↩️قَناةٌ لِنَشرِ الخُطَبِ وَالمُحَاضَراتِ المَكتُوبَة📑 لِمُسَاعَدَةِ فُرسَانَ الخِطَابَة،🎤 وَرُوَادِ المَنَابِر، وآسَادِ الكَلِمَه، 🕌 وَتُعْتَبَرُمَكْتَبَةٌ📚 شَامِلَةٌ، وَمَرْجَعٌ مُهِمْ لِكُلِ خَطِيٓبٍ وَدَاعيَة.🌹 لِتَوَاصُل| @Montda_alkotba_bot ➪
خطبة الجمعة
شُكْرُ اللهِ عَلَى نِعَمِهِ
إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].
أَمَّا بَعْدُ :
فَإِنَّ أَصْدَقَ الحَدِيثِ كَلَامُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
أَيُّهَا الْـمُسْلِمُونَ:
إِنَّ نِعَمَ اللهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ كَبِيرَةٌ، وَآلَاءَهُ عَلَيْهِمْ كَثِيرَةٌ؛ قَالَ تَعَالَى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا [إبراهيم:34]، وَهِيَ نِعَمٌ ظَاهِرَةٌ وَبَاطِنَةٌ، وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً [لقمان:20]؛ وَلَقَدْ خَصَّ سُبْحَانَهُ الْبَشَرِيَّةَ بِمَزِيدِ النِّعَمِ، فَكَرَّمَهُمْ وَفَضَّلَهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ؛ فَقَالَ تَعَالَى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا [الإسراء:70]، وَإِنَّ مِنْ أَجَلِّ هَذِهِ النِّعَمِ: نِعْمَةَ الْهِدَايَةِ إِلَى الإِيمَانِ؛ قَالَ تَعَالَى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [الحجرات:17].
عِبَادَ اللهِ:
لَقَدْ أَمَرَنَا اللهُ سُبْحَانَهُ بِالشُّكْرِ عَلَى هَذِهِ النِّعَمِ؛ فَقَالَ تَعَالَى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ [البقرة:152]. وَقَالَ تَعَالَى: بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [الزمر:66] وَقَالَ سُبْحَانَهُ: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [البقرة:172].
وَلَقَدِ امْتَثَلَ نَبِيُّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هَذِهِ الْأَوَامِرَ؛ فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدَاوِمًا عَلَى الطَّاعَةِ شَاكِرًا لِلَّهِ عَلَى أَنْعُمِهِ؛ فَعَنِ الْمُغِيرَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَقُومُ لِيُصَلِّيَ حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ - أَوْ سَاقَاهُ - فَيُقَالُ لَهُ، فَيَقُولُ: «أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]. وَهَكَذَا كَانَ أَنْبِيَاءُ اللهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ؛ فَوَصَفَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَوْلِهِ: إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا [الإسراء:3].
وَأَثْنَى عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [النحل:120-121].
وَالشُّكْرُ- يَا عِبَادَ اللهِ- يَكُونُ بِثَلَاثَةِ أُمُورٍ: بِالِاعْتِرَافِ بِالنِّعَمِ بَاطِنًا، وَ بِالتَّحَدُّثِ بِهَا ظَاهِرًا، وَ بِتَصرِيفِهَا فِي طَاعَةِ اللهِ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ –رَحِمَهُ اللهُ-: الشُّكْرُ ظُهُورُ أَثَرِ نِعْمَةِ اللهِ عَلَى لِسَانِ عَبْدِهِ: ثَنَاءً وَاعْتِرَافًا، وَعَلَى قَلْبِهِ شُهُودًا وَمَحَبَّةً، وَعَلَى جَوَارِحِهِ انْقِيَادًا وَطَاعَةً.
إِذَا كُنْتَ فِي نِعْمَةٍ فَارْعَهَا
فَإِنَّ الْمَعَاصِي تُزِيلُ النِّعَمْ
وَدَاوِمْ عَلَيْهَا بِشُكْرِ الإِلَهِ
فَشُكْـــرُ الإِلَهِ يُزِيلُ النِّقَــمْ
مَعَاشِرَ المُسْلِمِ
ُقِ القلبِ بالآخرة وبِعَيْشِها: انضِباطُ أمرِ الغيرة, بحيث لا يغارُ إلا على أمر الدين. ولذلك لم ينتصر النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه قط, فإذا انتُهِكَت مَحارِمُ الله, غَضِبَ لله, صلوات الله وسلامه عليه. بخلاف ما عليه أهلُ الدنيا الذين يجعلون سخطهم ورضاهم من أجل الدنيا, إن أُعْطُوا رَضُوا, وإن لم يُعْطَوا إذا هم يسخطون. إِنْ تضَرّرَت دنياهم, أقاموا الدنيا وأقعدوها. وإن رأوا ما يضر عقيدتهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم. أو يضر عبادتهم وأخلاقهم, لم يتأثروا ولم يحركوا ساكناً. وهذا من أعظم أسباب نشوب الفتن والفوضى في بلدان المسلمين اليوم, ومِن أعظَمِ أسبابِ التعاسة وحلول العقوبات من الله, ومحق البركة, ومنع القطر من السماء, وعدم استجابة الدعاء. حينما يغضبون لدنياهم, ولا يغضبون لدينهم, ولا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر.
فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى, واسعوا للآخرة, فإنها مَرَدُّكُم, ولا تُلْهِيَنَّكُم الدنيا, فإنها متاع الغرور.
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يرحمنا، واجعلنا هداة مهتدين، اللهم استعملنا في طاعتك واجعلنا من أهل ولايتك، وجنبنا سخطك وعقوبتك يا أرحم الراحمين، اللهم أصلحْ لنا ديننا الذي هو عصمت أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا واجعل الدنيا زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر،اللهم احفظنا بالإسلام قائمين واحفظنا بالإسلام قاعدين واحفظنا بالإسلام راقدين ولا تُشمت بنا أعداء ولا حاسدين يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين وأذلَّ الشرك والمشركين واحمِ حوزةَ الدين، وانصر عبادك المؤمنين في كل مكان، اللهم عليك بالكفرة والملحدين الذين يصدون عن دينك ويقاتلون عبادك المؤمنين، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم زلزلِ الأرض من تحت أقدامهم، اللهم سلط عليهم مَنْ يسومهم سُوء العذاب يا قوي يا متين، ، اللهم ألّف بين قلوب المؤمنين وأصلح ذات بينهم واهدهم سبل السلام ونجهم من الظلمات إلى النور وانصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا عزيز، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين في كل مكان، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم اجمع كلمة المسلمين على كتابِك وسنةِ نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، واجعلهم يداً واحدةً على من سواهم، ولا تجعل لأعدائهم منةً عليهم يا رب العالمين، اللهم أعذهم من شر الفتنة والاختلاف واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين، اللهم احفظ لبلادنا دينها وعقيدتها وأمنها وعزتها وسيادتها واستقرارها، اللهم احفظها ممن يكيد لها، اللهم وفق حكامنا وأعوانهم لما فيه صلاح أمر الإسلام والمسلمين، وبصّرهم بأعدائهم يا حي يا قيوم، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات، اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد .
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
📲 قَنـاةُ【️مُنْتَـدَىٰ الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ】مِـنْ هُنـ↶ـا:
T.me/Montda_alkotba
👈| للِنْشرِالْخُطَبْ الْمَگتُۆبْة خَآصَّة بِالْخُطَبْاَءْ وروُاَد الْمَنابِرُ
📩▎ أنْشُـرُوهَا واحْتَسِبُـوا الأَجْـرَ بإذن الله فالـدَّالُ عَلَى الخَيْـرِ كَفَاعِلِه .
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
أولياء الله الذين تكفل بحفظهم ونصرتهم.
قلت ما سمعتم واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.
/✒️الخُطْبَــــةُ.الثَّـــــــــانِيَةُ.cc
الحمد لله الذي كتب العزة لأوليائه المؤمنين وأيد بالحق أصفياءه المتقين وأشهد أن لا إله إلا الله ناصرُ الموحدين ومذلُّ الطغاة والمتجبرين وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله خاتم النبيين وإمامُ المرسلين صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: عباد الله:
لما كانت خديجة رضي الله عنها تَعْلَمُ من النبي أنَّهُ الصادِق البار، قال لها لما جاءه الوَحْي: إنَّي قد خشيت على نفْسي، فقالتْ: كلاَّ، فهل نزل القرآن حينما طَمْأنَتْ هذه السيِّدة الجليلة النبي عليه الصلاة والسلام؟ فمِن أيِّ شيءٍ انْطَلَقَتْ؟ مِنْ عِلْمٍ تعلَّمَتْهُ؟! لا، مِن وَحْيٍ قرأتْهُ؟ لا، قالتْ: كلاَّ، والله لا يخزيك الله أبَداً، إنَّك تصل الرَّحِم، وتصْدُق الحديث، وتحْمل الكلّ، وتَقْري الضَّيْف، وتكسب المعدوم، وتُعينُ على نوائب الحق، ما معنى هذا الرَّبْط؟ لم يأتِ الوَحْيُ بعْدُ، ولم تأتِ السنَّة بعْدُ، ولم تأتِ التَّفْصيلات بَعْدُ؛ قالتْ: كلاَّ، والله لا يخزيك الله أبَداً.
معاشر المسلمين:
للكَوْن إلهٌ عظيم، فالعَبْدُ الذي يُحْسِن لا يُخْزيه الله أبَداً؛ هذه هي الفطْرة، فأنا أقول لكم يا أيها المسلمون: إذا كان الواحد منكم مستقيماً ووقَّافًا عند حُدود الله، ويعرف الحلال والحرام، ولا يَعْصي الله أبَداً؛ وهذا وَعْدُ الله عز وجل فلن يخزيه الله أبداً، لفتَ نظري هذه الكلمة؛ فَهِيَ رضي الله عنها لم تتلقَّ العِلْم بعْدُ، ولم تستمِع إلى أيَّةِ آيَةٍ من كتاب الله، ولا من سنَّة رسول الله، إلا أنّ فِطْرَتَها ألْقَت في رُوعِها أنّ هذا الإنسان الذي يَصِل الرَّحِم، ويصْدُق الحديث، ويحْمل الكلّ، ويَقْري الضَّيْف، ويكسب المعدوم، ويُعينُ على نوائب الحق؛ لا يُخْزيهِ الإله الذي في السماء أبَداً، وهذا الكلام سارٍ مفعولُه إلى الأبَد، وفي كُلِّ عصْر، وفي كلّ زمان، وإقليم، وفي كل قرية، ومدينة، وحيٍّ، وفي أيّ مجتمع، ومن الشمال إلى الجنوب، ومن عهْد آدم إلى يوم القيامة إذا كنتَ مُحْسِنًا ومُتواضِعاً فلا يُخْزيك الله أبَداً، وانْظُر إلى التاريخ فقد بيَّن ما فعَلَ الله بالأنبياء والمؤمنين، وبيَّن ما فعَلَ بأعدائه المُلْحِدين، ألمْ يُخْزِهِم الله عز وجل؟ ويجعلهم في الحَضيض؟ ما وَضْعُ البِلاد التي رفَعَت شِعار: لا إله !! هي في الوَحْل؛ الجريمة والقَتْل والمافْيا والمُخَدِّرات التي انتشرت وتفشَّتْ في الشَّعْب الذي أنْكر الله عز وجل.
أيها المؤمنون:
من كان مع الله كان بعين الله التي ترعاه، ومن وجد الله ماذا فقد، ومن فقد الله ماذا وجد.
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه...
اللهم يا من خضعت الرقاب لسطوته، وصعقت الملائكة من مخافته، ورعدت السماء لكلمته، يا مالك الملك والملكوت.. يا ذا العزة والجبروت، يا من لا يحُولُ ولا يزول ولا يفُوت، نسألك أن تنتقم من كل سفاك وسفاح، ومن كل من اعتدى على شعبه ظلماً وعدواناً. اللهم ومن دبر لعبادك المكائد وللمستضعفين الشدائد، اللهم فأبطل بأسه، ونكِّس رأسه، وشرِّد بالخوف نعاسه، واحبُك سلاسله، وانسف معاقله، وقطع اللهم مفاصلَه، وصلب أنامله، وسلِّط عليه الأمراض والأسقام، وألبسه لباس الذل والخوف، وأضعف قوته، واقهر عُتُوَّه، وأسقط عُلُوَّه، واهزم جندَه، وقلِّل رِفدَه، واخذله يوم يتمنى الناصر، واخزِه إنك أنت القوي القاهر، اللهم اقمع نزوته، واردع نشوته، اللهم خيِّب رجاءه، وأكثر عناءه، واكتب فناءَه، واجعله يتمنى الموت فلا يجده. اللهم أرنا في الطُغاة عجائب قدرتك، وسرعة انتقامك، وشدة بأسك، وعظيمَ أخذك؛ إنّ أخذك أليم شديد.
اللهم طال ليل الظالمين، واشتد عداءُ المجرمين، وأينعت رؤوس الباغين، فسلِّط اللهم عليهم يداً من الحق حاصدة، ترفع بها ذلنا، وتعيد بها عزنا.
اللهم عليك بمعاقل الظلم والطغيان، وحصون القهر والاستبداد.
اللهم وارحم عبادك المستضعفين، يا رب بقدرتك اشفِ صدور قومٍ مؤمنين.
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
📲 قَنـاةُ【️مُنْتَـدَىٰ الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ】مِـنْ هُنـ↶ـا:
T.me/Montda_alkotba
👈| للِنْشرِالْخُطَبْ الْمَگتُۆبْة خَآصَّة بِالْخُطَبْاَءْ وروُاَد الْمَنابِرُ
📩▎ أنْشُـرُوهَا واحْتَسِبُـوا الأَجْـرَ بإذن الله فالـدَّالُ عَلَى الخَيْـرِ كَفَاعِلِه .
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
🕌مُنْتَـدَىٰ.الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ.cc
📩 @Montda_alkotba
─────────────
خطبـــــــة.بعنـــــــوان.cc.
_^(( وإن كان مكرهم لِتزولَ منه الجبال ))^_
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
✒️الخُطْبَــــةُ.الْأُولَـــــــــى.cc
الحمد لله معزِّ من أطاعه واتقاه، ومذل من خالف أمره وعصاه، مجيب دعوة الداعي إذا دعاه، وهادي من توجه إليه واستهداه ومحقق رجاء من صدقه في معاملته ورجاه.. من أقبل إليه صادقاً تلقاه ومن ترك لأجله أعطاه فوق ما يتمناه ومن توكل عليه كفاه.. فسبحانه من إله تفرد بكماله وبقاه.. أحمده سبحانه حمدا يملأن أرضه وسماه.. من اعتمد على الناس.. مل.. ومن اعتمد على ماله... قل.. ومن اعتمد على علمه.. ضل.. ومن اعتمد على سلطانه.. زل.. ومن اعتمد على عقله اختل.. ومن اعتمد على الله فلا مل ولا زل ولا قل ولا ضل ولا اختل...
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا معبود بحق سواه وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله الذي اصطفاه واجتباه صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن نصره وآواه واقتفى أثره واتبع هداه وسلم تسليماً كثيرا ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر :18].
أما بعد.. معاشر المسلمين..
فإن أعداء الله يجتهدون في ضر المسلمين بكل ما يستطيعون، ولا يستطيعون في الغالب إيصال الضرر للمسلمين إلا بالمكر كما مكر أسلافهم برسل الله.
أيها الأحبة في الله، إن أعداء الله يمكرون مكرًا عظيمًا لا يمكن أن نتخيله ولا ندركه منه إلا القليل، قال الله تعالى في وصف مكر أعداء الدين لأهل الإسلام، قال تعالى: ﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾ [إبراهيم: 46].
أي: مكرًا عظيمًا تزلزل منه الجبال وتزول من أماكنها، لكن الله جل وعلا لهم بالمرصاد، وهو جلّ وعلا من ورائهم محيط.
فإن المؤمن يشهد دائماً في الأحداث التي تقع في الحياة، وفيما يجري من صراع على وجهِ الأرض بين الحق والباطل، يشهد دائماً أثر قدرة الله وتدبيره لهذا الكون، وأن الأمور ليست من هاهنا من الأرض، وإنما تُدارُ بقدرة قادرٍ من السماء، وأن الأزمات والأحداث يبتلي الله بها عباده؛ فيستخرج بها عبادتهم، ويُمحِّصَ بها إيمانهم.
ولذا قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: المؤمن يعمل بالطاعات وهو مشفق وجل، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن.
فإذا رأيت من يمكر بالإسلام أو بالمسلمين أو بك في خاصة نفسك فتذكر هذه الآية ﴿ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ﴾ [فاطر: 43]، فإنها لم تُنزل لتتلى فقط ؛ بل نزلت تحذيرا لأهل المكر السيء وبردا وسلاما على كل من يُمكر به بسوء وهو بريء من السوء، قال محمد بن كعب القرظي: ثلاث من فعلهن لم ينج حتى ينزل به، من مكر، أو بغي، أو نكث، وتصديقها في كتاب اللّه تعالى: ﴿ وَلاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ ﴾ [فاطر:43]، ﴿ إنما بغيكم على أنفسكمْ ﴾ [يونس:23]، ﴿ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ﴾ [الفتح:10] ] " مختصر ابن كثير.
المكر ينقلب على صاحبه
وقص علينا القرآن صورة من مكر ثمود بنبيهم صالح، قال تعالى: ﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [النمل:50- 51]، قيل في تفسيرها: وهم لا يشعرون بالملائكة الذين أنزل الله على صالح ليحفظوه من قومه حين دخلوا عليه ليقتلوه، فرموا كل رجل منهم بحجر حتى قتلوهم جميعاً وسلم صالح من مكرهم،.. وقيل: "إنهم مكروا بأن أظهروا سفراً، وخرجوا فاستتروا في غار ليعودوا في الليل فيقتلوه، فألقى الله صخرة على باب الغار حتى سده،، وكان هذا مكر الله بهم".
وقد مكر المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَو يَقْتُلُوكَ أَو يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الأنفال:30].
لقد أنجى الله نبيه صلى الله عليه وسلم، وخرج سالماً من بين ظهرانيهم مهاجراً إلى المدينة، وقتل صناديدهم يوم بدر، كأبي جهل وعتبة وشيبة ابنا ربيعة... وأدخل الله عليهم الإسلام يوم فتح مكة، ومات صلى الله عليه وسلم يوم مات وقد نصره الله عليهم وأمكنه منهم، ورفع الله له ذكره وأعلى له أثره.
وكذلك مكر المنافقون به، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُو يَبُورُ ﴾ [فاطر:10]، لقد كان مآل مكرهم الفساد والبطلان، وظهر زيفهم لأولى البصائر والنهى، فإنه ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه، وما أسر أحد سريرة إلا كساه الله تعالى رداءها، إن خيراً فخيراً، وإن شراً
🕌مُنْتَـدَىٰ.الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ.cc
📩 @Montda_alkotba
─────────────
خطبـــــــة.بعنـــــــوان.cc.
_^(( اثر المجالس على الجالس ))^_
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
✒️الخُطْبَــــةُ.الْأُولَـــــــــى.cc
أما بعد: فإن دين الإسلام الحنيف الذي ما ترك خيراً إلا وأمر به، ولا شراً إلا وحذر منه، نهانا نهياً مبينة آثار وفوائد امتثاله، وفظائع وخسائر انتهاكه، نهانا عن مجالس الردى والخنى، عن مجالسة الأشرار والفجار.
ذلكم السم النقيع، والداء الفظيع الساري وباؤه إلى الجليس سريان الدم في العروق، لا قوة إلا بالله ففي الحديث: "المرء على دين خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل" رواه أبو داود والترمذي.
ووقاية للأمة من ذلكم الداء؛ جاءت نصوص الشريعة الغراء قرآناً وسنة؛ محذرة من ذلك يقول -سبحانه وتعالى-: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) [النساء:140]
ويقول: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [الأنعام:68] ويقول: (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاءَ قَرِيناً) [النساء:38]
ويقول رسوله عليه الصلاة والسلام: "ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله تعالى فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان ذلك المجلس عليهم حسرة يوم القيامة" صحيح الجامع 5750.
ويقول: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر" ابن كثير جـ2 ص567. يقول القرطبي: قال ابن خويز منداد: "من خاض في آيات الله تركت مجالسته مؤمناً كان أو كافراً". وقال ابن كثير: "من لم يزل المنكر فليزل عنه".
فيا أمة الإسلام: احذروا مجالس الردى، مجالس اللاهين السادرين التي تقسوا فيها القلوب وتجفوا فيها النفوس، وينقص بها الإيمان، فإن الإيمان كثير ما يتأثر بمن يجالسه ويوانسه وقديماً قيل:
عن المرء لا تسل وسل عن قرينه *** فكل قرين بالمقارن يقتدي
فاتّقوا الله -عباد الله-، واحذروا مجالس الأشرار حذركم من أنكى عدو، فروا منها فراركم من الأسد، فروا منها إلى مجالس الإيمان ورياض الجنان، إلى المجالس التي تلين فيها القلوب، وتحيا فيها النفوس، ويزداد بها الإيمان، مجالس الأقوام الذين إذا رؤوا ذكر الله، مجالس العلماء والأتقياء التي دعيتم لها ورغبتم فيها، ووعدتم عليها خير الدارين وأعلى المنزلتين.
يقول سبحانه وتعالى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) [الكهف:28] ويقول عن نبي من الأنبياء أنه قال لولي من الأولياء: (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) [الكهف:66]
ويقول عليه الصلاة والسلام: "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده" رواه مسلم.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن لله ملائكةً سيارة فضلا؛ يتتبعون مجالس الذكر؛ فإذا وجدوا مجلساً فيه ذكر؛ قعدوا معهم وحف بعضهم بعضاً بأجنحتهم؛ حتى يملؤوا ما بينهم وبين السماء الدنيا، فإذا تفرقوا صعدوا إلى السماء، فيسألهم الله وهو أعلم من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عباد لك يسبحونك".
إلى قوله: "فيقول تعالى: قد غفرت لهم وأعطيتهم ما سألوا وأجرتهم مما استجاروا. قال: فيقولون: رب، فيهم فلان عبد خطاء إنما مر فجلس معهم، فيقول: وله غفرت، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم" رواه مسلم.
وعن أبي واقد الحارث بن عوف -رضي الله عنه-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينما هو جالس في المسجد والناس معه، إذ أقبل ثلاثة نفر؛ فأقبل اثنان إلى رسول الله وذهب واحد، فوقفا على رسول الله، فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها، وأما الآخر فجلس خلفهم.
وأما الثالث فأدبر ذاهباً، فلما فرغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ألا أخبركم عن النفر الثلاثة؟: أما أحدهم فآوى إلى الله فآواه الله، وأما الآخر فاستحيى فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه" متفق عليه.
هذه -أيها الأخوة- هي مجالس ومناهل الخير والفضل والعرفان، المجالس التي تستنزل فيها الرحمات، وتستدفع فيها وبها البليات، تقرب القلوب فيها من ربها، وتلين من قسوتها، وتتنبه من غفلتها.
فالله الله فيها، الله الله في طلبها، الله الله في إقامتها وعمرانها بما يزداد بها إيمان حاضريها (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُ
إحسانه؛ فأرى اللهُ الملكَ
الرؤيا ليخر
ج يوسف مطلوبًا لا طالبًا، مرغوبًا لا راغبًا، ويقول الملك: {ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي} [يوسف:54]، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.
فاﻟﺤﺎﺳﺪﻭﻥ ﺃﻟﻘﻮﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺐ، ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺳﺮﺓ ﺑﺎﻋﻮﻩ ﺑﺜﻤﻦ ﺑﺨﺲ، ﻭﺍﻟﻌﺎﺷﻘﻮﻥ ﺃﻟﻘﻮﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻦ، ﻭﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ﺟﻌﻠﻮﻩ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ، ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺧﻄﻄﻮﺍ ﻟﻪ ﻭﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺍﻟﻤﺤﺘﺎﺟﻮﻥ ﺭﻓﻌﻮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺮﺵ، .. ﻓﻼ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﺤﺐ، ﻭﻻ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﻜﺮﻩ، ﻭﻻ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﺮﺿﺎ، ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻷﻣﺮ ﻛﻠﻪ (وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آَلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [يوسف/6]، إلى أن قال الله تعالى: {وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [يوسف:21]...
معاشر المسلمين:
و مكث فرعون سنوات يحيك المكر السيئ يقتل الرجال ويستحي النساء ويستعبد الناس خوفاً على الملك والسلطان، فارتكب جميع الجرائم وادعى لنفسه الألوهية والربوبية من دون الله، وأرسل جنوده في الأرض ليخوف الناس ويحكم سيطرة ومكر مكراً ومكر الله، وساق الله موسى عليه السلام بعد أن رمته أمه في البحر خوفاً عليه إلى قصر فرعون وشب موسى وترعرع في ذلك القصر والجيوش تحرسه وفرعون يرعاه وصدق الله إذ يقول: {قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ} [يونس: 21] ..
أين ذهب مكر فرعون ودهاءه؟
أين قوته وجبروته وسلطانه وأمواله؟
لقد سخرها الله لرعاية موسى، وبعد أن آتاه الله النبوة والكتاب وعرض أمر الله على فرعون أخذ فرعون يمكر بموسى وبمن معه ويحيك المؤامرات والدسائس والأكاذيب ويحشد الجنود ويستعمل القهر والتعذيب ويجمع السحرة ليناصروه، فلما أيقنوا أنما جاء به موسى ليس بسحر إنما هو الحق آمنوا بالله وأخذ فرعون يتهمهم بالمكر والخداع وهو مكر أخير يستعمله فرعون أمام الجماهير وزبانيته وجيوشه..
قال سيد فطب رحمه الله: " ولو تتبعنا مسار التاريخ ومسيرة الإنسان لوجدنا أن هذه الحقيقة لا تشذ أبداً، ولا تتخلف مطلقاً، فالله غالب على أمره، لا يقع في ملكه إلا ما يريد. والعباد -بمن فيهم الطواغيت المتجبرون- أضعف من الذباب،
{وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج:73]!
وهم ليسوا بضارين من أحد إلا بإذن الله؛ وليسوا بنافعين أحداً إلا بأمر، (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [يوسف:21]
أيها المؤمنون:
ورسولكم صل الله عليه وسلم، ألم يحارب من قومه؟ ألم يحاصر هو وأصحابه؟ ألم يعذب أتباعه ويقتل منهم من قتل؟ ألم ترصد الأموال والجيوش والوسائل الإعلامية في ذلك الوقت وإلى اليوم لطمس الدين وهويته وزعزعته في النفوس
قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) [الانفال: 36]..
ألم يخططوا ويمكروا، (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) [الانفال:30]
ألم يقف معهم الشيطان يوم بدر يزين سوءَ أعمالِهم ويبشرهم بالغلبة والنصر،: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: 48].
ولكن الله غالب على أمره إلى قيام الساعة،
قال سيد قطب رحمه الله : " ولكن الله غالب على أمره.. وهذه الانتكاسات الحيوانية الجاهلية في حياة البشرية لن يكتب لها البقاء.. وسيكون ما يريده الله حتماً.. وستحاول البشرية ذات يوم أن تقيم تجمعاتها على القاعدة التي كرم الله الإنسان بها. والتي تجمع عليها المجتمع المسلم الأول فكان له تفرده التاريخي الفائق. وستبقى صورة هذا المجتمع تلوح على الأفق, تتطلع إليها البشرية وهي تحاول مرة أخرى أن ترقى في الطريق الصاعد إلى ذلك المرتقى السامي الذي بلغت إليه في يوم من الأيام" (في ظلال القرآن)...
قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه ...
-:(( الخطــبة الثانـية )):-
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
عباد الله:
إن لأسم الله "الغالب" آثار إيمانية تتجلى في حياة الفرد المسلم من ذلك:
الثقة بالله وحسن الظن به فهو الغالب سبحانه، عن أبي هرير
آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ، وَحِفْظِ هَذِهِ الأَذْكَارِ وَغَيْرِهَا مِنْ صَحِيحِ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَرْدِادِهَا صَباحَ مَساءَ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِ كُلِّ شَيطَانٍ وَهَامَّةٍ وَآفَةٍ وَمَرَضٍ، وَاللهُ خَيرُ الحَافِظِينَ.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ؛ فَمَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَنَصَرَهُ وَكَفَاهُ.
أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ:
مِنَ التَحْصِينَاتِ الدِّينِيَّةِ وَالنَّبَويَّةِ: مَا وَرَدَ مِنَ الآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ فِي الأَكْلِ وَالمَلْبَسِ وَالنَّظَافَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَكُونُ سَبَبًا فِي وِقَايَةِ العَبْدِ مِنِ انْتِقَالِ الأَمْرَاضِ وَانْتِشَارِهَا، مِثْلِ عَدَمِ مُخَالَطَةِ المَرْضَى بِمَرَضٍ مُعْدٍ؛ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَفِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ» [رَوَاهُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ]، وَأَنْ لَا يَتَنَفَّسَ فِي الإِنَاءِ، وَأَنْ لَا يَغْمِسَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ إِذَا اسْتَيقَظَ مِنَ اللَّيلِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا، وَإِذَا عَطَسَ فَلْيَضَعْ كَفَّيْهِ عَلَى وَجْهِهِ، وَأَمَرَ بِالْوُضُوءِ وَالِاغْتِسَالِ، وَأَرْشَدَ إِلَى تَنْظِيفِ اللِّبَاسِ وَالنِّعَالِ وَالْأَفْنِيَةِ وَالدُّورِ، وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ حِرْصِ الإِسْلَامِ عَلَى المُحَافَظَةِ عَلَى الإِنْسَانِ وَصِحَّتِهِ وَحِمَايَتِهِ وَتَحْصِينِهِ، وَقَدْ ظَهَرَتِ الفَائِدَةُ الجَلِيلَةُ وَالْحِكْمَةُ الْعَظِيمَةُ مِنْ هَذِهِ التَّوْجِيهَاتِ مَعَ انْتِشَارِ الأَوْبِئَةِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، فَمَا أَعْظَمَهُ مِنْ دِينٍ امْتَازَ عَلَى جَمِيعِ الأَدْيَانِ!!.
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا -رَحِمَكُمُ اللهُ- عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا أَمَرَكُمْ رَبُّكُمْ فِي كِتَابِهِ؛ فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ وَأَنْعِمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ وَصَحْبِهِ الأَبْرَارِ، وَاحْفَظِ اللَّهُمَّ بَلَدَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ شَرِّ الأَشْرَارِ وَكَيْدِ الْفُجَّارِ، وَشَرِّ طَوَارِقِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، اللَّهُمَّ وَحِّدْ صُفُوفَنَا، وَاجْمَعْ عَلَى الْخَيْرِ كَلِمَتَنَا، وَطَهِّرْ أَلْسِنَتَنَا، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَأَصْلِحْ أَحْوَالَنَا وَأَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ، اللَّهُمَّ ادْفَعْ عَنَّا الْغَلَاءَ وَالْوَبَاءَ وَالْبَلَاءَ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ القَانِطِينَ، اللَّهُــمَّ أَغِـثْ قُـــلُوبَنَا بِالإِيمَانِ وَالْيَقِينِ، وَبِلَادَنَا بِالأَمْطَارِ النَّافِعَةِ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ, إِنَّكَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ.
بَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء، أَنْزِلْ علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أَغِثْنَا، اللهم أَغِثْنَا، اللهم أَغِثْنَا، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الْأَعْرَافِ: 23].
عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النَّحْلِ: 90].
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
📲 قَنـاةُ【️مُنْتَـدَىٰ الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ】مِـنْ هُنـ↶ـا:
T.me/Montda_alkotba
👈| للِنْشرِالْخُطَبْ الْمَگتُۆبْة خَآصَّة بِالْخُطَبْاَءْ وروُاَد الْمَنابِرُ
📩▎ أنْشُـرُوهَا واحْتَسِبُـوا الأَجْـرَ بإذن الله فالـدَّالُ عَلَى الخَيْـرِ كَفَاعِلِه .
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
ْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا) [الْجِنِّ: 12].
وإن من عباد الله مَنْ لو أقسَم على الله لَأَبَرَّه، ليس تألِّيًا وإنما حُسْن ظنٍّ به -تعالى-، والمؤمن مِنْ شأنه حُسْن الظن بربه في كل حين وعلى كل حال، وأَوْلَى ما يكون كذلك إذا دعاه وناجاه موقنًا بقربه، وأنه يجيب مَنْ دعاه ولا يُخَيِّب مَنْ رجاه.
ومن أسباب قبول التوبة: حسن ظن صاحبها بربه، قال عليه الصلاة والسلام فيما يروي عن ربه: "أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك" (رواه مسلم).
وفي الشدائد والمحن تَنْصَع الظنون الحسنة وتنكشف ظنون السوء، ففي أحد كان من شأن أهل الإيمان الثبات وغيرهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية، وفي الأحزاب تعددت الظنون بالله، قال الله عن طائفة: (إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا) [الْأَحْزَابِ: 10-12]، وأما الصحابة -رضي الله عنهم- فأيقنوا أن المحن ابتلاء من الله يعقبها النصر والفرج، قال سبحانه عنهم: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) [الْأَحْزَابِ: 22].
والمخرج عند الضيق والكروب والهموم حُسن الظن بالله، فالثلاثة الذين خُلِّفُوا لم يَكْشِف عنهم ما حل بهم من الكرب إلا حسن ظنهم بالله، قال سبحانه: (وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [التَّوْبَةِ: 118].
والله قوي قدير ونصره لعباده وأوليائه ليس دونَه غالبٌ، ومن اليقين الثقة بنصره، قال تعالى: (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ) [آلِ عِمْرَانَ: 160].
وهو –سبحانه- رحيم رحمان، من آمن به –سبحانه- وعمل الصالحات ورجى نوال رحمة الله نالها، قال عليه الصلاة والسلام: "لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي" (متفق عليه).
ومن ضاق به عيشه فحسن ظنه بالله كان في سعة وفرج، قال عليه الصلاة والسلام: "مَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ، وَمَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِاللَّهِ فَيُوشِكُ اللَّهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ" (رواه الترمذي). قال الزبير بن العوام -رضي الله عنه- لابنه عبد الله: "يا بني إن عجزتَ عن شيء من دَيْنِي فَاسْتَعِنْ عليه مولاي، قال عبد الله: فوالله ما دريتُ ما أرد حتى قلتُ: يا أبتي مَنْ مولاك؟ قال: اللهُ، قال: فوالله ما وقعتُ في كربة من دَيْنه إلا قلتُ: يا مولى الزبير اقْضِ عنه دَيْنَهُ فيقضيه" (رواه البخاري).
وهو –سبحانه- واسع المغفرة والعطاء، مَنْ أحسَنَ الظنَّ به في غِنَاه وكرمه ومغفرته أعطاه سُؤْلَهُ، ينزل سبحانه إلى السماء الدنيا في الثلث الآخر من كل ليلة فيقول: "مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟" ويداه –سبحانه- ملأى لا تغيضها نفقة سحاء الليل والنهار، والله تواب يفرح بتوبة العباد، ويبسط يدَه بالليل ليتوب مُسيئ النهار، ويبسط يدَه بالنهار ليتوبَ مسيئ الليل، ومِنْ كمالِ صفاتِه لا يرد سبحانه مَنْ أقبل عليه، وأحوج ما يكون العبد إلى حُسْن الظنّ بالله إذا دنا أجله وودع دنياه وأقبل على ربه، قال عليه الصلاة والسلام: "لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-" (رواه مسلم).
في هذه العبادة امتثال أمره وتحقيق عبوديته، وللعبد من ربه ما ظن به، قال عليه الصلاة والسلام: "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي" (متفق عليه). قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "لا يحسن عبد بالله الظن إلا أعطاه الله ظنه، ذلك بأن الخير في يده –سبحانه-".
وإذا رزق العبد حسن الظن بربه فقد فتح الله عليه باب خير في الدين عظيم، قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "والذي لا إله إلا هو ما أعطي عبد مؤمن شيئا خيرا من حسن الظن بالله".
وأعمال الناس على قدر ظنونهم بربهم؛ فأما المؤمن فأحسَنَ الظنَّ بالله فأحسَنَ العملَ، وأما الكافر فأساء بالله الظن فأساء العمل، في هذه العبادة حُسْن
🕌مُنْتَـدَىٰ.الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ.cc
📩 @Montda_alkotba
─────────────
خطبـــــــة.بعنـــــــوان.cc.
_^(( حسن الظن بالله ))^_
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
✒️الخُطْبَــــةُ.الْأُولَـــــــــى.cc
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى.
أيها المسلمون: التوحيد حق الله على عباده وبه بَعَث الله رُسله وأنزل كُتبه، وحقيقتُه إفراد الله بالعبادة، والعبادة اسم جامع لكل ما يُحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة منها والباطنة، فللقلب عبودية تخصه، وعبوديته أعظمُ من عبودية الجوارح وأكثرُ وأدومُ، ودخول أعمال القلب في الإيمان أَوْلَى من دخول أعمال الجوارح؛ فالدِّين القائم بالقلب من الإيمان علمًا وحالًا هو الأصل المقصود والأعمال الظاهرة متمة وتَبَعٌ، ولا تكون صالحةً مقبولةً إلا بتوسُّط عمل القلب؛ فهو روح العبودية ولُبُّها، وإذا خَلَت الأعمال الظاهرة منه كانت كالجسد الموات بلا روح، وبصلاح القلب صلاحُ الجسدِ كلِّه قال عليه الصلاة والسلام: "أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ" (متفق عليه).
وتفاضُل العباد بتفاضُل ما في قلوبهم وبها تفاضل الأعمال، وذلك محل نظر الرب من عباده، قال عليه الصلاة والسلام: "إِنَّ اللهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ، وَلاَ إِلَى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ" (رواه مسلم).
ومن آكَد أعمال القلوب حسنُ الظنِّ بالله؛ فهو من فروض الإسلام وأحَد حقوق التوحيد وواجباته، ومعناه الجامعُ: كلُّ ظنٍّ يليق بكمالِ ذات اللهِ –سبحانه- وأسمائه وصفاته، وهو فرع عن العلم به ومعرفته، ومبناه على العلم بسعة رحمة الله وعزته وإحسانه وقدرته وعلمه وحسن اختياره، فإذا تم العلم بذلك أثمر للعبد حسن الظن بربه ولابد، وقد ينشأ من مشاهدة بعض أسماء الله وصفاته، ومن قام بقلبه حقائق معاني أسماء الله وصفاته قام به من حسن الظن ما يناسب كل اسم وصفة، لأن كل صفة لها عبودية خاصة وحسن ظن خاص بها، وكمال الله وجلاله وجماله وإفضاله على خلقه موجِب حسنَ الظنِّ به -جل وعلا-، وبذلك أمر الله عباده في قوله: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [الْبَقَرَةِ: 195].
قال سفيان الثوري -رحمه الله-: "أحسنوا الظن بالله"، وأكَّد النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل موته على ذلك لعظيم قدره، قال جابر -رضي الله عنه-: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل موته بثلاثة أيام يقول: "لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-" (رواه مسلم).
وقد امتدح الله عبادَه الخاشعينَ بحُسْن ظنهم به، وجعَل من عاجل البشرى لهم تيسيرَ العبادةِ عليهم وجَعَلَها عونًا لهم، قال سبحانه: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) [الْبَقَرَةِ: 45-46]، وقد نال الرسل -عليهم السلام- المنزلةَ الرفيعةَ في معرفتهم بالله؛ فَفَوَّضُوا أمورَهم إليه حُسْنَ ظنٍّ منهم بربهم؛ فإبراهيم عليه السلام ترك هاجر وابنها إسماعيل عند البيت وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء، ثم ولى إبراهيم منطلقا فتبعته هاجر -عليها السلام- وقالت: "يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟" فقالت له ذلك مرارا وجعل لا يلتفت إليها، فقالت له: "آلله الذي أمرك بهذا؟"، قال: نعم. قالت: "إذا لا يضيعنا" (رواه البخاري)، فكان من عاقبة حسن ظنها بالله ما كان، فنَبَع ماءٌ مباركٌ وعمر البيت وبقي ذكرها خالدا وصار إسماعيل نبيا ومن ذريته خاتم الأنبياء وإمام المرسلين.
ويعقوب -عليه السلام- فَقَدَ ابنينِ له فصبر وفوض أمره لله وقال: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) [يُوسُفَ: 86]، وبقي قلبه ممتلئا بحسن الظن بالله وأنه خير الحافظين وقال: (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) [يُوسُفَ: 83]، وأمر عليه السلام أبناءه بذلك وقال: (يَا بَنِي اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) [يُوسُفَ: 87]، وبنو إسرائيل لحقهم من الأذى ما لا يطيقون، ومع عظم الكرب يبقى حسن الظن بالله فيه الأمل والمخرج، فقال موسى -عليه السلام- لقومه: (اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِ
ا أَوَّلَ مَرَّةٍ أَوْ بَعْدَ الثَّانِيَةِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [الطلاق:1]. فَالْمَرْأَةُ مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا مِنَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ هِيَ زَوْجَةٌ لَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى وَتَبْقَى فِي بَيْتِهَا وَتَتَجَمَّلُ لِزَوْجِهَا؛ قَالَ تَعَالَى: لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا [الطلاق:1].
وَمِنْ صُوَرِ التَّهَاوُنِ وَالِاسْتِخْفَافِ بِأَمْرِ الطَّلَاقِ: أَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ الطَّلَاقَ مُؤَكِّدًا لِمَا يُرِيدُ، مُرَدِّدًا قَوْلَهُ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ، فَيَنْطِقُ بِذَلِكَ عِنْدَ كُلِّ أَمْرٍ جَلِيلًا كَانَ أَوْ حَقِيرًا، وَهَذَا بِلَا رَيْبٍ مِنَ الِاسْتِهَانَةِ بِمِيثَاقِ النِّكَاحِ الَّذِي قَالَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ: وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:21].
وَمِنَ الْأَخْطَاءِ الَّتِي تَفَشَّتْ فِي مَوْضُوعِ الطَّلَاقِ: أَنْ يُتْـرَكَ أَمْرُ السَّعْيِ بِالْإِصْلَاحِ وَالتَّرَاضِي لِيَحُلَّ مَحَلَّهُ أَمْرُ الْخُصُومَةِ وَالتَّقَاضِي، بَلْ يَتَعَدَّى الْأَمْرُ إِلَى الْأَبْنَاءِ فَيُزَجُّ بِهِمْ فِي مُخَاصَمَةٍ لَا نَاقَةَ لَهُمْ فِيهَا وَلَا جَمَلَ. وَمِمَّا يَزِيدُ الْأَمْرَ صُعُوبَةً: أَنْ يَتَدَخَّلَ الْأَقْرِبَاءُ بَلْ رُبَّمَا الْوَاشُونَ الْمُبْغِضُونَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، فَتَتَعَقَّدَ الْأُمُورُ الَّتِي كَانَ يَسْهُلُ حَلُّهَا بِامْتِثَالِ مَا شَرَعَهُ اللهُ تَعَالَى ؛ قَالَ سُبْحَانَهُ: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا [النساء:35].
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِهَدْيِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَاقْتَفَى أَثَـرَهُ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا مَزِيدًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ، وَأَحْسِنُوا إِلَى أَنْفُسِكُمْ وَأَهْلِيكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ.
إِخْوَةَ الإِسْلَامِ وَالإِيمَانِ:
وَكَمَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَكُونَ مُتَّقِيًا لِلَّهِ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ، فَعَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَتَّقِيَ اللهَ كَذَلِكَ، وَأَلَّا تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا سَبَبٍ، فَـتَـكُونَ مُتَعَرِّضَةً لِوَعِيدِ اللهِ تَعَالَى؛ فَعَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: »أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ« [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ].
عِبَادَ اللهِ:
إِنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ نِهَايَةَ الْحَيَاةِ؛ فَإِنَّهُ بِقَدْرِ مَا يَكُونُ مِنْ إِيلَامِهِ -إِذَا كَانَ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ- يَكُونُ مُفَرِّجًا إِذَا كَانَ فِي مَحِلِّهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَعَهُ اللهُ تَعَالَى؛ فَيَتَخَلَّصُ الزَّوْجَانِ مِنْ كَدَرٍ أَذْهَبَ صَفَاءَ حَيَاتِهِمَا، فَكَمْ مِنْ سَعَادَةٍ بَدَأَتْ بَعْدَ زَوَاجٍ انْتَهَى بِطَلَاقٍ قَامَ فِيهِ الزَّوْجَانِ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا مِنْ حَقِّ اللهِ فِيهِ! قَالَ تَعَالَى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا [النساء:130].
فَعَلَى أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ أَلَّا يُشَوِّهُوا صُورَةَ الْمُطَلِّقِ وَالْمُطَلَّقَةِ، وَأَلَّا يَكُونُوا عَوْنًا لِلشَّيْطَانِ فِي تَأْجِيجِ الْخِلَافِ وَالْفُرْقَةِ، بَلْ يَكُونُوا مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ.
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ أَزْكَى الْبَرِيَّةِ أَجْمَعِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ وَالصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَارْضَ عَنَّا مَعَهُمْ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَ
تْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء).
وَعَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يَطْوِي اللَّهُ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟! أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟! ثُمَّ يَطْوِي الْأَرَضِينَ، ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟! أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟!". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
فَأَسْأَلُ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- أَنْ يَجْعَلَ عَظَمَتَهُ فِي قُلُوبِنَا، وَخَشْيَتِهِ فِي نُفُوسِنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا حُبَّهُ وَإِجْلَالَهُ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.
✒️الخُطْبَــــةُ.الثَّـــــــــانِيَةُ.cc
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَاعْلَمُوا أَنَّ التَّوْحِيدَ مَعْنَاهُ إِفْرَادُ اللهِ بِالْعِبَادَةِ، وَأَنَّ (لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) مَعْنَاهَا: لا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلَّا اللهُ، فَعِبَادَةُ اللهِ حَقٌّ وَعِبَادَةُ مَا سُوَاهُ بِاطِلَة.
وَلَيْسَ مَعْنَاهَا لا خَالَقِ وَلا رَازِقَ إِلَّا اللهُ، وَكَذَلِكَ فَلَيْسَ مَعْنَاهَا: لا حَاكِمَ إِلَّا اللهُ، بَلْ هَذَا جُزْءٌ مِنْ مَعْنَاهَا، وَمَعْنَاهَا الْكَامِل: إِفْرَادُ اللهِ بِالْعِبَادَةِ، فَالرُّسُلُ -عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- لَمْ يَدْعُوا أَقْوَامَهُمْ إِلَى هَذَا، بَلَ دَعُوهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ وَنَفْيِ مَا سُوَاهُ مِنَ الآلِهَةِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ).
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ تَعَلُّمَ التَّوْحِيدِ وَمَا يُضَادُّهُ أَوْ يُنْقِصُهُ أَمْرٌ وَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ، لِأَنَّنَا مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ خُلِقْنَا، وإِنَّ مِنْ خِيرَةِ الكُتُبِ بَعْدَ كِتَابِ اللهِ فِي هَذَا البَابِ: كِتَابَ التَّوْحِيدِ لِلشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدَ الْوَهَّابِ -رَحِمَهُ اللهُ-، فَإِنَّهُ مِنْ أَفْضَلِ الْكُتُبِ الْمُؤَلَّفَةِ لِلْكَلَامِ عَلَى أَمْرِ التَّوْحِيدِ، فَهُوَ كِتَابٌ مُحَرَّرٌ مَبْنِيُّ عَلَى الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَكَلَامِ سَلَفِ الأُمَّةِ -رَحِمَهُمُ اللهُ-، وَيَنْبَغِي لِأَصْحَابِ الْفَضِيلَةِ أَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ أَنْ يَقْرَؤُوهُ فِي مَسَاجِدِهِمْ فِي الأَوْقَاتِ الْمُنَاسِبَةِ لِيَنْفَعُوا إِخْوَانَهُمْ وَيَنْتَفِعُوا هُمْ بِذَلِكَ، وَالْمُوَفَقُ مَنْ صَارَ مِفْتَاحاً لِلْخَيْر، وَأَعْظَمُ الْخَيْرِ تَعْلِيمُ النَّاسِ التَّوْحِيْد.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا، اللَّهُمَّ إِنَّا نعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ، وَمِنْ قٌلُوبٍ لَا تَخْشَعُ، وَمِنْ نَفُوسٍ لَا تَشْبَعُ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والْمُسْلمينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، اللهم احْمِ حَوْزَةَ الدْينِ.
اَللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَأْنَ بِلَادِ المسْلِمِينَ وَاحْقِنْ دِماءَهُم، وَوَلِّ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ، وَاكْفِهِمْ شَرَّ الأَشْرَارِ وَكَيْدَ الكُفَّارِ! اللَّهُمَّ أَصْلِحْ وُلَاةَ أَمْرِنَا وَاهْدِهِمْ سُبُلَ السَّلَامِ، اللَّهُمَّ اجْمَعْ كَلِمَتَهَمْ عَلَى الحَقِّ يَا رَبَّ العَالَمِينَ.
وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نبيِّنَا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
📲 قَنـاةُ【️مُنْتَـدَىٰ الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ】مِـنْ هُنـ↶ـا:
T.me/Montda_alkotba
👈| للِنْشرِالْخُطَبْ الْمَگتُۆبْة خَآصَّة بِالْخُطَبْاَءْ وروُاَد الْمَنابِرُ
📩▎ أنْشُـرُوهَا واحْتَسِبُـوا الأَجْـرَ بإذن الله فالـدَّالُ عَلَى الخَيْـرِ كَفَاعِلِه .
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
🕌مُنْتَـدَىٰ.الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ.cc
📩 @Montda_alkotba
─────────────
خطبـــــــة.بعنـــــــوان.cc.
_^(( التوحيد حق الله على العبيد ))^_
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
✒️الخُطْبَــــةُ.الْأُولَـــــــــى.cc
الْحَمْدُ للهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ، الذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوَاً أَحَد، وَأَشْهَدُ أَنَّهُ لا نِدَّ لَهُ وَلا شَرِيكَ وَلَا وَالِدَ لَهُ وَلا وَلَد، وَأَشْهَدُ أَنَّهُ مُسْتَوٍ، عَرْشَهُ عَالٍ عَلَى جَمِيعِ مَخْلُوقَاتِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّهُ مَا خَلَقَ الْمَلائِكَةَ وَالْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُوهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا فِيهِمَا كُلٌّ لَهُ خَاضِعُونَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مَا شَاءَ اللهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْهُ لَمْ يَكُنْ، فَلَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَلَا رَادَّ لِقَضَائِه.
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، بَعَثَهُ اللهُ إِمَامَاً لِلنَّاسِ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا، دَاعَيَاً إِلَى التَّوْحِيدِ وَمُحَذِّرَاً مِنَ الشِّرْكِ، فَصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، وَاعْرِفُوا دِينَكُمْ وَتَعَلَّمُوا التَوْحِيدَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُحَمِّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ)، فَأَعْظَمَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ التَّوْحِيدَ، وَأَعْظَمَ مَا نَهَى عَنْهُ الشِّرْكَ، قال الله تعالى: (وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا) .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ التَّوْحِيدَ هُوَ إِفْرَادُ اللهِ بِالْعِبَادَةِ، وَهُوَ حَقُّ اللهِ الذِي افْتَرَضَهُ عَلَى الْجِنِّ وَالإِنْسِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، فَهَذِهِ هِيَ الْحِكْمَةُ التِي مِنْ أَجْلِهَا خَلَقَ اللهُ الْخَلْقَ، وَأَرْسَلَ اللهُ الرُّسُلَ وَأَنْزَلَ الْكُتُبَ، وَشَرَعَ الشَّرَائِعَ وَخَلَقَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، قَالَ اللهُ تَعَالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ).
فَرُسُلُ اللهِ الْكِرَامُ -عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ السَّلَامِ- كُلهُمْ بُعِثُوا لِهَذِهِ الْمُهِمَّةِ، يَدْعُونَ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ وَيَنْهَوْنَ عَنْ عِبَادَةِ الطَّاغُوتِ.
إِنَّ العِبَادَةَ حَقُّ اللهِ الذِي يَجِبُ أَنْ يُصْرَفَ لَهُ وَحْدَه، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ نَجَا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَعَنْ مُعَاذٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى حِمَارٍ، يُقَالُ لَهُ: عُفَيْرٌ، فَقَالَ: "يَا مُعَاذُ: هَلْ تَدْرِي حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ؟!"، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَفَلَا أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ؟! قَالَ: "لَا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا". مُتَّفَقٌ عَلَيْه.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ التَّوْحِيدَ هُوَ إِفْرَادُ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي رُبُوبِيِّتِهِ وَفِي أُلُوهِيَّتِهِ وَفِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، فَهَذِهِ أَنْوَاعُ التَّوحِيدِ الثَّلاثَةُ اجْتَمَعَتْ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا).
إِنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ الذِي خَلَقَ مِنَ الْعَدَمِ، وَهُوَ الْمَالِكُ لِكُلِّ شَيْء، وَهُوَ الْمُدَبِّرُ لِلْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالْسُّفْلِيِّ، وَهُوَ الرَازِقُ لِكُلِّ مَخْلُوقٍ، أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّار)، وَقَوْلَهُ -جَلَّ وَعَلَا-: (للَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
يَا مُسْلِمْ: أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ رَبِّكَ: (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ).
أَلَمْ تَسْمَعْ -يَا مُؤْمِنْ- قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ: (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ال
فِي عِلِّيِّينَ؛ قَالَ سُبْحَانَهُ: إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي [طه: 14].
وَقَدْ قَرَنَهَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذِكْرِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَعِبَادَتِهِ، وَبِالْفَلَاحِ وَبِالزَّكَاةِ وَبِالصَّبْرِ وَالنُّسُكِ، وَبِحَيَاةِ الْعَبْدِ وَمَمَاتِهِ؛ قَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [الأعلى: 14-15]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام: 162-163].
وَهِيَ آخِرُ وَصِيَّةٍ وَصَّى بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ؛ فَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حُضِرَ، جَعَلَ يَقُولُ: «الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» فَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ بِهَا، وَمَا يَكَادُ يُفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ. [أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ].
فَإِذَا ضُيِّعَتِ الصَّلَاةُ ضَاعَ الدِّينُ، وَهِيَ آخِرُ مَا يُنْقَضُ مِنْ دِينِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَتُنْقَضَنَّ عُرَى الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً، فَكُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيهَا، وَأَوَّلُهُنَّ نَقْضًا الْحُكْمُ، وَآخِرُهُنَّ الصَّلَاةُ» [أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ].
أَقُولُ مَا قَدْ سَمِعْتُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَلِيَّ الْكَرِيمَ، وَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ جَلَّ فِي عُلَاهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَمُصْطَفَاهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْليمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ نَلْقَاهُ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي خَلَقَكُمْ، وَاسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَتِهِ بِمَا رَزَقَكُمْ، وَحَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالْجُمَعِ وَالْجَمَاعَاتِ.
إِخْوَةَ الإِيمَانِ:
لَقَدْ بَلَغَ مِنْ عِنَايَةِ الْإِسْلَامِ بِالصَّلَاةِ أَنْ أَمَرَ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَفِي الْأَمْنِ وَالْخَوْفِ، وَأَدَائِهَا بِخُشُوعٍ لِلَّهِ وَخُضُوعٍ لِعَظَمَتِهِ جَلَّ فِي عُلَاهُ ؛ فَقَالَ تَعَالَى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ * فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ [البقرة:238-239].
كَمَا أَمَرَ بِإِقَامَةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَعَدَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا مِنْ دَلَائِلِ الْإِيمَانِ، وَإِهْمَالَهَا وَالتَّثَاقُلَ عَنْهَا مِنْ عَلَامَاتِ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ، وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ، فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ
لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ» [أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَاللَّفْظُ لَهُ].
وَنَهَى عَنِ التَّخَلُّفِ عَنْهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ؛ فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ» [أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ]. وَوَعَدَ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا بِالنَّجَاةِ وَالْفَلَاحِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَتَوَعَّدَ مَنْ ضَيَّعَهَا بالنَّكَالِ وَالْحَسْرَةِ وَالنَّدَامَةِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم:59]، وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ
الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خَمْسُ صَلَ
صِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ» سنن النسائي.
✒️الخُطْبَــــةُ.الثَّـــــــــانِيَةُ.cc
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ آل عمران:102.
القرآن الكريم هو كتاب الهداية للإنسان في هذه الحياة، أخبره بمراحل تكوينه حتى صار بشراً سوياً، وهداه النجدين، وهما طريقا الخير والشر، ليكون الإنسان على بينةٍ من أمره في هذه الحياة الدنيا، فإذا سلك سبيل المؤمنين بشّره الله تعالى بالبشرى عند رحيله، ومن اتبع سبيل الهوى والشر، فإنه عند موته يندم ويقول كما أخبر الله تعالى عن حال هذا الإنسان عند موته، قال الله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ المؤمنون: 99-100.
وفي الحديث الشريف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ» سنن الترمذي.
فمن اغتنم نعمتي الصحة والفراغ بالطاعات فقد سَلِمَ من الوقوع في الغُبن الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ» رواه البخاري.
ولذلك يجب علينا جميعاً أن نحافظ على صحتنا بالوقاية اولاً، وبالطاعات في ساعات الصحة قبل أن نندم على فواتها، وان لا ننسى اغتنام الفراغ وخاصة في أيامنا هذه التي انتشر فيها وباء كورونا، فإنها تُذكّرنا بالمسارعة في استغلال حال صحتنا وعافيتنا مع وجود فراغ في الوقت، لنفهم معنى الحياة التي هي قنطرة الآخرة.
والحمد لله ربّ العالمين
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
📲 قَنـاةُ【️مُنْتَـدَىٰ الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ】مِـنْ هُنـ↶ـا:
T.me/Montda_alkotba
👈| للِنْشرِالْخُطَبْ الْمَگتُۆبْة خَآصَّة بِالْخُطَبْاَءْ وروُاَد الْمَنابِرُ
📩▎ أنْشُـرُوهَا واحْتَسِبُـوا الأَجْـرَ بإذن الله فالـدَّالُ عَلَى الخَيْـرِ كَفَاعِلِه .
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
يُمْكِنَكْ الْتَّوَاصُل مَعَ إِدَاَرَة الْقَنٰاةْ مِنْ هنَـ⇩ــا
عَبر :بُوتِ التَوَاصُل | @Montda_alkotba_bot ➪
🕌مُنْتَـدَىٰ.الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ.cc
📩 @Montda_alkotba
─────────────
خطبـــــــة.بعنـــــــوان.cc.
_^(( لا عيش الا عيش الآخرة ))^_
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
✒️الخُطْبَــــةُ.الْأُولَـــــــــى.cc
إن الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمّداً عَبدُهُ ورسولُهُ، صلى اللهُ عليه وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً. أمّا بعد،
أيها الناس: اتقوا الله تعالى, واعلموا أن الدنيا متاع زائل, وأن المرد إلى الله, وأن الآخرة هي دار القرار. ثبت في الصحيحين وغيرهما عن غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم, أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ( اللهم لا عيشَ إلا عيشُ الآخرة ). فهذا توجيه نبوي كريم لأُمَّتِه, أن يزهدوا في الدنيا, وأن يعلموا أنها ليست بشيء, وأن العيش الحقيقي, هو عيش الآخرة عندما يدخل المؤمن الجنة, فيرى مالا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر. وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا عظيما لذلك بقوله: ( مَا الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا كَمَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ فِي الْيَمِّ فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ ). ولا شك أنه لن يَعْلَقَ بإصبَعِه إلا البلل فقط, وسوف يجف ويذهب. فكيف تَتَعلقُ أيها المؤمن بهذا البلل اليسير الذي سُرعان ما يذهب مع قِلَّتِه, وتَتْرُكُ البحرَ بأكمَلِه؟!.
إن في هذا الحديثِ فوائِدَ وعِبَرا لِمَنِ اعْتَبَر:
أولها: بيانُ حقيقةِ الدنيا وأنها ليست بشيء, فهي متاع الغرور, ولهو ولعب, ولا تزن عند الله جناح بعوضة, فكيف نتعلَّقُ بها؟.
الثاني: بيانُ عِظَمِ شأنِ الآخرة, وأَن سَعْيَ المؤمنِ لابد وأن يكون لها, لأنها هي الباقية. وإِنَّ مِنَ السَّفَهِ أن نَهتَمَّ بالفاني, ونتْرُكَ الباقي.
الثالث: أنه ينبغي للمُعَلِّم والمُرَبِّي, وربِّ الأسرة, أن يُعلِّقوا قلوبَ مَن تحْتَ وِلايتِهم ومسؤوليتهِم بالآخرة, وأن يهتموا بذلك غايةَ الإهتمام.
الرابع: أن التعلقَ بالآخرة وبِعَيْشِها, يَحُثُّكَ على مُصاحَبَةِ الصالحين الذين يُعِينون على ذِكْرِ الله وطاعتِه.
الخامس: أن التعلق بالآخرة وَبِعَيشِها, ينهاك عن التَّوَرُّطِ في حقوق المخلوقين, سواء في الدماء أو الأعراض أو الأموال. لأنها من أعظم ما يضر العبد عندما يقف بين يدي الله, ومن أعظم ما يأكل ما جمعه من الحسنات في الدنيا.
السادس: أن التعلق بالآخرة وبعيشِها يحُثُّ على الإستكثار من الحسنات لأنها هي الإدخار الصحيح: فالتسبيح غِراسُ الجنة. ومن صلى السُّنَنَ الرواتب بَنَى اللهُ له بَيتا في الجنة. وكفالة الأيتام والسعاية على الأرامل والمساكين سبب لمرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة. وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها أنهم ذبحوا شاة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما بقي منها؟ ) قالت: ما بقي منها إلا كتفها. قالِ: ( بقي كلها غير كتفها ) رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ. والمعنى: أنهم تصدقوا بها إلا كتفها فقال: بقيت لنا في الآخرة إلا كتفها.
السابع: أن التَّعَلُّقَ بالآخرة وبِعَيشِها يجعل العبد لا يتحسر على ما يرى عليه أهلُ الثراءِ ومُتْعَةِ الدنيا من نعيم, لأنه زائل ومتاع قليل, ولذلك قال تعالى: ﴿ وَلَا تَمُدَّن عَيْنَيْك إلَى مَا مَتَّعْنَا به أَزْوَاجًا منْهُمْ زَهْرَة الْحَيَاة الدُّنْيَا ﴾. بل ولا يغتر بما يرى عليه أُمَمُ الكفرِ من متاع الدنيا وانفتاحها عليهم ولهم, لأن الله جعل جنتهم في دنياهم. قال تعالى: ﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾. وهذا المتاعُ الذي ترون عليه أُمَمُ الكفرِ اليوم, ليس جديداً, بل هو معروف من القديم, فقد ثبت في الصحيحين أن عمر بن الخطِاب رضي الله عنه, قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ادعُ اللهَ فليوسِّعْ على أمتِك، فإن فارسَ والرومَ وُسِّعَ عليهِم وأُعْطُوا الدنيا، وهم لا يعبُدونَ اللهَ، وكان مُتَّكِئًا، فقال : ( أوَ في شكٍّ أنت يا ابنَ الخطَّابِ؟ أولئك قومٌ عُجِّلَت لهم طيباتهم في الحياةِ الدنيا ) . فقلتُ : يا رسولَ اللهِ استغفِرْ لي.
باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم، وَنَفَعنِي وَإِيّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذّكرِ الْحَكِيم، أَقُولُ مَا تَسْمَعُون وَاسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.
✒️الخُطْبَــــةُ.الثَّـــــــــانِيَةُ.cc
الحمدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ، وَالشكرُ لَهُ عَلى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ، وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلمَ تسليماً كثيراً . أَمّا بَعدُ،
عباد الله: ومن ثمراتِ تَعَلّ
فشر.
ومكر يهود برسول الله صلى الله عليه وسلم ومحاولتهم قتله، وتآمرهم مع المشركين عليه كثير معلوم، فكان أن قتل بعضهم وأجلى آخرين، وظهر أمره صلى الله عليه وسلم، وقرب قيام الساعة يستنطق الحجر والشجر لأمته، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي خلفي تعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود، ويفتح الله لهذه الأمة بيت المقدس.
أيها المؤمنون:
احذروا المكر ولا تنبهروا بأهله، فعن قيس بن سعد بن عبادة- رضى الله عنهما قال: لولا أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المكر والخديعة في النار" لكنت من أمكر الناس ". (صححه الألباني).
في قصص الغابرين عبرة وانظروا في قصص البغاة قديماً وحديثاً ستجدون تطابقاً بين صفحات الكون المنظور والكتاب المسطور:
فهذا فرعون بغى في الأرض بغير الحق وأدعى الربوبية والألوهية، وقال: ﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ﴾ [الزخرف: 51]، وحاول اللحاق بنبي الله موسى ومن آمن معه من بنى إسرائيل، وأتبعهم بجنوده بغياً وعدواً، فأطبق عليه البحر وأجراه سبحانه من فوق رأسه جزاءً وفاقاً، ورآه المصريون جثة منتنة بعد أن كانوا يعبدونه من دون الله: ﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ﴾ [يونس:92].
وكذلك حكى القرآن قصة بغي قارون، قال تعالى: ﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ ﴾ [ القصص: 76]، وكان من جملة ما نصحه به الناصحون، أن قالوا له: ﴿ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص:77]، فلم يرفع قارون بذلك رأساً، فأهلكه سبحانه، وانتقل إليه غير مأسوف عليه: ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ ﴾ [القصص:81].
أحبتي في الله:
إن بغي الأمم الهالكة على الأنبياء والمرسلين فيه عظة وعبرة لأولي الألباب، وقد أخذهم سبحانه وتعالى أخذ عزيز مقتدر، وسارت الأيام والليالي بقوم نوح وعاد وثمود وبقرون بين ذلك كثير، فأسلمتهم إلى ربهم وقدمت بهم على أعمالهم، فهذا فرعون! كم كاد لبني إسرائيل لمّا آمنوا به! ومن جملتهم ذلك الرجل الذي عرف بـ"مؤمن آل فرعون" الذي قصّ الله خبره في سورة غافر! تأمل قوله تعالى: ﴿ فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ النَّارُ * يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾ [غافر: 45، 46] فنجى الله المؤمن، وأما فرعون وجنوده فهم الآن، بل منذ ماتوا وهم يعذبون وإلى يوم القيامة.
فالبغاة الطغاة الذين اعتزوا بقوتهم واغتروا بما لديهم من كثرة عدد وعدة ووسائل أعلنوا غطرستهم، وأظهروا هيمنتهم على المسلمين، ولهم مكر خفي وكيد عالمي، يمكرون به ويكيدون للإسلام وأهله، وكثيرًا ما يروج هذا الكيد، ويمر هذا المكر بغفلة وسذاجة من كثير من أهل الإسلام، بل ربما تروج الحيل حتى يتبناها من بني جلدتنا والناطقين بألسنتنا من يروجون لها، ومن يرون فيها حقًا وصوابًا، بل من يندفعون إليها متحمسين غير مدركين لتلك الألاعيب والحيل التي تسيّرها وتروّجها آلة إعلامية ضخمة، تغير الحقائق، وتجعل البريء الذي ليس متهمًا مدانا مجرمًا، وتجعل الباطل وتصوره على أنه هو الحق الناصع، والعدل التام!
وهذا المكر والكيد يحيط بنا من سائر الجوانب، وفي كل مجتمعات المسلمين، وفي سائر ديارهم، وفي جميع مجالات حياتهم، إنه مكر عظيم كبير، إنه كيد خطير، فهل يرعبنا ذلك معاشر المؤمنين؟ وهل يفتّ في عضدنا معاشر المسلمين؟
وهل يجعلنا في حيرة من أمرنا وفي شك من ديننا؟ وهل يدفعنا إلى أن نلتمس الخلاص منه في شرق أو غرب أو استعانة بهذا أو ذاك، أو لين وذلّ لا يتفق مع الإسلام لأجل مداراة أو مداهنة؟
منذ فجر التاريخ الإسلامي والأعداء لا يكلُّون ولا يملون من التخطيط لقمع هذا الدين والصد عن سبيله وفتنة معتنقيه، وفي سبيل ذلك يجمعون أموالهم ويبذلونها بطريقة هستيرية لمحاربته والكيد لأهله واجتثاثهم من بلدانهم وقتلهم وسجنهم، ورغم ذلك لم يُكلَّل سعيهم بالنجاح إلا بشكل نسبي، فكلما سددوا ضرباتهم إلى الصدر الإسلامي ازداد قوة وانتشارًا بين ربوع العالم، ورغم أنه قد تمر بالإسلام فترات يعاني فيها من حالات ضعف أو انزواء، إلا أنه يعاود الخروج للعالم بقوة، ينشر تعاليمه ويفرض احترامه حتى على غير المؤمنين به.
إن المنهج الإسلامي يستمد قوته من الله تعالى رب هذا الكون وخالقه، نعم قد تكون العصابة المؤمنة قليلة العدد والعدة والعتاد، ضعيفة التجهيزات العسكرية، محدودة الإمكانات الحربية، ولكنها تأوي إلى ركن شديد، تحتمي به، وتلقي عليه حمولها، ترتبط به ارتباطًا وثيقًا ليحقق لها النصرة والمنعة، تضع بين يديه أرواحها رخيصة فيحفظها ويعينها ويسدد خطاها، يدبر الله تعالى لها، ويمكر بأعدائها، ويفتك بمناوئيها، وينتقم منهم شر انتقام؛ ذلك أنهم عادوا
هُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال:2]
وحسبكم كراهة وبغضاً لمجالس الأشرار، ونفرة وتحفظاً منها، ومحبة ورغبة في مجالس الأخيار وطلباً لها، قوله عليه الصلاة والسلام: "مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً منتنة" متفق عليه.
وما جاء في البخاري ومسلم عن ابن المسيب عن أبيه قال: "لما حضرت أبا طالب الوفاة؛ جاءه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعنده عبد الله بن أمية وأبو جهل، فقال له: "يا عم، قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله" فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟
فأعاد عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأعادا، فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب".
وروى البخاري في صحيحه: "أن عيينة بن حصن قدم المدينة، ونزل على ابن أخيه الحر بن قيس، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهولاً كانوا أو شباناً، قال ابن عباس: "فاستأذن الحر لعيينة على عمر؛ فدخل عليه، فقال: "هي يا ابن الخطاب؛ فوالله ما تعطينا الجزل ولا تحكم فينا بالعدل؛ فغضب عمر حتى هم أن يوقع به؛ فقال له الحر: "يا أمير المؤمنين إن الله قال لنبيه: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) [الأعراف:199] وإن هذا من الجاهلين، والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافاً عند كتاب الله عز وجل" ا.هـ.
/✒️الخُطْبَــــةُ.الثَّـــــــــانِيَةُ.cc
أيها الأخوة: إن الحياة والمجالس والأوقات؛ كالسيوف والسهام إن صانها الإنسان ربحها وجنى ثمارها يانعة بإذن ربها، وإن ضيعها خسرها وباء بوزرها، وربما بأوزار من جرهم فيها إلى اللهو واللغو والقيل والقال.
فيا أخي المؤمن -المبتغي فضل الله، وجريان عملك الصالح عليك حياً وميتاً-: حاول إذا وجدت في مجلس أو مع صحبة أن تنقلهم بالحكمة والموعظة الحسنة مما هم فيه من مباح إلى مندوب، أو من مكروه إلى مباح على الأقل.
وليعلم أن من المجالسة والمجالس السيئة المستقبحة الخطرة؛ مجالسة الزنادقة والمبتدعة، أو قراءة كتبهم لغير ناقض بصير، ومشاهدة المسلسلات والأفلام الهابطة.
فليتق الله المؤمن، وليبتعد عما يضر، ويطلب لنفسه من الجلساء ما ذكرهم الله بقوله: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) الآيات [المؤمنون:1-3]. وقوله: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً) [الفرقان:72] وما وصف الشاعر من يرثيه بقوله:
سقى جدثاً وارى ابن أحمد وابل * من العفو رجاس العشيات صيب
وأنزلـه الغفران والفوز والرضى * يطاف عليه بالرحيـق ويشرب
فقد كان في صدر المجالس بهجة به * تحدق الأبصار والقلب يرهب
فطوراً تـراه منذراً ومـحذراً * عواقب ما تجني الذنـوب وتجلب
وطـوراً بآلاء الإِلـه مذكـراً * وطـوراً إلى دار النعيم يـرغب
وطوراً بأخبار الرسول وصحبه * وطـوراً بـآداب تلذ وتعـذب
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
📲 قَنـاةُ【️مُنْتَـدَىٰ الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ】مِـنْ هُنـ↶ـا:
T.me/Montda_alkotba
👈| للِنْشرِالْخُطَبْ الْمَگتُۆبْة خَآصَّة بِالْخُطَبْاَءْ وروُاَد الْمَنابِرُ
📩▎ أنْشُـرُوهَا واحْتَسِبُـوا الأَجْـرَ بإذن الله فالـدَّالُ عَلَى الخَيْـرِ كَفَاعِلِه .
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
ة عن رسول الله صلى الله علي
ه وسلم قال: (إ
ن الله جل وعلا يقول: أنا عند ظن عبدي بي: إن ظن خيراً فله، وإن ظن شراً فله) (أحمد وابن حبان، وهو صحيح)
قال ابن مسعود رضي الله عنه: " ما أعطي عبد مؤمن شيئاً خيراً من حسن الظن بالله تعالى، والذي لا إله إلا هو لا يحسن عبد بالله الظن إلا أعطاه الله عز وجل ظنه، ذلك أن الخير في يده".
ومنها: الثقة في نصر الله تعالى لعباده المؤمنين وعدم الرهبة من قوة الكافرين إذا أخذ بالأسباب، والتوكل على الله وحده في ذلك؛ فالمنصور من نصره الله تعالى، والمخذول من خذله ، قال سبحانه: ( إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ ) [آل عمران: 160].
اشدُدْ يَدْيـكَ بحَبـلِ الله مُعتَصِمـاً * * *
فإنَّـهُ الرُّكْنُ إنْ خانَتْـكَ أركـانُ.
ومنها: الأمل بالله وعدم اليأس فالله غالب على أمره
ومنها: العمل لدين الله في كل الظروف والأحوال، فدين الله غالب على كل دين مهما كانت الظروف والابتلاءات التي يمر لها أتباعه لأنه دين الله الغالب على أمره قال تعالى: (هوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [التوبة:33]
ومن ذلك: أن القلب الذي يتصل بالله تتغير موازينه وتصوراته، فهي تحس أن ميزان القوى ليس في أيدي الكافرين، إنما هو في يد الله وحده. فطلبت منه النصر، ونالته من اليد التي تملكه وتعطيه.. وهكذا تتغير التصورات والموازين للأمور عند الاتصال بالله حقا، وعندما يتحقق في القلب الإيمان الصحيح. وهكذا يثبت أن التعامل مع وعد الله الواقع الظاهر للقلوب أصدق من التعامل مع الواقع الصغير الظاهر للعيون ،
قال تعالى: (قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) [البقرة:249]
فثقوا بربكم عباد الله ، وأحسنوا الظن به مع حسن العمل،،،
هذا وصلوا وسلموا على خير البرية ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻘﺎﻝ:﴿ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﻣَﻠَﺎﺋِﻜَﺘَﻪُ ﻳُﺼَﻠُّﻮﻥَ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁَﻣَﻨُﻮﺍ ﺻَﻠُّﻮﺍ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠِّﻤُﻮﺍ ﺗَﺴْﻠِﻴﻤًﺎ ﴾ [ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ: 56]..
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞِّ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪﻙ ﻭﺭﺳﻮﻟﻚ ﻣﺤﻤﺪ، ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ، ﻭﺍﺭﺽ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺮﺭﺓ ﺍﻷﺗﻘﻴﺎﺀ، ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻭﻋﻤﺮ ﻭﻋﺜﻤﺎﻥ ﻭﻋﻠﻲ، ﻭﻋﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻟﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ...
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﻋﺰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﺃﺫﻝ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ، ﻭﺍﺣﻢ ﺣﻮﺯﺓ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺍﺟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺁﻣﻨﺎً ﻣﻄﻤﺌﻨﺎً ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ.
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺁﻣﻨﺎ ﻓﻲ ﺃﻭﻃﺎﻧﻨﺎ ﻭﺃﺻﻠﺢ ﺃﺋﻤﺘﻨﺎ ﻭﻭﻻﺓ ﺃﻣﻮﺭﻧﺎ، ﻭﺍﺟﻌﻞ ﻭﻻﻳﺘﻨﺎ ﻓﻴﻤﻦ ﺧﺎﻓﻚ ﻭﺍﺗﻘﺎﻙ ﻭﺍﺗﺒﻊ ﺭﺿﺎﻙ ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ.
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺍﻟ
ﺠﻨﺔ ﻭﻣﺎ ﻗﺮﺏ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻮﻝٍ ﻭﻋﻤﻞ،ﻭﻧﻌﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﻣﺎ ﻗﺮﺏ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﻭﻋﻤﻞ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ،
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺃﻟﺴﻨﺔ ﺫﺍﻛﺮﺓ ﺻﺎﺩﻗﺔ، ﻭﻗﻠﻮﺑﺎً ﺳﻠﻴﻤﺔ، ﻭﺃﺧﻼﻗﺎً ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺔ ﺑﺮﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ..
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﺻﻠﺢ ﻟﻨﺎ ﺩﻳﻨﻨﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻋﺼﻤﺔ ﺃﻣﺮﻧﺎ، ﻭﺃﺻﻠﺢ ﻟﻨﺎ ﺩﻧﻴﺎﻧﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻌﺎﺷﻨﺎ، ﻭﺃﺻﻠﺢ ﻟﻨﺎ ﺁﺧﺮﺗﻨﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻌﺎﺩﻧﺎ، ﻭﺍﺟﻌﻞ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺧﻴﺮ، ﻭﺍﻟﻤﻮﺕ ﺭﺍﺣﺔ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﺮ.
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺧﺘﻢ ﻟﻨﺎ ﺑﺨﺎﺗﻤﺔ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ، ﻭﺍﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﻤﻦ ﻛﺘﺒﺖ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ، ﻳﺎ ﻛﺮﻳﻢ ﻳﺎ ﺭﺣﻴﻢ.
ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ:
ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻭﺇﻳﺘﺎﺀ ﺫﻱ ﺍﻟﻘﺮﺑﻰ ﻭﻳﻨﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﺤﺸﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻭﺍﻟﺒﻐﻲ ﻳﻌﻀﻜﻢ ﻟﻌﻠﻜﻢ ﺗﺬﻛﺮﻭﻥ، فاذﻛﺮﻭﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﻳﺬﻛﺮﻛﻢ، ﻭﺍﺷﻜﺮﻭﻩ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﻪ ﻳﺰﺩﻛﻢ، ﻭﻟﺬﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻛﺒﺮ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﺗﺼﻨﻌﻮﻥ...
والحمد لله رب العالمين ...
❁══❁❈۩❉۩❈❁══❁
📲 قَنـاةُ【️مُنْتَـدَىٰ الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ】مِـنْ هُنـ↶ـا:
@Montda_alkotba
👈|خـــآصٍ لُنْشُــر آلُخـطُـــبْ ۆآلُمحٍــآضـرآتٌ آلُمگتٌــــۆبْــہ
📩▎ أنْشُـرُوهَا واحْتَسِبُـوا الأَجْـرَ بإذن الله فالـدَّالُ عَلَى الخَيْـرِ كَفَاعِلِه .
❁══❁❈۩❉۩❈❁══❁
🕌مُنْتَـدَىٰ.الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ.cc
@Montda_alkotba
─────────────
📝خطبه.جمعه.مكتوبه.بعنوان.cc
_^(( #لاغالب_إلاالله ))^_
☜|•الخطبــــه.الاولـــــــــى.cc
❁══❁❈۩❉۩❈❁══❁
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ،
وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ،
مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه ،
ُ وأشهد َأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1] ؛
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71]،
أما بعد:
أيها المؤمنون:
عندما يعتقد العبد أن ما يجري في هذه الحياة وفي هذا الكون الفسيح من أحداث وأقدار وخير وشر وسراء وضراء إنما تحدث بتقدير الله وإرادته، ابتلاء منه لعباده وحكمة هو يعلمها، فلا يجزع الإنسان حينها ولا ييأس، بل يحتسب ويصبر، ويعتقد في قرارة نفسه أن الله غالب على أمره، فيكسب هذا الإيمان في قلب العبد المؤمن الرضا والطمأنينة: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ . لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ والله لا يحبُّ كلَّ مُختالٍ فخور) [الحديد: 22- 23]..
ولذلك كان من أسماء الله التي ينبغي أن نتدبر معناها ودلالاتها وآثارها الإيمانية اسم الله
وقد ورد اسم الله "الغالب" في موضع واحد من القرآن وهو قول الله تعالى: {وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [يوسف:21]
و "الغالب" هو الغالب على من سواه قاهر لمن عاداه فسبحانه إذا أراد شيئًا فلا يُرَد ولا يُمَانَع ولا يُخَالَف، ولا يغلبه الناس، بل ما شاءه كان ونفذ، وإن لم يرضَ الناس سواءٌ كان ذلك الشيء بإماتة إنسان أو نصر قوم أو هزيمتهم، أو غير ذلك من الشؤون فأمره الغالب سبحانه وتعالى ولكن أكثر الناس لا يدرون حكمته، وتلطفه لما يريد، فلذلك يجري منهم ، ويصدر ما يصدر في مغالبة أحكام الله القدرية وهم أعجز وأضعف من ذلك.
قال القرطبي-رحمه الله-: ( فيجب على كل مكلف أن يعلم أن الله سبحانه وتعالى هو الغالب على الإطلاق، فمن تمسّك به فهو الغالب ،ولو أن جميع من في الأرض طالب، قال تعالى: { كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }[المجادلة:21] ،ومن أعرض عن الله تعالى وتمسك بغيره كان مغلوبا وفي حبائل الشيطان مقلوبا)
قال سعيد بن جبير -رحمه الله- في قوله: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} [يوسف:21]، أي: "فعال لما يشاء". وقوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} يقول: "لا يدرون حكمته في خلقه، وتلطفه لما يريد" (انتهى من تفسير ابن كثير).
عبـــــــــــاد الله:
اللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ، أراد إخوة يوسف قتلَه فغلبَ أمرُ الله حتى صار ملِكاً وسجدوا بين يديه، ثم أرادوا أن يخلو لهم وجهُ أبيهم فغلبَ أمرُ الله حتى ضاق عليهم قلبُ أبيهم، وافتكر يوسف بعد سبعين سنة أو ثمانين سنة، فقال: {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} [يوسف:84]...
ثم أرادوا أن يكونوا من بعده قوماً صالحين -أي تائبين- فغلب أمرُ الله حتى نسوا الذَنْب وأصرّوا عليه حتى أقرّوا بين يدي يوسف في آخر الأمر بعد سبعين سنة، وقالوا لأبيهم: {إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} [يوسف: 97].
ثم أرادوا أنْ يخدعوا أباهم بالبكاءِ والقميص، فغلب أمر الله فلم ينخدع، وقال: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ} [يوسف:18].
ثم احتالوا في أن تزول محبتُه من قلْبِ أبيهم فغلبَ أمرُ الله فازدادت المحبةُ والشوقُ في قلبه.
ثم دبّرت امرأةُ العزيز أنها إن ابتدرته بالكلام غلبتْه، فغلبَ أمرُ الله حتى قال العزيز: {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} [يوسف:29].
ثم دبّر يوسف أن يتخلّص من السجن بذِكْرِ الساقي فغلبَ أمرُ الله فنسي الساقي، ولبثَ يوسف في السجن بضع سنين،
وتأمل كيف دبر يوسف شأن نفسه ليخرج من السجن في أول الأمر، ولكن أراد الله ألا يكون لأحد عليه منة، وأن يعلي قدره جزاء
خطبة الجمعة
الرُّقَى الشَّرْعِيَّةُ وَالتَّحْصِينَاتُ النَّبويَّةُ
إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران 102].
عِبَادَ اللهِ:
إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ وَمِنْ مَحَاسِنِ دِينِهِ أَنْ أَرْشَدَهُمْ إِلَى جُمْلَةٍ مِنَ الأَذْكَارَ وَالرُّقَى الشَّرْعِيَّةِ، وَبَيَّنَ لَهُمْ حُزْمَةً مِنَ التَّحْصِينَاتِ الدِّينِيَّةِ وَالنَّبَوِيَّةِ، الَّتِي بِهَا يَحْفَظُ اللهُ تَعَالَى عَبْدَهُ مِنْ شَرِّ الشَّيَاطِينِ وَالجَانِّ، وَمِنَ الأَوْبِئَةِ وَالأَمْرَاضِ، وَوَكَّلَ بِعِبَادِهِ مَلَائِكَةً تَحْفَظُهُمْ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ [الرعد:11].
فَمِنَ الأَذْكَارِ وَالرُّقَى الشَّرْعِيَّةِ مَا جَاءَ فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى الَّذِي فِيهِ الشِّفَاءُ وَالعَافِيَةُ مِنْ أَمْرَاضِ القُلُوبِ وَالأَبْدَانِ، قَالَ تَعَالَى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا [الإسراء:82]، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِإِعْمَارِ القُلُوبِ وَالبُيُوتِ بِقِرَاءَةِ القُرْآنِ وَتِلَاوَتِهِ، كَسُورَةِ البَقَرَةِ؛ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِى تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ]، وَمِنَ الأَذْكَارِ وَالرُّقَى الشَّرْعِيَّةِ أَيْضًا سُورَةُ الفَاتِحَةِ وَالمُعَوِّذَتَانِ؛ فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنَ الجَانِّ وَعَيْنِ الإِنْسَانِ حَتَّى نَزَلَتِ المُعَوِّذَتَانِ فَلَمَّا نَزَلَتَا أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا) [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ]، وَآيةُ الكُرْسِيِّ؛ مَنْ قَرَأَهَا لَا يَزَالُ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبُهُ شَيْطَانٌ.
وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا: مَا جَاءَ فِي سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَأَذْكَارِ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ، وَأَذْكَارِ النَّوْمِ، وَدُخُولِ الْخَلَاءِ وَالخُرُوجِ مِنْهُ، وَأَذْكارِ السَّفَرِ، وَنُزُولِ المَكَانِ، وَأَذْكَارِ الكَرْبِ وَالْغَمِّ وَالْحُزْنِ وَالْهَمِّ، وَذِكْرِ اللهِ تَعَالَى عِنْدَ دُخُولِ الْبَيْتِ، وَالتَّسْمِيَةِ عِنْدَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَعِنْدَ كَشْفِ الْعَوْرَةِ، وَيَذْكُرُ الْعَبْدُ رَبَّهُ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ.
وَمِنْ هَذِهِ الأَذْكَارِ: مَا إِذَا قَالَهَا العَبْدُ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ؛ فَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ اللهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، إِلَّا لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ]، وَعَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
وَمِنْهَا: مَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ يَقُولُ: «أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ»، وَيَقُولُ: «هَكَذَا كَانَ أَبِي إِبْرَاهِيمُ يُعَوِّذُ ابْنَيْهِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ» [أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ].
فَاحْرِصُوا – رَحِمَكُمُ اللهُ تَعَالَى – عَلَى تِلَاوَةِ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى
الإسلام وكمال الإيمان وهي طريق الجنة لصاحبها، عبادة قلبية تورث التوكل على الله والثقة به، قال ابن القيم -رحمه الله-: "على قدر حسن ظنك بربك ورجائك له يكون توكلك عليه".
ولذلك فسر بعضهم التوكل بحسن الظن بالله، قال: والتحقيق أن حسن الظن به يدعوه إلى التوكل عليه؛ إذ لا يتصور التوكل على مَنْ ساء ظنك به ولا التوكل على من لا ترجوه، ومن آثار هذه العبادة طمأنينة القلب والإقبال على الله والتوبة إليه، ولا أشرح للصدر ولا أوسع له بعد الإيمان من الثقة بالله ورجائه، فيه ما يدعو أهله للتفاؤل، قال عليه الصلاة والسلام: "لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ" (متفق عليه)، قال الحليمي -رحمه الله-: "التشاؤم سوء الظن بالله والتفاؤل حسن الظن بالله، هو عون لصاحبه على الكرم والشجاعة ويورثه القوة، قال أبو عبد الله الساجي -رحمه الله-: "من وثق بالله فقد أحرز قوته، وهو خير الزاد ونعم العدة"، قيل لسلمة بن دينار -رحمه الله-: يا أبا حازم: ما مَالُكَ؟ قال: الثقة بالله، واليأس مما في أيدي الناس".
ومن أحسن الظن بربه سخت نفسه وجادت بماله مُوقِنًا بقول الله: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ) [سَبَأٍ: 39]، قال سليمان الداراني -رحمه الله-: "من وثق بالله في رزقه زاد في حسن خلقه وأعقبه الحلم، وسخت نفسه في نفقته، وَقَلَّتْ وساوسُه في صلاته، وهو حادٍ على الرجاء فيما عند الله والثقة بوعده وفعل الخير طمعا بفضله على ما جاء في قوله: (وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) [آلِ عِمْرَانَ: 115]، والله يعامل عبادَه على قَدْر ظنونهم به، والجزاء من جنس العمل؛ فمن ظَنَّ خيرًا فله ذلك، ومن ظَنَّ سواه فقد خَسِرَ، قال عليه الصلاة والسلام: "قال الله -عز وجل-: أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء، إن ظن خيرا فله، وإن ظن شرا فله" (رواه أحمد).
وإذا كان العبد حسن الظن بالله فإن الله لا يخيبه البتة، ويوم القيامة يقول من أحسن الظن بربه: (هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ) [الْحَاقَّةِ: 19-22].
وبعد أيها المسلمون: فالله كريم كبير قوي عظيمٌ، إذا أراد شيئًا قال له كن فيكون، وَعَدَ بحفظ كتابه، ونصر دينه، وجعل العاقبةَ للمتقين، يرزق من يشاء بغير حساب، ويفرِّج كروبَ مَن لجأ إليه، ومَن ازداد علمُه بالله زاد يقينُه به، ومن أساء الظنَّ به فهو لجهله بكمال أسمائه وصفاته؛ وذلك من صفات أهل الجاهلية، قال سبحانه: (يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ) [آلِ عِمْرَانَ: 154]، ومن ثمار الإيمان بأسماء الله وصفاته حُسْن الظن به والاعتماد عليه وتفويض الأمور إليه؛ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ) [الصَّافَّاتِ: 87].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
✒️الخُطْبَــــةُ.الثَّـــــــــانِيَةُ.cc
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشانه، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما مزيدا.
أيها المسلمون: حقيقة الظنِّ الحَسَنِ بالله يظهر في حُسْن العمل، وإنما يكون نافعًا مع الإحسان، وأحسن الناس ظنًّا بربهم أطوعُهم له، وكلما حَسُنَ ظنُّ العبدِ بربه حَسُنَ ولا بد عملُه، ومَن ساء منه الفعلُ ساءت ظنونُه، ومتى قارن حسن الظن فعل المعاصي كان آمنا من مكر الله، وحسن الظن إن حمل صاحبه على الطاعة فهو النافع، وإن نقص ذلك في القلب ظهرت على جوارحه المعاصي.
ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه فقال في محكم التنزيل: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الْأَحْزَابِ: 56].
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون، أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداءَ الدين، واجعل اللهم هذا البلدَ آمِنًا مُطمئنًّا رخاءً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم ردهم إليك ردا جميلا، اللهم انصر جندنا واحفظ بلادنا يا رب العالمين، اللهم من أرادنا أو أراد الإسلام أو أراد المسلمين أو أراد ديارنا بسوء فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره، يا قوي يا عزيز.
اللهم وفِّق إمامنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، ووفِّق جميع ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وتحكيم شرعك يا ذا الجلال والإكرام.
(رَ
رُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ * قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) [الْأَعْرَافِ: 128-129].
واشتد الخَطْبُ بموسى -عليه السلام- ومن معه؛ فالبحر أمامهم وفرعون وجنده من ورائهم وحينها قال أصحاب موسى: (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) [الشُّعَرَاءِ: 61]، فكان الجواب من النبي الكليم شاهدا بعظيم ثقته بالله وحسن ظنه بالرب القدير، (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) [الشُّعَرَاءِ: 62]، فأتى الوحي بما لا يخطر على بال، (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) [الشُّعَرَاءِ: 63-66].
وأعظمُ الخلقِ عبوديةً لله وحسنَ ظنٍّ به نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- آذاه قومُه فبقي واثقًا بوعد الله ونصره لدينه، قال له ملك الجبال: "إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا" (متفق عليه). وفي أشد الضيق وأحلكه لا يفارق نبينا -صلى الله عليه وسلم- حسن الظن بربه، أخرج من مكة وفي الطريق أوى إلى غار، فلحقه الكفار وإذا بهم حوله فيقول لصاحبه مثبتا إياه: (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) [التَّوْبَةِ: 40]، قال أبو بكر: قلت للنبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا في الغار: "لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ. فَقَالَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا" (متفق عليه).
ومع ما لاقاه من أذى وكرب وقتال من كل جانب إلا أنه واثق ببلوغ هذا الدين إلى الآفاق على مر العصور، وكان يقول: "لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلاَ يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ، إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ، أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ" (رواه أحمد)، واخترط أعرابيٌّ السيفَ؛ -أَيْ: سَلَّهُ- على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو نائم، قال عليه الصلاة والسلام: "فاستيقظت وهو في يده صلتا –أي بارزا به- فقال: مَنْ يمنعك مني؟ فقلتُ: الله. ثلاثا. ولم يعاقبه وجلس" (رواه البخاري)، (وعند أحمد): "فسقط السيف من يده".
والصحابةُ أشدُّ الخلق يقينًا بحسن ظنهم بالله بعد الأنبياء، قال -تعالى-: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) [آلِ عِمْرَانَ: 173]، جاء ابن الدغنة إلى أبي بكر -رضي الله عنه- لِيُسِرَّ في صلاته وقراءته أو يرد إليه جواره، أي ينقض عهد الدفاع عنه ويمكن كفار قريش منه، فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: "فإني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله -عز وجل-" (رواه البخاري).
وقال عمر -رضي الله عنه-: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ نَتَصَدَّقَ، وَوَافَقَ ذَلِكَ مَالٌ عِنْدِي، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُ يَوْمًا، قَالَ: فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، قَالَ: فَقَالَ: لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟" قُلْتُ: مِثْلَهُ. وَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟" فَقَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ" (رواه أبو داود).
وخديجة سيدة نساء العالمين جاءها النبي -صلى الله عليه وسلم- أول بدء الوحي فقال: "لقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي، قَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: كَلاَّ أَبْشِرْ فَوَاللهِ لاَ يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ" (متفق عليه).
وعلى هذا سار سلف الأمة، قال سفيان -رضي الله عنه-: "ما أحب أن حسابي؛ أي مجازاتي على الحسنات والسيئات جعل إلى والدي؛ ربي خير لي من والدي".
وكان من دعاء سعيد بن جبير -رحمه الله-: "اللهم إني أسألك صدق التوكل عليك وحسن الظن بك".
وفي الجِنّ صالحون، ظنونهم بالله حسنة، يوقنون بقوة الله، وسَعَة عِلْمه فكان من قولهم: (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن
اتِ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، اللَّهُمَّ ادْفَعْ عَنَّا الْغَلَاءَ وَالْوَبَاءَ وَالْبَلَاءَ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ القَانِطِينَ، اللَّهُــمَّ أَغِـثْ قُـــلُوبَنَا بِالإِيمَانِ وَالْيَقِينِ، وَبِلَادَنَا بِالأَمْطَارِ النَّافِعَةِ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
Читать полностью…مَفَاهِيمُ خَاطِئَةٌ حَوْلَ الطَّلَاقِ
إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حَقَّ التَّقْوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
إِنَّ نِعَمَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ كَثِيرَةٌ لَا تُحْصَى، وَخَيْرَاتِهِ عَلَيْهِمْ عَظِيمَةٌ لَا تُسْتَقْصَى، وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا [النحل:18] وَمِنْ تِلْكُمُ النِّعَمِ: أَنْ شَرَعَ سُبْحَانَهُ الزَّوَاجَ لِيَحْصُلَ بِهِ السَّكَنُ وَالِاسْتِقْرَارُ، فَيَعُودَ النَّفْعُ بِذَلِكَ عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ. وَأَمَرَ سُبْحَانَهُ بِالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ؛ قَالَ سُبْحَانَهُ: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19].
وَبِسَبَبِ النَّقْصِ وَالتَّقْصِيرِ بِامْتِثَالِ هَذَا الْأَمْرِ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجَيْنِ تُجَاهَ بَعْضِهِمَا؛ قَدْ تَتَنَافَرُ النُّفُوسُ بَعْدَ أُلْفَتِهَا وَيَعْصِفُ الِاخْتِلَافُ بِالْأُسْرَةِ بَعْدَ وِئَامِهَا، فَيَقَعُ بِذَلِكَ الشِّقَاقُ، وَتَلُوحُ الْفُرْقَةُ بَعْدَ الْوِفَاقِ، وَيُحَلُّ عَقْدُ الزَّوَاجِ بِالطَّلَاقِ. فَيَكُونُ الطَّلَاقُ لِأَجْلِ ذَلِكَ حَلًّا لِلْمُشْكِلَاتِ الزَّوْجِيَّةِ، بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْوَسَائِلِ الْعِلَاجِيَّةِ.
عِبَادَ اللهِ:
وَإِنَّ النَّاظِرَ الْمُتَفَحِّصَ لَيَـرَى مِنْ حَوْلِهِ مَا يُحْزِنُ النَّفْسَ وَيُدْمِي الْفُؤَادَ مِنْ تَلَاعُبٍ وَتَهَاوُنٍ بِأَمْرِ الْفُرْقَةِ، وَمِنْ أَخْطَاءٍ تَعَدَّدَتْ صُوَرُهَا، وَتَنَوَّعَتْ أَشْكَالُهَا؛ مِنْ ذَلِكَ: أَنْ يَتَعَدَّى بَعْضُ الْأَزْوَاجِ عَلَى زَوْجَاتِهِمْ بِالْإِسَاءَةِ عِنْدَ الطَّلَاقِ وَالرَّغْبَةِ فِي الْفِرَاقِ، بَلْ رُبَّمَا تَجَاوَزَ بِالْإِسَاءَةِ إِلَى أَهْلِهَا وَقَرَابَتِهَا، وَهَذَا أَمْرٌ مُنْكَرٌ تَأْبَاهُ أَخْلَاقُ الْكِرَامِ؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ الْكَرِيمَ إِنْ أَحَبَّ امْرَأَتَهُ أَكْرَمَهَا، وَإِنْ كَرِهَهَا لَمْ يُهِنْهَا؛ قَالَ تَعَالَى: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ [البقرة:231].
وَإِنَّ مِنَ التَّهَاوُنِ فِي أَمْرِ الطَّلَاقِ إِيقَاعَهُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ سَبَبِهِ دُونَ نَظَرٍ وَاعْتِبَارٍ لِوَقْتِهِ الْمَشْرُوعِ، فَيَجْرِي الطَّلَاقُ عَلَى لِسَانِ بَعْضِهِمْ عِنْدَ أَدْنَى مُشْكِلَةٍ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةٍ لِأَمْرِ اللهِ وَنَهْيِهِ؛ قَالَ سُبْحَانَهُ: يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ [الطلاق:1]. أَيْ: مُسْتَقْبِلَاتٍ لِعِدَّتِهِنَّ؛ بِأَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ، أَوْ كَانَ هُنَاكَ حَمْلٌ ظَاهِرٌ، فَهُنَا تَكُونُ الْعِدَّةُ وَاضِحَةً غَيْرَ خَفِيَّةٍ، بِخِلَافِ مَنْ يُطَلِّقُ حَالَ الْحَيْضِ أَوْ فِي طُهْرٍ قَدْ مَسَّهَا فِيهِ وَلَمْ يَظْهَرْ حَمْلُهَا؛ فَعَنْ سَالِمٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَخْبَـرَهُ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَغَيَّظَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: »لِيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا « [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]. وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: »فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا، أَوْ حَامِلًا«.
وَمِنَ الْأَخْطَاءِ: أَنْ يَجْمَعَ الطَّلَاقَ ثَلَاثًا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِمَا شَرَعَهُ اللهُ تَعَالَى فِي إِيقَاعِ الطَّلَاقِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ ؛ قَالَ سُبْحَانَهُ: الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229].
وَهَذَا مِنَ التَّهَوُّرِ وَالتَّعَجُّلِ فِي الأَمْرِ الَّذِي فِيهِ سَعَةٌ وَأَنَاةٌ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
وَإِنَّ مِنَ التَّعَدِّي لِحُدُودِ اللهِ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ إِخْرَاجِ الْمَرْأَةِ وَإِلْحَاقِهَا بِبَيْتِ أَهْلِهَا، أَوْ خُرُوجِهَا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهَا مِنَ الْبَيْتِ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا مِنْ طَلَاقِهَ
أَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ).
إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- لا شَرِيكَ لَهُ وَلا مَثِيلَ لَهُ، قَالَ سُبْحَانَهُ عَنْ نَفْسِهِ: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ).
إِنَّ جَمِيعَ الْخَلْقِ مُفْتَقِرُونَ إِلَى اللهِ، مُحْتَاجُونَ إِلَى اللهِ، بَلْ فِي أَشَدِّ الضَّرُورَةِ إِلَى اللهِ، وَهُوَ -جَلَّ وَعَلا- مُسْتَغْنٍ عَنْهُمْ، قَالَ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد).
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ اللهَ وَحْدَهُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْأُلُوهِيَّةِ، فَالْوَاجِبُ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ إِنْسِهِمْ وَجِنِّهِمْ، رَجِالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ، أَنْ يَصْرِفُوا عِبَادَاتِهِمْ للهِ وَحْدَهُ، قَالَ سُبْحَانَهُ (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِين)، فَلا يَجُوزُ أَنْ يَصْرِفَ الْعَبْدُ شَيْئَاً مِنَ الْعِبَادَاتِ -وَلَوْ قَلَّ- لِغَيْرِ اللهِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ وَقَعَ فِي أَعْظِمِ الذُّنُوبِ وَأَشَرِّ الْعُيُوبِ وَهُوَ الشِّرْك.
الشِّرْكِ الذِي لا يَغْفِرُهُ اللهُ! الشِّرْكِ الذِي يُحْبِطُ الْعَمَلَ! الشِّرْكِ الذِي يُوجِبُ الْخُلُودَ فِي النَّارِ لِمَنْ مَاتَ عَلَيْهِ! قَالَ اللهُ تَعَالَى: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)، وَقَالَ -عَزَّ وَجَلَّ-: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا).
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ: إِنَّكَ إِذَا تَقَرَّبْتَ إِلَى رَبِّكَ وَصَرَفْتَ لَهُ الْعِبَادَةَ فُزْتَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَتَفُوزَ فِي الدُّنْيَا بِالرَّاحَةِ وَالطُّمَأْنِينَةَ، وَتَفُوزَ فِي الآخِرَةِ بِالْجَنَّةِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ).
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ رَبَّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتُ الْعُلَى، قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون).
فَرَبُّنَا -عَزَّ وَجَلَّ- هُوَ اللهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. فَلِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- أَسْمَاءُ كَثِيرَةٌ، وَهُوَ -عَزَّ وَجَلَّ- وَاحِدٌ.
فَنُثْبِتُ هَذِهِ الأَسْمَاءَ لِرَبِّنَا -عَزَّ وَجَلَّ- وَنَتَعَبَّدُ لَهُ بِهَا وَنَدْعُوهُ بِهَا، وَنَخْتَارُ مِنَ الأَسْمَاءِ مَا يُنَاسِبُ دُعَاءَنَا، فَمَثَلاً نَقُولُ: اللَّهُمَّ -يَا رَزَّاقُ- ارْزُقْنَا، يَا غَفُورُ: اغْفِرْ ذُنُوبَنَا، وَهَكَذَا، وَمِنَ الْخَطَأِ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَدْعُو رَبَّهُ بِاسْمٍ لا يُنَاسِبُ دُعَاءَهُ، فَمَثَلاً يَقُولُ: يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ: ارْحَمْنِي، أَوْ يَا رَحِيمُ: عَلَيْكَ بَالْكَافِرِينَ وَأَعْدَاءِ الدِّينِ، فَهَذَا خَطَأٌ، وَقَدْ يَكُونُ فِيهِ نَوْعُ سُخْرِيَةٍ لا تَلِيقُ بِالدَّاعِي رَبَّهُ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ للهَ -عَزَّ وَجَلَّ- صِفَاتٍ عَظِيمَةً تَلِيقُ بِهِ سُبْحَانَهُ، مَذْكُورَةً فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَالْوَاجِبُ إِثْبَاتُهَا جَمِيعَاً، وَيَجِبُ أَنْ نَعْتَقَدَ أَنَّهَا صِفَاتُ كَمَالٍ، وَأَنَّهَا تَلِيقُ بِرَبِّنَا -عَزَّ وَجَلَّ- وَلا تُمَاثِلُ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ، حَتَّى وَإِنْ اتَّفَقَتْ أَسْمَاؤُهَا مَعَ أَسْمَاءِ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ، إِلَّا أَنَّ الْحَقَائِقَ مُخْتَلِفَةٌ جِدَّاً، فَصِفَاتُ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ صِفَاتُ كَمَالٍ وَجَمَالٍ تَلِيقُ بِهِ سُبْحَانَهُ، وَصِفَاتُ الْبَشَرِ تُنَاسِبُهُمْ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
فَاللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لَهُ صِفَةُ الْعِلْمِ وَالْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَهُ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ، وَلَهُ -عَزَّ وَجَلَّ- وَجْهٌ وَلَهُ يَدَانِ اثْنَتَانِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ)، وَقَالَ: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّ
وَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ، فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ؛ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ» [أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ إِلَّا التِّرْمِذِيَّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ].
اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ وَالْـمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالـمُشْرِكِينَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ المُوَحِّدِينَ، وَاصْرِفْ عَنَّا كُلَّ شَرٍّ وَسُوءٍ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا يَا رَبَّ العَالَمِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِلْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ واجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنًّا، سَخَاءً رَخَاءً، دَارَ عَدْلٍ وَإِيمَانٍ، وَأَمْنٍ وَأَمَانٍ، وَسائِرَ بِلَادِ الْـمُسْلِمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
📲 قَنـاةُ【️مُنْتَـدَىٰ الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ】مِـنْ هُنـ↶ـا:
T.me/Montda_alkotba
👈| للِنْشرِالْخُطَبْ الْمَگتُۆبْة خَآصَّة بِالْخُطَبْاَءْ وروُاَد الْمَنابِرُ
📩▎ أنْشُـرُوهَا واحْتَسِبُـوا الأَجْـرَ بإذن الله فالـدَّالُ عَلَى الخَيْـرِ كَفَاعِلِه .
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
🕌مُنْتَـدَىٰ.الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ.cc
📩 @Montda_alkotba
─────────────
خطبـــــــة.بعنـــــــوان.cc.
_^(( واقم الصلاة لذكري ))^_
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
✒️الخُطْبَــــةُ.الْأُولَـــــــــى.cc
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الصَّلَاةَ قُرَّةَ عُيُونِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْقَائِلُ: اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:153]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الَّذِي عَبْدَ رَبَّهُ قَانِتًا حَتَّى تَفَطَّرَتْ قَدَمَاهُ الشَّرِيفَتَانِ، فَكَانَ إِمَامَ الصَّابِرِينَ الشَّاكِرِينَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الْعَابِدِينَ الْخَاشِعِينَ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
امابَعد:
فاتقوا الله عباد اللهِ، واستعينوا بالصبر والصلاةِ؛ فَإِنَّ التَّقْوَى سَبَبٌ لِجَلْبِ كُلِّ مَرْغُوبٍ وَلِدَفْعِ كُلِّ مَرْهُوبٍ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق: 2-3].
أيها المسلمون:
إِنَّ لِلصَّلَاةِ فِي الْإِسْلَامِ مَنْزِلَةً عَظِيمَةً، وَمَكَانَةً بَيْنَ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ كَرِيمَةً؛ فَهِيَ عَمُودُ هَذَا الدِّينِ، وَالرُّكْنُ الَّذِي يَلِي الشَّهَادَتَيْنِ؛ فَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ كُلِّهِ، وَعَمُودِهِ، وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ»؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الجِهَادُ» [أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ].
وَهِيَ أَوَّلُ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنَ الْعِبَادَاتِ، وَفَرَضَهَا لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَطْبَاقِ السَّمَوَاتِ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَهُوَ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ، وَمُرْتَكِبُ جُرْمٍ جَسِيمٍ؛ فَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ]. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» [أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ].
عباد الله :
والصلاة مما يحاسب عليه العبد يوم القيامة ، فَإِنْ أَقَامَهَا وَرَاعَى شُرُوطَهَا وَحُدُودَهَا : فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ ؛ وَإِلَّا خَابَ وَخَسِرَ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ صَلَحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنِ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ، قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ؟ ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ» [أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ].
وَالصَّلَاةُ عِصْمَةٌ لِدَمِ الْمَرْءِ وَمَالِهِ وَعِرْضِهِ؛ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلَامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ».
وَهِيَ مُعِينٌ لِمُقِيمِهَا حَقًّا عَلَى الصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ وَالشُّكْرِ عَلَى النَّعْمَاءِ؛ فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ بِالِاسْتِعَانَةِ بِهَا عَلَى أُمُورِهِمُ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ، فَقَالَ: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:153]. وَفِي الْحَدِيثِ: «كَانَ النَّبِيُّ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى» [أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَحَسَّنَهُ
معشر المسلمين؛
والصلاة تذكر العبد الله، وَتَجْعَلُ لَهُ ذِكْرًا وَمَدْحًا
🕌مُنْتَـدَىٰ.الْخُطَــ✍ـــبْاَءْ.cc
📩 @Montda_alkotba
─────────────
خطبـــــــة.بعنـــــــوان.cc.
_^(( نظرة المسلم إلى الحياة في ضوء القرآن الكريم ))^_
✺●══🍃◐🌸◑🍃═══●✺
✒️الخُطْبَــــةُ.الْأُولَـــــــــى.cc
أما بعد:
خلق الله تعالى الإنسانَ في أحسن تقويم ليحقق العبودية لربه سبحانه في الحياة الدنيا التي جعلها دار تكليف، وقنطرة إلى الآخرة ، دار الخلود، فمن تزوّد بالتقوى في حياته بالطاعات ومحاسبة نفسه في كل الساعات واللحظات وأيقن بالرحيل عنها فإنه لا يُضيّع أوقاتها باللهو واللعب وإنما يستغلها بالعلم والعمل مع إخلاص النية لله تعالى.
ومن نعم الله تعالى على الإنسان أنه سخّر له هذه الحياة الدنيا ، ولذلك ميّزه بالعقل على الحيوانات والنباتات والجمادات، وهذه نعمة عظيمة تدل على تكريم الله تعالى للإنسان؛ ليتمكن من تسخير ما في الأرض طاعة لله تعالى ، وهي نعمة سابغة تقتضي شكر الله جلّ ثناؤه، يقول تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ البقرة: 152، وشكر نعمة الحياة يكون بتسخيرها لتأدية ما أوجب الله على الإنسان، ليظل عابداً لربه، أنيساً مع أخيه الإنسان في كل حال.
وخاصة إذا أيقن المسلم أن الدنيا دارُ ممر لا دار مقر، وتعامل معها كما تعامل معها رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنه ومنْ سار على نهجهم فقد عَمروها وأحيْوا مَواتها فانقادت الدنيا لهم، وسادوا العالم بحضارتهم وعلومهم التي ملأت طباق الأرض، وما بقي في زماننا من هذه الحضارة هو من نتاجهم؛ لأن نظرتهم للحياة كانت في ضوء كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم.
فصار لزاماً على المسلم في هذا العصر أن يحسن تنظيم حياته؛ حتى لا تضيع فيما لا حاجة له، ولا فائدة فيه، وقد أخبرنا الله تعالى عن هدف وجودنا في هذه الحياة، فقال سبحانه: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ الذاريات: 56-58، فعندما يكون الهدف واضحاً فإن المؤمن يحرص على الوصول إليه فيستثمر دقائق حياته، ويدرك أن كل وقت يضيع بغير ذكر أو إنجاز أو هدف هو وقت مذموم، وسيعود على صاحبه بالحسرة والندامة يوم القيامة؛ فإن الدنيا مزرعة الآخرة، وما يبذره الإنسان اليوم سيجني ثماره غداً إما نعيماً وسروراً وإما حسرة وندامة، يقول الله تعالى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ التوبة: 105، وقال تعالى : ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَاَ﴾ القصص: 77 ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون» صحيح مسلم.
ومن الواجب على المسلم أن ينظر إلى هذه الدنيا بأنها محطة سريعة من المحطات التي سيقطعها، ليتزود فيها بما يلزمه للوصول إلى أعلا الدرجات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ» صحيح البخاري، فالإنسان الغريب أو عابر السبيل يعلم أنه لا يستقر في مكان واحد، فيتزود من كل مكان يزوره ما يكفيه، للوصول إلى المحطة التالية وإن خير ما يتزود به المسلم من هذه الدنيا هو تقوى الله تعالى وطاعته.
ولتأكيد معنى الحياة في نفس المسلم ربطها بهدفها ودقائقها وساعاتها وأيامها برسالته على هذه الأرض، لذا من السنة على المسلم أن يستفتح صلاته بذكر يُذَكّره بمقصود وجوده في هذه الحياة وهو قول الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ الأنعام: 162-163.
وهذا التقرير باللسان لا بد أن يترجمه سلوكا في حركته على هذه الأرض، فيجعل كل حركة فيها عبادة لله خالصة، بمفهومها الشامل، والمتضمن لمعنى الاستخلاف في الأرض، فكل عمل يؤديه المسلم في محراب الحياة الواسع إذا قارنه إخلاص ونية حسنة، كان عبادة يؤجر عليها؛ سواء أكان إنتاجا في مصنع، أو زراعة في حقل، أو حراسة على ثغر، أو تعليماً في قاعة، أو جهدا بدنيا، أو غيرها من ميادين العمل المتنوعة.
والمؤمن الذي يقرأ دعاء التوجه بيقين يجب أن يكون كالنحلة في العطاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ مَثَلَ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ النَّحْلَةِ أَكَلَتْ طَيِّبًا وَوَضَعَتْ طَيِّبًا وَوَقَعَتْ فَلَمْ تَكْسِر ولم تُفْسِدْ" رواه الإمام أحمد.
ولا يتحقق له ذلك إلاّ إذا اغتنم كل سانحة من وقته للطاعة، استجابة لقوله صلى الله عليه وسلم : «اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَ