلُ ذَلِكَ وَأكْبُرْهُ رِضَا رَبِّ الْعَالَمِينَ ، يُفِيضُهُ عَلَيْهِمْ ، وَيُسْكِّنُهُمْ دَارَ النَّعِيمِ ، الَّتِي هِيَ مَوْضِعُ كَرَامَتِهِ ، وَمَحَطُّ أوْلِيَائِهِ ، « أعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أذْنُ سَمِعْتْ ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ، »
فَعَادَ مَدَارُ الصَّلَاحِ وَالَفلاخ ، إِلَى إجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ ،
وَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحِة : أنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « أجْتَنِبُوا الْكَبَائِرَ ، وَسَدِّدُوا وَأبْشُرُوا ، » - أيْ سَدِّدُوا - فِي فِعْلِ الْمَأْمُورِ فَأتُوا مِنْهُ مَا أسْتَطَعْتُمْ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا أسْتَطَعْتُمْ ، وَمَا كَانَ مِنَ أنْوَاعِ اللَّمَمِ ، فَأبْشُرُوا بِالْمَغْفِرَةِ فَاجْتَنِبُوا الْكَبَائِرَ وَسَدِّدُوا وَابْشُرُوا ، - أيْ بِالْقَبُولِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ -
حتى لَوْ وَقَعْتُمْ فِيهَا ، وَعُدْتُمْ إِلَى بَارِيهَا ، وَمَنْ أُبْتَلَى عِبَادَهُ بِهَا نَادِمِينَ وَتَائِبِينَ ، وَمُسْتَغْفِرِينَ ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ ذَنْبُ ، وَإنَّ الْإيَاسَ وَالْقُنُوطَ مِنْ رَحْمَةِ الله وَرُوحِ اللَّهِ كُفْرٌ وَخُسْرَانٌ ، « يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغْتَ ذُنُوبُكَ عِنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ أسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ.»
وَفِي الصَّحِيحِ الْمُسْنَدِ لِشَيْخِنَا الوادعي -عليه رَحْمَةُ اللَّهِ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: « أشْهَدْ عِنْدَ الله : مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ ، يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَإنِي رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ ، ثُمَّ يُسَدِّدُ أي يَجْتَهِدُ فِي تَحَرِّي السَّدَادِ ، وَإنَ لَمْ
'_^((#الدَينِ_هُمٌ_بِاللَّيْلِ_وَذَلٌّ_بِالنَّهَارِ ))^_.doc'
Читать полностью…قَالَ: إنْطَلَقْ فَخُذْهُ إِلَى بَيْتِك ، خُذُهُ الْحَمَّامَ فَاغْسِلْ ثِيَابَهُ وَأتِي بِثِيَابٍ مِنْ ثِيَابِي ، وَأذْهَبْ بِهِ إِلَى بَيْتِي ، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى بَيْتِهِ ، فَجَاءَ دَعْلَجُ وَقَرْبَ الْغَدَاءَ فَأكْلٌ مَعَ الرَّجُلِ ،
ثُمَّ قَالَ:كَمْ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْكَ؟ قَالَ خَمْسَةُ ألَافِ ،
مَا أسْمُكَ؟ قَالُوا فُلَانٌ ،
فَأخْرُجْ الْوَثِيقَةَ وَمَحَاهَا ، وَكَتَبَ مَدْفُوعٌ ، ثُمَّ أخْرُجْ خَمْسَةَ ألَافِ ، ثُمَّ أخْرُجْ لَهُ خَمْسَةَ ألَافِ ،
قَالَ أمَا الْخَمْسَةُ الَأولَى فَسَامَحْنَاكَ فِيهَا ، وَهَذِهِ خَمْسَةٌ ، لِمَ كنا قَدْ أفْزعْنَاكَ وَأخْفْنَاكَ ، فَاجَعَلْنَا فِي حِلٍّ مِمَّا أفْزَعْنَاكَ بِهِ. .
فَانْظُرُوا -يَا عِبَادَ اللَّهِ- كَيْفَ؟ أنْظُرُوا -يَا عِبَادَ اللَّهِ- أنَّ الْعَبْدُ إِذَا وَقَعَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الَأمُورِ مَا يَدْرِي مَا يَخْرُجُ مِنْهُ ، رُبَّمَا يَعِدُكَ وَيُكَذِبُ ، رُبَّمَا يُحَدِّثُكَ وَيَكَذِّبُ أوْ يَعِدُكَ وَلَا يَفِي ، مَنْ هُمْ الدِّينُ مِنْ كذا ، لِمَا تَفَرَّجَ عَنْهُ ، كمْ تَنْفِسْ ! كَمْ تُفْرَّجُ !
وَمِمَّا -يَا عِبَادَ اللَّهِ-نَخْتِمُ بَآخِرَ الْخُطْبَةِ : أنْ صَاحِبَ الدَّيْنِ ، عَلَيْهِ أنْ يُعَلِّقُ قَلْبَهُ بِاَللَّهِ ، وَعَلَيْهِ أنْ يَسْتَعِينُ بِاَللَّهِ ، وَأنْ يُكْثِرُ الدُّعَاءَ ، يُكْثِرُ الدُّعَاءَ فَإنَ اللَّهُ يَأْتِيكَ بِالْفَرْجِ ، إذا عَلَّقْتَ قَلْبَكَ بِرَبِّكَ مِنْ حَيْثُ لَا تَدْرِي ، وَلَا تَحْتَسِبْ ، مِنْ حَيْثُ لَا تَدْرِي وَلَا تَحْتَسِبُ.
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أبِي رَوَّادٍ : مُحَدِّثُ مَكَّةَ وَشَيْخُ مَكَّةَ ، أستَلَفَ مِنْ صَاحِبٍ لَهُ خَمْسَةُ ألَافِ دِرْهَمٍ ، سَلَفَنِي خَمْسَةُ ألَافِ دِرْهَمٍ أنَا مُحْتَاجٌ.
يَعْرِفُونَ لَهُ مَكَانَةً ، أقْرَضهُ ، وَكَمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أخوه التَّاجِرُ أقرض عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أبِي رُوَّادٍ ، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلِ هَذَا التَّاجِرُ رَاجِعْ نَفْسَهُ ، قَالَ: عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أبِي رَوَّاد شَيْخٌ كَبِيرٌ ، وَأنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ غَدًا نَمُوتُ .
أرْأَيْتُ إنْ مِتُّ أوْلَادِي مَا سَيَعْرِفُونَ لَهُ حَقَّهُ ؟ رُبَّمَا يُهَيِّنُوهُ ،
فَجَاءَ وَقَالَ لَهُ : فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَجَدَهُ عِنْدَ الْكَعْبَةِ خَلْفَ الْمَقَامِ ، أيْهَا الشَّيْخُ تَعْرِفُ أنَّكَ شَيْخٌ كَبِيرٌ ، وَأنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ، أمَا أمْوتْ وَأمًا تَمُوتُ ، اأرِيدَ أنْ أمْحُوْ عَنْك الدِّينَ سَامَحَكَ اللَّهُ ،
فَرَفَعَ عَبْدُ الْعَزِيزِ يَدَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ أغْفِرْ لَهُ ، وَأعْطِهِ خَيْرَ مَا نَوَى ، ثُمَّ قَالَ: أمَا هَذِهِ النِّيَّةُ فأسأل اللَّهُ أنْ يَأْجُرُكَ عَلَيْهَا ، وَأمًا أنَا فَقَدْ أستدنةُ ثِقَةً بِاَللَّهِ ، فَإذَا أغْتَنَمْتُ رَجَوْتُ أنْ يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنِّي بِغَمِّي ذُنُوبِي ، وَالْمَوْعِدُ بَيْنَنَا الْمَوْسِمُ مَوْسِمُ الْحَجِّ.
مَا هِيَ إلَّا إيَّامٌ وَمَاتَ الرَّجُلُ ! مَاتَ التَّاجِرُ ، جاء المَوْسِمُ أَتَى أبْنَاؤُهُ ، فَقَالُوا لِعَبْدِالْعَزِيزِ بْنِ أبِي رَوَّادٍ ، أيْنَ الْخُمُسُ ألَألافُ ؟ الَّتِي عِنْدَكَ ، قَالَ مَا تَهَيَّأْتَ ! مَا تَيَسَّرُت ، أنْظُرُونِي إِلَى الْمَوْسِمِ الْقَادِمِ؟ قَالُوا : نَعَمْ.
فَلَمَّا جَاءَ الْمَوْسِمُ الْقَادِمُ ، قَالُوا أيْنَ الْمَالُ؟ قَالُ: وَاَللَّهِ مَا تَهَيَّأَ ، قَالُوا خَاشِعٌ وَعَالِمٌ وَتَأْخُذُ حَقَّ النّاس ! خَاشِعٍ وَعَالِمٍ وَتَأْخُذُ حَقَّ النَّاسِ ! فَقَالَ: هَذَا الَّذِي كَانَ أبْوكُمْ يَخْشَاهُ ، هَذَا الَّذِي كَانَ أبْوكُمْ يَخْشَاهُ ،
وَلَكِنْ أنْظُرُونِي إِلَى الْمَوْسِمِ الْقَادِمِ وَمَا لَكُمْ عِنْدَكُمْ ، وَمَا هِيَ إلَّا إيَّامٌ وَعَبْدَالْعَزِيزُ بن أبِي رُوَّادٍ ، عِنْدَ الْمَقَامِ إِذَا بِعَبْدٍ لَهُ ، عَبْدٌ مَنْ عبِيده كَانَ قَدْ هَرَبَ إِلَى خُرَاسَانَ ، فَجَاءَ هَذَا الْعَبْدُ ،
وَقَالَ يَا سَيِّدِي: هَرَبْتُ مِنْكَ وَذَهَبْتَ تَاجَرْتَ وَرَزَقَنِي اللَّهُ مَالًا وَتِجَارَةً ، أتَيْتَ بِعَشَرَةِ ألَافِ دِرْهَمٍ ، وَتِجَارَةً وَبَضَائِعَ خُذْ هَذِهِ الْعَشَرَةَ ،
فَقَالَ ابْنُ أبِي رَوَّادٍ : اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ سَأَلْنَاكَ خَمْسَةً فَأعْطِيْتَنَا عَشَرَةً ، يَا عَبْدَ الْمَجِيدِ: -إبْنَهُ - يَا عَبْدَ الْمَجِيدِ إذْهَبْ فأعْطِهِمْ عَشَرَةَ ألَافٍ ، أعْطَاهُمْ الْعَشَرَةَ ،
قَالُوا : حَقُّنَا خَمْسَةٌ ، قَالُوا : خَمْسَةٌ لَكُمْ ، وَخَمْسَةٌ لِلْمَوَدَّةِ اللِّي بَيْنِي وَبَيْنَ أبِيكُمْ تَكُونُ لَكُمْ ، فَاسْتَحُوا عَلَى أنْفُسِهِمْ مِنْ الْكَلَامِ الَّذِي كَانُوا قَدْ قَالُوهُ ، جَاءَ الْعَبْدُ بِالْبَضَائِعِ الَّتِي أَتَى بِهَا خُذْهَا ،
قَالَ: فَأتَيْتُ فَسَلَّمْتُ ، وَقُلْتُ : أثْمَّ فُلَانٌ ـ هُنَا فُلَانٌ ؟ فَقَالَ: أهْلُهُ لَيْسَ هُنَا ! لَيْسَ هُنَا مِشٌّ مَوْجُودٌ ، فَخَرَجَ وَلَدٌ لَهُ جَفْرَ مِنْ الْبَيْتِ ، خَرَجَ وَلَدٌ صَغِيرٌ ،
فَقُلْتُ لَهُ: أيْنَ أبْوُكَ ؟! قَالَ: لَمَّا سَمِعَ صَوْتَكَ ، إخَتْبَى تَحْتَ أرْيكَةْ أمْي ، مِنْ الْخَوْفِ لَمَّا سَمِعَ صَوْتَك دَخَلَ تَحْتَ السَّرِيرِ ، فَنَادَيْتُ يَا فُلَانُ أخْرُجْ فَقَدْ عَرَفْتَ مَكَانَك ! مَا فيَ دَاعِي تَتَخَبَّى أخْرُجْ ، فَخَرَجَ ، فَلَمَّا خَرَجَ قُلْتُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ !؟
قَالَ: وَاللَّهِ خَشِيتَ أنْ أحْدُثْكَ فَأكْذِبْ عَلَيْكَ ، أو أنْ أعْدِك فَأخْلُفِ الْوَعْدَ ، وَأنْتَ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ ، وَأنًا وَاَللَّهُ مُعْسِرٌ ، وَأنًا وَاَللَّهِ مُعْسِرٌ ،
قَالَ آللَّـهُ أنْتَ مُعْسِرٌ ؟ قَالَ آللَّـهُ إِنِّي مُعْسِرٌ ، فَأَخْرَجَ أبُو الْيُسْرِ ، تِلْكَ الصحيفَةَ وَمَحَى عَنْهُ الدين ،
وَقَالَ: إنْ وَجَدْتُهُ أتَيْتُ بِهِ ، وَإلًا أنْتِ فِي حِلٍّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَا يَقُولُ: « مَنْ أنْظُرْ مُعْسِرًا أوْ تَجَاوَزَ عَنْهُ أظْلَهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ .»
وَجَاءَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أبِي قَتَادَةَ ، « مَنْ مَحًى عَنْ مُعْسِرٍ ، مُحًى أوْ تَجَاوَزَ أوْ وَضَعَ عَنْهُ ، أظلَهُ اللَّهُ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. »
وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أبِي قَتَادَةَ « مَنْ سِرَّهُ أنْ يُنَجِّيهِ اللَّهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فلْيُنظِرْ مُعسِرًا أو لِيَضَعْ عنه .»
من مِنَّا -يَا عِبَادَ اللَّهِ- مَا يُرِيدُ أنْ يُنْجِيهِ اللَّهُ مِنْ كَرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ؟ مَنْ سرَّهُ أنْ يُنْجِيهِ اللَّهُ مِنْ كَرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَلْيَمْحُو عَنْ الْمُعْسِرِ أوْ يَتَجَاوَزْ عَنْهُ ، يَمْحُو عَنْهُ ، يَعْفُو عَنْهُ ، يُسَامِحُهُ أوْ يُؤَخِّرُهُ وَيَنْظُرُهُ ، فَهَذَا يُفَرِّجُ اللَّهُ عنه كُرَبَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. أقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأسْتَغْفِرِ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ
الخُطْبَــــةُ.الثَّـــــــــانِيَةُ.cc
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ ، وَأشْهَدْ أنْ لَا إلْهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأشْهَدْ أنْ مُحَمَّدًا عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ.
عِبَادُ اللَّهِ : إنَّ إنْظارَ الْمُعْسِرِ أجْرُهُ عَظِيمٌ، ثَوَابُهُ كَبِيرٌ ، لَأنَ فِيهِ تَفْرِيجًا لهمه ، لَأنَ فِيهِ إزَالَةُ لَغَمِهِ ، وَمَنْ فَرَّجَ كُرْبَةَ مُسْلِمٍ فَرَجَ اللَّهِ كُرْبَته فِي الدُّنْيَا وَالَآخِرَةِ ، وَمَنْ يَسِرْ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ أمْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَالَآخِرَةِ ،
بَلْ إسْمَعُوا -يَا عِبَادَ اللَّهِ- إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ الْعَظِيمِ ، فِي فَضْلٍ إنظار المُعْسِرَ ، جَاءَ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ الْمُسْند لِشَيْخِنَا الْوَادِعِيِّ -رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ- أنْهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: « مَنْ أنْظُرْ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةٌ ، فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةٌ . »
ثُمَّ سَمِعَهُ يَقُولُ: « مَنْ أنْظُرْ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ ، » يسْمَعْ بُرَيْدَةَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: مَنْ أنْظُرْ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُه صَدَقَةٍ ، لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةٌ ، ثُمَّ سَمِعَهُ يَقُولُ: فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ ،
فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَهُ ، ثُمَّ سَمِعْتُكَ تَقُولُ لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ ، فَقَالَ: -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- « مَنْ أنْظُرْ مُعْسِرًا فَلَهُ بكُل يَوْمٌ مِثْلِهِ صَدَقَةٌ ، قَبْلَ أنْ يَحِلُّ الدِّينُ ، فَإنَ حِلُّ الدِّينِ ، وَأنْظُرْهُ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ ،»
أتَّاكَ مُعْسِرٌ ! أتَّاكَ فَقِيرٌ ! أتَّاكَ مُحْتَاجٌ! أتَّاكَ مَرِيضٌ ! فَقَالَ: أقْرِضْنِي خَمْسَةَ الَافِ رِيَالٍ ، أرِيدُ قِيمَةَ عِلَاجِ إلْى أخْرِ الشَّهْرِ ، أنْت اللَّهُ مُيَسَّرٌ عَلَيْك ، أعْطِيْتُهُ الْخَمْسَةَ ألْفِ إِلَى أخْرِ الشَّهْرِ، شَهْرٌ كَامِلٌ ، كُلَّ يَوْمِ اللَّهُ يَكْتُبُ لَكَ خَمْسَةَ الَافِ صَدَقَةً ، كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَةُ الَافٍ صَدَقَةٌ ، إِلَى أخْرِ الشَّهْرِ ، إِذَا جَاءَ أخْرُ الشَّهْرِ وَطَالَبَتْهُ أيْنَ الدِّينُ؟! قَالَ: وَاللَّهِ عسُر علي هَذَا الشَّهْرُ ، لَكِنَّ الشَّهْرَ الثَّانِيَ أعْطِيك .
خَطَرُ الدِّينِ -يَا عِبَادَ اللَّهِ- عَظِيمٌ عَلَى الْعَبْدِ فِي الدُّنْيَا وَفِي الِآخِرَةِ ، خَطَرٌ الدِّينِ لَيْسَ بِالِأمْرِ الهَيِّنٌ وَلَا بِالسَّهْلِ .
فِي صَحِيحِ الْامَامِ مُسْلِمٌ : « أنْ رَجُلًا أَتَى إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ أرْأَيْتَ إنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَفَرَ اللَّهُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ إنْ قُتَلْتُ شَهِيدًا ، إنْ بَذَلْتُ نفسي وَدَمِي لِلَّهِ يُكَفِّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ قَالَ: إنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ ، كَفَرَ اللَّهُ عَنْكَ خَطَايَاك، فَلَمَّا جَلَسَ الرَّجُلُ دَعَاهُ فَقَالَ إلا الدِّينُ : إلَّا الدِّينُ »
اُنْظُرُوا الشَّهِيدَ -يَا عِبَادَ اللَّهِ- الَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، الَّذِينَ هُمْ أحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ، يَقُولُ: -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- لِهَذَا الرَّجُلِ إلَّا الدِّينَ ،« أخْبِرْنِي بِهِ جِبْرِيلُ... أنْفًا. »
وَلِهَذَا قَالَ : -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- كَما فِي جَامِعُ التِّرمذي وَغَيْرُهُ ، مِنْ حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ ، « نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدِينِهِ..» نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ ، مُعَلَّقَةً عَنْ مَاذَا يَا عِبَادَ اللَّهِ ؟! مُعَلَّقَةٌ عَنِ الْجَنَّةِ ، مُعَلَّقَةٌ عَنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ ، مُعَلَّقَةً عَمَّا أعْد اللَّهُ لَهُ مِنَ الثَّوَابِ بالدّين .
وَقَدْ جَاءَ فِي السُّنَنِ ، مْنُ حَدِيثِ سَمُرَةَ أنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- « صَلَّى الْفَجْرَ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ قَدْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ ، فَلَمَّا صَلَّى الْفَجْرَ ، قَالَ: هَلْ هَا هُنَا أحْدٌ مَنْ بني فُلَانٌ ؟ فَلَمْ يَجِب أحْدٌ ! فَقَالَ: -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- هَلْ هَا هُنَا أحْدٌ مِنْ بَنِي فُلَانٍ؟ فَلَمْ يَجِب أحْدٌ ، فَاعَادَ الثَّالِثَةَ: فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أخْرَيَاتِ النَّاسِ ، فَقَالَ: -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- مَا مَنَعَكَ أنْ تُجِيبُنِي مِنْ أوْلِ وَهْلَةٍ ، فَإنِي لِمَ أدْعُكَ إلَّا لِخَيْرٍ ، إنّْ صَاحِبُكُمُ الَّذِي مَاتَ الَّذِي دَفَنْتُمُوهُ مَحْبُوسٌ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ بِدِينِهِ ، مَحْبُوسٌ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ بِدِينِهِ، فَإنْ شِئْتُمْ فافِدُّوهُ ، وَإلًا فَآسْلِمُوهُ إِلَى عَذَابِ اللَّهِ ، فَإنْ شِئْتُمْ فَافْدُوهُ أدْفَعُوا عَنْهُ الدِّينَ ، وَإلًا فَاسْلِمُوه إِلَى عَذَابِ اللَّهِ ، قَالَ الصَّحَابِيُّ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أهْلَهُ. وَمَنْ لَهُمْ بِهِ صِلَةٌ ، يَجْمَعُونَ الْمَالَ حَتَّى أدَّووا اَلَّذِي عَلَيْهِ.،»
فَيَا عِبَادُ اللَّهِ: الدِّينَ لَيْسَ بِالِأمْرِ الْهَيِّنِ ، وَلَا بِالِأمْرِ السَّهْلِ -يَا عِبَادَ اللَّهِ- الِأمْرُ عَظِيمُ ، الِأمْرِ خَطِيرٌ !
وَلِهَذَا -يَا عِبَادَ اللَّهِ- نَجْدُ أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَدْعُو وَيَقُولُ : كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ، « اللَّهُمَّ إنِّي اعْوَذْ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحُزْنِ وَالْعَجزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضِلْعِ الدِّينِ وَضِلْعِ الدِّينِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ.»
عِنْدَ النَّوْمِ -يَا عِبَادَ اللَّهِ- مِنْ أذِّكَارِ النَّوْمِ ، كَانَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- يَذْكُرُ الدِّينَ.
وَلِهَذَا عِنْدَ مُسْلِمٍ. مِنْ حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ، أنِّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا أخْذَ مَضْجَعَهُ يَقُولُ: « اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأرْض وَرَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا ورَبَّ كُلَّ شَيْءٍ، فَالقَ الْحَبَّ وَالنَّوَى مَنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالِإنْجِيلِ وَالْفُرْقَانَ ، أعْوَذْ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ أنْتَ أخْذِ بِنَاصِيَتِهِ ، اللَّهُمَّ أنْتِ الْأوِلَ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ ، وَأنْتِ الْآخِرَ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ ، وَأنْتِ الظاهرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ ، وَأنْتَ الْبَاطِن فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ ، اقْضِ عَنَّا الدِّينَ وَأغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ . .» أقْضِ عَنَّا الدِّيْنَ
أنْظُرُوا -يَا عِبَادَ اللَّهِ- كَيْفَ أنَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ النَّوْمِ يَدْعُ ؟! أقْضِ عَنَّا الدِّينَ ، وَيُعَلِّمُنَا أنّ ندعُو هَذَا الدُّعَاءَ ، لِخَطَرِهِ لِهَوْلِ أمْرِهِ ، فَانْتَبِهُوا -يَا عِبَادَ اللَّهِ- وَلِخُطُورَةِ الدِّينِ ، وَلِمَا يُصيبُ الْمَدْيُونُ مِنَ الْهَمِّ وَالْغَمِّ.
وَذَكَرَ الذَّهَبِيُّ فِي سَيْرِ أعْلَامِ النُّبَلَاءِ ، "أنْ الْإمَامَ أحْمَدَ -رَحِمَهُ اللَّهُ-لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ تُمَثِّلُ لَهُ الشَّيْطَانُ ، عَاضًا عَلَى أنَامِلِهِ وَهُوَ يقول: فُتَّنِي يَا أحْمَدُ . فُتَّنِي يَا أحْمَدُ ، فَنَظَرَ الْإمَامُ إلْيهِ ، وَقَالَ: لَا بَعْدُ ، لَا بَعْدُ ". وَمِنْ دُعَاءِ الْمُؤْمِنِينَ : *(رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) [آل عمران: 8]*
أيْهَا الْمُسْلِمُونَ عِبَادُ اللَّهِ: انْ الْمُتَأَمِّلُ الْيَوْمَ فِي حَالِ الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ ، يَرَى ظَوَاهِرَ ضَعْفٍ فِي الِإسْتِقَامَةِ ، تَتَمَثَّلُ فِي رِقَّةِ الدِّيَانَةِ ، وَالتَّفْرِيطِ فِي أدَاءِ الْأمَانَةِ ، وَالتَّسَاهُلِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ وَالْخِيَانَةِ ، وَقَدْ يَكُونُ هَذَا الضّعْفُ مِمَّنْ أمضى شَطْرًا مِنْ عُمُرِهِ ، فِي صَلَاحٍ وَإسْتِقَامَةٍ ، وَلَكِنْ مَا أكْثَرَ مَنْ يَرْجِعُ أثْنَاءَ الطَّرِيقِ وَيَنْقَطِعُ ، وَيَكْثُرُ هَذَا فِي أخْرِ الزَّمَنِ ، وَعِنْدَ تَسَلُّطِ أهْلِ الْأهْوَاءِ وَالْفِتَنِ ، وَاسْتِطَالَةِ الْمِحَنِ ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ عُذْرًا لِلِإنْسَانِ عِنْدَ رَبِّهِ ، فَكُلُّ سَيُحَاسَبُ وَحْدَهُ ، وَكُلٌّ سَيَبْعَثُ وَحْدَهُ ،(وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) [مريم: 95]
أيَهَا الْمُؤْمِنُونَ : لَقَدْ كَانَ الِأخْيَارُ وَالصَّالِحُونَ ، آحْرُصْ مَا يَكُونُونَ عَلَى تَفَقُّدِ قُلُوبِهِمْ وَاصِّلَاحِهَا ، لَأنَ الْبِرُّ وَالتَّقْوَى لَا يُوجَدُ إلَا فِي الْقُلُوبِ الطاهرة الزكِيَّةِ النَّقِيَّةِ ، وَالِإيَمَانُ لَا يَسْكُنُ قَلْبًا مُلَوَّثًا بِالظُّلُمَاتِ وَالِأثَامِ ،
لِذَا كَانَ مِنْ دُعَاءِ الْخَلِيلِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: ( وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَيَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشعراء: 89]
وَمَنْ عَدَل اللَّهُ وفَضلَهَ ، ألَا يُضِلُّ مَنْ أقْبَلْ إلَيهِ ، وَآمْنَ بِهِ وَاتَّبَعَ هُدَاهُ ، وَلَا يَنْحَرِفُ الْعَبْدُ وَيَنْتَكِسُ إلَا بِسَبَبٍ مِنْهُ !!
كَمَا قَالَ اللَّهُ : (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [التوبة: 115]
وَقَالَ : (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ) [الأعراف: 146]
وَقَالَ تَعَالَى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَسَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي ۖ وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) [الأعراف: 175]
يَا سُبْحَانَ اللَّهِ ! يَا سُبْحَانَ اللَّهِ ! إنْسَانٌ يُؤْتِيهِ اللَّهُ آيَاتِهِ ويَخْلَعُ عَلَيْهِ مِنْ فَضلِهِ وَعِلْمِهِ ، وَيَكْسُوهُ مِنِ إحْسَانِهِ، وَيُعْطِيهِ الْفُرْصَةَ كَامِلَةً ، لِلْهُدَى وَالِإرْتِفَاعِ وَيَتْرُكُ ذَلِكَ كُلَّهُ ، وَيَخْلَعُ فَضْلَ اللَّهِ ، وَيَتْبَعُ الشَّيْطَانَ ، وَيَسْقُطُ مِنَ الثُّرَيَّا لِيَلْتَصِقَ بِالثَّرَى ، وَيُصْبِحَ حَالُهُ كَالْكَلْبِ يَلْهَثُ فِي كُلِّ أحْوَالِهِ ، إنْ طُورَدَ يَلْهَثُ ! وَإنَ لَمْ يُطَارِدْ فَهُوَ يَلْهَثُ فِي كُلِّ أحْوَالِهِ ! إنَّ الِإسْتِهَانَةُ بِالذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي سَبَبٌ كَبِيرٌ لِلِإنْتِكَاسِ وَالِإنْحِرَافِ ، (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) [النور: 15]
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « إيَّاكُم ومُحقَّراتِ الذُّنوبِ ، فإنَّهنَّ يجتمِعنَ على الرَّجلِ حتَّى يُهْلِكْنَهُ » رَوَاهُ الْإمَامُ أحْمَدْ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ
_^((#من_ذكريات_شهر_ذي_القعدة
#نظرات_في_سيرة_القائد_المظفر_قطز ))^_.doc'
وفي اليوم الخامس والعشرين وصل جيش التتار الجرار، يتقدمه كتبغا قائد الجيوش الأعظم، ولم يكن يعلم أن جيش المماليك أضحى قريبًا منه. وكخطة حربية، أخفى قطز القسم الأكبر من جنده خلف التلال القريبة، ودفع بقطعة من الجيش - وهي المقدمة - بقيادة بيبرس، ووصل بيبرس وحصلت مناوشات بينهما، استطاع بيبرس من خلالها استدراجَ التتار إلى كمين، فما أن بدأ القتال بينهما، حتى أظهر بيبرس انكساره، وبدأ ينسحب، والتتار تتبعهم، وانطلت الفكرةُ عليهم، حتى وصلوا إلى الكمين، فوقعوا فيه، ثم بدأت المعركة شديدةً طاحنة. ولم تمضِ سوى ساعات حتى بدا تقدم المسلمين، لكن الحرب كرٌّ وفرٌّ، استعاد التتار مواقعهم، وأعادوا ترتيب أوراقهم، وبدأتْ ميمنتهم تضغط - وبشدة - على ميسرة المسلمين، ولو أنهم واصلوا تقدمهم فاخترقوا الميمنة، لاستطاعوا الالتفاف حول المسلمين والقضاء عليهم؛ لكن قطز الواقف على مكان مرتفع يراقب سير المعركة، ويصدر أوامره في كل صغيرة وكبيرة، رأى تقدُّم ميسرة التتار، وانكسار ميمنة المسلمين، فألقى بالقوات الاحتياطية لدعم الميمنة؛ لكن الدعم لم يفلح، والشهداء بالعشرات يتساقطون، فما كان من القائد الشهم البطل إلا أن نزل بنفسه إلى ساحة القتال؛ ليرفع تلك الغمة عن الميمنة، وما أن وصل أرض المعركة، حتى صرخ بأعلى صوته: واإسلاماه! دوَّى الصوت عاليًا، ووصل إلى كل المعسكر، فارتفعتْ به روحُهم، واطمأنتْ به نفوسُهم، ثم أخذ خوذته وألقى بها على الأرض؛ إشارة لشوقه للشهادة، وأنه لا يخاف الموت، وبدأ يضرب يمينًا وشمالاً، والرؤوس تتطاير أمامه، وحمامات الدم غاصت بها الخيول إلى الركب، وفي هذه الأثناء لمح تتريٌّ الأميرَ قطز، فاستغلَّ نزوله إلى الساحة؛ لكي يقتله، وهو يعلم أن قتل القائد يعني هزيمة جنده (هذا في عرفهم فقط)، فما كان من التتري إلا أن صوَّب سهمه باتجاه قطز ورمى؛ ولكن لحكمة شاءها الله، فإن قطز لم يُصَبْ بأذًى، وإنما أصاب السهم عنق فرسه، فوقع من ساعته، وصار قطز يقاتل راجلاً دون فرس. رآه أحد الأمراء، جاء إليه وأعطاه فرسه؛ لكنه لم يَقبَله، وقال له: ما كنت لأحرم المسلمين من نفعك، وأُتي له بفرس من الخيول الاحتياطية فرَكِبَه، وتابع قِتاله، فما هي إلا ساعة من نهار، حتى بدا واضحًا التقدمُ الإسلامي، والتراجعُ التتري، وما لبثوا أن وقع ابن قائدهم كتبغا في الأسر، وجيء به إلى قطز، فأمر بقطع رأسه، ووُجد أبوه في القتلى، ففرَّ الجيش وانهزم. لما انتهت المعركة كلَّموه، فقالوا له: لِمَ لَمْ تأخذِ الفرس؟ لقد كدتَ تُهلك نفسَك والجيشَ! فقال - بكل إيمان -: أما أنا، فأروح إلى الجنة، وأما هذا الدِّين، فإن له ربًّا يدافع عنه ويحميه، ولقد استشهد فلان وفلان، وعمر وعثمان، فقيَّض الله لهذا الدِّين مَن يقوم بأمره، وما ضاع الدين. ومرَّ العسكر قرب بيسان، فرجع التتر وعاودوا القتال وبشراسة أكبر؛ انتقامًا لقائدهم الذي قُتل، وزلزل المسلمون زلزالاً شديدًا، وأبلوا بلاءً حسنًا، وما هي إلا غمضة عين وانتباهتها إلا والتتار يتراكضون أمام المسلمين تراكض النعاج أمام راعيها، والمسلمون يَقتلون ويأسرون ويجمعون الغنائم، ورأى قطز ذلك المشهد، ففاضتْ عَبرتُه، وسالتْ على الخد دمعتُه، ونزل على الأرض يقبِّلها ويمرغ بها وجهه، وصلى لله ركعتي شكر ومضى. وكتب السلطان قطز إلى أهالي دمشق يبشِّرهم بالنصر وبفتح الله، وهو أول كتاب ورد منه إلى أهالي دمشق، فاستقبلوا الكتاب فرحين مستبشرين بقرب نصر الله. وبعد أيام قلائل، توجَّه السلطان إلى دمشق؛ ليتابع ما جاء من أجله، وهو تطهير بلاد الشام من أذى التتار، ووصل دمشق صبيحة يوم عيد الفطر، وهو أحلى عيد مرَّ على أهالي دمشق، استقبلوا فيه المحرِّرَ بالورود والزغاريد، كان يوم سرور، سبقتْه سبعةُ أشهر من القهر والظلم، ذاقها الدمشقيون على يد التتار. وأرسل قطز بيبرس لمتابعة وملاحقة فلول التتار، فاتَّجه شمالاً حتى وصل حلب، وهي المعقل الشمالي للتتار. هولاكو في هذه الأثناء، وبعد بلوغه خبر انكسار جيشه، أرسل تعزيزاته وتهديداته لاسترداد حلب؛ لكنه لم يستطع ذلك، وجلُّ ما استطاع هذا الجيش الغاشم فِعلَه هي مجازر قاموا بها قبل انسحابهم من حلب. وليس من المبالغة أن نقول: إن معركة عين جالوت كانت حاسمة على كل المستويات.
هناك في عين جالوت، وعلى أرض فلسطين الحبيبة، سطَّر إخوانكم ملاحم التضحية والفداء، فرفعوا اسم الإسلام عاليًا، كان ذلك بعد مضي أقل من قرن على معركة حطين. فلسطين أرض البطولات قديمًا وحديثًا، فلسطين بمخلِصيها لم تركع يومًا، ولن تركع اليوم ولو تخاذل الجميع عنها؛ فهي تعلم أن الله معها، وكفى بمعية الله شرفًا ونصرًا. وإن الله الذي نصر أولئك الأبطال قادر أن يمنَّ بالنصر على أولئك الشجعان، الذين يسطرون كل يوم للدنيا وللتاريخ وللعالم سطورًا في الشجاعة، لم يعهدها التاريخ من غيرهم، لم ولن يركعوا لغير الله، ومن صان جبهته عن السجود لغير الله، أعزَّه الله.
"إني ما قصدت -أي: ما قصدت من السيطرة على الحكم- إلا أن نجتمعَ على قِتال التتار، ولا يتأتَّى ذلك بغير ملك، فإذا خرجنا وكسرنا هذا العدو، فالأمرُ لكم، أقيموا في السلطة مَن شِئتم"، ورضي القومُ وهدؤوا، وبدأت الاستعدادات للقاء ذلك الجيش.
سعى قطز إلى الوَحْدة مع الشام، أو على الأقل تحييد أمراء الشام، حتى يخلُّوا بينه وبين التتار دون أن يتعاونوا مع التتار ضده؛ ولكن النتائج كانتْ مخزية، فلمْ يُوافِقوا، حتى ولو جعلهم أمراء على الجيش؛ بل إنك لتعجب عندما تعلم أن بعض الأمراء فضَّل أن يكون في صفِّ التتار ضد قطز.
وكانت الدولةُ تعاني من أزمةٍ مالية حادَّة، والخزينةُ خاوية على عروشها، فقد اعتلا عرش مصر ستة ملوك في عشر سنوات، فارتأى القائدُ الحكيم أن يفرضَ ضرائب على الناس؛ لكي يمول بها الحرب، ولكنه لم يكن ليستطيع ذلك إلا إذا حصل على غطاء شرعي، وفعلاً عرض الأمر على الشيخ العز بن عبدالسلام، وطَلَبَ منه فتوى بهذا الخصوص.
فكانتْ فتوى الشيخ تقول: "إذا طرق العدوُّ البلاد وجب على العالَم كلهم قتالهم، وجاز أن يؤخذ من الرعية ما يُستعان به على جهازهم؛ بشرط ألاَّ يبقى في بيت المال شيء، وأن تبيعوا ما لكم من الممتلكات والآلات، ويقتصر كل منكم على فرسه وسلاحه، وتتساووا في ذلك أنتم والعامة، وأما أخذ أموال العامة مع بقاء ما في أيدي قادة الجند من الأموال والآلات الفاخرة، فلا".
إِنَّ المُلُوكَ لَيَحْكُمُونَ عَلَى الوَرَى *** وَعَلَى المُلُوكِ لَتَحْكُمُ العُلَمَاءُ
وفعلاً امْتَثَلَ قطز الأمر، وَبَدَأَ يبيع ما عنده، وتبعه الأمراءُ والوزراءُ والقوَّاد، وفي هذه الأثناء قدم رسل هولاكو برسالة تهديد ووعيد، يأمره فيها بتسليم البلاد، وجمع القواد ليستشيرهم في الأمْر، فكان مما أشير عليه: أن سلِّم البلاد لتقي العباد والبلاد شرًّا محققًّا، وهوَّنوا عليه الأمر، فقالوا: إن تسليم البلاد في مثل هذه الظروف لا يُعَدُّ عيبًا ولا عارًا، فمن يجرؤ على لقاء ذلك الجيش الغاشم؟!
لكنه قال: لا، -أَلَمْ أقل لكم: إنه رجل قال: لا، في زمنٍ لو قال فيه: نعم، لما لامه أحد؟!- قال: لا، أنا ألقى التتار بنفسي.
ثم راح يخاطبهم، ويقول: لكم زمان تأكلون من بيت مال المسلمين، وأنتم للغزو كارهون! مَن أراد أن يصحبني فليصحبني، ومَن أراد الجلوس فليجلس، وليعلم أنَّ الله مُطّلع على سريرته، وأنَّ خطيئة حريم المسلمين في رقاب المتأخرين عن القتال.
وكأنه بهذا الكلام الحماسي الصادق أثار حميتهم وغيرتهم، فقالوا: نحن معك -وكيف لا يكونون معه، وهم يرون أنه سيكون في مُقدمتهم، ولا أصدق من أن يجود الإنسان بنفسه؟!- ثم قال لهم وهو يبكي: يا أمراء المسلمين، إذا لم نكن نحن للإسلام، فمَن يكون؟!
وأمر بقطع رؤوس الرسل الأربعة، وتعليقها على أبواب القاهرة -وإيذاء الرُّسل في العلاقات الدولية أمر خطير- وكان ذلك بمثابة صافرة البداية.
وفعلاً أعدَّ نفسه، وهَيَّأَ جُنده للخروج للقاء أعظم جيشٍ على وجه الأرض في ذلك الزمان، لَمْ ينتظرْ دخولهم بل خرج إليهم؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ)[التوبة:123]، وبلاد الإسلام جميعها هي مما يلي هذا البطل، فهبَّ لنجدتها ملبِّيًا نداء الله.
أتَدْرُون إلى أين خرج؟ ولملاقاة مَن قد بَرَز؟! إنه قد خرج للقاء التتار، ذلك الجيش الذي كان يعيث في الأرض فسادًا، للقاء جيش كان إذا دَخَل مدينةً فإنه لا يُبْقِي ولا يذر، ذَهَبَ لِمُلاقاة جيش كان اسمه كافيًا لإدخال الرُّعب في قُلُوب الناس، فيسلِّمون البلاد بِغَيْر حرب، فيُذبحون ذبح النعاج، وكان جيش التَّتار في قمَّة انتصاراته، وفي أحسن حالاتِه النفسيَّة.
وقبل أن نتابعَ الحديث، ربما تجدر الإشارة للحديث عن التتار؛ لكي نكونَ على تصوُّر واضحٍ، ومعرفة صحيحة بقوة هذا الجيش: كان المغولُ قدِ اكْتسحوا البلاد الإسلامية واحدة بعد الأخرى، وهدموا متاريسها وجدرانها، وسووا الطريق أمام جحافلهم المتقدمة غربًا، ما مِن قيادةٍ إسلاميَّةٍ من أواسط آسيا، وحتى أطراف سيناء، إلاَّ وأذعنتْ لهم طوعًا أو كرهًا.
والذي حَدَثَ في بغداد معروف للجميع، ومعروف أيضًا المصير المفجع الذي آلتْ إليه أكبر قُوَّتينِ إسلاميتين في المشرق؛ الخوارزميون في بلاد فارس وما وراء النهر، والعباسيون في العراق، سنوات عديدة والمطاردات الرهيبة لا تفتر بين المغول وبين السلطان الخوارزمي الأخير جلال الدين، حتى كُسِر في آخرها.
أما الإمارات المحلية، فلم يكن مصيرها بأحسن من مصير دول الإسلام الكبرى، بعضها هادَنَ ونافَقَ ودعا إلى السلم، وهو في موقع الضَّعْف والهوان، فلم ينجه ذلك من سيوف المغول، وبعضها الآخر وَقَفَ الوقفة التي تَقْتَضِيها كرامة المسلم، فلقي من صُنُوف الأذى ما يشير إلى بشاعَة الطرائق التي اعتمدها المغول لإلقاء الرُّعْب في قُلُوب الخصوم.
🕌مُنْتَـدَىٰ.الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ.cc
📩 @Montda_alkotba
─────────────
خطبـــــــة.بعنـــــــوان.cc.
_^((#فضائل_ذي_القعدة))^_
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى
إنَّ الْحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْصَّادِقُ الْمَأْمُونُ اللَّهم صلِ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...
أما بعد :
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ......
أمَّا بَعْــــــدُ :
قال تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) [التوبة: 36]، فأخبر –سبحانه- أنه منذ خلق السماوات والأرض وخلق الليل والنهار يدوران في الفلك، وخلق ما في السماء من الشمس والقمر والنجوم، وجعل الشمس والقمر يسبحان في الفلك، وينشأ منهما ظلمة الليل وبياض النهار، فمن حينئذ جعل السنة اثني عشر شهرًا بحسب الهلال، فالسنة في الشرع مقدرة بسير القمر وطلوعه لا بسير الشمس وانتقالها كما يفعله أهل الكتاب.
وجعل الله –تعالى- من هذه الأشهر أربعة أشهر حرمًا، وقد فسرها النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث، وذكر أنها ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، وواحد فرد وهو شهر رجب، فقَالَ -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع: "إن الزَّمَان قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ وَذُو الحِجَّةِ وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ، الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ" (رواه البخاري ومسلم).
وسبب حرمتها أمور عدة منها:
- لعظم حرمتها وحرمة الذنب فيها، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "اختص الله أربعة أشهر جعلهن حرمًا، وعظَّم حرماتهن، وجعل الذنب فيهن أعظم، وجعل العمل الصالح والأجر أعظم".
- وقال كعب -رضي الله عنه-: "اختار الله الزمان فأحبّه إلى الله الأشهر الحرم"، وقد روي مرفوعًا، ولا يصح رفعه.
- وقيل أيضًا: سُميت حرمًا لتحريم القتال فيها.
وقال المفسرون: "إن العمل الصالح أعظم أجرًا في الأشهر الحرم, والظلم فيهن أعظم من الظلم فيما سواهن, وإن كان الظلم على كل حال عظيمًا".
وفي تفسير قوله تعالى: (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) [التوبة: 36]، قال أئمة التفسير: "في كلِّهن، ثم خصَّ من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حُرُمًا، وعظّم حُرُماتهن، وجعل الذنبَ فيهن أعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم".
وقال الطبري -رحمه الله-: "الضمير في قوله تعالى: (فِيهِنَّ) يعود على الأشهر الحرم، وذكر أدلته على ذلك، ثم عقب بقوله: فإن قال قائل: فإن كان الأمر على ما وصفت, فقد يجب أن يكون مباحًا لنا ظُلْم أنفسنا في غيرهن من سائر شهور السنة؟ قيل: ليس ذلك كذلك, بل ذلك حرام علينا في كل وقتٍ وزمانٍ, ولكن الله عظَّم حرمة هؤلاء الأشهر وشرَّفهن على سائر شهور السنة, فخصّ الذنب فيهن بالتعظيم، كما خصّهن بالتشريف, وذلك نظير قوله تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى)، ولا شك أن الله قد أمرنا بالمحافظة على الصلوات المفروضات كلها بقوله تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ)، ولم يبح ترك المحافظة عليهن، بأمره بالمحافظة على الصلاة الوسطى, ولكنه تعالى ذكره زادَها تعظيمًا، وعلى المحافظة عليها توكيدًا وفي تضييعها تشديدًا. فكذلك ذلك في قوله تعالى: (مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) [التوبة 36].
عباد الله: لقد أظلنا شهر ذي القعدة؛ ومن فضائله:
- ذو القعدة من الأشهر الحرم بغير خلاف، وهو أول الأشهر الحرم المتوالية. وقيل: إن تحريم ذي القعدة كان في الجاهلية لأجل السير إلى الحج، وسُمِّي ذا القعدة لقعودهم فيه عن القتال.
- هو أيضًا من أشهر الحج التي قال الله تعالى فيها: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) [البقرة: 197]، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: " أَشْهُرُ الحَجِّ: شَوَّالٌ، وَذُو القَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الحَجَّةِ"، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: " مِنَ السُّنَّةِ: أَنْ لاَ يُحْرِمَ بِالحَجِّ إِلَّا فِي أَشْهُرِ الحَجِّ" (صحيح البخاري).
والنبي ﷺ لما خرج بأصحابه في غزوة تبوك كان في حر شديد، وتخلف المنافقون، وقال بعضهم: ﴿لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ﴾ فرد القرآن عليهم: ﴿قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا﴾، فالحر لا يمنع من طاعة الله، بل هو ابتلاء للعباد، لينظر كيف يعملون، فيظهر من يطيعه في كل الأحوال والأوقات، فالخروج في الحر في سبيل الله إلى جمعة وجماعة، واحتساب الأجر في هذه المشقة، شأنه عظيم، يقولُ أبو الدرداء -رضي الله عنه-: صُومُوا يومًا شديدًا حرُّه لحَرِّ يومِ النُّشُور، وصَلُّوا ركعتَين في ظُلمةِ الليل لظُلمةِ القُبُور" ، ولما حضرت معاذًا الوفاة قال:" اللهم إني قد كنت أخافك، وأنا اليوم أرجوك، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا، وطول البقاء فيها، لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار، ولكن لظمأ الهواجر ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء بالركب، عند حلق الذكر".
وفي الصيف يستشعر العقلاء نعم الله عليهم، من ظل وتكييف وماء بارد، ﴿وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾، فلقد هيأ الله لعباده من أسباب الراحة ووسائل دفع أذى الحر مالم يتهيأ لمن كان قبلهم، يقول أنس-رضي الله عنه- «كُنَّا نُصَلِّي مع النبيِّ ﷺ، فَيَضَعُ أحَدُنَا طَرَفَ الثَّوْبِ مِن شِدَّةِ الحَرِّ في مَكَانِ السُّجُودِ». رواه البخاري، فهذه النعم تستوجب الحمد والشكر، ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ﴾.
أقول ما تسمعون، واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخُطْبَــــةُ.الثَّـــــــــانِيَةُ.cc
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد فاتقوا الله عباد الله، وكونوا من عباد الله الموفقين الذين يجعَلُون من هذه الأجواء الحارَّة بابًا واسِعًا للمعروفِ والإحسانِ، بالعمل الصالح، والصدقة الجارية بحفر الآبار، وسَقيِ الماءِ، وتسبيل البرادات في المساجد والأسواق، وغرس الأشجار؛ ففي كل كبِدٍ رَطبةٍ أجرٌ، واتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمرة.
اللهم أَظِلَّنِا تحت ظِلِّ عَرْشِكَ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّكَ، اللهم قنا عذاب السعير، وقنا عذاب السموم، واصرف عنا عذاب جهنم: ﴿إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا﴾.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأزواجه الطيبين الطاهرين، وصحابته الغر الميامين، وارض اللهم عن الأئمة المهديين، والخلفاء المرضيين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر صحابة نبيك أجمعين، ومن سار على نهجهم واتبع سنتهم يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين،..........
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
📲 قَنـاةُ【️مُنْتَـدَىٰ الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ】مِـنْ هُنـ↶ـا:
T.me/Montda_alkotba
*🌐مَجْمُوعَاتِنَا عَلىٰ الْوَاتسَ اَبِ هُنـ↶ـا:*
َhttps://chat.whatsapp.com/HxX6V7VfBNXDu44rAR4kCI
📩▎ أنْشُـرُوٰهَا واحْتَسِبُـوٰا الأَجْـرَ بِإِذْنِ اللَّهِ فَالـدَّالُ عَلَىٰ الخَيْـٰرِ كَفَاعِلِه.
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
_^((#من_صور_أكل_أموال_الناس_بالباطل ))^_.doc'
Читать полностью…هُوَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ، فَإيَّاكَ أنْ تَكُونَ مُعَادِيًا لِلَّهِ !
وَمِنْ صُوَرِ أكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ : السرقة، وَالْغَصْبِ، وَالنَّهْبِ، وَخِيَانَةِ الِأمَانَاتِ، وَالْوَدَائِعِ ، عِنْدَهُ أمَانَاتٌ ، أوْ وَدَائِعُ أكْلِهَا بِالْبَاطِلِ ، أوْ كَانَ عَامِلًا فِي مَصَارِفَ أوْ مَصَحَّاتٍ، أوْ مُسْتَشْفَيَاتٍ ، أوْ مَطَاعِمَ ، أوْ مَتَاجِرَ ، أوْ مَحَلَّاتٍ ، أوْ كَانَ أمِينًا عَلَى مُمْتَلَكَاتٍ بَأجَرَتْهُ خَانَهُمْ بِشَيْءٍ ، أوْ جَامِلَ الْغَيْرِ آكْلٌ لِلْمَالِ بِالْبَاطِلِ .
وَمِنْ صُوَرِ أكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ : أكْلُ الزَّكَوَاتِ ، وَأكِلُ الصَّدَقَاتِ، الَّتِي تُعْطَى لِمَنْ كَانَ مُؤْتَمَنًا فِي بِنَاءِ مَسَاجِدَ ، أو أبَارٍ أوْ كَفَالَةِ أيْتَامٍ ، أوْ طُلَّابٍ ، أوْ مُحْتَاجِينَ ، أوْ رِعَايَةِ مَنْ هُمْ ، فَأكِلُ أمْوَالِهِمْ ذَلِكَ كُلُّهُ يُعَدُّ مِنْ أكْلِ أمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَخِيَانَةً لِلَأمَانَاتِ.
وَمَنْ صَوَّرَهَا أيْضًا : أكْلُ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ وَالنَّفَقَاتِ وَالْمُمْتَلَكَاتِ عَبْرَ الْوَسَائِلِ الْحِزْبِيَّةِ وَالْجَمْعِيَّاتِ الدُّنْيَوِيَّةِ ، الَّتِي لَهَا صُوَرٌ مَعْلُومَةٌ فِي كَفَالَةِ أيْتَامٍ وَأرَامِلَ ، وَبِنَاءٍ مساجد ، وَحَفْرِ أبَارٍ وَغَيْرِهَا ، وَهِيَ لَأمُورٌ حِزْبِيَّةٌ وَقَضَايَا سِيَاسِيَّةٌ ، وَتَفْجِيرَاتٌ، وَتَكَتُّلَاتٌ، وَسِرِّيَّاتٌ، وَتَنْظِيمَاتٍ ضَارَّةٌ بِهِمْ وَبِمُجْتَمَعٍهم ، كَمَا كَشَفَتْ حَقَائِقُ اللِّثَامِ وَمَا تَحْتوِ تِلْكَ الْأثَامُ وَمَا نَالَ الأنام مِنَ أنْوَاعِ الِإجْرَامِ ، مِمَّا جَرَتهُ تِلْكَ التَّحَزُّبَاتُ ومِنْ صُوَرِ أكْلِ الْمَالِ ظُلْمًا ، أكْلُ الِأوْقَافِ وَالْوَصَايَا ، تَزْوِيرُ الْبَصَائِرِ الْمُمْتَلَكَاتِ .
وَمِنْ صُوَرِ أكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ: الْمُكَوسِ وَالْجَمَارِكُ والضرائب ، يَقُولُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- كَمَا فِي الصَّحِيحَةِ صَاحِبُ الْمَكْسِ النَّارُ « إنَّ صاحبَ المُكسِ في النَّارِ ..» ذَكَرَهُ الْألْبَانِيُّ في السلسلة الصَّحِيحَةُ.
تَأْكُلُ الضَّرَائِبُ وَالْجَمَارِكُ عَلَى أرَاضِي بُيُوتِ، مُمْتَلَكَاتِ، سيارات ، عَقَارَاتٍ، فِي بِنَاءٍ أرْضِيٍّ أوْ دَوْرِيِّ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ أنْوَاعِ الِأكْلِ بِالْبَاطِلِ ، فَمَنْ أمْرَ، أوْ جَبَا، أوْ سَعَى أوْ لَبَِّسَ، أوْ حَمَلَ سِلَاحَهُ، أوْ زُورَ أوْرَاق ، أوْ مُمْتَلَكَاتٍ ، فَقَدْ سَعَى إِلَى أكْلِ أمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ، فَانْظُرْ لِنَفْسِكَ مُخْرَجٌ قَبْلَ حُلُولِ الْآفَاتِ ، وَنُزُولِ الْبَلِيَّاتِ فِي أمْرَاضٍ تُصِيبُهُمْ ، يَا عِبَادَ اللَّهِ النَّبِيُّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- يَقُولُ :« إنما تُنصرونَ وتُرزقونَ بضعفائِكم .. »
وَمِنْ صُوَرِ أكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ : الْبُيُوعُ الْمُحَرَّمَةِ ، وَالْمُعَاوَضاتُ الْمُحَرَّمَةُ ، بَيْعُ التُتْنِ وَالتَّنْبَاكِ وَالْجِرَاك وَالْمُعْسِلِ وَالْمُسَكرَاتِ وَالْحَشِيشَةِ وَالْأَدْخِنَةُ أكْلٌ لِلْمَالِ بِالْبَاطِلِ ، وَاللَّهِ لَأرِمِينَهَا بَيْنَ أظْهَرْكُمْ فَاقْبَلُوهَا أوْ رَدِّوهَا بَرَاءَةً لِلذِّمَّةِ
وَمِنْ صُوَرِ أكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ : أكْلُ مُهُورِ النساء ، بَيْعِ فُرُوجِ الْبَنَاتِ وَالِأمْهَاتِ وَالْخَالَاتِ ، يَأْكُلُوا أمْوَالَهَا وَيَأْكُلُ حُقُوقَ فَرْجِهَا ، وَيَهْضِمُ حَقَّ إبْنَتِهِ ، وَمِنْهَا سَرِقَةُ الْمَرْأَةِ وَأخِذُهَا مِنْ مَالِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ أذْنِهِ ، وَمِنْهَا أكْلُ الْمُهُورِ للْمُطَلَّقِينَ وَالْمُخَالِعِينَ فتوبوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ، وَتَبَرَّأُوا مِنْ حُقُوقِ الْخَلْقِ قَبْلَ لقاء الْخَالِقِ
أسْأَلِ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا بِأسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَى أنْ يَغْفِرْ لَنَا وَلَكُمْ مَا قَدَّمْنَا وَمَا أخْرِنَا وَمَا أسْرِنَا وَمَا أعْلِنَا وَمَا أسْرَرْنَا ، رَبَّنَا أتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الَآخِرَةِ حسنة وقنا عَذَابُ النَّارِ ، اللَّهُمَّ أعْزِ الْإسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ وَاذِلِ الشِّرْكِ وَالْمُشْرِكِينَ وَدْمُر أعداك أعدا الدِينٍ ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِالْمُتَآمِرِينَ عَلَى الْإسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِالْمُتَآمِرِينَ عَلَى الْيَمَنِ وَالْيَمَنِيِّينَ اللَّهُمَّ فرجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ ، اللَّهُمَّ فَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ ، وَأقِمِ الصَّلَاةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
يُصِبْ يَتَحَرَّى السَّدَادِ ثُمَّ يُسَدِّدُ إلَا سَلَكَ فِي الْجَنَّةِ. »
وَفِي الصَّحِيحَةِ أَيْضًاً : أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: « أبْشُرُوا . أبْشُرُوا ؛ فَإِنَّهُ مَنْ لَقِيَ اللَّهَ ، أَوْ قَالَ: فَإنَه مَنْ حَافَظَ عَلَى هَذِهِ الصَّلَوَاتِ ، وَاجْتَنِبَ الْكَبَائِرَ ، دَخَلَ الْجَنَّةَ ، مِنْ أي أبْوَابِهَا شَاءَ ،
أبْشُرُوا . أبْشُرُوا فَإِنَّهُ مَنْ حَافَظَ عَلَى هَذِهِ الصَّلَوَاتِ وَاجْتَنِبِ الْكَبَائِرَ دَخَلَ الْجَنَّةَ مِنْ أيِ أبْوَابِهَا شَاء : عُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ ، وَالشِّرْكِ بِاللَّهِ ، وَقَتْلِ النَّفْسِ ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ ، وَأكِلُ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَالْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ ، وَأكِلِ الرِّبَا ، أَوْ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ.»
وَفِي صَحِيحِ الْجَامِعِ أَيْضًاً : مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: « ما قال عبدٌ لا إلهَ إلَّا اللهُ . قطُّ مخْلِصًا إلَّا فُتِحَتْ له أبوابُ السماءِ حتَّى تُفْضِيَ -وفي لفظ حتَّى يُفضيَ - إلى العرشِ ما اجتُنِبت الكبائرُ .. »
فَتَأَمَّلُوا رَعَاكُمُ اللَّهُ ؛ مَكَانَةَ التَّوْحِيدِ الَّذِي هُوَ أعْظَمْ حُقُوقِ اللَّهِ عَلَى الْعَبِيدِ ، حِينَ صَدَقَ فِي قَوْلِهِ وَاسْتَقَامَ قَلْبُهُ فنطق بِالْكَلِمَةِ الَّتِي صَعِدَتْ بِهِ وَبِعَمَلِهِ إِلَى اللَّهِ ، لِيَكُونَ لَهَا دَوِيٌّ حَوْلَ الْعَرْشِ مَا دَامَ مُجْتَنِبًا لِلْكَبَائِرِ ، فَهِيَ الْمُثْقَلَةُ لِتِلْكَ الْكَلِمَةِ عَنِ الصُّعُودِ ، وَالْجَاذِبُ لَهَا إلي الْهُبُوطُ ، وَكَذَلِكَ صَاحِبُهَا صِدْقًا وَإخِلَاصًا وَمَحَبَّةً وَإتِّبَاعًا أوْ شِرْكًا وَإبْتِدَاعًا ،
وَفِيهِ أيْضًا في صَحِيحِ الْجَامِعِ ، أنَّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: « من جَاءَ يَعْبُدُ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَيُقِيمُ الصَّلَاةَ وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ ، وَيَصُومُ رَمَضَانَ ، وَيَتَّقِي الْكَبَائِرَ ، فَإنَ لَهُ الْجَنَّةُ. »
وَفِي الِأدْبِ الْمُفْرَدِ ، بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مَوْقُوفٍ عَنْ بْنِ عُمَرَ ، وَلَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ « أنْهُ قَالَ لِرَجُلٍ: أنْهِ قَالَ لِرَجُلٍ: أتْفَرقُ مِنْ النَّارِ ؟ وَتُحِبُّ أن تَدْخُلُ الْجَنَّةِ ؟ قَالَ: أيْ وَاَللَّهِ ، قَالَ أحْي وَالدَّاكَ ؟ قَالَ: عِنْدِي أمِّي ، قَالَ: وَاَللَّهِ لَئِنْ ألنَّتُّ لَهَا الْكَلَامُ ، وَأطَّعَمْتْهَا الطَّعَامَ ، لَتَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مَا اجْتَنَبْتَ الكبائرَ .»
قُلْتُ مَا سَمِعْتُمْ وَأسْتَغْفَرَ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إنْهُ هو الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
*الخطبة الثانية:*
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى، وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ أصْطَفَى ، وَأشْهَدِ أنْ لَا إلْهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، خَلْقُ الْخَلْقِ وَأعْمَالَهُمْ ، وَقَدْرَ أرْزَاقِهِمْ وَآجَالِهُمْ ، لَا تُحْصَى مَقْدُورَاتُهُ ، وَلَا تَتَنَاهَى مَعْلُومَاتُهُ علا فَقُهْر وَبَطْن فَخبر وَمَلَك فَقَدْر.
وَأشْهَدْ أنْ لَا إلْهُ إلَا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأشْهَدِ أنْ مُحَمَّدًا عَبْدَهُ وَرَسُولَهُ ، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آلَهُ وَصَحْبَهُ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا - وَبَعْدُ.
أيُّهَا الْمُسْلِمُونَ عِبَادُ اللَّهِ : إنْ تِلْكُمْ الَآيَةَ الْمُبَارَكَةُ الَّتِي تُلِيَتْ أنْفًا فِي الثُّلُثِ الِأوْلِ مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ ،
تَقَدَّمَهَا قَوْلُ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- *(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا ...) [النساء: 30]*
وَالِإشَارَةُ إلَى أكْلُ أمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ، أوْ سَفْكِ الدِّمَاءِ ، قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: *(وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) [النساء: 30]*
فَذَكَرَ كَبِيرَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ :(إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ) وَثَمَّةَ إشَارَةُ إلَى هَاتَيْنِ الْكَبِيرَتَيْنِ مَعَ أنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ كَثِيرَةً ، لَيْسَتْ سَبْعًا بَلْ تَفُوقُ السَّبْعِينَ.
🕌مُنْتَـدَىٰ.الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ.cc
📩 @Montda_alkotba
─────────────
خطبـــــــة.بعنـــــــوان.cc.
_^((#من_صور_أكل_أموال_الناس_بالباطل ))^_
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
الخُطْبَــــةُ.الْأُولَـــــــــى.cc
إنّ الْحَـمْدُ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمن سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،
*﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:١٠٢].*
*﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إن اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء:١].*
*﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب:٧٠-٧١]*
*أَمَّا بَعْدُ:*
فإِنَّ خَيْرَ الْحديث كَلامُ اللهِ ، وَخَيْر الْهَدْى, هَدْى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وَشَرّ الْأُمُور مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
أيَهَا الْمُسْلِمُونَ عِبادَ اللَّهَ :
يَقُولُ الْمَوْلَى -جَلَّ وَعَلَا- فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ: *(إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا) [النساء: 31]*
هَذَا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ -جَلَّ وَعَلَا- وَإحِسَانِهِ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ، حَيْثُ وَعَدَهُمُ إِذَا إجْتَنَبُوا كَبَائِرَ الْمَنْهِيَّات أنْ يَغْفَرُ لَهُمْ جَمِيعُ الذُّنُوبِ وَالسَّيِّئَاتِ ، وَأنْ يُدْخِلُهُمْ مَدْخَلًا كَرِيمًا كَثِيرَ الْخَيْرَاتِ ، وَهُوَ الْجَنَّةُ ، الْمُشْتَمِلَةُ ، عَلَى مَا لَا عَيْنَ رَأَتْ ، وَلَا أذْنَ سَمِعْتْ ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ،
وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ: لِلْكَبَائِرِ تَعْرِيفَاتٍ مُتَنَوِّعَةً ، وَمَنْ أحْسَنَ مَا حَدَثَ بِهِ أنَّ الْكَبِيرَة مَا رَتَّبَ عليها حَدٌّ فِي الدُّنْيَا ، أوْ وَعِيدٌ فِي الِآخِرَةِ ، أوْ نَفْيِ إيْمَانَ أوْ رُتَّبَ عَلَيْهَا لَعْنَةً ، أوْ غَضَبٍ ، وقد جَعَلَ اللَّهُ -جَلَّ وَعَلَا- مِنِ أبْرَزِ صِفَاتِ الْمُتَقِين الْمُتَوَكِّلِينَ أنَّهُمْ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإثْمِ وَالْفَوَاحِشِ .
فَقَالَ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ : *(فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ[ 36] وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) [الشورى: 37]*
قَالَ فِي مَبْدَأِ الِآيَةِ: *(فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ)* أيْ مِنْ مَالٍ، أوْ جَاهٍ، أوْ وَلَدٍ، أوْ قَنَاطِيرَ مُقَنْطَرَةٍ وَأمَوَالٍ مُجَمَّعَةٍ ، مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ،
وَمَا أُوتِيتُمْ أيِضًا : مِنْ أنْوَاعِ الِأنْعَامِ، بَقَرِّهَا، وَغَنَمِهَا ، وَإبِلِهَا ، وَمِنْ أنْوَاعِ الْحَرْث ، زَرْعٌا ، وَعَقَارًا، كُلُّ ذَلِكَ يُعَدُّ مَتَاعًا.
ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ،
قَالَ فِي سُورَةِ الْقَصَصِ : *(فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ۚ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ۚ )*
وَالْمَعْلُومُ لِلْعَاقِلِ أَنَّ الْمَتَاعَ عُمْرُهُ زَائِلٌ ، وَهُوَ ضَيْفٌ رَاحِلٌ ، وَأَنَّ النَّعِيمَ الْبَاقِيَ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي السَّعْيُ إِلَيْهِ ، *(قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَٰلِكُمْ )* وَالْإِشَارَةُ إِلَى مَتَاعِ الدُّنْيَا *( لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ )* الْآيَةِ ( وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ۚ ) مِنْ هَذَا الْمَتَاعِ الَّذِي سَيَذْهَبُ عَنْهُ ، الْمَتَاعُ وَالْمُتَمَتِّعُ كُلُّ ذَلِكَ زَائِلٌ ،( لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ) قَالَ (فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ
قَالَ : أمَا نَحْنُ سَأَلْنَا اللَّهَ خَمْسَةً أعْطَانَا عَشَرَةً ، الْبَضَائِعُ لَكَ وَأنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ ، وَأنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ ، اللَّهُ يُفَرِّجُ عَنْكَ ،
يَا عِبَادَ اللَّهِ:- أحْفَظُوا الِأدَّعِيَةَ الَّتِي فِيهَا قَضَاءُ الدَّيْنِ ، وَمَنْ أعْظَمَّهَا دُّعَائِيَّن : أحفظها عَلَّمَهُمَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصَّحَابَةَ ، عَلَّمَ عَلِيًّا أنْ يَقُولُ: « اللَّهُمَّ أكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ ، وَأغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ. »
وَقَالَ : لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جِبَالِ الصَّبِيرِ لَأدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ « اللَّهُمَّ أكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ ، وَأغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ . »
وَالْحَدِيثُ الثَّانِي : حَدِيثُ مُعَاذٍ عَلِمَ مُعَاذٌ بْنِ جَبَلٍ ، قَالَ يَا مُعَاذُ : ألَا أُعَلِّمُك دُعَاءً لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ ، لأدَّى اللَّهُ عَنْكَ قُلِ « اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ ، تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ ، وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ ممَنْ تَشَاءُ ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ ، وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ ،بيدِك الْخَيْرُ إنَّك عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، رَحْمَنُ الدُّنْيَا والآخرةِ وَرَحِيمَهِمَا تُعْطيهما مَنْ تَشَاءُ ، وَتَمْنَعُهُمَا مَنْ تَشَاءُ ، ارْحَمْنِي رَحْمَةً تُغْنِينِي بِهَا عَنْ رَحْمَةٍ مِنْ سِوَاكٍ. »
فَاحْفَظُوا هَذِهِ الدُّعَاءًَ ، أَحْفَظُوا هَذَيْنِ الدَعَّائِين ، وَادْعُوا اللَّهَ بِهِمَا ، فَإِنْهُمَا مِنَ أَسْبَابِ تَفْرِيجِ الْهُمُومِ وَالْغُمُومِ .
يَا عِبَادَ اللَّهِ :- الْيَوْمَ مَا أَكْثَرَ الْمَدْيُونِينَ الْيَوْمَ ، مَا أَشْدُ الدّين عَلَى النَّاسِ ، الْهَمُّ الْغَمُّ، بِسَبَبِ الْفَقْرِ ، تَعْلَمُونَ -يَا عِبَادَ اللَّهِ-
كَيْفَ أَصَابَ النَّاسُ مِنْ الْبَلَاءِ مَا أَصَّابَهُمْ ؟! ، فَتَعَاوَنُوا -يَا عِبَادَ اللَّهِ- عَلَى الْخَيْرِ تَعَاوَنُوا -يَا عِبَادَ اللَّهِ- عَلَى فِعْلِ الْمَعْرُوفِ ، تَعَاوَنُوا -يَا عِبَادَ اللَّهِ- عَلَى إِنْظارِ الْمُعْسِرِ وَالْمَحْوِ عَنْهُ ، وَمَنْ كَانَ ذَا قُدْرَةٍ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ مَدْيُونٍ فَلْيُؤَدِّي ،
فَأَحبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ ، «سُرُورٌ تدْخُلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ ، أَوْ تَطْرَدُ عَنْهُ جُوعًا ، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا. »
اللَّهُمَّ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالِإكْرَامِ ، أسْأَلْكَ بِأسْمَائِكَ الْحُسْنَى وَصفَاتِكَ الْعُلَا أنْ تَدْفَعُ عنا كُلَّ سُوءٍ وَمَكْرُوهٍ بِرَحْمَتِكَ يَا أرْحَمِ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالِإكْرَامِ ، نَسْأَلُكَ بِأسْمَائِكَ الْحُسْنَى وَصِفَاتِكَ الْعُلَى ، ألَا تَدَعُ لَنَا ذَنْبًا إلَا غَفَرْتَهُ ، وَلَا دِينَا إلَا قضيته ، وَلَا هُمَا إلَا فَرَجَتُهُ ، وَلَا كَرْبَا إلًّا أزلَتْهُ ، وَلَا حَاجَةَ مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَالَآخِرَةِ لَنَا فِيهَا خَيْرٌ وَلَكَ فِيهَا رِضَا إلَا سَهَّلْتَهَا يَا أرْحَمِ الرَّاحِمِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
📲 قَنـاةُ【️مُنْتَـدَىٰ الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ】مِـنْ هُنـ↶ـا:
T.me/Montda_alkotba
*🌐مَجْمُوعَاتِنَا عَلىٰ الْوَاتسَ اَبِ هُنـ↶ـا:*
َhttps://chat.whatsapp.com/HxX6V7VfBNXDu44rAR4kCI
📩▎ أنْشُـرُوٰهَا واحْتَسِبُـوٰا الأَجْـرَ بِإِذْنِ اللَّهِ فَالـدَّالُ عَلَىٰ الخَيْـٰرِ كَفَاعِلِه.
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
أنْظُرْتَهُ ، يَكْتُبُ اللَّهُ لَكَ كُلَّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ ، يَعْنِي أنْظُرُوا المُتَاجَرَةً مَعَ اللَّهِ خَمْسَةَ ألْفَ ، تَنْظُرُهُ إِلَى شَهْرٍ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَةُ ألْفُ أضرِبْ خَمْسَةَ ألْفَ فِي ثَلَاثِينَ ، كَمْ كُلَّ يَوْمٍ ؟! وَبَعْدَ ذَلِكَ الشَّهْرِ الثَّانِي أنْظُرْتُهُ كُلَّ يَوْمٍ لَكَ عَشَرَةُ ألَافٍ ، كَمْ مِنْ أجْورٍ وَحَسَنَاتٍ وَصَدَقَاتٍ تَكْتُبُ لَكَ؟!
لِهَذَا -يَا عِبَادَ اللَّهِ- كَانَ بَعْضُ السَّلَفِ بَعْضَ الصَّحَابَةِ، يَحْرِصُ عَلَى أنْ يُقْرِضُ النَّاسَ ، عَلَى أنْ يُقْرِضُ النَّاسَ مِنْ أجْلِ أنْ يَحصل هَذِهِ الَأجُورَ ،
فَهَذَا قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنُ عُبَادَةَ ، بَاعَ أرْضًا بِتِسْعِينَ ألْفَ دِينَارٍ ، فَرَأَى الْمَالَ الْكَثِيرَ فَأمْرُ مُنَادِيًا أنْ يُنَادِي فِي السُّوقِ ، مَنْ أرَادَ الدِّينَ فَلْيَأْتِ إِلَى قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ، أنْظُرُوا النُّفُوسَ الَّتِي تُفْرِجُ عَنْ النَّاسِ فِي وَقْتِ الْكَرْبِ وَالشَّدَائِدِ ، يُنَادِي فِي السُّوقِ مَنْ أرَادَ الدِّينَ مَنْ أرَادَ أنْ يَسْتَدِينَ يَقْتَرِضُ ، فَلْيَأْتِي قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ، فَجَاءَ النَّاسُ فَأقْرَض مِنْهَا خَمْسِينَ ألْفًا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ، خَمْسِينَ ألْفُ أقرَضْ مِنْهَا ، ثُمَّ مَرِضَ بَعْدَ ذَلِكَ ، هُوَ مَحْبُوبٌ بَيْنَ النَّاسِ ، يَعُودُهُ النَّاسُ إِذَا مَرِضَ فَقَالَ: لِزَوْجَتِهِ قُرِيبَةُ أخْتِ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، قَالَ لِزَوْجَتِهِ : يَا قَرِيبَةُ مَا لِلنَّاسِ لَمْ يَعُودُونِي ، مَا أَتَى ؟! قَالَتْ النَّاسُ يَسْتَحُونَ مِنْ الدِّينِ الَّذِي عَلَيْهِم ، يَسْتَحُونَ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ ، حَلَّ الِأجْلُ ما أسْتَطَاعُوا أنْ يُقضوا ، فَأمْرُ مُنَادِيًا يُنَادِي فِي السُّوقِ ، مَنْ كان عَلَيْهِ دَيْنٌ لِقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ.
فَمَا جَاءَ الْمَغْرِبُ إلًّا وَقَدْ إنْكسرَتْ عَتَبَةُ الْبَابِ، مِنْ كَثْرَةِ مَنْ جَاءَ يَعُودُهُ مِنْ النَّاسِ.
فَانْظُرُوا -يَا عِبَادَ اللَّهِ- كَيْفَ يَكُونُ حَالُ الَّذِي يُرِيدُ الْخَيْرَ ؟! أنْتَ تُنْفَّسْ عَنْ أخْيِكَ كُرْبَةً هُمْ عَظِيمُ واللَّهِ ، الدِّينُ هُمْ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ ، هُمْ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا الرَّبُّ -عَزَّ وَجَلَّ-
الدِّينُ كَمَا تَرَوْنَ فِي أمْثَالِ النَّاسِ ، سَوَادَ الْخَدَّيْنِ ،
الدِّينُ الْهَمُّ وَالْغَمُّ الْأرْق
ذَكَرَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي تَارِيخِ بَغْدَادَ: أنْ رَجُلًا حَضرَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ ، قَالَ: فَرَأَيْتُ رَجُلًا حُسْنَ الْهَيْئَةِ عَلَيْهِ أثَّارَ الْخُشُوعَ وَالصَّلَاحُ يُصَلِّي فِي الصَّفِّ الِأوْلِ ، الصَّفَّ الِأوْلُ ، المسَاجِدٌ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ كِبَارُ الْألوفِّ تُصَلِّي فِيهَا ، قَالَ : فَرَأَيْتُهُ مُنْذُ أنْ دَخَلَ ، قَبْلَ أنْ يَطْلُعُ الْإمَامُ وَهُوَ يُصَلِّي ، يَتَنَفَّلُ يُصَلِّي النَّافِلَةَ فَرَأَيْتُ من حُسن صَلَاتَهُ ، وَرَأَيْتُ مِنْ إقْبَالِهِ وَخُشُوعِهِ مَا جَعَلَهُ يَدْخُلُ فِي قَلْبِي.
فَجَاءَ الْإمَامُ وَخَطَبَ: فَلَمَّا أقِيمَتْ الصَّلَاةُ جَلَسَ أقِيمَةَ الصَّلَاةِ وَهُوَ جَالِسٌ ، قَامَ النَّاسُ يُصَلُّونَ وَبَقِيَ عَلَى جِلْسَتِهِ ، لَمْ يَقُمْ يُصَلِّي ، فَغَاظِنِي أنْهَيْنَا الصَّلَاةَ وَهُوَ جَالِسٌ ، فَلَمَّا أنْتَهَيْتُ مِنْ الصَّلَاةِ قُمْتُ إلَيهِ ، قُلْتُ :سُبْحَانَ اللَّهِ رَأَيْتُك فَأعْجَبْتَنِي بِمَا عَلَيْكَ مِنْ الْخُشُوعِ ، أحْسُنْتْ النَّافِلَةَ ،
فَلَمَّا جَاءَتْ الْفَرِيضَةُ ضَيْعَتْهَا ؟! قَالَ: يَا هَذَا إنْ لِي عُذْرًا ، إنْ لِي عُذْرًا ، قَالَ ماعُذْرُكَ ؟
قَالَ إنِّي امْرُؤٌ عَلَيَّ دَيْنٌ ، مُخْتَبِئٌ فِي بَيْتِي مِنْ فَتْرَةٍ فَخَرَجْتُ الْيَوْمَ لَأصْلِي فَأتَيْتُ ، فَلَمَّا أقِيمَتِ الصَّلَاةُ ، إلْتَفَتْ خَلْفِي فَإذَا بصَاحِبُ الدَّيْنِ وَرَاءَي ، فَأحْدَثْتُ فِي ثِيَابِي بَالٍ أوْ تغُوط مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ بَالٌ ...!
فَقُلْتُ: مَنْ صَاحِبِ دِينِكَ ؟! مِنْ صَاحِبِ دِينِكَ !! قَالَ: دَعْلَجٍ بْنُ أحْمَدٍ ، وَدَعْلَجٍ بْنُ أحْمَدٍ ، أحْدَ التُّجَّارِ الْمُحَدِّثِينَ ، صَاحِبَ خَيْرٍ وَنَفَقَةٍ وَصَدَقَةٍ ،
قَالَ: وَبِجِوَارِنَا صَاحِبٌ لِدَعْلَجٍ يَسْمَعُ الْكَلَامَ ، فَانْطَلَقَ إلي دَعْلَجٍ ، وَقَالَ الرَّجُلُ: الَّذِي بِالِأمَامِ حَصَلَ لَهُ كَذَا وَكَذَا ، قَالَ: فَزع هَذَا الْفَزَعِ ، قَالَ نَعَمْ.
جَاءَ التَّرْغِيبُ -يَا عِبَادَ اللَّهِ- جَاءَ التَّرْغِيبُ فِي إِنْظَارُ الْمُعْسِرِ ، جَاءَ الترغيب فِي إِنْظَارِ الْمُعْسِرِ وَالتَّجَاوُزِ عَنْهُ ، فَإِذَا داينتَ -يَا عَبْدَ اللَّهِ- رَجُلًا ، وَرَأَيْتُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ ، جَاءَ فِي شَرْعِ اللَّهِ ، فِي الْكِتَابِ وَفِي السُّنَّةِ التَّرْغِيبُ فِي إِنْظَارِهِ ، أَنْ تُجْعَلَ لَهُ مُدَّةً ، أَنْ تُفْسحَ لَهُ فِي الِأجْلِ ، أوْ أنْ تَمْحُو عَنْهُ ، تُسَامِحُهُ تَعْفُو عَنْهُ ، جَعَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ الْأَجْرَ الْعَظِيمَ وَالثَوَابَ الْكَثِيرِ.
وَقَدْ قَالَ رَبُّ الْعِزَّةِ: *﴿ وَإِن كَانَ ذُو عُسۡرَةࣲ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَیۡسَرَةࣲۚ ﴾[البقرة : ٢٨٠]*
وَإنَ كَانَ صَاحِبَ دِينٍ ذُو عُسۡرَةࣲ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَیۡسَرَةࣲۚ وَأَن تَصَدَّقُوا۟ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ.
وَإنَ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ ، جَاءَ الْمَوْعِدُ لِسَدَادِ الدَّيْنِ رَأَيْتُ أنْهُ مُعْسِرٌ ، فَقَالَ: لَكَ يَا أخِي أمْهِلْنِي شَهْرَ ، أمْهِلْنِي شهرين ، الَّذِي يَنْبَغِي عَلَيْكَ أنْ تَنْظُرُهُ ، وَالْوَاجِبُ عَلَيْكَ أنْ تُؤَخِّرُهُ ، وَإنْ عَفَوْتَ عَنْهُ وَمَحَوتُ الدِّينِ الَّذِي عَلَيْهِ فَهُوَ خَيْرٌ.
ثُمَّ قَالَ رَبُّ الْعِزَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ: *﴿ وَٱتَّقُوا۟ یَوۡمࣰا تُرۡجَعُونَ فِیهِ إِلَى ٱللَّهِۖ ﴾*
أنْظُرُوا -يَا عِبَادَ اللَّهِ- بَعْدَ هَذِهِ الَآيَةِ ، ﴿ وَإِن كَانَ ذُو عُسۡرَةࣲ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَیۡسَرَةࣲۚ وَأَن تَصَدَّقُوا۟ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ﴾
[البقرة : ٢٨٠]
قَالَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ : *﴿ وَٱتَّقُوا۟ یَوۡمࣰا تُرۡجَعُونَ فِیهِ إِلَى ٱللَّهِۖ ﴾* مَا مُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْايَةِ بَعْدَ هَذِهِ الَآيَةِ ؟ يَقُولُ الْقَاسِمُ فِي تَفْسِيرِهِ : وَمَعْنَى ذَلِكَ أنْ مَنْ ضَيقَ عَلَى الْمَدِينِ الْمُعْسِرِ ضَيَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَٱتَّقُوا۟ یَوۡمࣰا تُرۡجَعُونَ فِیهِ إِلَى ٱللَّهِۖ . مَنْ ضَيَّقٍ عَلَى صَاحِبِ دَيْنٍ مُعْسِرٍ وَطَالَبَهُ بِكُلِّ حَقِّهِ ، ضَيَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَمَنْ عفا وتَجَاوَزَ ؛ تَجَاوَزَ اللَّهِ عَنْهُ ، فَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ.
وَهَكَذَا أيْضًا فِي مَعْنَى الِآيَةِ ، وَٱتَّقُوا۟ یَوۡمࣰا تُرۡجَعُونَ فِیهِ إِلَى ٱللَّهِۖ ، أنْ مَنْ كَانَ مَدْيُونًا ، وَقَادِرٌ عَلَى سَدَادِ الدَّينِ ، وَلَمْ يُؤَدِّه، فَإنَ اللَّهُ يُذْكُرُ بِهَذِهِ الِآيَةِ ، أنَّ اللَّهُ سيأخذ مِنْهُ الْحَقَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
فَلِهَذَا -يَا عِبَادَ اللَّهِ- عَلَى قَدْرِ مَا تَعَامَلَ عِبَادُ اللَّهِ يُعَامِلَكَ اللَّهُ ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ « أنْ رَجُلًا كَانَ يُدَايِنُ النَّاسَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فِي السُّوقِ ، فَكَانَ يَقُولُ لِأوَلَادِهِ مَنْ رَأَيْتُمْوه مُعْسِرًا تَجَاوَزُوا عَنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ أنْ يَتَجَاوَزُ عَنَّا ، فَلَقِيَ اللَّهَ فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَلَقِيَ اللَّهَ فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ. »
وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ « كَانَ رَجُلٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، آتَاهُ اللَّهُ مَالًا ، فَلَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، لَقِيَ اللَّهَ فَقَالَ: رَبُّ الْعِزَّةِ مَاذَا صَنَعْتَ ؟ فَقَالَ: يا ربِّ، آتيتَني مالًا، فكنتُ أُبايِعُ الناسَ، وكان مِن خُلُقي الجَوازُ؛ فكنتُ أُيَسِّرُ على الموسِرِ، وأُنْظِرُ المُعْسِرَ، فقال اللهُ تعالى: أنا أحقُّ بذلك منكَ، تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي ، تَجَاوَزْ عَنْ عَبْدِي »
أفْلًا تُحِبُّ -يَا عَبْدَ اللَّهِ- أنْ يَتَجَاوَزُ اللَّهُ عَنْكَ؟
أفْلَا تُحِبُّ -يَا عَبْدَ اللَّهِ- أنْ يَعْفُو اللَّهُ عَنْكَ؟
إنْظَارَ الْمُعْسِرِ فِيهِ أجْرٌ عَظِيمٌ وَثَوَابٌ كَبِيرٌ ،
فِي صَحِيحِ الْإمَامِ مُسْلِمٌ ، مِنْ حَدِيثِ أبِي الْيَسْرِ ، أنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: « مَنْ أنْظُرْ مُعْسِرًا ، وَاسْمَعُوا -يَا عِبَادَ اللَّهِ- اسْمَعُوا . مَنِ أنْظُرْ مُعْسِرًا ، اوْ وَضعْ عَنْهُ ، أظْلهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ. » مَنْ أنْظُرْ مَعْسرًا ، أخْرهِ أوْ تَجَاوَزَ عَنْهُ سامَحه ، أظْلهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ ،
هَذَا الْحَدِيثُ عند مُسْلِمٌ لَهُ قِصَّةٌ ، فَأبُو الْيُسْرِ الصَّحَابِيُّ الْجَلِيلُ، كَانَ يُدَايِنُ النَّاسَ، يَسْأَلُ رَجُلٌ دِينًا ، يَسْأَلُ رَجُلًا دَينًا ، أخْذَ الصَّحِيفَةَ اللِّي فِيهَا الدِّينُ ، وَأنْطَلَقَ إِلَى بَيْتِ صَاحِبِ الدَّيْنِ ،
🕌مُنْتَـدَىٰ.الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ.cc
📩 @Montda_alkotba
─────────────
خطبـــــــة.بعنـــــــوان.cc.
_^((#الدَينِ_هُمٌ_بِاللَّيْلِ_وَذَلٌّ_بِالنَّهَارِ ))^_
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
الخُطْبَــــةُ.الْأُولَـــــــــى.cc
إنّ الْحَـمْدُ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،
*﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:١٠٢].*
*﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إن اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء:١].*
*﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب:٧٠-٧١]*
*أَمَّا بَعْدُ:*
فإِنَّ خَيْرَ الْحديث كَلامُ اللهِ تعالى، وَخَيْر الْهَدْى, هَدْى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وَشَرّ الْأُمُور مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
ايَهَا النَّاسُ عِبَادُ اللَّهِ:
إنْ الِانْسَانِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مُعْرِضٌ لِلْهُمُومِ وَالْبَلَايَا ، وَالنَّكَدِ وَالْغُمُومِ ، فَمَنْ يَا عِبَادَ اللَّهِ يَسْلَمُ مِنْ الْهَمِّ؟ وَمَنْ يَا عِبَادَ اللَّهِ يَنْجُو مِنْ الْغَمِّ؟ يَقُولُ رَبُّ الْعِزَّةِ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ: *﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الِانْسَانَ فِي كَبِدٍ ﴾* فَالْعَبْدُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا فِي كَبِدٍ .
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : فِي شِدَّةٍ وَطَلَبِ مَعِيشَةٍ ، فَلَا يَزَالُ الِانْسَانُ فِي هذِهِ الدُّنْيَا يُكَابِدُ الْهُمُومَ ، يُوَاجِهُ الْغُمُومَ ، يَلْقَى الْبَلَايَا ، يَجِدُ الرَّزايَا ، لَانَ هَذَا هُوَ طَبْعُ الدُّنْيَا
طُبِعَت عَلى كدرٍ وَأَنتَ تُريدُها.
صَفواً مِنَ الأَخطار وَالأَكدارِ.
وَمُكَلِّف الأَيامِ ضِدَّ طِباعِها.
مُتَطَّلِب في الماءِ جَذوة نارِ.
الَا وَانْهُ -يَا عِبَادَ اللَّهِ- يَجِدُ الْعَبْدَ فِي نَفْسِهِ انْ الْهُمُومِ مُتَفَاوِتَةً وَمُتَبَايِنَةً ، ومِنْ اعْظَمِ الْهُمُومِ الَّتِي إِذَا اصَّابَتْ الِانْسَانَ نَكَدَتْ عَلَيْهِ حَيَاتُهُ ، وَنَغَصَتْ عَلَيْهِ مَعِيشَتُهُ . هُمُ الدِّينُ -يَا عِبَادَ اللَّهِ- فَإِنَّ الْعَرَبُ تَقُولُ: لَا هُمُ إلَّا هُمُ الدِّينُ ،
تقولُ الْعَرَبُ لَا هُمْ إلَّا هُمْ الدِّينُ، وَيَقُولُونَ : ( الدِّينُ يَنْقُصُ مِنْ الدِّينِ وَالْحَسَبِ . الدِّيْنُ يَنْقُصُ مِنْ الدِّينِ وَالْحَسَبِ. )
وَفِي تَارِيخِ بَغْدَادَ. أنْ لُقْمَانَ ،قَالَ لِابْنِهِ: يَا بُنَي ايَاكَ وَالدِّينِ ، فَإنْهَ هُمْ بِاللَّيْلِ وَذَلَّ بِالنَّهَارِ.
الدِّينُ -يَا عِبَادَ اللَّهِ- هُمْ بِاللَّيْلِ، يَبِيتُ الْمَدْيُونُ مَهْمُومًا مَغْمُومًا وَيُصْبِحُ وَعَلَيْهِ الْمَذَلَّةُ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ انْ يَلْقَى صَاحِبُ الْمَالِ فَيُطَالِبُهُ بِهِ ، وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى السّدَادِ ، وَلَا يَجِدُ مَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ.
لِهَذَا يَا عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ: -عليه الصَلَاةٌ وَالسَّلَامُ- مُحَذِّرًا عَنِ الدِّينِ وَنَاصِحًا لِلَّامَةِ، كَمَا فِي مُسْنَدِ احْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ « لَا تُخِيفُوا أنْفُسَكُمْ بَعْدَ أمْنِهَا
اسْمَعُوا -يَا عِبَادَ اللَّهِ- إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ . النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: لِلنَّاسِ ، لِلَّامَةِ ، لَا تُخِيفُوا انْفُسَكُمْ بَعْدَ أمْنِهَا ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَكَيْفَ نُخِيفُ انْفُسَنَا بَعْدَ أمْنِهَا ؟ قَالَ بِالدِّينِ . بِالدِّينِ..»
فَإِنَّ الِانْسَانُ يَكُونُ آمِنًا مُطْمَئِنًّا ، فَإذَا أسْتَدَانَ دَاخلُهُ الْخَوْفَ ، وَكُلَّمَا أقْتَرَبَ مَوْعِدُ السَّدَادِ ، كُلَّمَا أصَابَهُ الْهَمُّ وَالْغَمُّ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ .